السياق لا يوجب دخول النساء في آية التطهيرهل يعتقد أهل السُنّة والجماعة بأنّ القرآن الكريم ليس مرتب؟
مثلاً.. في آية التطهير أنّها في غير مكانها.. مع ذكر المصدر يرحمكم الله؟
الجواب:
ليس المهم في مفروض السؤال الإعتقاد أو عدم الإعتقاد بالترتيب في آية التطهير، بل البحث في المراد من (أهل البيت)، فنقول:
إنّ العدول عن السياق المتناول في الآية وهو خطاب التأنيث إلى خطاب التذكير، بل والرّجوع منه ثانياً في الفقرات التالية بعده إلى خطاب التأنيث، يدلّ بكلّ وضوح على تمييز المخاطبين بهذه الفقرة بالذات عن باقي المخاطبين في الآية، حتّى أذعن الرازي في تفسيره للآية بهذه النقطة الحسّاسة(1)، فالحكم بالتطهير المطلق عن كافّة الأرجاس إنّما يخصّ هذه المجموعة الّتي تسمّى (أهل البيت)، وهذا ما يسمّى بالعصمة.
ثمّ على فرض قبول وحدة السياق - مع ما يأباه الظهور الخطابي - نقول بالتخصيص في هذا المجال استناداً إلى مصادر أهل السُنّة إذ ورد في الكثير منها، أنّ المراد من (أهل البيت) هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وقد صرّح فيها بأنّ أُمّ سلمة لم تكن من هؤلاء مع أنّها على خير؛ والمصادر الروائيّة في هذا المعنى أكثر من أن تحصى، فعلى سبيل المثال ينبغي مراجعة: (صحيح مسلم 7 /130 باب فضائل أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مسند أحمد 6/292 حديث أُمّ سلمة زوج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، المستدرك على الصحيحين 2/416 تفسير سورة الأحزاب، سنن الترمذي 5/327 مناقب أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، خصائص أمير المؤمنين للنسائي 49 منزلة عليّ كرم الله وجهه، 63 قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ الله لا يخزيه أبداً، 81 الإختلاف في حديث المنزلة) وغيرها من المصادر.
ولا يخفى أنّ في الآيات السابقة على هذه الآية اشارة لطيفة الى عدم اعطاء هذه الرتبة السامية للأزواج مطلقاً، وفي كلّ الأحوال إذ يقول تعالى: (( فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا )) (الأحزاب:29)، فيقيّد الاجر بالمحسنات منهنّ، والحال لم يقيّد التطهير والعصمة من الأرجاس عن أهل البيت(عليهم السلام)بشيء! فنستفيد بأنّ عنوان (أهل البيت) يختلف موضوعاً عن عنوان (الأزواج).
(1) التفسير الكبير 9: 168
تعقيب على الجواب (1)
أرى من المهم على الأخوة الأعزاء في الموقع أن يجيبوا على ما يثيره المخالفون حول سياق آية التطهير، ببيان أنّ ذلك لا يتناقض مع حديث الكساء، وأنا هنا أطرح هذا البحث المتواضع حول هذا الموضوع، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاة َ وَآتِينَ الزَّكَاة َ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا )) (الأحزاب:28-33).
إنّ لعنوان أهل البيت معنى لغوي عام، ومعنى اصطلاحي خاص، كما للكثير من المفردات، فمثلاً للصلاة معنىً لغوي عام وهو الدعاء، ومعنىً اصطلاحي خاص وهو الصلاة المعروفة، فبأي معنى استخدم القرآن عنوان أهل البيت في آية التطهير؟
وللإجابة على ذلك، لابدّ من الرجوع إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لكونه مبين للقرآن قال تعالى: (( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم ))، وها هو رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نجده قد جمع معه عليّ وفاطمة والحسنين(عليهم السلام) تحت الكساء ليشير إلى الحصر، ثم قرأ هذا المقطع من الآية دون غيره وهو قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، وحينما أرادت إحدى أزواج النبيّ الدخول معهم تحت الكساء منعها، وقال لها: (مكانك إنك على خير)، بل إننا نجد أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يكتفي بذلك، وإنّما كان ولعدّة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة يأتي باب فاطمة، ويقول: (الصلاة يا أهل البيت)، ثم يقرأ هذا المقطع من الآية دون غيره، وهو قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، في إشارةٍ واضحةٍ منه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنّ لعنوان أهل البيت في الآية معنىً اصطلاحي خاص.
وهنا لابدّ من بيان أنّ سياق آية التطهير لا تناقض مع حصر عنوان أهل البيت بأصحاب الكساء دون أزواج النبيّ، ولتوضيح هذه المسألة يمكننا أن نطرح هذا التساؤل:
عندما يكون هناك شخص تهتم لأمره بالغ الإهتمام، أفلن تحذر كلّ من يحاول أن يسيء إليه؟.. وهذا تماماً ما تشير إليه هذه الآيات، فهي قد حذرت أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من إرتكاب أي عملٍ قد تسيء إلى أهل البيت(عليهم السلام) (محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين)
ففي هذه الآيات خطابٌ من الله لنبيّه: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى ))، ثمّ قال الله بعد ذلك لنبيّه موضحاً له: إنّما أردتُ من كلّ تلك الأوامر والنواهي لأزواجك أن أذهِبَ عنكم يا أهل البيت (محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين) الرجس الذي قد يصدر منهنّ.
فإن قال قائلٌ بأنّ قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ... )) إنّما هو خطاب منه تعالى للنساء مباشرة.
فإننا نقول أيضاً: إنّه لا يضر فيما نرمي إليه، لأنّه قد جاء على سبيل الإلتفات إليهن، فالله سبحانه و تعالى خاطب نبيّه وأمره أن يقول لأزواجه: (( إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاة َ وَآتِينَ الزَّكَاة َ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))، ثم رجع الله مخاطباً النبيّ الذي هو من أصحاب الكساء وممثلهم: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، وهذا نظير قوله تعالى: (( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )) (يوسف:28-29)، ففي هذه الآيات من سورة يوسف خاطب عزيز مصر زوجته قائلاً لها: (( إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ ))، ثم التفتَ إلى يوسف قائلاً له: (( يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا )) ثم رجع مخاطباً زوجته قائلاً لها: (( وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )).
وما يؤكد أنّ الآيات كانت بصدد تحذير أزواج النبيّ من الإساءة إلى أهل البيت (محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين) هو ما حدث بالفعل على أرض الواقع.. فإننا نجد أنّ من ضمن ما ذكرته الآيات، هو أنّ الله قد خيّر أزواج النبيّ بين التسريح - أي الطلاق - أو الإستقامة: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحاً جَميلاً ))، لما كان يصدر منهنّ من إساءةٍ لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والآيات القرآنية صريحة في ذلك، كما في قوله تعالى: (( وَإِذ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعضِ أَزوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَت بِهِ وَأَظهَرَهُ اللَّهُ عَلَيهِ عَرَّفَ بَعضَهُ وَأَعرَضَ عَن بَعضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَت مَن أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبرِيلُ وَصَالِحُ المُؤمِنِينَ وَالمَلائِكَة ُ بَعدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبدِلَهُ أَزوَاجًا خَيرًا مِّنكُنَّ مُسلِمَاتٍ مُّؤمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبكَارًا )) (التحريم:3-5).
وكذلك تصرّح الآيات بأنّ الله قد أمرهنّ بالقرار في البيت: (( وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى ))، ولكنّ بعضهنّ خالفنَ هذا الأمر الإلهي كما حدث في معركة الجمل التي قادتها بعض أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ضد الإمام عليّ(عليه السلام).
مثلاً.. في آية التطهير أنّها في غير مكانها.. مع ذكر المصدر يرحمكم الله؟
الجواب:
ليس المهم في مفروض السؤال الإعتقاد أو عدم الإعتقاد بالترتيب في آية التطهير، بل البحث في المراد من (أهل البيت)، فنقول:
إنّ العدول عن السياق المتناول في الآية وهو خطاب التأنيث إلى خطاب التذكير، بل والرّجوع منه ثانياً في الفقرات التالية بعده إلى خطاب التأنيث، يدلّ بكلّ وضوح على تمييز المخاطبين بهذه الفقرة بالذات عن باقي المخاطبين في الآية، حتّى أذعن الرازي في تفسيره للآية بهذه النقطة الحسّاسة(1)، فالحكم بالتطهير المطلق عن كافّة الأرجاس إنّما يخصّ هذه المجموعة الّتي تسمّى (أهل البيت)، وهذا ما يسمّى بالعصمة.
ثمّ على فرض قبول وحدة السياق - مع ما يأباه الظهور الخطابي - نقول بالتخصيص في هذا المجال استناداً إلى مصادر أهل السُنّة إذ ورد في الكثير منها، أنّ المراد من (أهل البيت) هم عليّ وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام)، وقد صرّح فيها بأنّ أُمّ سلمة لم تكن من هؤلاء مع أنّها على خير؛ والمصادر الروائيّة في هذا المعنى أكثر من أن تحصى، فعلى سبيل المثال ينبغي مراجعة: (صحيح مسلم 7 /130 باب فضائل أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، مسند أحمد 6/292 حديث أُمّ سلمة زوج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، المستدرك على الصحيحين 2/416 تفسير سورة الأحزاب، سنن الترمذي 5/327 مناقب أهل بيت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، خصائص أمير المؤمنين للنسائي 49 منزلة عليّ كرم الله وجهه، 63 قول النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) أنّ الله لا يخزيه أبداً، 81 الإختلاف في حديث المنزلة) وغيرها من المصادر.
ولا يخفى أنّ في الآيات السابقة على هذه الآية اشارة لطيفة الى عدم اعطاء هذه الرتبة السامية للأزواج مطلقاً، وفي كلّ الأحوال إذ يقول تعالى: (( فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا )) (الأحزاب:29)، فيقيّد الاجر بالمحسنات منهنّ، والحال لم يقيّد التطهير والعصمة من الأرجاس عن أهل البيت(عليهم السلام)بشيء! فنستفيد بأنّ عنوان (أهل البيت) يختلف موضوعاً عن عنوان (الأزواج).
(1) التفسير الكبير 9: 168
تعقيب على الجواب (1)
أرى من المهم على الأخوة الأعزاء في الموقع أن يجيبوا على ما يثيره المخالفون حول سياق آية التطهير، ببيان أنّ ذلك لا يتناقض مع حديث الكساء، وأنا هنا أطرح هذا البحث المتواضع حول هذا الموضوع، قال تعالى: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاة َ وَآتِينَ الزَّكَاة َ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا )) (الأحزاب:28-33).
إنّ لعنوان أهل البيت معنى لغوي عام، ومعنى اصطلاحي خاص، كما للكثير من المفردات، فمثلاً للصلاة معنىً لغوي عام وهو الدعاء، ومعنىً اصطلاحي خاص وهو الصلاة المعروفة، فبأي معنى استخدم القرآن عنوان أهل البيت في آية التطهير؟
وللإجابة على ذلك، لابدّ من الرجوع إلى رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لكونه مبين للقرآن قال تعالى: (( وَأَنزَلنَا إِلَيكَ الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيهِم ))، وها هو رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) نجده قد جمع معه عليّ وفاطمة والحسنين(عليهم السلام) تحت الكساء ليشير إلى الحصر، ثم قرأ هذا المقطع من الآية دون غيره وهو قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، وحينما أرادت إحدى أزواج النبيّ الدخول معهم تحت الكساء منعها، وقال لها: (مكانك إنك على خير)، بل إننا نجد أنّ رسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم) لم يكتفي بذلك، وإنّما كان ولعدّة أشهر كلّما خرج إلى الصلاة يأتي باب فاطمة، ويقول: (الصلاة يا أهل البيت)، ثم يقرأ هذا المقطع من الآية دون غيره، وهو قوله تعالى: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، في إشارةٍ واضحةٍ منه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بأنّ لعنوان أهل البيت في الآية معنىً اصطلاحي خاص.
وهنا لابدّ من بيان أنّ سياق آية التطهير لا تناقض مع حصر عنوان أهل البيت بأصحاب الكساء دون أزواج النبيّ، ولتوضيح هذه المسألة يمكننا أن نطرح هذا التساؤل:
عندما يكون هناك شخص تهتم لأمره بالغ الإهتمام، أفلن تحذر كلّ من يحاول أن يسيء إليه؟.. وهذا تماماً ما تشير إليه هذه الآيات، فهي قد حذرت أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) من إرتكاب أي عملٍ قد تسيء إلى أهل البيت(عليهم السلام) (محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين)
ففي هذه الآيات خطابٌ من الله لنبيّه: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى ))، ثمّ قال الله بعد ذلك لنبيّه موضحاً له: إنّما أردتُ من كلّ تلك الأوامر والنواهي لأزواجك أن أذهِبَ عنكم يا أهل البيت (محمّد وعليّ وفاطمة والحسنين) الرجس الذي قد يصدر منهنّ.
فإن قال قائلٌ بأنّ قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ... )) إنّما هو خطاب منه تعالى للنساء مباشرة.
فإننا نقول أيضاً: إنّه لا يضر فيما نرمي إليه، لأنّه قد جاء على سبيل الإلتفات إليهن، فالله سبحانه و تعالى خاطب نبيّه وأمره أن يقول لأزواجه: (( إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا * وَإِن كُنتُنَّ تُرِدنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَة َ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلمُحسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجرًا عَظِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ مَن يَأتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَة ٍ مُّبَيِّنَة ٍ يُضَاعَف لَهَا العَذَابُ ضِعفَينِ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا * وَمَن يَقنُت مِنكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعمَل صَالِحًا نُّؤتِهَا أَجرَهَا مَرَّتَينِ وَأَعتَدنَا لَهَا رِزقًا كَرِيمًا * يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَستُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيتُنَّ فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَضٌ وَقُلنَ قَولا مَّعرُوفًا * وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى وَأَقِمنَ الصَّلاة َ وَآتِينَ الزَّكَاة َ وَأَطِعنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ))، ثم رجع الله مخاطباً النبيّ الذي هو من أصحاب الكساء وممثلهم: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيرًا ))، وهذا نظير قوله تعالى: (( فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ * يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )) (يوسف:28-29)، ففي هذه الآيات من سورة يوسف خاطب عزيز مصر زوجته قائلاً لها: (( إِنَّهُ مِن كَيدِكُنَّ إِنَّ كَيدَكُنَّ عَظِيمٌ ))، ثم التفتَ إلى يوسف قائلاً له: (( يُوسُفُ أَعرِض عَن هَذَا )) ثم رجع مخاطباً زوجته قائلاً لها: (( وَاستَغفِرِي لِذَنبِكِ إِنَّكِ كُنتِ مِنَ الخَاطِئِينَ )).
وما يؤكد أنّ الآيات كانت بصدد تحذير أزواج النبيّ من الإساءة إلى أهل البيت (محمّد وعليّ وفاطمة والحسن والحسين) هو ما حدث بالفعل على أرض الواقع.. فإننا نجد أنّ من ضمن ما ذكرته الآيات، هو أنّ الله قد خيّر أزواج النبيّ بين التسريح - أي الطلاق - أو الإستقامة: (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدنَ الحَيَاة َ الدُّنيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَينَ أُمَتِّعكُنَّ وَأُسَرِّحكُنَّ سَرَاحاً جَميلاً ))، لما كان يصدر منهنّ من إساءةٍ لرسول الله(صلّى الله عليه وآله وسلّم)، والآيات القرآنية صريحة في ذلك، كما في قوله تعالى: (( وَإِذ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعضِ أَزوَاجِهِ حَدِيثًا فَلَمَّا نَبَّأَت بِهِ وَأَظهَرَهُ اللَّهُ عَلَيهِ عَرَّفَ بَعضَهُ وَأَعرَضَ عَن بَعضٍ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِ قَالَت مَن أَنبَأَكَ هَذَا قَالَ نَبَّأَنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ * إِن تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَد صَغَت قُلُوبُكُمَا وَإِن تَظَاهَرَا عَلَيهِ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَولاهُ وَجِبرِيلُ وَصَالِحُ المُؤمِنِينَ وَالمَلائِكَة ُ بَعدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ * عَسَى رَبُّهُ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن يُبدِلَهُ أَزوَاجًا خَيرًا مِّنكُنَّ مُسلِمَاتٍ مُّؤمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ ثَيِّبَاتٍ وَأَبكَارًا )) (التحريم:3-5).
وكذلك تصرّح الآيات بأنّ الله قد أمرهنّ بالقرار في البيت: (( وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّة ِ الأُولَى ))، ولكنّ بعضهنّ خالفنَ هذا الأمر الإلهي كما حدث في معركة الجمل التي قادتها بعض أزواج النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) ضد الإمام عليّ(عليه السلام).
تعليق