آية التطهير خاصة لا تشمل أزواج النبي (صلى الله عليه واله) على كل الوجوه
جاء في كتاب (الكافي)، باب ((ما نص الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمة(عليهم السلام) واحداً فواحد ح1))، وهو صحيح الإسناد: (عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) - بعدما نَقَلَ حديث الثقلين عن الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) - قال: فلو سكت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلم يبيّن من أهل بيته، لادّعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33)، فكانّ عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثم قال: (اللّهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي)، فقالت أُمّ سلمة: ألست من أهلك? فقال: (إنّك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي) ))(1).
أولاً: ماذا يقصد الإمام الصادق(عليه السلام) بقوله: (لكن الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه)? هل يقصد بأنَّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا الله عزّ وجلّ بأن يذهب عن أهل البيت(عليهم السلام) الرجس، ثم أنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية تأييداً لرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ أم نزلت الآية أوّلاً، ثم دعا الرسول هذا الدعاء?
ثانياً: ما هو معنى كلام الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أُمّ سلمة: (أنت إلى خير) أو (على خير)? لأنّ هذا الحديث يوجد في سنن الترمذي وباقي كتب السنة، ولكن لم توجد فيه عبارة: (ولكن هؤلاء أهلي وثقلي)? بل جاء فيه فقط: (أنت على مكانك وأنت على خير)(2)، وأنا لم أفهم معنى هذه العبارة؟
هل يكون المعنى: يا أُمّ سلمة أنت من أهل البيت ولا حاجة بمجيئك تحت الكساء، (كما ورد في بعض كتب السنة) ولا تحتاجي أن أدعو لك? أو يكون المعنى: أنت لا تكوني من أهل البيت، بل أنّك على المنهج الصحيح والى خير، (كما ورد هذا المعنى في كتب الشيعة وبعض السنة)؟
وأنّ حديث الكساء مع روايته بألفاظ أخرى مثل: (أنت من أزواج النبيّ ولكن هؤلاء أهل بيتي) أو قول أُمّ سلمة: ((فوالله؛ ما أنعم رسول الله))، أو عبارة: ((فجذبه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من يدي، وقال: أنّك على خير))، أو عبارة: ((فَوددت أنه قال نَعَم، فكان أحبّ اليّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب))، ومثل هذه العبارات لا تمتلك السند الصحيح عند أهل السنة، ولا تعتبر عندهم، وليست من الأحاديث التي يمكن الاستدلال بها عليهم.
ثالثاً: إنّ المفسرين من أهل السنة، لا ينكرون حديث الكساء، بل يقولون: بأنّ هذا الحديث لا يحصر أهل البيت في (عليّ وفاطمة والحسن والحسين)، مثلاً طاهر ابن عاشور (وهو من العلماء السُنّة الذين عرفوا بعدم التعصب، حتى أنّه حلّل زواج المتعة طبق الفقه الشيعي وطبقاً للآية من سورة النساء)، يقول في كتابه التفسيري (التحرير والتنويل) في تفسير الآية: ((وقد تلفق الشيعة حديث الكساء، فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أنّ أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لسن من أهل البيت، وهذه مصادمة للقرآن، بجعل هذه الآية حشوا بين ما خوطب به أزواج النبيّ، وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف (يعني كلمة أهل البيت) على أهل الكساء، إذ ليس في قوله: (هؤلاء أهل بيتي) صيغة القصر، فهو كقوله تعالى: (( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي )) (الحِجر:68)، ليس معناه ليس لي ضيفاً غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عمّا قبلها وما بعدها.
ويظهر أنّ هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأنّ منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون إتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها، ويدلّ على ذلك ما رواه المفسرين عن عكرمة، أنّه قال: ((من شاء باهلتة أنّها نزلت في أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ))، وأنّه قال أيضاً: ((ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ))، وأنّه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة (الذي رواه الترمذي) صريح في أنّ الآية نزلت قبل أن يدعو النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الدعوة لأهل الكساء، وأنّها نزلت في بيت أُمّ سلمة.
وأمّا ما وقع من قول عمر بن أبي سلمة، أنّ أُمّ سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله?... فقال: (أنت على مكانك، وأنت على خير)، فقد وهم فيه الشيعة، فظنوا أنّه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة! لأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّما أراد إنّ ما سألته من تحصيل الحاصل، لأنّ الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأنّ يذهب الله عنها الرجس ويطهّرها دعاء بتحصيل الحاصل، وهو مناف لآداب الدعاء، كما حررّه شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تعليما لها.
وقد وقع في بعض الروايات أنّه قال لأم سلمة: (إنّك من أزواج النبيّ)، وهذا أوضح في المراد بقوله: (أنّك على خير). ولمّا إستجاب الله دعاءه كان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يطلق أهل البيت على فاطمة وعليّ وابنيهما، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك أن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: (الصلاة يا أهل البيت، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا)، قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه))(3).
والسؤال: من أين نستطيع أن نعرف (على أساس مصادر أهل السنة)، بأنّ أهل البيت(عليهم السلام) منحصرون في خمسة أصحاب الكساء?
رابعاً: بالنسبة إلى تفسير عكرمة للآية، على أنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
نحن نردّ على ذلك: بأنّه كذّاب وأنّه من الخوارج، ولكن علينا أن نعرف بأنّ عكرمة لم يخص نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بكونهم أهل البيت فقط، بل يقول بأنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويقول بدخول عليّ وعائلته تحت عنوان أهل البيت بدليل حديث الكساء، وهذا لا ينافي كون الآية نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ومن جهة أخرى: أنّ عكرمة نقل أحاديث كثيرة في فضائل أهل البيت(عليهم السلام)، (وأنا شاهدت الكثير منها في كتب السنة).
وكذلك؛ أنّه كان من الأفراد الموثقين عند الإمام الباقر(عليه السلام)، - كما ورد هذا الأمر في كتاب (التفسير والمفسرون) لآية الله معرفة - حيث يقول: ((ويبدو من روايات أصحابنا الإمامية، كونه - يعني عكرمة - من المنقطعين إلى أبواب آل البيت العصمة، وفقا لتعاليم تلقاها من مولاه ابن عبّاس - رضي الله عنه - فقد روى محمد بن يعقوب الكليني باسناده إلى أبي بصير، قال: كنا عند الإمام أبي جعفر الباقر(عليه السلام) وعنده حمران، إذ دخل عليه مولى له، فقال: جعلت فداك، هذا عكرمة في الموت، وكان يرى رأي الخوارج، وكان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام)، فقال لنا أبوجعفر: (أنظروني حتى أرجع اليكم)، فقلنا: نعم، فما لبث أن رجع، فقال: (أما أنّي لو أدركت عكرمة، قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها، ولكنّي أدركته وقد وقعت النفس موقعها)، قلت: جعلت فداك، وماذاك الكلام? قال: (هو ـ والله ـ ما أنتم عليه، فلقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلاّ الله والولاية)(4). في هذه الرواية مواضع للنظر والإمعان: أوّلا دخول مولى أبي جعفر بذلك الخبر المفاجئ، وقوله: كان منقطعاً إلى أبي جعفر، يؤيّد كون الرجل من خاصّة أصحابه، ولم يكن يدخل على غيره، دخوله على الإمام(عليه السلام)، وأمّا قوله: وكان يرى رأي الخوارج، فهو من كلام الراوي، حدساً بشأنه، حسبما أملت عليه الحكايات الشائعة عنه...))، إلى آخر كلامه الذي يدافع فيه عن عكرمة بشدّة، ويأتي أيضاً بكلمات العلاّمة الشوشتري حول الدفاع عن عكرمة، والشوشتري هو الذي كان يخالف المجلسي حول عكرمة.
وإذا كان عكرمة ممتازاً بهذا الشخصية وهذه المنزلة عند الأئمة، فلا نستطيع أن نصفه بالكذاب ونسمّيه بالخارجي، بل علينا أن نقبله بعنوان راوي، قال بنزول الآية في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وروى عن ابن عبّاس ما يؤيّد رأيه.
وقول عكرمة بكونه حاضراً للمباهلة مع مَن لا يعتقد بنزول الآية في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، موجود في كتب أهل السُنّة بإسناد صحيح.
(1) الكافي 1: 287 حديث (1).
(2) سنن الترمذي 5: 31 سورة الأحزاب.
(3) سنن الترمذي 5: 31.
(4) الكافي 3: 123 باب ((تلقين الميت)).
الجواب:
أولاً: بمراجعة الرواية من أوّلها والتنبه إلى أسلوب الاستدلال الذي جرى عليه الإمام(عليه السلام)، يتوضح لديك أنّ المراد من قوله: (تصديقاً لنبيّه) أي تأييداً وموافقةً لنبيّه, كما لو قلت: أنّ القرآن والسُنّة يصّدق أحدهما الآخر، أي يوافقه ويعاضده ويؤيده.
وإن أبيتَ إلاّ التمسك بظاهر العبارة، فإنّ التصديق قد جاء بعد حديث الثقلين، والصحيح أنّ حديث الثقلين صدر عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مواضع عديدة تصل إلى الثمانية أو العشرة، فيكون المعنى: إنّه بعد أن صرح رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحديث الثقلين، وأنّ الثقل الأصغر هم أهل البيت(عليهم السلام) بعد أن سئل عنهما بـ (وما الثقلان يا رسول الله؟)؛ ومن الطبيعي أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيشير إلى أشخاصهم, جاءت آية التطهير تصديقاً له في تعين أهل البيت(عليهم السلام) وتشخيصهم، حتى لا يدّعي مدّع أنّ المحابات (نعوذ بالله) من الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد تدخلت في التشخيص، وإنّما الأمر من الله عزّ وجلّ.
نعم، توجد هناك رواية رواها الحاكم في (المستدرك) وحكم بصحتها, فيها أنّ الدعاء كان قبل نزول الآية, (( فعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: لمّا نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة، قال: أدعوا لي أدعوا لي, فقالت صفية: من يارسول الله؟ فقال: أهل بيتي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين, فجيء بهم, فألقى عليهم النبيّ كساءه ثم رفع يديه، ثم قال: اللّهمّ هؤلاء آلي فصل على محمّد وآل محمّد, وأنزل الله عزّ وجلّ: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) ))(1).
ورواية أخرى عن أُمّ سلمة رواها ابن كثير في تفسيره، عن الأعمش، عن حكيم، وفي آخرها: ((فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط...))(2).
ثانياً: إنّ بعض علماء أهل السُنّة احتمل لجملة (أنتِ على خير) معنيين:
الأوّل: أنّ معناه؛ أنتِ لست من أهل بيتي، بل من أزواجي، وأنّ مآلك إلى خير وحسن العاقبة، وهذا المعنى هو ما يتمسك به الشيعة.
الثاني: أنّ معناه؛ أنت لست بحاجة للدخول تحت الكساء، لأنّك من أهل بيتي، فأزواجي من أهل بيتي.
والسبب في إيرادهم المعنى الثاني، هو أنّهم بعد أن قرروا في آية التطهير، أنّها نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مستدلين بالسياق، وجدوا أنّ إلتزامهم هذا يعارض بوضوح مفاد حديث الكساء، الذي شخص فيه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل البيت(عليهم السلام) وطبق آية التطهير على مصداقها الخارجي، فأضطروا - حفاظاً على عقيدتهم - لحمل بعض جمل الحديث على التأويل البعيد وغير المتعارف، حلاً منهم للتعارض الظاهر، والذي يودي بعقيدتهم، بعد أن كان سند الحديث صحيحاً لا يمكن ردّه, ولم يجدوا جملة تحتمل التأويل - ولو البعيد غير المألوف - سوى (أنتِ على خير)، فحملّوها المعنى الثاني الذي عرفت.
فكان فعلهم هذا؛ ليس تمسكاً بما هو ظاهر الحديث بمفرده، بل تمسكاً بالتأويل الذي لجأوا إليه، بعد جمعه مع المعنى الذي أرادوه من الآية. فإنّهم بعد أن إلتزموا بأنّ (أهل البيت) في آية التطهير في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأخذوه كأصل موضوعي لا يقبل التبديل، اضطروا لحمل كلّ نص آخر يخالفه ظاهراً على المعنى المعني ولو بالتأويل, فلاحظ!
وإلاّ، فإنّ ظاهر الحديث بإنفراده، ودون النظر إلى الآية - أي حتى لو فرضنا عدم وجود آية في المقام - هو حصر معنى أهل البيت على مصداق هؤلاء الخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام)، وهو ظاهر من القرآئن الحالية واللفظية في قول وفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في هذا الحديث.
وظاهر جملة (أنتِ على خير) هو ما ذكرناه من المعنى الذي يتمسك به الشيعة، وهو المستعمل في لغة العرب لإخراج من يراد إخراجه، ولم يعهد منهم أن يستخدموا هذه الصيغة بمعنى دخول المخاطب بها في من خصّوه وميّزوه بالقيود والخصائص المذكورة في الكلام، فإنّ ظاهرها النفي بتقدير (لا) قبلها، وإذا أراد العربي أن يعطي مفاد الإيجاب، يجب أن يأتي بصيغة أخرى تفيده، بأن يقول مثلاً (وأنت كذلك), فلم يعهد من العرب بأنّهم إذا عزلوا أو خصوا جماعة من ضمن آخرين موجودين في نفس المكان بصفة أو إضافة معينة كوصفهم بالأضياف أو الشجعان مثلاً، ثم اعترض شخص حاضر فأجيب (بأنتَ على خير) أو (أنتَ مكانك) أنّه سيشمله هذا الوصف أو الإضافة، بل بالعكس فإنّه تأكيد بالخروج فوق ما لو لم يُقَل له مثل ذلك.
ولاحظ أنت؛ إذا دخلت إلى مطعم، وكان فيه أشخاص من ضمنهم بعض أصدقائك الحميمين، فناديت صاحب المطعم وقلت له: هؤلاء أضيافي، بعد أن أجلست أصدقاءك على طاولة خاصّة وعزلتهم عن بقية الناس, فهل يفهم صاحب المطعم أنّ البعض الآخر، يجوز أن يُقدم لهم الطعام على حسابك بكونهم أضيافك؟ ولو جاء شخص من الحاضرين وأراد الجلوس على نفس الطاولة وأنت قلت له: (أنتَ على خير)، أو (أنتَ مكانك) ولم تسمح له بالجلوس على الطاولة بمحضر صاحب المطعم, فهل يجوز لصاحب المطعم أن يجعله من أضيافك، أو أنّك لا تعذره وتعاتبه وكلّ الناس الحاضرين؟ ولا حجّة له بالقول؛ بأنّه أوّل معنى (على خير) بأنّك تعدّه من أضيافه الأساسيين الأصليين، بعد أن سبق كلامك القرائن الحالية بعزل أصدقائك على طاولة خاصّة, فلاحظ.
والذي يقطع الشك في هذا الحديث، الأحاديث الأخرى الكثيرة التي توضح هذه الجملة بما لا لبس فيها، والتي ذكرت أنت جملة منها, وبعض هذه الأحاديث صحيحة على موازين أهل السُنّة كما في مسند أحمد، عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة، الذي في آخره: (( فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال: (انّك على خير) ))(3)، ورواه أبو يعلى في مسنده(4).
ثم أين أنت من القاعدة التي تقول: أنّ الأحاديث يقوي بعضها البعض؟
ونحن هنا نريد أن ننبه على شيء: وهو أنّ الحكم بصحة طريق معين، لا يعني أنّ رجال هذا الطريق لم يتكلم فيهم أحد بمغمز، وإلاّ فلا يسلم رجل من رجال أهل السنّة، فإنّه لا بد أن تجد أنّ هناك أحداً من أصحاب الجرح والتعديل طعن في هذا الرجل أو ذاك، وهكذا كلّ رواتهم، وإنّما الحكم عليه يكون من مجموع أقوال أصحاب الجرح والتعديل, فلاحظ. فإنّ كثيراً من المشاغبين المجادلين المتشدقين، تراهم من أجل تضعيف رجل في طريق الحديث ينقلون طعنه من أحد أصحاب الجرح والتعديل، ويغمضون أعينهم عن مجمل ما ورد فيه محاولين إيهام مجادليهم، وتراهم في مكان آخر يأتون بالمدح لنفس الرجل من رجالي آخر!!
والآن نعود لنفس الموضوع: وهو إنّا فوق ما ذكرنا من ظاهر الحديث, نجد أنّ تكرار الفعل من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الظاهر من متن الروايات، يقطع كلّ شك في الإختصاص, بل تكرار قراءة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) للآية عند المرور على بيت فاطمة(عليها السلام) يرسخ هذا الإختصاص في أذهان المسلمين.
بل روى مسلم عن عائشة أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قرأ بعد أن أدخلهم تحت الكساء: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))(5)، وقراءة الآية على من تحت الكساء وفيها أدات الحصر (إنّما) بحضور عائشة وغيرها قاطع للتوهم والمناقشة في الإختصاص، فلاحظ.
ثالثاً: قبل الإجابة على ما ذكره (طاهر بن عاشور)، نود الإشارة إلى أنّ إتفاق بعضهم مع الشيعة في بعض الأحكام الفرعية لا يخرجه عن التعصب, فهذا ابن تيمية يتفق مع الشيعة في أنّ الطلاق بالثلاث يعتبر طلقة واحدة(6)، فهل يمكن أن يقال عنه أنّه غير متعصب، مع ما مشهور عنه من نصبه لأهل البيت(عليهم السلام)! وبعد ذلك نقول:
أ - ما ذنب الشيعة إذا كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الذي قصَر وحصَر معنى أهل البيت في الخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام)، حتى يقول (طاهر بن عاشور) عنهم، أنّهم غصبوا هذا الوصف وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيها(عليهم السلام)؟!
ب - قد ذكرنا في جواب السؤال السابق، أنّ منشأ قولهم يرجع بالحقيقة إلى إعتبارهم أنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كأصل موضوعي لا يناقش (إستناداً إلى السياق المدعى), وهذا واضح من كلام (طاهر بن عاشور)، من قوله: ((وهذه مصادمة للقرآن، بجعل هذه الآية حشواً بين ما خوطب به أزواج النبيّ))، وعلى هذا الأصل المفترض بنوا كلّ كلامهم.
ولكن سنبين أنّ ما ادعوه وما استدلوا به لم يكن إلاّ دعوى، من دون دليل: فإنّ ما سماه حشواً يدلّ على عدم معرفته بأساليب البلاغة لدى العرب!
يقول الشيخ السبحاني: ((لا غرو في أن يكون الصدر والذيل راجعين إلى موضوع، وما ورد في الأثناء راجعاً إلى غيره، فإنّ ذلك من فنون البلاغة وأساليبها, نرى نظيره في الذكر الحكيم وكلام البلغاء وعليه ديدن العرب في محاوراتهم، فربما يرد في موضوع قبل أن يفرغ من الموضوع الذي يبحث عنه ثم يرجع إليه. وثانياً: يقول الطبرسي: ((من عادة الفصحاء في كلامهم، أنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه والقرآن من ذلك مملوء وكذلك كلام العرب وأشعارهم))(7). قال الشيخ محمد عبده: ((إنّ من عادة القرآن أن ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن ثم يعود إلى مباحث المقصد الواحد المرّة بعد المرّة))(8). روي عن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): (أنّ الآية من القرآن يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء)(9).
ثم أورد الشيخ السبحاني مثالاً لذلك من القرآن, قوله تعالى: (( إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )) (يوسف:28-29)، فنرى إيراد قوله تعالى: (( يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا )) قبل أن يفرغ من الكلام معها ثم يرجع إلى الموضوع الأوّل))(10).
فظهر ما في قوله: (حشواً) من حشو، وتجرّ على القرآن وعدم فهم!!
ثم إنّ الروايات عن أُمّ سلمة وعائشة وغيرهن، تنص على أنّ آية التطهير نزلت وحدها، ولم ترد ولا رواية واحدة على أنّها نزلت مع آيات النساء، فأيّ معنى بعد ذلك للاستدلال بالسياق، وإنّما وضعت (بينها) بأمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو في مرحلة تأليف القرآن، ولهذا نظير في القرآن، فآية (الإكمال) نزلت في نهاية البعثة يوم غدير خم، مع أنّها الآن في سورة المائدة جزءاً من آية تبين أحكام اللحوم. ثم إنّ وقوعها بين آيات النساء، فيها عبرة لهنّ، بأن ينظرن ويحاولن أن يتبعن أهل هذا البيت النبوي(عليهم السلام) المعصومين عن الذنب.
ح - لقد بيّنا في جواب السؤال الثاني؛ دلالة الحديث بما فيه من القرآئن الحالية واللفظية على القصر فلا نعيد، وأوضحنا بالمثال الذي ذكرناه، بما يدلّ على عكس مراده بإستشهاده بالآية (( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي )) (الحجر:68), فإنّ في هذه الآية أيضاً تخصيص وقصر على أنّ هؤلاء ضيوفي من بين كلّ الموجودين في المكان، ولا أحد غيرهم منكم من أضيافي, وذلك أنّ أسم الإشارة (هؤلاء) يعرف ويخص ويحصر في المكان والزمان الخاصين الصادر فيهما.
فقول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ هؤلاء أهل بيتي)، يعني أنّ هؤلاء في هذا الوقت هم أهل بيتي دونكم أنتم الحاضرون, وكان من الحاضرين زوجات النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعليه لا يصح الإتيان بأداة الإشارة وتعينهم بها إذا كان أحد غيرهم من الموجودين من أهل بيته, إذ لا تصدق الإشارة حين ذاك, وكذا في الآية (( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي ))، فمن المعلوم أنّ الملائكة كانوا في ذلك الوقت والمكان هم أضياف نبيّ الله لوط(عليه السلام) دون أهل المدينة كلّهم، ولا يعني أنّه نفى أن يكون له أضياف في الزمان اللاحق, ولذا نحن لا نحصر أهل البيت بالخمسة أهل الكساء(عليهم السلام)، بل نعمها إلى الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) في الزمان اللاحق, ومن هذا كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرأ الآية ويخص بها عليّاً وفاطمة(عليهما السلام), والحسن والحسين(عليهما السلام) بعد لم يولدا(11)، فراجع.
ولكن مع ذلك كرّر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وزاد في التكرار بالإشارة إليهم، وتعريفهم بأهل البيت، دفعاً لمثل هذا التوهم المذكور.
د - وإن تعجب! فعجب من نسبة التوهم إلى التابعين، في حصر هذه الآية بالخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام)، مع أنّهم أقرب للنص! وقد سموا تابعين لأنّهم تبعوا الصحابة, ولا يَحتَمِل الوهم من شخص واحد جاء بعدهم بمئات السنين, فهو يعترف بأنّ هذا القول كان في عصر التابعين المطمأن، بل الأكيد أنّهم أخذوه من الصحابة, ومع ذلك ينسبهم للوهم دونه، مع أنّه بعيد عن النص والصحابة عدّة قرون، فيا لله والهوى.
بل نحن نقول: إنّ هذا القول كان معروفاً عند الصحابة أيضاً, ولذا لا توجد ولا رواية واحدة عنهم، بل عن نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنفسهن، فيها أنّ الآية خاصّة بنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو هنّ والخمسة أصحاب الكساء, ولم يخصها بنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى في عصر التابعين إلاّ عكرمة, وفي نفس روايته ما يتضح أنّ رأي الناس مطبق على أنّها نزلت في الخمسة، حين يقول: ((ليس بالذي تذهبون إليه، وإنّما هو نساء...))(12)، فلاحظ، وتأمل وتعجب!!
وقد عرفت من الروايات وخاصّة روايات أُمّ سلمة (رض) أنّ الآية نزلت وحدها، ولذا فلا عجب، بل الصحيح الطبيعي من المسلمين في ذلك الوقت أن يقرؤوها وحدها.
و- وقد عرفت أيضاً، أنّ هناك روايات عديدة تصرّح بأنّ دعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان قبل نزول الآية, وطريق الجمع ربما يتوضح من تكرار فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كما يظهر من الروايات المختلفة, فراجع.
والظاهر من قوله: ((وأنّها نزلت في بيت أُمّ سلمة))، أنّه يريد الاستدلال بمكان النزول، ويجعله سبب النزول في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذا من عجيب الاستدلال!! فمكان النزول غير سبب النزول.
ط - ولقد عرفت أيضاً ممّا مضى، جوابنا على ما يدّعونه من معنى (أنتِ على مكانك) و(أنتِ على خير) فلا نعيد, وإنّما نعجب من بهتانه وتناقضه! فإنّه يستدل على ما يريد من كلام رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أنتِ على مكانك) و(أنتِ على خير) بأنّ الآية نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مع أنّ نفس الرواية التي يريد شرحها، تنص على أنّها نزلت وحدها، وأنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) طبقها في أهل البيت(عليهم السلام)! ومع أنّ أكثر أصحابه الذين يدخلون النساء في ضمن أهل البيت، يستدلون لدخولهن بالسياق لا بالنزول، ويقولون أنّ النساء دخلن بالسياق والخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام) دخلوا بفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أي بالحقيقة بالنزول, وذلك رداً منهم لإفتراء عكرمة أنّها في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصّة.
فهل رأيت تناقضاً أكثر من هذا؟!! فلا نعلم إنّه مع رأي عكرمة، أو مع رأي أكثر أهل السنة!!
ثم لو كانت الآية نازلة فيها وفي ضراتها كما يقول، فما معنى قول أُمّ سلمه: ((وأنا يارسول الله))؟ فهل كانت أُمّ سلمة لا تعرف أنّها نزلت فيها وفي ضراتها, ثم علم عكرمة أو طاهر بن عاشور بذلك!!
ي - إنّ الروايات الواردة في حديث الكساء على ثلاثة أصناف:
1- ما فيها أنّ الدعاء كان قبل النزول.
2- ما فيها أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قرأ الآية فقط على من في الكساء، وأضاف في بعضها (إنّ هؤلاء أهل بيتي).
3- ما فيها أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا لهم بعد نزول الآية، وبعد أن جمعهم تحت الكساء.
فلو سلّمنا بما قال: ((فالدعاء لها... دعاء بتحصيل الحاصل))، فهو يصدق على الصنف الثالث فقط, هذا أوّلاً، ثم إنّ ما ذكره لو صح، يتم فقط في عدم الدعاء لها بما هو حاصل, ولكن ما الداعي لإخراجها من التخصيص في أهل بيت في المقام, فالمفروض على مبنى كلامه أن يقول لها: أنتِ من أهل البيت، وقد تحقق لك ما أطلبه في الدعاء من الآية، لا أن يخرجها من أهل البيت أصلاً.
وبعبارة أخرى: نحن نستدل بتخصيص أهل البيت(عليهم السلام) في حديث الكساء، بعدّة أمور: منها فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وتلفظه بأداة الإشارة (هؤلاء)، ودعائه لهم, فكلامه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على تسليمه يرد في الدعاء، وأمّا الباقي فعلى حاله.
وبعبارة أوضح: إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لو كان يريد من فعله فقط الدعاء لأصحاب الكساء، فما الداعي لفعل وقول ما فعله وقاله؟ وكان يكفي أن يرفع يده ويطلب من الله إدخالهم في الآية، مع العلم أنّ أُمّ سلمة لم تسأله الدعاء، بل سألته الدخول معهم, فلاحظ. هذا ثانياً.
وثالثاً:
1- إنّ كلامه لا يتم إلاّ إذا ادعى بأنّ لفظة (( أَهلَ البَيتِ )) في الآية لا تشمل أصحاب الكساء(عليهم السلام) وإنّما تشمل النساء فقط, وهذا لا يتم لغة وضمير التذكير في (عنكم) يدحضه، وعليه فإذا دخل أصحاب الكساء(عليهم السلام) في الآية، بشمول لفظة (أهل البيت) لهم، يكون دعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لهم أيضاً تحصيل للحاصل, وإذا قال عناداً وأصرّ على أنّ (( أَهلَ البَيتِ )) في الآية لا تشمل الذرية، يكون قد خالف الجمهور من علماء أهل السنة.
وإذا قال: أنّ الضمير في (عنكم) يعود للنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقط، فيصبح الإشكال إشكالين: الأوّل: فما معنى إذهاب الرجس عنه في الآية؟ إذ من المعلوم أن الرجس منفي عنه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من السابق، إلاّ أن ينفي ذلك وهو من الشناعة بمكان. والثاني: يكون بحقه أيضاً من تحصيل الحاصل، لأنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان داخلاً تحت الكساء أيضاً، وهو من أهل البيت قطعاً.
2- في الحقيقة أنّ إشكالهم في الأساس، هو أنّ الإرادة في الآية تشريعية، إذ لو كانت تكوينية، فلا معنى لدعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إذ هو تحصيل حاصل حسب مدعاه!! وهذا يرد بوجوه:
أ - حتى لو كانت الإرادة تشريعية، فإنّه سيكون أيضاً من تحصيل الحاصل، إذ معناه يا إلهي أدعوك أن تشرع عليهم التطهير كما شرعته عليهم، وأي معنى لهذا؟!
ب - إنّ الإرادة على الصحيح تكوينية، ويكون الدعاء لإدامة الشيء الحاصل ولا مانع منه، فمع أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مهتدي، وهو الذي يهدي للحق، يقرأ في صلاته كلّ يوم خمس مرات (( اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )) (الفاتحة:6).
ج - وحصول الشيء عند شخص، لا يعني أنّه سوف يستغني عن الله ببقائه ودوامه.
د - إنّ المقامات السامية ليست كلّها بدرجة واحدة، وإنّما هي في تكامل مستمر عندهم.
ط - قد بيّنا ما في تكرار النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من دلالة على الإختصاص, ولكن العجب من هذا المدعي يقول: ((ولمّا استجاب الله دعاءه، كان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يطلق أهل البيت على فاطمة وعليّ وابينهما))، فيتهم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنوع من المحاباة! إذ يكرر ويزيد في التكرار على من أصبحوا أهل البيت بدعائه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويترك الإشارة إلى من أشار اليهم الله جلّ جلاله بأهل البيت ولو لمرّة واحدة وهن النساء حسب مدعاهم. ويا لله ولجرأتهم على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)!!
أفلا كان لمدّع مغرض؛ أن يقول لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): مالك تخص هؤلاء الذين طلبت أنت من الله أن يدخلوا في أهل البيت، وتترك من فرض الله كونهم من أهل البيت؟! بالله أيصح هذا الفعل من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟! إلاّ أن يكون فعله فيه نوع من الميل عن مراد الله - نعوذ بالله - على الأقل بتركه الأصل وإصراره على التبع, ولماذا لا ننزه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن هذا، ونقول كما هو واضح وعرفه الجميع أنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يبيّن بفعله المكرر هذا مقاصد القرآن، وأنّه لا يفعل شيء إلاّ وهو مطابق للقرآن ومن وحي الله تعالى.
نعوذ بالله كيف يقلبون الحقّ باطلاً والباطل حقاً!!
3-
أ- لقد أجمع كلّ من نقل قول عكرمة على أنّه كان يدّعي إختصاصها بنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلا مجال لما ذكرت، فإنّ في متن بعض الروايات قوله: ((إنّها نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصّة))(13).
ثم أنّه قد نُقل عنه عدّة روايات، أحدها قوله: ((ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبيّ))(14) يقصد به قول الله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ... )) الآية، فهذا منه تفسير للآية لا ذكر شأن النزول, ومن المعلوم أنّ الآية لو كانت دلالتها مختصة بالنساء لاستقر التعارض بينها وبين حديث الكساء. نعم، لو كنّ مورد النزول فقط، كما يدّعي في روايات أُخر، لأمكن إحتمال عدم التعارض، ولكنه لا يتم أيضاً لما عرفنا من فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من التخصيص والحصر، إضافة لوجود روايات كثيرة تنص على أنّ مورد النزول هم الخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام).
ب - لا يمكن مدح، فضلاً عن توثيق عكرمة بمثل هذه الروايات بعد أن نص رجاليونا على تضعيفه، فعن الكشي بعد أن نقل هذه الرواية، قال: ((فلم يدركه أبو جعفر(عليه السلام) ولم ينفعه))(15)، وهذا هو الفهم الصحيح للرواية, وقال في حقه العلاّمة في الخلاصة: ((ليس على طريقنا ولا من أصحابنا))(16), وكونه لا يعتقد بالمذهب الحقّ واضح لا يحتاج إلى روايات، بل هو مثل الشمس في رابعة النهار، خصوصاً بعد أن نص رجاليو السُنّة على أنّه كان على رأي الخوارج، وأنّه كان يكذب على ابن عبّاس.
أمّا ما فهمته أنت وغيرك من الرواية، من أنّه كان مورداً لتوجه الإمام الباقر(عليه السلام)، لأنّ الإمام(عليه السلام) أراد الحضور عند احتضاره، فهذا غير صحيح، بعد أن نعرف من سيرة أئمتنا(عليهم السلام) كلّهم معاودة ومواصلة مخالفيهم في المرض، وحالة الموت، أو الضيق والشدّة، وهذا مشهور عنهم بل حتى مع غير المسلمين، وزيارة الإمام الرضا(عليه السلام) للنصراني المحتضر معروفة، فإنّ من مقام أئمتنا(عليهم السلام) إيصال الهداية والرحمة والرأفة إلى كلّ الناس، من دون فرق، ولا يتأخرون عند أي بارقة أو إحتمال لنفع أيّ إنسان، حتى ولو كان مثل عكرمة, فتأمل.
أما إستفادة (الشيخ معرفة) من دخول مولى الإمام(عليه السلام)، وإخباره بإحتضار عكرمة، على كونه ذا منزلة لدى الإمام(عليه السلام)، فعجيب!! بعد أن نعرف أنّ عكرمة كان مولى لابن عبّاس أي محسوب على بني هاشم, ولم يكن شخصاً مجهولاً نكرة حتى ننفي وجود علاقات إجتماعية وتزاور وتراحم بينهم، مع ما كان للإمام(عليه السلام) من منزلة ومكانة في المدينة, ومن يمعن النظر في الواقع الإجتماعي لأئمة أهل البيت(عليهم السلام) في ذلك الوقت، يجد بوضوح أنّهم لم يقطعوا صلاتهم حتى بألدّ أعدائهم المستحلّين لقتلهم بل قتلتهم أنفسهم، وما لجوء مروان بن الحكم إلى الإمام زين العابدين(عليه السلام) بخافية على أحد، ولا الإجتماعات والتزاور الذي كان يحصل بين الباقر والصادق(عليهما السلام) والأمويين والعباسيين بقليلة.
وأما ما علّق عليه من جملة: ((وكان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام))) بكونه من خاصّة أصحاب الإمام(عليه السلام)، ولم يكن يدخل على غيره دخوله على الإمام(عليه السلام), فقد توضح بعض سببه، ممّا ذكرنا، من أنّه كان يحسب على بني هاشم، ولكن إنقطاعه إلى ابن عبّاس كان أوضح، ومع ذلك لم يمنعه من الكذب عليه وانتحال رأي الخوارج.
ثم إنّ الإمام الباقر(عليه السلام) سنحت له فرصة في أواخر الدولة الأموية لنشر علم أهل البيت(عليهم السلام) علانية، فكثر أصحابه وتلامذته والآخذون عنه حتى من المخالفين، والأمثلة كثيرة على ذلك، فلا عجب من أن يأخذ عكرمة العلم من الإمام(عليه السلام)، فقد كان(عليه السلام) في ذلك الوقت مدرسة لكلّ المسلمين ولا يغلق بابه على أحد خاصّة من كان له معه علاقات أسرية.
ولكن العجب من (الشيخ معرفة) أن يرد القول ((بأنّه كان يرى رأي الخوارج)) على أنّه من كلام الراوي حدساً بشأنه...الخ, ولا يرد القول ((بأنّه كان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام)))، مع أنّه من قول نفس الراوي!! فلاحظ.
وعلى كلّ حال فإنّ (للشيخ معرفة) رأيه الخاص، ولا يلزم به غيره، خاصّة بعد أن نص أصحاب الرجال على تركه وتضعيفه.
وأخيراً حتى لو سلّمنا وقبلنا بعكرمة كراوي له درجة من المقبولية، لا يمكن أن نقبل روايته الخاصّة بآية التطهير، بعد معارضة الروايات الكثيرة عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لها، فإنّ رأي عكرمة المنقول عنه ليس له وزن أمام قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(1) مستدرك الحاكم 3: 147 مناقب أهل البيت.
(2) تفسير ابن كثير 3: 493 قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً)).
(3) مسند أحمد 6: 323.
(4) مسند أبي يعلى 12: 344 حديث6912، 456 حديث7026.
(5) صحيح مسلم 7: 130باب ((فضائل أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)).
(6) منهاج السُنّة 5: 500.
(7) مجمع البيان 8: 158 قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ...)).
(8) تفسير المنار 2: 541.
(9) المحاسن 2: 300 حديث 5 كتاب العلل.
(10) مفاهيم القرآن 10: 165 أهل البيت في القرآن الكريم الفصل الأوّل.
(11) انظر: الدر المنثور 5: 199 سورة الأحزاب، ما رواه عن أبي سعيد الخدري عن قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا دخل عليّ بفاطمة(عليهما السلام).
(12) الدر المنثور 5: 198 سورة الأحزاب.
(13) انظر: الدر المنثور 5: 198 سورة الأحزاب، تفسير الثعلبي 8: 36 قوله تعالى: (( وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ...)) ما نقله من قول مقاتل.
(14) المصدر السابق.
(15) انظر: اختيار معرفة الرجال للطوسي 2: 478 في عكرمة مولى ابن عبّاس.
(16) خلاصة الأقوال: 383 عكرمة مولى ابن عبّاس.
يتبع
جاء في كتاب (الكافي)، باب ((ما نص الله عزّ وجلّ ورسوله على الأئمة(عليهم السلام) واحداً فواحد ح1))، وهو صحيح الإسناد: (عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، قال: إنّ الإمام الصادق(عليه السلام) - بعدما نَقَلَ حديث الثقلين عن الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) - قال: فلو سكت رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فلم يبيّن من أهل بيته، لادّعاها آل فلان وآل فلان، لكن الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الأحزاب:33)، فكانّ عليّ والحسن والحسين وفاطمة(عليهم السلام) فأدخلهم رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تحت الكساء في بيت أُمّ سلمة، ثم قال: (اللّهمّ إنّ لكلّ نبيّ أهلاً وثقلاً وهؤلاء أهل بيتي وثقلي)، فقالت أُمّ سلمة: ألست من أهلك? فقال: (إنّك إلى خير ولكن هؤلاء أهلي وثقلي) ))(1).
أولاً: ماذا يقصد الإمام الصادق(عليه السلام) بقوله: (لكن الله عزّ وجلّ أنزله في كتابه تصديقاً لنبيّه)? هل يقصد بأنَّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا الله عزّ وجلّ بأن يذهب عن أهل البيت(عليهم السلام) الرجس، ثم أنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية تأييداً لرسوله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟ أم نزلت الآية أوّلاً، ثم دعا الرسول هذا الدعاء?
ثانياً: ما هو معنى كلام الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إلى أُمّ سلمة: (أنت إلى خير) أو (على خير)? لأنّ هذا الحديث يوجد في سنن الترمذي وباقي كتب السنة، ولكن لم توجد فيه عبارة: (ولكن هؤلاء أهلي وثقلي)? بل جاء فيه فقط: (أنت على مكانك وأنت على خير)(2)، وأنا لم أفهم معنى هذه العبارة؟
هل يكون المعنى: يا أُمّ سلمة أنت من أهل البيت ولا حاجة بمجيئك تحت الكساء، (كما ورد في بعض كتب السنة) ولا تحتاجي أن أدعو لك? أو يكون المعنى: أنت لا تكوني من أهل البيت، بل أنّك على المنهج الصحيح والى خير، (كما ورد هذا المعنى في كتب الشيعة وبعض السنة)؟
وأنّ حديث الكساء مع روايته بألفاظ أخرى مثل: (أنت من أزواج النبيّ ولكن هؤلاء أهل بيتي) أو قول أُمّ سلمة: ((فوالله؛ ما أنعم رسول الله))، أو عبارة: ((فجذبه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من يدي، وقال: أنّك على خير))، أو عبارة: ((فَوددت أنه قال نَعَم، فكان أحبّ اليّ ممّا تطلع عليه الشمس وتغرب))، ومثل هذه العبارات لا تمتلك السند الصحيح عند أهل السنة، ولا تعتبر عندهم، وليست من الأحاديث التي يمكن الاستدلال بها عليهم.
ثالثاً: إنّ المفسرين من أهل السنة، لا ينكرون حديث الكساء، بل يقولون: بأنّ هذا الحديث لا يحصر أهل البيت في (عليّ وفاطمة والحسن والحسين)، مثلاً طاهر ابن عاشور (وهو من العلماء السُنّة الذين عرفوا بعدم التعصب، حتى أنّه حلّل زواج المتعة طبق الفقه الشيعي وطبقاً للآية من سورة النساء)، يقول في كتابه التفسيري (التحرير والتنويل) في تفسير الآية: ((وقد تلفق الشيعة حديث الكساء، فغصبوا وصف أهل البيت وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيهما عليهم الرضوان، وزعموا أنّ أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لسن من أهل البيت، وهذه مصادمة للقرآن، بجعل هذه الآية حشوا بين ما خوطب به أزواج النبيّ، وليس في لفظ حديث الكساء ما يقتضي قصر هذا الوصف (يعني كلمة أهل البيت) على أهل الكساء، إذ ليس في قوله: (هؤلاء أهل بيتي) صيغة القصر، فهو كقوله تعالى: (( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي )) (الحِجر:68)، ليس معناه ليس لي ضيفاً غيرهم، وهو يقتضي أن تكون هذه الآية مبتورة عمّا قبلها وما بعدها.
ويظهر أنّ هذا التوهم من زمن عصر التابعين، وأنّ منشأه قراءة هذه الآية على الألسن دون إتصال بينها وبين ما قبلها وما بعدها، ويدلّ على ذلك ما رواه المفسرين عن عكرمة، أنّه قال: ((من شاء باهلتة أنّها نزلت في أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ))، وأنّه قال أيضاً: ((ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ))، وأنّه كان يصرخ بذلك في السوق. وحديث عمر بن أبي سلمة (الذي رواه الترمذي) صريح في أنّ الآية نزلت قبل أن يدعو النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الدعوة لأهل الكساء، وأنّها نزلت في بيت أُمّ سلمة.
وأمّا ما وقع من قول عمر بن أبي سلمة، أنّ أُمّ سلمة قالت: وأنا معهم يا رسول الله?... فقال: (أنت على مكانك، وأنت على خير)، فقد وهم فيه الشيعة، فظنوا أنّه منعها من أن تكون من أهل بيته، وهذه جهالة! لأنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إنّما أراد إنّ ما سألته من تحصيل الحاصل، لأنّ الآية نزلت فيها وفي ضرائرها، فليست هي بحاجة إلى إلحاقها بهم، فالدعاء لها بأنّ يذهب الله عنها الرجس ويطهّرها دعاء بتحصيل الحاصل، وهو مناف لآداب الدعاء، كما حررّه شهاب الدين القرافي في الفرق بين الدعاء المأذون فيه والدعاء الممنوع منه، فكان جواب النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) تعليما لها.
وقد وقع في بعض الروايات أنّه قال لأم سلمة: (إنّك من أزواج النبيّ)، وهذا أوضح في المراد بقوله: (أنّك على خير). ولمّا إستجاب الله دعاءه كان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يطلق أهل البيت على فاطمة وعليّ وابنيهما، فقد روى الترمذي عن أنس بن مالك أن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يمرّ بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر، يقول: (الصلاة يا أهل البيت، إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا)، قال الترمذي: ((هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه))(3).
والسؤال: من أين نستطيع أن نعرف (على أساس مصادر أهل السنة)، بأنّ أهل البيت(عليهم السلام) منحصرون في خمسة أصحاب الكساء?
رابعاً: بالنسبة إلى تفسير عكرمة للآية، على أنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
نحن نردّ على ذلك: بأنّه كذّاب وأنّه من الخوارج، ولكن علينا أن نعرف بأنّ عكرمة لم يخص نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بكونهم أهل البيت فقط، بل يقول بأنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويقول بدخول عليّ وعائلته تحت عنوان أهل البيت بدليل حديث الكساء، وهذا لا ينافي كون الآية نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
ومن جهة أخرى: أنّ عكرمة نقل أحاديث كثيرة في فضائل أهل البيت(عليهم السلام)، (وأنا شاهدت الكثير منها في كتب السنة).
وكذلك؛ أنّه كان من الأفراد الموثقين عند الإمام الباقر(عليه السلام)، - كما ورد هذا الأمر في كتاب (التفسير والمفسرون) لآية الله معرفة - حيث يقول: ((ويبدو من روايات أصحابنا الإمامية، كونه - يعني عكرمة - من المنقطعين إلى أبواب آل البيت العصمة، وفقا لتعاليم تلقاها من مولاه ابن عبّاس - رضي الله عنه - فقد روى محمد بن يعقوب الكليني باسناده إلى أبي بصير، قال: كنا عند الإمام أبي جعفر الباقر(عليه السلام) وعنده حمران، إذ دخل عليه مولى له، فقال: جعلت فداك، هذا عكرمة في الموت، وكان يرى رأي الخوارج، وكان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام)، فقال لنا أبوجعفر: (أنظروني حتى أرجع اليكم)، فقلنا: نعم، فما لبث أن رجع، فقال: (أما أنّي لو أدركت عكرمة، قبل أن تقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها، ولكنّي أدركته وقد وقعت النفس موقعها)، قلت: جعلت فداك، وماذاك الكلام? قال: (هو ـ والله ـ ما أنتم عليه، فلقّنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلاّ الله والولاية)(4). في هذه الرواية مواضع للنظر والإمعان: أوّلا دخول مولى أبي جعفر بذلك الخبر المفاجئ، وقوله: كان منقطعاً إلى أبي جعفر، يؤيّد كون الرجل من خاصّة أصحابه، ولم يكن يدخل على غيره، دخوله على الإمام(عليه السلام)، وأمّا قوله: وكان يرى رأي الخوارج، فهو من كلام الراوي، حدساً بشأنه، حسبما أملت عليه الحكايات الشائعة عنه...))، إلى آخر كلامه الذي يدافع فيه عن عكرمة بشدّة، ويأتي أيضاً بكلمات العلاّمة الشوشتري حول الدفاع عن عكرمة، والشوشتري هو الذي كان يخالف المجلسي حول عكرمة.
وإذا كان عكرمة ممتازاً بهذا الشخصية وهذه المنزلة عند الأئمة، فلا نستطيع أن نصفه بالكذاب ونسمّيه بالخارجي، بل علينا أن نقبله بعنوان راوي، قال بنزول الآية في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وروى عن ابن عبّاس ما يؤيّد رأيه.
وقول عكرمة بكونه حاضراً للمباهلة مع مَن لا يعتقد بنزول الآية في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، موجود في كتب أهل السُنّة بإسناد صحيح.
(1) الكافي 1: 287 حديث (1).
(2) سنن الترمذي 5: 31 سورة الأحزاب.
(3) سنن الترمذي 5: 31.
(4) الكافي 3: 123 باب ((تلقين الميت)).
الجواب:
أولاً: بمراجعة الرواية من أوّلها والتنبه إلى أسلوب الاستدلال الذي جرى عليه الإمام(عليه السلام)، يتوضح لديك أنّ المراد من قوله: (تصديقاً لنبيّه) أي تأييداً وموافقةً لنبيّه, كما لو قلت: أنّ القرآن والسُنّة يصّدق أحدهما الآخر، أي يوافقه ويعاضده ويؤيده.
وإن أبيتَ إلاّ التمسك بظاهر العبارة، فإنّ التصديق قد جاء بعد حديث الثقلين، والصحيح أنّ حديث الثقلين صدر عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في مواضع عديدة تصل إلى الثمانية أو العشرة، فيكون المعنى: إنّه بعد أن صرح رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بحديث الثقلين، وأنّ الثقل الأصغر هم أهل البيت(عليهم السلام) بعد أن سئل عنهما بـ (وما الثقلان يا رسول الله؟)؛ ومن الطبيعي أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) سيشير إلى أشخاصهم, جاءت آية التطهير تصديقاً له في تعين أهل البيت(عليهم السلام) وتشخيصهم، حتى لا يدّعي مدّع أنّ المحابات (نعوذ بالله) من الرسول(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قد تدخلت في التشخيص، وإنّما الأمر من الله عزّ وجلّ.
نعم، توجد هناك رواية رواها الحاكم في (المستدرك) وحكم بصحتها, فيها أنّ الدعاء كان قبل نزول الآية, (( فعن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، قال: لمّا نظر رسول الله إلى الرحمة هابطة، قال: أدعوا لي أدعوا لي, فقالت صفية: من يارسول الله؟ فقال: أهل بيتي عليّاً وفاطمة والحسن والحسين, فجيء بهم, فألقى عليهم النبيّ كساءه ثم رفع يديه، ثم قال: اللّهمّ هؤلاء آلي فصل على محمّد وآل محمّد, وأنزل الله عزّ وجلّ: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) ))(1).
ورواية أخرى عن أُمّ سلمة رواها ابن كثير في تفسيره، عن الأعمش، عن حكيم، وفي آخرها: ((فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط...))(2).
ثانياً: إنّ بعض علماء أهل السُنّة احتمل لجملة (أنتِ على خير) معنيين:
الأوّل: أنّ معناه؛ أنتِ لست من أهل بيتي، بل من أزواجي، وأنّ مآلك إلى خير وحسن العاقبة، وهذا المعنى هو ما يتمسك به الشيعة.
الثاني: أنّ معناه؛ أنت لست بحاجة للدخول تحت الكساء، لأنّك من أهل بيتي، فأزواجي من أهل بيتي.
والسبب في إيرادهم المعنى الثاني، هو أنّهم بعد أن قرروا في آية التطهير، أنّها نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مستدلين بالسياق، وجدوا أنّ إلتزامهم هذا يعارض بوضوح مفاد حديث الكساء، الذي شخص فيه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أهل البيت(عليهم السلام) وطبق آية التطهير على مصداقها الخارجي، فأضطروا - حفاظاً على عقيدتهم - لحمل بعض جمل الحديث على التأويل البعيد وغير المتعارف، حلاً منهم للتعارض الظاهر، والذي يودي بعقيدتهم، بعد أن كان سند الحديث صحيحاً لا يمكن ردّه, ولم يجدوا جملة تحتمل التأويل - ولو البعيد غير المألوف - سوى (أنتِ على خير)، فحملّوها المعنى الثاني الذي عرفت.
فكان فعلهم هذا؛ ليس تمسكاً بما هو ظاهر الحديث بمفرده، بل تمسكاً بالتأويل الذي لجأوا إليه، بعد جمعه مع المعنى الذي أرادوه من الآية. فإنّهم بعد أن إلتزموا بأنّ (أهل البيت) في آية التطهير في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وأخذوه كأصل موضوعي لا يقبل التبديل، اضطروا لحمل كلّ نص آخر يخالفه ظاهراً على المعنى المعني ولو بالتأويل, فلاحظ!
وإلاّ، فإنّ ظاهر الحديث بإنفراده، ودون النظر إلى الآية - أي حتى لو فرضنا عدم وجود آية في المقام - هو حصر معنى أهل البيت على مصداق هؤلاء الخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام)، وهو ظاهر من القرآئن الحالية واللفظية في قول وفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) في هذا الحديث.
وظاهر جملة (أنتِ على خير) هو ما ذكرناه من المعنى الذي يتمسك به الشيعة، وهو المستعمل في لغة العرب لإخراج من يراد إخراجه، ولم يعهد منهم أن يستخدموا هذه الصيغة بمعنى دخول المخاطب بها في من خصّوه وميّزوه بالقيود والخصائص المذكورة في الكلام، فإنّ ظاهرها النفي بتقدير (لا) قبلها، وإذا أراد العربي أن يعطي مفاد الإيجاب، يجب أن يأتي بصيغة أخرى تفيده، بأن يقول مثلاً (وأنت كذلك), فلم يعهد من العرب بأنّهم إذا عزلوا أو خصوا جماعة من ضمن آخرين موجودين في نفس المكان بصفة أو إضافة معينة كوصفهم بالأضياف أو الشجعان مثلاً، ثم اعترض شخص حاضر فأجيب (بأنتَ على خير) أو (أنتَ مكانك) أنّه سيشمله هذا الوصف أو الإضافة، بل بالعكس فإنّه تأكيد بالخروج فوق ما لو لم يُقَل له مثل ذلك.
ولاحظ أنت؛ إذا دخلت إلى مطعم، وكان فيه أشخاص من ضمنهم بعض أصدقائك الحميمين، فناديت صاحب المطعم وقلت له: هؤلاء أضيافي، بعد أن أجلست أصدقاءك على طاولة خاصّة وعزلتهم عن بقية الناس, فهل يفهم صاحب المطعم أنّ البعض الآخر، يجوز أن يُقدم لهم الطعام على حسابك بكونهم أضيافك؟ ولو جاء شخص من الحاضرين وأراد الجلوس على نفس الطاولة وأنت قلت له: (أنتَ على خير)، أو (أنتَ مكانك) ولم تسمح له بالجلوس على الطاولة بمحضر صاحب المطعم, فهل يجوز لصاحب المطعم أن يجعله من أضيافك، أو أنّك لا تعذره وتعاتبه وكلّ الناس الحاضرين؟ ولا حجّة له بالقول؛ بأنّه أوّل معنى (على خير) بأنّك تعدّه من أضيافه الأساسيين الأصليين، بعد أن سبق كلامك القرائن الحالية بعزل أصدقائك على طاولة خاصّة, فلاحظ.
والذي يقطع الشك في هذا الحديث، الأحاديث الأخرى الكثيرة التي توضح هذه الجملة بما لا لبس فيها، والتي ذكرت أنت جملة منها, وبعض هذه الأحاديث صحيحة على موازين أهل السُنّة كما في مسند أحمد، عن شهر بن حوشب، عن أُمّ سلمة، الذي في آخره: (( فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه من يدي وقال: (انّك على خير) ))(3)، ورواه أبو يعلى في مسنده(4).
ثم أين أنت من القاعدة التي تقول: أنّ الأحاديث يقوي بعضها البعض؟
ونحن هنا نريد أن ننبه على شيء: وهو أنّ الحكم بصحة طريق معين، لا يعني أنّ رجال هذا الطريق لم يتكلم فيهم أحد بمغمز، وإلاّ فلا يسلم رجل من رجال أهل السنّة، فإنّه لا بد أن تجد أنّ هناك أحداً من أصحاب الجرح والتعديل طعن في هذا الرجل أو ذاك، وهكذا كلّ رواتهم، وإنّما الحكم عليه يكون من مجموع أقوال أصحاب الجرح والتعديل, فلاحظ. فإنّ كثيراً من المشاغبين المجادلين المتشدقين، تراهم من أجل تضعيف رجل في طريق الحديث ينقلون طعنه من أحد أصحاب الجرح والتعديل، ويغمضون أعينهم عن مجمل ما ورد فيه محاولين إيهام مجادليهم، وتراهم في مكان آخر يأتون بالمدح لنفس الرجل من رجالي آخر!!
والآن نعود لنفس الموضوع: وهو إنّا فوق ما ذكرنا من ظاهر الحديث, نجد أنّ تكرار الفعل من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) الظاهر من متن الروايات، يقطع كلّ شك في الإختصاص, بل تكرار قراءة النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) للآية عند المرور على بيت فاطمة(عليها السلام) يرسخ هذا الإختصاص في أذهان المسلمين.
بل روى مسلم عن عائشة أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قرأ بعد أن أدخلهم تحت الكساء: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً ))(5)، وقراءة الآية على من تحت الكساء وفيها أدات الحصر (إنّما) بحضور عائشة وغيرها قاطع للتوهم والمناقشة في الإختصاص، فلاحظ.
ثالثاً: قبل الإجابة على ما ذكره (طاهر بن عاشور)، نود الإشارة إلى أنّ إتفاق بعضهم مع الشيعة في بعض الأحكام الفرعية لا يخرجه عن التعصب, فهذا ابن تيمية يتفق مع الشيعة في أنّ الطلاق بالثلاث يعتبر طلقة واحدة(6)، فهل يمكن أن يقال عنه أنّه غير متعصب، مع ما مشهور عنه من نصبه لأهل البيت(عليهم السلام)! وبعد ذلك نقول:
أ - ما ذنب الشيعة إذا كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو الذي قصَر وحصَر معنى أهل البيت في الخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام)، حتى يقول (طاهر بن عاشور) عنهم، أنّهم غصبوا هذا الوصف وقصروه على فاطمة وزوجها وابنيها(عليهم السلام)؟!
ب - قد ذكرنا في جواب السؤال السابق، أنّ منشأ قولهم يرجع بالحقيقة إلى إعتبارهم أنّ الآية نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كأصل موضوعي لا يناقش (إستناداً إلى السياق المدعى), وهذا واضح من كلام (طاهر بن عاشور)، من قوله: ((وهذه مصادمة للقرآن، بجعل هذه الآية حشواً بين ما خوطب به أزواج النبيّ))، وعلى هذا الأصل المفترض بنوا كلّ كلامهم.
ولكن سنبين أنّ ما ادعوه وما استدلوا به لم يكن إلاّ دعوى، من دون دليل: فإنّ ما سماه حشواً يدلّ على عدم معرفته بأساليب البلاغة لدى العرب!
يقول الشيخ السبحاني: ((لا غرو في أن يكون الصدر والذيل راجعين إلى موضوع، وما ورد في الأثناء راجعاً إلى غيره، فإنّ ذلك من فنون البلاغة وأساليبها, نرى نظيره في الذكر الحكيم وكلام البلغاء وعليه ديدن العرب في محاوراتهم، فربما يرد في موضوع قبل أن يفرغ من الموضوع الذي يبحث عنه ثم يرجع إليه. وثانياً: يقول الطبرسي: ((من عادة الفصحاء في كلامهم، أنّهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه والقرآن من ذلك مملوء وكذلك كلام العرب وأشعارهم))(7). قال الشيخ محمد عبده: ((إنّ من عادة القرآن أن ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن ثم يعود إلى مباحث المقصد الواحد المرّة بعد المرّة))(8). روي عن الإمام جعفر الصادق(عليه السلام): (أنّ الآية من القرآن يكون أوّلها في شيء وآخرها في شيء)(9).
ثم أورد الشيخ السبحاني مثالاً لذلك من القرآن, قوله تعالى: (( إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )) (يوسف:28-29)، فنرى إيراد قوله تعالى: (( يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا )) قبل أن يفرغ من الكلام معها ثم يرجع إلى الموضوع الأوّل))(10).
فظهر ما في قوله: (حشواً) من حشو، وتجرّ على القرآن وعدم فهم!!
ثم إنّ الروايات عن أُمّ سلمة وعائشة وغيرهن، تنص على أنّ آية التطهير نزلت وحدها، ولم ترد ولا رواية واحدة على أنّها نزلت مع آيات النساء، فأيّ معنى بعد ذلك للاستدلال بالسياق، وإنّما وضعت (بينها) بأمر النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو في مرحلة تأليف القرآن، ولهذا نظير في القرآن، فآية (الإكمال) نزلت في نهاية البعثة يوم غدير خم، مع أنّها الآن في سورة المائدة جزءاً من آية تبين أحكام اللحوم. ثم إنّ وقوعها بين آيات النساء، فيها عبرة لهنّ، بأن ينظرن ويحاولن أن يتبعن أهل هذا البيت النبوي(عليهم السلام) المعصومين عن الذنب.
ح - لقد بيّنا في جواب السؤال الثاني؛ دلالة الحديث بما فيه من القرآئن الحالية واللفظية على القصر فلا نعيد، وأوضحنا بالمثال الذي ذكرناه، بما يدلّ على عكس مراده بإستشهاده بالآية (( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي )) (الحجر:68), فإنّ في هذه الآية أيضاً تخصيص وقصر على أنّ هؤلاء ضيوفي من بين كلّ الموجودين في المكان، ولا أحد غيرهم منكم من أضيافي, وذلك أنّ أسم الإشارة (هؤلاء) يعرف ويخص ويحصر في المكان والزمان الخاصين الصادر فيهما.
فقول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّ هؤلاء أهل بيتي)، يعني أنّ هؤلاء في هذا الوقت هم أهل بيتي دونكم أنتم الحاضرون, وكان من الحاضرين زوجات النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وعليه لا يصح الإتيان بأداة الإشارة وتعينهم بها إذا كان أحد غيرهم من الموجودين من أهل بيته, إذ لا تصدق الإشارة حين ذاك, وكذا في الآية (( إِنَّ هَؤُلاءِ ضَيفِي ))، فمن المعلوم أنّ الملائكة كانوا في ذلك الوقت والمكان هم أضياف نبيّ الله لوط(عليه السلام) دون أهل المدينة كلّهم، ولا يعني أنّه نفى أن يكون له أضياف في الزمان اللاحق, ولذا نحن لا نحصر أهل البيت بالخمسة أهل الكساء(عليهم السلام)، بل نعمها إلى الأئمة الاثني عشر(عليهم السلام) في الزمان اللاحق, ومن هذا كان رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقرأ الآية ويخص بها عليّاً وفاطمة(عليهما السلام), والحسن والحسين(عليهما السلام) بعد لم يولدا(11)، فراجع.
ولكن مع ذلك كرّر رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وزاد في التكرار بالإشارة إليهم، وتعريفهم بأهل البيت، دفعاً لمثل هذا التوهم المذكور.
د - وإن تعجب! فعجب من نسبة التوهم إلى التابعين، في حصر هذه الآية بالخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام)، مع أنّهم أقرب للنص! وقد سموا تابعين لأنّهم تبعوا الصحابة, ولا يَحتَمِل الوهم من شخص واحد جاء بعدهم بمئات السنين, فهو يعترف بأنّ هذا القول كان في عصر التابعين المطمأن، بل الأكيد أنّهم أخذوه من الصحابة, ومع ذلك ينسبهم للوهم دونه، مع أنّه بعيد عن النص والصحابة عدّة قرون، فيا لله والهوى.
بل نحن نقول: إنّ هذا القول كان معروفاً عند الصحابة أيضاً, ولذا لا توجد ولا رواية واحدة عنهم، بل عن نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنفسهن، فيها أنّ الآية خاصّة بنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أو هنّ والخمسة أصحاب الكساء, ولم يخصها بنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى في عصر التابعين إلاّ عكرمة, وفي نفس روايته ما يتضح أنّ رأي الناس مطبق على أنّها نزلت في الخمسة، حين يقول: ((ليس بالذي تذهبون إليه، وإنّما هو نساء...))(12)، فلاحظ، وتأمل وتعجب!!
وقد عرفت من الروايات وخاصّة روايات أُمّ سلمة (رض) أنّ الآية نزلت وحدها، ولذا فلا عجب، بل الصحيح الطبيعي من المسلمين في ذلك الوقت أن يقرؤوها وحدها.
و- وقد عرفت أيضاً، أنّ هناك روايات عديدة تصرّح بأنّ دعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان قبل نزول الآية, وطريق الجمع ربما يتوضح من تكرار فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، كما يظهر من الروايات المختلفة, فراجع.
والظاهر من قوله: ((وأنّها نزلت في بيت أُمّ سلمة))، أنّه يريد الاستدلال بمكان النزول، ويجعله سبب النزول في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وهذا من عجيب الاستدلال!! فمكان النزول غير سبب النزول.
ط - ولقد عرفت أيضاً ممّا مضى، جوابنا على ما يدّعونه من معنى (أنتِ على مكانك) و(أنتِ على خير) فلا نعيد, وإنّما نعجب من بهتانه وتناقضه! فإنّه يستدل على ما يريد من كلام رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (أنتِ على مكانك) و(أنتِ على خير) بأنّ الآية نازلة في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مع أنّ نفس الرواية التي يريد شرحها، تنص على أنّها نزلت وحدها، وأنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) طبقها في أهل البيت(عليهم السلام)! ومع أنّ أكثر أصحابه الذين يدخلون النساء في ضمن أهل البيت، يستدلون لدخولهن بالسياق لا بالنزول، ويقولون أنّ النساء دخلن بالسياق والخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام) دخلوا بفعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، أي بالحقيقة بالنزول, وذلك رداً منهم لإفتراء عكرمة أنّها في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصّة.
فهل رأيت تناقضاً أكثر من هذا؟!! فلا نعلم إنّه مع رأي عكرمة، أو مع رأي أكثر أهل السنة!!
ثم لو كانت الآية نازلة فيها وفي ضراتها كما يقول، فما معنى قول أُمّ سلمه: ((وأنا يارسول الله))؟ فهل كانت أُمّ سلمة لا تعرف أنّها نزلت فيها وفي ضراتها, ثم علم عكرمة أو طاهر بن عاشور بذلك!!
ي - إنّ الروايات الواردة في حديث الكساء على ثلاثة أصناف:
1- ما فيها أنّ الدعاء كان قبل النزول.
2- ما فيها أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) قرأ الآية فقط على من في الكساء، وأضاف في بعضها (إنّ هؤلاء أهل بيتي).
3- ما فيها أنّ النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) دعا لهم بعد نزول الآية، وبعد أن جمعهم تحت الكساء.
فلو سلّمنا بما قال: ((فالدعاء لها... دعاء بتحصيل الحاصل))، فهو يصدق على الصنف الثالث فقط, هذا أوّلاً، ثم إنّ ما ذكره لو صح، يتم فقط في عدم الدعاء لها بما هو حاصل, ولكن ما الداعي لإخراجها من التخصيص في أهل بيت في المقام, فالمفروض على مبنى كلامه أن يقول لها: أنتِ من أهل البيت، وقد تحقق لك ما أطلبه في الدعاء من الآية، لا أن يخرجها من أهل البيت أصلاً.
وبعبارة أخرى: نحن نستدل بتخصيص أهل البيت(عليهم السلام) في حديث الكساء، بعدّة أمور: منها فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، وتلفظه بأداة الإشارة (هؤلاء)، ودعائه لهم, فكلامه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) على تسليمه يرد في الدعاء، وأمّا الباقي فعلى حاله.
وبعبارة أوضح: إنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لو كان يريد من فعله فقط الدعاء لأصحاب الكساء، فما الداعي لفعل وقول ما فعله وقاله؟ وكان يكفي أن يرفع يده ويطلب من الله إدخالهم في الآية، مع العلم أنّ أُمّ سلمة لم تسأله الدعاء، بل سألته الدخول معهم, فلاحظ. هذا ثانياً.
وثالثاً:
1- إنّ كلامه لا يتم إلاّ إذا ادعى بأنّ لفظة (( أَهلَ البَيتِ )) في الآية لا تشمل أصحاب الكساء(عليهم السلام) وإنّما تشمل النساء فقط, وهذا لا يتم لغة وضمير التذكير في (عنكم) يدحضه، وعليه فإذا دخل أصحاب الكساء(عليهم السلام) في الآية، بشمول لفظة (أهل البيت) لهم، يكون دعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لهم أيضاً تحصيل للحاصل, وإذا قال عناداً وأصرّ على أنّ (( أَهلَ البَيتِ )) في الآية لا تشمل الذرية، يكون قد خالف الجمهور من علماء أهل السنة.
وإذا قال: أنّ الضمير في (عنكم) يعود للنبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) فقط، فيصبح الإشكال إشكالين: الأوّل: فما معنى إذهاب الرجس عنه في الآية؟ إذ من المعلوم أن الرجس منفي عنه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من السابق، إلاّ أن ينفي ذلك وهو من الشناعة بمكان. والثاني: يكون بحقه أيضاً من تحصيل الحاصل، لأنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان داخلاً تحت الكساء أيضاً، وهو من أهل البيت قطعاً.
2- في الحقيقة أنّ إشكالهم في الأساس، هو أنّ الإرادة في الآية تشريعية، إذ لو كانت تكوينية، فلا معنى لدعاء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، إذ هو تحصيل حاصل حسب مدعاه!! وهذا يرد بوجوه:
أ - حتى لو كانت الإرادة تشريعية، فإنّه سيكون أيضاً من تحصيل الحاصل، إذ معناه يا إلهي أدعوك أن تشرع عليهم التطهير كما شرعته عليهم، وأي معنى لهذا؟!
ب - إنّ الإرادة على الصحيح تكوينية، ويكون الدعاء لإدامة الشيء الحاصل ولا مانع منه، فمع أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مهتدي، وهو الذي يهدي للحق، يقرأ في صلاته كلّ يوم خمس مرات (( اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ )) (الفاتحة:6).
ج - وحصول الشيء عند شخص، لا يعني أنّه سوف يستغني عن الله ببقائه ودوامه.
د - إنّ المقامات السامية ليست كلّها بدرجة واحدة، وإنّما هي في تكامل مستمر عندهم.
ط - قد بيّنا ما في تكرار النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من دلالة على الإختصاص, ولكن العجب من هذا المدعي يقول: ((ولمّا استجاب الله دعاءه، كان النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يطلق أهل البيت على فاطمة وعليّ وابينهما))، فيتهم النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) بنوع من المحاباة! إذ يكرر ويزيد في التكرار على من أصبحوا أهل البيت بدعائه(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، ويترك الإشارة إلى من أشار اليهم الله جلّ جلاله بأهل البيت ولو لمرّة واحدة وهن النساء حسب مدعاهم. ويا لله ولجرأتهم على رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)!!
أفلا كان لمدّع مغرض؛ أن يقول لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم): مالك تخص هؤلاء الذين طلبت أنت من الله أن يدخلوا في أهل البيت، وتترك من فرض الله كونهم من أهل البيت؟! بالله أيصح هذا الفعل من رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)؟! إلاّ أن يكون فعله فيه نوع من الميل عن مراد الله - نعوذ بالله - على الأقل بتركه الأصل وإصراره على التبع, ولماذا لا ننزه رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) عن هذا، ونقول كما هو واضح وعرفه الجميع أنّه(صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يبيّن بفعله المكرر هذا مقاصد القرآن، وأنّه لا يفعل شيء إلاّ وهو مطابق للقرآن ومن وحي الله تعالى.
نعوذ بالله كيف يقلبون الحقّ باطلاً والباطل حقاً!!
3-
أ- لقد أجمع كلّ من نقل قول عكرمة على أنّه كان يدّعي إختصاصها بنساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، فلا مجال لما ذكرت، فإنّ في متن بعض الروايات قوله: ((إنّها نزلت في نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) خاصّة))(13).
ثم أنّه قد نُقل عنه عدّة روايات، أحدها قوله: ((ليس بالذي تذهبون إليه إنّما هو نساء النبيّ))(14) يقصد به قول الله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ... )) الآية، فهذا منه تفسير للآية لا ذكر شأن النزول, ومن المعلوم أنّ الآية لو كانت دلالتها مختصة بالنساء لاستقر التعارض بينها وبين حديث الكساء. نعم، لو كنّ مورد النزول فقط، كما يدّعي في روايات أُخر، لأمكن إحتمال عدم التعارض، ولكنه لا يتم أيضاً لما عرفنا من فعل النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من التخصيص والحصر، إضافة لوجود روايات كثيرة تنص على أنّ مورد النزول هم الخمسة أصحاب الكساء(عليهم السلام).
ب - لا يمكن مدح، فضلاً عن توثيق عكرمة بمثل هذه الروايات بعد أن نص رجاليونا على تضعيفه، فعن الكشي بعد أن نقل هذه الرواية، قال: ((فلم يدركه أبو جعفر(عليه السلام) ولم ينفعه))(15)، وهذا هو الفهم الصحيح للرواية, وقال في حقه العلاّمة في الخلاصة: ((ليس على طريقنا ولا من أصحابنا))(16), وكونه لا يعتقد بالمذهب الحقّ واضح لا يحتاج إلى روايات، بل هو مثل الشمس في رابعة النهار، خصوصاً بعد أن نص رجاليو السُنّة على أنّه كان على رأي الخوارج، وأنّه كان يكذب على ابن عبّاس.
أمّا ما فهمته أنت وغيرك من الرواية، من أنّه كان مورداً لتوجه الإمام الباقر(عليه السلام)، لأنّ الإمام(عليه السلام) أراد الحضور عند احتضاره، فهذا غير صحيح، بعد أن نعرف من سيرة أئمتنا(عليهم السلام) كلّهم معاودة ومواصلة مخالفيهم في المرض، وحالة الموت، أو الضيق والشدّة، وهذا مشهور عنهم بل حتى مع غير المسلمين، وزيارة الإمام الرضا(عليه السلام) للنصراني المحتضر معروفة، فإنّ من مقام أئمتنا(عليهم السلام) إيصال الهداية والرحمة والرأفة إلى كلّ الناس، من دون فرق، ولا يتأخرون عند أي بارقة أو إحتمال لنفع أيّ إنسان، حتى ولو كان مثل عكرمة, فتأمل.
أما إستفادة (الشيخ معرفة) من دخول مولى الإمام(عليه السلام)، وإخباره بإحتضار عكرمة، على كونه ذا منزلة لدى الإمام(عليه السلام)، فعجيب!! بعد أن نعرف أنّ عكرمة كان مولى لابن عبّاس أي محسوب على بني هاشم, ولم يكن شخصاً مجهولاً نكرة حتى ننفي وجود علاقات إجتماعية وتزاور وتراحم بينهم، مع ما كان للإمام(عليه السلام) من منزلة ومكانة في المدينة, ومن يمعن النظر في الواقع الإجتماعي لأئمة أهل البيت(عليهم السلام) في ذلك الوقت، يجد بوضوح أنّهم لم يقطعوا صلاتهم حتى بألدّ أعدائهم المستحلّين لقتلهم بل قتلتهم أنفسهم، وما لجوء مروان بن الحكم إلى الإمام زين العابدين(عليه السلام) بخافية على أحد، ولا الإجتماعات والتزاور الذي كان يحصل بين الباقر والصادق(عليهما السلام) والأمويين والعباسيين بقليلة.
وأما ما علّق عليه من جملة: ((وكان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام))) بكونه من خاصّة أصحاب الإمام(عليه السلام)، ولم يكن يدخل على غيره دخوله على الإمام(عليه السلام), فقد توضح بعض سببه، ممّا ذكرنا، من أنّه كان يحسب على بني هاشم، ولكن إنقطاعه إلى ابن عبّاس كان أوضح، ومع ذلك لم يمنعه من الكذب عليه وانتحال رأي الخوارج.
ثم إنّ الإمام الباقر(عليه السلام) سنحت له فرصة في أواخر الدولة الأموية لنشر علم أهل البيت(عليهم السلام) علانية، فكثر أصحابه وتلامذته والآخذون عنه حتى من المخالفين، والأمثلة كثيرة على ذلك، فلا عجب من أن يأخذ عكرمة العلم من الإمام(عليه السلام)، فقد كان(عليه السلام) في ذلك الوقت مدرسة لكلّ المسلمين ولا يغلق بابه على أحد خاصّة من كان له معه علاقات أسرية.
ولكن العجب من (الشيخ معرفة) أن يرد القول ((بأنّه كان يرى رأي الخوارج)) على أنّه من كلام الراوي حدساً بشأنه...الخ, ولا يرد القول ((بأنّه كان منقطعاً إلى أبي جعفر(عليه السلام)))، مع أنّه من قول نفس الراوي!! فلاحظ.
وعلى كلّ حال فإنّ (للشيخ معرفة) رأيه الخاص، ولا يلزم به غيره، خاصّة بعد أن نص أصحاب الرجال على تركه وتضعيفه.
وأخيراً حتى لو سلّمنا وقبلنا بعكرمة كراوي له درجة من المقبولية، لا يمكن أن نقبل روايته الخاصّة بآية التطهير، بعد معارضة الروايات الكثيرة عن رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لها، فإنّ رأي عكرمة المنقول عنه ليس له وزن أمام قول رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم).
(1) مستدرك الحاكم 3: 147 مناقب أهل البيت.
(2) تفسير ابن كثير 3: 493 قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً)).
(3) مسند أحمد 6: 323.
(4) مسند أبي يعلى 12: 344 حديث6912، 456 حديث7026.
(5) صحيح مسلم 7: 130باب ((فضائل أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)).
(6) منهاج السُنّة 5: 500.
(7) مجمع البيان 8: 158 قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ...)).
(8) تفسير المنار 2: 541.
(9) المحاسن 2: 300 حديث 5 كتاب العلل.
(10) مفاهيم القرآن 10: 165 أهل البيت في القرآن الكريم الفصل الأوّل.
(11) انظر: الدر المنثور 5: 199 سورة الأحزاب، ما رواه عن أبي سعيد الخدري عن قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لمّا دخل عليّ بفاطمة(عليهما السلام).
(12) الدر المنثور 5: 198 سورة الأحزاب.
(13) انظر: الدر المنثور 5: 198 سورة الأحزاب، تفسير الثعلبي 8: 36 قوله تعالى: (( وَأَقِمنَ الصَّلاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ...)) ما نقله من قول مقاتل.
(14) المصدر السابق.
(15) انظر: اختيار معرفة الرجال للطوسي 2: 478 في عكرمة مولى ابن عبّاس.
(16) خلاصة الأقوال: 383 عكرمة مولى ابن عبّاس.
يتبع
تعليق