مناقشة رواية ظاهرها أنّ زوجاته (صلى الله عليه وآله) من أهل هذه الآية
يحتج البعض من المخالفين بهذه الرواية الواردة عندهم لإثبات دخول النساء في آية التطهير الكريمة, وإثبات عدم وجود التخصيص في روايات الكساء.
فكيف الرد عليهم؟
الرواية: ما رواه البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ غير مرة, وأبو عبد الرحمن محمّد بن الحسين السلمي من أصله, وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي, قالوا: ثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب, ثنا الحسن بن مكرم, ثنا عثمان بن عمر, ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار, عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار عن أُمّ سلمة، قالت: في بيتي أنزلت: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33).
قالت: فأرسل رسول الله(صلّى الله عليه وسلم) إلى فاطمة وعليّ والحسن والحسين.
فقال: هؤلاء أهل بيتي.
وفي حديث القاضي والسلمي: هؤلاء أهلي, قالت: فقلت: يا رسول الله, أما أنا من أهل البيت, قال: بلى، إن شاء الله تعالى).
قال أبو عبد الله: هذا حديث صحيح سنده, ثقات رواته.
قال الشيخ: وقد روي في شواهده, ثمّ في معارضته أحاديث لا يثبت مثلها, وفي كتاب الله البيان لما قصدناه في إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الآل, ومراده من ذلك أزواجه أو هنّ داخلات فيه(1).
اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد
(1) السنن الكبرى 2: 150 باب (الدليل على أن أزواجه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أهل بيته).
الجواب:
أولاً: نقول هذه الرواية تدحض الدعوى المألوفة عند أهل السنّة، بأنّ الآية نزلت في خصوص نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), أو نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع ضم الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إليهنّ، ليصح توجيه الخطاب بضمير الجمع (عنكم, يطهّركم) الوارد في الآية الكريمة.
فهي من هذه الناحية تكون ملزمة للقائلين بصحتها في عدم تبني الدعوى المذكورة التي يروج لها البعض - من دون تحصيل - وإلاّ لزم التهافت في الدعوى والأدلة.
ثانياً: الرواية المذكورة معارضة بروايات كثيرة متضافرة، تفوقها عدداً ودلالة، في بيان إنّ المراد بأهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء: محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ, وفاطمة, والحسن والحسين(عليهم السلام) حصراً, بل أنّ في نفس الرواية المذكورة ما يدل على هذا المعنى ؛ إذ قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (هؤلاء أهل بيتي), يفيد الحصر كما نصّ عليه علماء اللغة والبيان في أنّ تعريف الجزأين (المسند والمسند إليه) يفيد الحصر(1).
فإذا عرفنا ذلك، فربما يشكل التمسك بالرواية المذكورة، لمحل التهافت بين إرادة الحصر وعدمه فيها, الأمر الذي يرجح رواية المستدرك على رواية السنن هذه، كما ستأتي الإشارة إليها في الأمر الرابع.
وعن ابن حجر في (الصواعق المحرقة), قال: ((إنّ أكثر المفسرين على أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين))(2)، انتهى.
وعند التعارض يلاحظ الجانب الذي تتفوق رواياته عدداً, بل ودلالةً، فيقدم على الآخر..، والروايات الوارد أنّها نزلت في خصوص الخمسة أصحاب الكساء، دون غيرهم، متضافرة تفوق كلّ رواية أخرى تناهضها في هذا المعنى.
ثالثاً: هذه الرواية معارضة بروايات أخرى، وردت عن أُمّ سلمة نفسها، يستفاد منها بأنّها ليست من أهل هذه الآية, كهذه الرواية التي يرويها الترمذي في سننه: ((قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبي الله, قال: أنت على مكانك وأنتِ على خير))(3)، (انتهى).
وأيضاً ورد بمضمون هذه الرواية رواية أخرى عن عائشة, قالت فيها - بعد أن رأت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يجلل عليّاً وفاطمة والحسن والحسين بالكساء، يدعو لهم ويتلو عليهم آية التطهير-: ((وأنا من أهل بيتك؟ قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (تنحي فإنّك على خير) ))(4).
وبلحاظ هذا التعارض، تتساقط هذه الروايات، وتصير الرواية المذكورة - الواردة في السؤال - لا قيمة لها في معارضة الروايات المتضافرة الدالة على نزول آية التطهير في خصوص الخمسة أصحاب الكساء.
رابعاً: الرواية المذكورة، رواها الحاكم في مستدركه - بالسند نفسه مع إختلاف العبّاس بن محمد الدوري بدل الحسن بن مكرم - وفيها ما يخالف الدعوى المذكورة بدخول أُمّ سلمة في مفهوم (أهل البيت) الوارد في الآية, والرواية فيها: ((قالت أُمّ سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: (إنّك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أهلي أحق) )), وهذا الحديث قد صححه الحاكم على شرط البخاري(5), وأقرّه الذهبي على شرط مسلم.
وإذا سلّمنا بأنّ الرواية المذكورة في المستدرك هي نفسها رواية السنن - للبيهقي - فلا نجزم عندئذٍ بأن أي النصين هو الصادر عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), هل هو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمّ سلمة: (بلى إن شاء الله)، أي أنت من أهل بيتي, أم هو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي)، المستفاد منه أنّها ليست من أهل بيته, وأنّها أهله بالمعنى المتعارف بأنّ الزوجة أهل الرجل، وهذا المعنى - بهذا الشكل الأخير الذي بيّناه - لازمه الاجمال وسقوط هذه الرواية برمتها عن معارضة الروايات المتضافرة بأنّ أهل بيته هم خصوص: علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).
بل ربما يُرّجح الوارد في رواية المستدرك على الوارد في رواية السنن، لمحل التهافت الذي اشرنا إليه سابقاً في رواية السنن ولما موجود من تحريف في السند.
وعندئذٍ لا توجد معارضة بين الرواية المذكورة, والمعنى المعروف بنزول الآية في خصوص الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام) دون غيرهم.
(1) انظر: الإتقان في علوم القرآن: 583 في دلالة تعريف الجزأين على إفادة الحصر والتعين.
(2) الصواعق المحرقة: 141 سورة الأحزاب.
(3) سنن الترمذي 5: 31 سورة الأحزاب.
(4) انظر: تفسير ابن كثير 3: 493 قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ...)) الآيات.
(5) انظر: المستدرك على الصحيحين 2: 416 سورة الأحزاب.
يحتج البعض من المخالفين بهذه الرواية الواردة عندهم لإثبات دخول النساء في آية التطهير الكريمة, وإثبات عدم وجود التخصيص في روايات الكساء.
فكيف الرد عليهم؟
الرواية: ما رواه البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ غير مرة, وأبو عبد الرحمن محمّد بن الحسين السلمي من أصله, وأبو بكر أحمد بن الحسن القاضي, قالوا: ثنا أبو العبّاس محمّد بن يعقوب, ثنا الحسن بن مكرم, ثنا عثمان بن عمر, ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار, عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار عن أُمّ سلمة، قالت: في بيتي أنزلت: (( إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذهِبَ عَنكُمُ الرِّجسَ أَهلَ البَيتِ وَيُطَهِّرَكُم تَطهِيراً )) (الاحزاب:33).
قالت: فأرسل رسول الله(صلّى الله عليه وسلم) إلى فاطمة وعليّ والحسن والحسين.
فقال: هؤلاء أهل بيتي.
وفي حديث القاضي والسلمي: هؤلاء أهلي, قالت: فقلت: يا رسول الله, أما أنا من أهل البيت, قال: بلى، إن شاء الله تعالى).
قال أبو عبد الله: هذا حديث صحيح سنده, ثقات رواته.
قال الشيخ: وقد روي في شواهده, ثمّ في معارضته أحاديث لا يثبت مثلها, وفي كتاب الله البيان لما قصدناه في إطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الآل, ومراده من ذلك أزواجه أو هنّ داخلات فيه(1).
اللّهمّ صل على محمّد وآل محمّد
(1) السنن الكبرى 2: 150 باب (الدليل على أن أزواجه (صلّى الله عليه وآله وسلّم) من أهل بيته).
الجواب:
أولاً: نقول هذه الرواية تدحض الدعوى المألوفة عند أهل السنّة، بأنّ الآية نزلت في خصوص نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), أو نساء النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) مع ضم الرسول الأكرم(صلّى الله عليه وآله وسلّم) إليهنّ، ليصح توجيه الخطاب بضمير الجمع (عنكم, يطهّركم) الوارد في الآية الكريمة.
فهي من هذه الناحية تكون ملزمة للقائلين بصحتها في عدم تبني الدعوى المذكورة التي يروج لها البعض - من دون تحصيل - وإلاّ لزم التهافت في الدعوى والأدلة.
ثانياً: الرواية المذكورة معارضة بروايات كثيرة متضافرة، تفوقها عدداً ودلالة، في بيان إنّ المراد بأهل البيت هم الخمسة أصحاب الكساء: محمّد(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وعليّ, وفاطمة, والحسن والحسين(عليهم السلام) حصراً, بل أنّ في نفس الرواية المذكورة ما يدل على هذا المعنى ؛ إذ قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (هؤلاء أهل بيتي), يفيد الحصر كما نصّ عليه علماء اللغة والبيان في أنّ تعريف الجزأين (المسند والمسند إليه) يفيد الحصر(1).
فإذا عرفنا ذلك، فربما يشكل التمسك بالرواية المذكورة، لمحل التهافت بين إرادة الحصر وعدمه فيها, الأمر الذي يرجح رواية المستدرك على رواية السنن هذه، كما ستأتي الإشارة إليها في الأمر الرابع.
وعن ابن حجر في (الصواعق المحرقة), قال: ((إنّ أكثر المفسرين على أنّها نزلت في عليّ وفاطمة والحسن والحسين))(2)، انتهى.
وعند التعارض يلاحظ الجانب الذي تتفوق رواياته عدداً, بل ودلالةً، فيقدم على الآخر..، والروايات الوارد أنّها نزلت في خصوص الخمسة أصحاب الكساء، دون غيرهم، متضافرة تفوق كلّ رواية أخرى تناهضها في هذا المعنى.
ثالثاً: هذه الرواية معارضة بروايات أخرى، وردت عن أُمّ سلمة نفسها، يستفاد منها بأنّها ليست من أهل هذه الآية, كهذه الرواية التي يرويها الترمذي في سننه: ((قالت أُمّ سلمة: وأنا معهم يا نبي الله, قال: أنت على مكانك وأنتِ على خير))(3)، (انتهى).
وأيضاً ورد بمضمون هذه الرواية رواية أخرى عن عائشة, قالت فيها - بعد أن رأت النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم) يجلل عليّاً وفاطمة والحسن والحسين بالكساء، يدعو لهم ويتلو عليهم آية التطهير-: ((وأنا من أهل بيتك؟ قال النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم): (تنحي فإنّك على خير) ))(4).
وبلحاظ هذا التعارض، تتساقط هذه الروايات، وتصير الرواية المذكورة - الواردة في السؤال - لا قيمة لها في معارضة الروايات المتضافرة الدالة على نزول آية التطهير في خصوص الخمسة أصحاب الكساء.
رابعاً: الرواية المذكورة، رواها الحاكم في مستدركه - بالسند نفسه مع إختلاف العبّاس بن محمد الدوري بدل الحسن بن مكرم - وفيها ما يخالف الدعوى المذكورة بدخول أُمّ سلمة في مفهوم (أهل البيت) الوارد في الآية, والرواية فيها: ((قالت أُمّ سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: (إنّك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي اللّهمّ أهلي أحق) )), وهذا الحديث قد صححه الحاكم على شرط البخاري(5), وأقرّه الذهبي على شرط مسلم.
وإذا سلّمنا بأنّ الرواية المذكورة في المستدرك هي نفسها رواية السنن - للبيهقي - فلا نجزم عندئذٍ بأن أي النصين هو الصادر عن النبيّ(صلّى الله عليه وآله وسلّم), هل هو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لأمّ سلمة: (بلى إن شاء الله)، أي أنت من أهل بيتي, أم هو قوله (صلّى الله عليه وآله وسلّم): (إنّك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي)، المستفاد منه أنّها ليست من أهل بيته, وأنّها أهله بالمعنى المتعارف بأنّ الزوجة أهل الرجل، وهذا المعنى - بهذا الشكل الأخير الذي بيّناه - لازمه الاجمال وسقوط هذه الرواية برمتها عن معارضة الروايات المتضافرة بأنّ أهل بيته هم خصوص: علي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام).
بل ربما يُرّجح الوارد في رواية المستدرك على الوارد في رواية السنن، لمحل التهافت الذي اشرنا إليه سابقاً في رواية السنن ولما موجود من تحريف في السند.
وعندئذٍ لا توجد معارضة بين الرواية المذكورة, والمعنى المعروف بنزول الآية في خصوص الخمسة من أصحاب الكساء (عليهم السلام) دون غيرهم.
(1) انظر: الإتقان في علوم القرآن: 583 في دلالة تعريف الجزأين على إفادة الحصر والتعين.
(2) الصواعق المحرقة: 141 سورة الأحزاب.
(3) سنن الترمذي 5: 31 سورة الأحزاب.
(4) انظر: تفسير ابن كثير 3: 493 قوله تعالى: (( يَا نِسَاء النَّبِيِّ...)) الآيات.
(5) انظر: المستدرك على الصحيحين 2: 416 سورة الأحزاب.
تعليق