إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

المنافقون

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • المنافقون


    قال تعالى في سورة البقرة

    (مَثَلُهُم كَمَثَلِ الَّذي اسْتَوقَدَ نَاراً فلمَّا أضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَب الله بِنُورِهِمْ وَتَرَكهُم في ظُلُمَات لا يُبْصُرون صُمٌ بُكُم عُميٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ).
    تحدثت الاية عن المنافقين الذين تستروا بستار النفاق; الا ان
    التمزق كان عاقبة هذا الستار، والخزي هو عاقبة المنافقين انفسهم
    ان المنافق شُبّه هنا بانسان ضلّ وحيداً في صحراء يسعى للحصول
    على طريق لانقاذ نفسه من خلال استيقاد النار، إلاّ أنّ ذلك لم
    ينفعه ولا زال في حيرة من أمره



    الشرح والتفسير
    هناك تفسيران للآية الشريفة:

    التفسير الأول: إنَّ مثل المنافقين مثل الذين يضلون في
    صحراء ظلماء ومخوفة. افرضوا أنّ مسافراً تخلف وحيداً عن
    قافلته في صحراء ظلماء، فهو لا يملك نوراً ولا ضوءاً ولا دليلا
    يرشده، ولا يعرف الطريق ولا يملك بوصلة. فهو يخاف قطاعي
    الطرق والحيوانات المفترسة من جهة، ويخاف الهلاك من الجوع
    والعطش من جهة أخرى. وهذا يدفعه للتفكير بجدية


    بطريق والسعي الأوفر للخلاص مما هو فيه. فيجد حطباً بعد البحث
    المتوالي فيستوقد ناراً ثم يأخذ بشعلة نار بيده، إلاّ أنّ الريح تطفئ
    الشعلة فيبادر إلى جمع حطب آخر ليوقد ناراً أخرى إلاّ ان بحثه
    هذا لا يؤدي به إلا إلى ضلال آخر وانحراف عن الطريق تارة
    اخرى.
    إنَّ المنافقين كهذا المسافر فهم قد ضلوا الطريق. انهم يعيشون
    في ظلمات في حياة مضيئة. تخلفوا عن قافلة الانسانية والايمان.
    ولا دليل لهم على الطريق، لأنّ الله سلب عنهم نور الهداية
    وتركهم في ظلمات.
    للمنافقين شخصيات مزدوجة، ظاهرها مسلمة وباطنها كافرة
    ظاهرها صادقة وباطنها كاذب; ظاهرها مخلص وباطنها مرائي
    ظاهرها أمين وباطنها خائن، ظاهرها الصداقة وباطنها العداوة
    وانهم يصنعون من ظاهرهم إنارة خادعة. يتظاهرون بالاسلام
    وينتفعون بمزايا الإسلام; فذبيحتهم حلال واعتبارهم وعرضهم
    محفوظ وأموالهم محترمة، ويتمتعون بحق الزواج من المسلمين
    و.. انهم يتمتعون بمنافع مادية ودنيوية قليلة يحصلون عليها من
    خلال تلك النار التي استوقدوها، إلا ان هذه النار تخمد بعد الموت
    (ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ)ويتركهم الله آنذاك في ظلمات القبر والبرزخ
    والقيامة وحينئذ يدركون ان لا فائدة في اسلامهم الظاهري وايمانهم
    الريائي.

    النتيجة هي أن في الآية أو المثل تشبيهاً، المنافقون هم المشبهون
    والمسافر المحتار في الصحراء هو المشبه به ووجه الشبه
    هو الحيرة والضلالة وأن لا أثر لسعيه الظاهري.
    التفسير الثاني: فيما يخص التفسير الأول ينبغي التذكير
    هنا بان الاضاءة الظاهرية لتلك النار والظلمات التي تلحق
    تلك الإضاءة لا تختص بعالم القيامة المعنوي; بل إنّ لها نتائج
    في هذه الدنيا كذلك لا يتمكن المنافق اخفاء نفاقه للابد فانه
    سيفتضح في النهاية; وهذا يحصل فيما لو وجد نفسه أو مصالحه
    عرضة للخطر والفناء، فانه يفصح عن خلده القذر آنذاك كما
    افصح المنافقون في صدر الإسلام عن بواطنهم في الحروب
    والحوادث المختلفة؟!
    ألم نرَ بأم اعيننا في الثورة الاسلامية وخلال النهضة التي
    سبقتها كم من المنافقين كشفوا بمرور الزمن عن بواطنهم
    النتنة وأزالوا نقاب النفاق عمّا في دواخلهم وافتضحوا في هذه
    الدنيا



    أعاذنا الله من شرور أنفسنا - وعلى هذا; فان (ذَهَبَ الُله بِنُورِهِم)
    لا يختص بالاخرة والقيامة بل انه أمر يتحقق في هذا الدنيا كذلك.


    خطابات الآية
    1- أقسام المنافقين
    ان المنافق ليس شخصاً بالضرورة، بل يمكن ان يكون جماعة
    أو منظمة أو حزب بل وحتى حكومة دولة ما. لقد شاهدنا افتضاح
    بعض الدول التي تتقمص بالاسلام ظاهراً وتشترك في المجالس
    والمؤتمرات الاسلامية. وذلك إثر اتضاح العلاقة بينها وبين أكبر
    أعداء الإسلام أي اسرائيل الغاصبة، وافشاء أمر العقود المبرمة
    بينها وبين اسرائيل ما خفى منها وما ظهر. فان ضوء نار
    ادعاءاتها اخذت بالخمود وثبتت ازدواجيتها ورياءها.
    نعم; ان ذلك هو عاقبة النفاق
    «فاعْتَبِرُوا يَا أوِلي الأَبْصَار».



    2- صور النفاق

    من الأمور التي تستنتج من البحث الاجمالي السابق هو صور
    النفاق المختلفة وهي كالتالي:
    أ - النفاق في العقيدة: ذلك مثل الذي يدعي بلسانه الإسلام الا انه
    لا يعد مسلماً، أو أنه يتظاهر بالايمان لكنه لا يحسب من زمرة
    المؤمنين.
    ب - النفاق في الكلام: وهو كالذي ينطق بكلام لا يعتقد به.
    وعلى هذا، فان الكاذب منافق لأنه لا يتطابق قلبه مع لسانه.
    ج - النفاق في العمل: وهو مثل الذي يتضاد ويختلف عمله مع
    نيته وباطنه، كالذي يتظاهر بالصلاة أو الامانة لكنه في الواقع
    لا يصلي وخائن.

    3- علائم النفاق

    يحكي الرسول(صلى الله عليه وآله) في رواية له عن علائم
    المنافق حيث يقول: (ثلاث من كن فيه كان منافقاً
    وان صام وصلى وزعم انه مسلم، من إذا أؤتمن خان، و إذا
    حدث كذب و إذا وعد اخلف...).
    الأولى: الخيانة، ان الخائن منافق وذلك لانه يتظاهر بالأمانة
    وهو في الواقع خائن. تجاه الأموال القليلة إلا انهم يفصحون
    عن واقعهم الخائن عند ائتمانهم على الأموال الطائلة.

    الثانية: الكذب، ان الكاذب منافق وذلك لانه يبطِّن نوايا قذرة
    ومخالفة للحقيقة والواقع من خلال تملقه الكلامي، رغم انه
    يصلي ويقرأ دعاء الندبة والتوسل وغيرهما.

    الثالثة: خلف الوعد، ان الذي يخلف الوعد منافق، وذلك لأنَّ الوفاء
    بالوعد ضروري من الناحية الاخلاقية ومن الناحية الفقهية قد
    يكون واجباً أحياناً.(1) وخلاصة الكلام هنا ان كل نوع من
    الأزدواجية يعدّ نفاقاً.
    4 - نبذة من تاريخ المنافقين
    لم تخل المجتمعات البشرية من المنافقين ابداً، ويمكن ان يقال ان
    النفاق وجد منذ ان بدأ الإنسان حياته على الكرة الأرضية
    وعداء المنافقين للبشرية اتضح منذ ذلك الحين.
    إذا عد المنافقون اخطر أعداء المجتمعات البشرية فذلك بسبب
    انهم يتقمصون قميص الاصدقاء ويبطنون العداء.
    ان مقارعة الأعداء هي احد صفات المجتمعات البشرية وهي
    آلية تفقد فاعليتها عند المنافق، وذلك لانه يظهر نفسه صديقاً
    ولهذا كان ألد الأعداء، ولأجل ذلك كانت التعابير القرآنية في
    حقه شديدة جداً.


    المنافقون في القرآن

    إنَّ القرآن الكريم أشار إلى المنافقين بتعابير شديدة نشير إلى
    بعض منها هنا:
    أ - يقول الله في الآية 4 من سورة المنافقين: (هُمُ العَدُوُّ فاحْذَرْهُمْ).
    لقد أشار القرآن المجيد إلى أعداء المسلمين(1) من خلال آياته
    الشريفة لكنه لم يستخدم هكذا اسلوب تجاه أىّ من الأعداء
    وحسب قواعد اللغة العربية فان الجملة تفيد ان المنافقين هم
    الاعداء الحقيقيون للانسان.
    ب - يقول الله في تتمة الاية: (قَاتَلَهُمُ اللهُ أنَّى يُؤْفَكُونَ) أي ينحرفون
    عن الحق.
    إنَّ هذا الخطاب الشديد فريد ولم يستعمله القرآن في مورد اخر.
    ج - يقول الله في الاية 145 من سورة النساء: (إنَّ المُنَافِقِينَ فِي
    الدَّرْك الأسْفَلِ مِنَ النَّارِ ولَنْ تَجِدَ لهُمْ نَصِيراً) وعلى هذا ينبغي
    تجنب صداقة أعداء الله التي هي من علائم النفاق.
    إن (الدرج) أو (الدرجة) ذات معنى واحد وهو نفسه الذي
    في (دَرْك) أو (دَرَك) إلاّ أنّ المفردتين الأوليتين تستخدمان
    للسّلم بلحاظ الاتجاه إلى الأعلى، بينما تستخدم المفردتان
    الاخيرتان بلحاظ اتجاه السلم إلى الأسفل. كما أنّ كلا منهما
    استخدم مرة واحدة في القرآن.
    ان (الدرك الاسفل) هو قعر جهنم أو اخفض نقطة فيها ومن
    البديهي ان يكون العذاب في هذه النقطة اشد، ومن هنا نستنتج
    أنّ الله أعدّ أشد العذاب للمنافقين. وهذا يكشف عن مدى حساسية
    موضوع النفاق وخطر المنافقين في جميع العهود ماضياً وحاضراً.


    خطر المنافقين من وجهة نظر رسول الإسلام(صلى الله عليه وآله)
    ينقل المرحوم الشيخ عباس القمي (رض) في كتابه القيّم (سفينة
    البحار) تحت مادة (نَفَق) حديثاً ملفتاً عن الرسول(صلى الله عليه
    وآله) نأتي به هنا:
    «إني لا أخاف على أمتي مؤمناً ولا مشركاً، أمّا المؤمن فيمنعه
    الله بايمانه وأما المشرك فيقمعه الله بشركه، ولكني أخاف عليكم
    كل منافق عالم اللسان، يقول ما تعرفون ويفعل ما تنكرون»


    5- التعبير بـ (النار) في القرآن


    هناك نتيجتان تترتبان على استخدام القرآن لمفردة (نار)
    لا (نور):
    الاولى: ان الدخان والرماد من لوازم النار، والمنافق يبلي
    الآخرين بما ينجم من مضار عن هذه النار التي اججها بنفسه
    المضار التي نتيجتها التفرقة والضغوط التي تفرض على الناس
    هذا مع ان المؤمن ينهل من النور الخالص والمشعل المضيء
    للايمان.
    الثانية: رغم تظاهر المنافقين بنور الإيمان الا ان واقعهم نار
    واذا تمتعوا فبشعلة ضعيفة وقصيرة مدتها.



    6- النور والظلمات

    يقول الله (وَتَرَكَهُمْ فى ظُلُمَات لا يُبْصِرُونَ).
    إنَّ مفردة (ظلمات) استخدمت 23 مرة في القرآن، ولم تستخدم
    في مورد من الموارد بصيغتها المفردة بل كانت في جميع هذه
    الموارد جمعاً. أما مفردة (النور) فقد استخدمت 43 مرة في
    القرآن وفي صيغة المفرد لا الجمع. ويا ترى أليس في ذلك
    خطاب؟
    سر هذا يرجع إلى أنّ القرآن يريد بيان ان النور واحد مهما
    كان نوعه، وهو نور الله (اللهُ


    نُورُ السَّمَواتِ والأَرْضِ) أما نور الايمان ونور العلم ونور اليقين
    ونور الاتحاد والتلاحم وفكلها ترجع إلى نور واحد، وهو نور الله
    ولا نور غيره; لذلك لم يستخدم القرآن النور الا بصيغة المفرد.
    أمّا النفاق والكفر والاختلاف والتفرقة فهي ليست ظلمة واحدة
    بل ظلمات متعددة، هناك ظلمة الجهل وظلمة الكفر وظلمة البخل
    وظلمة الحسد وظلمة عدم الخوف من الله وظلمة الهوى والهوس
    وظلمة الوساوس الشيطانية و.. وخلاصة الظلمات متنوعة وليست
    واحدة، لذلك استخدمت بصيغة الجمع.




    7 - خصال المنافقين الثلاث

    إنّ المنافقين - حسب هذه الآية (18) - لهم ثلاث خصال:

    الأولى: صمّ، وهي صيغة جمع لأصم وتعني عدم السمع.
    الثانية: بكم، وهي صيغة جمع لأبكم وتعني أخرس.
    والآية تعني أنهم لا يسمعون ولا ينطقون. إنّ الاصم لا يستطيع
    التكلم رغم سلامة جهاز النطق عنده; لأنَّ الإنسان لا يمكنه ان
    ينطق بكلمة لم يسمعها ولم يتعلمها، ولذلك جاء القرآن بصفة
    الاصم قبل صفة الابكم، وهي تعني في النهاية ان المنافقين صمّ
    وبكم دائماً.
    الثالثة: عمي، وهي جمع (أعمى) وتعني فاقد البصر، وعلى هذا
    فان المنافقين صم بكم وعمي، أي لا اذن لهم يسمعون بها ولا
    لسان لهم ينطقون به ولا عين لهم يبصرون بها. ومع هذا الحال
    كيف يمكنهم معرفة الطريق الصحيح وكيف يمكنهم ادراك
    انحرافهم وخطأهم؟
    إنَّ هذه الحواس والعناصر الثلاثة هي وسائل معرفة الإنسان
    فالاذن وسيلة للتعلم، واللسان وسيلة لنقل العلوم من جيل إلى آخر
    والبصر هو وسيلة لاكتشاف العلوم والظواهر الجديدة، والذي
    يفقد هذه العناصر الثلاثة لا يمكنه الخروج من الطريق المنحرف
    كما لا يمكنه الرجوع إلى طريق الحق .


    لكن يطرح سؤال هنا
    وهو: انا نشهد المنافقين يتمتعون بالحواس الثلاث، فلم القرآن
    ينفيها عنهم؟


    نقول في الجواب: للقرآن منطقاً خاصاً فينُظر إلى كل شيء
    في معجم القرآن من حيث الاثار التي تترتب عليه، ووجود الشيء
    وعدمه يتوقف على وجود آثاره وعدمها.
    وعلى هذا; فالذين يتمتعون بنعمة النظر لكنهم لم يستخدموه
    لمشاهدة آيات الله والاعتبار من مناظر الدنيا هم في الحقيقة
    عمي حسب رؤية القرآن. واولئك الذين يتمتعون بنعمة السمع
    لكنهم لا يصغون لكلام الله ولا صوت المظلومين والمستضعفين
    فهم صم في منطق القرآن. واولئك الذين يتمتعون بنعمة اللسان لكنهم لا يشغلونه في ذكر الله والامر بالمعروف والنهي عن المنك
    ر وارشاد الجاهل و.. فهم بكم في معجم القرآن. ووفقاً لهذا المعجم
    في مقياس اوسع اعتبر بعض الاحياء من الناس أمواتاً، وبعض
    الاموات احياءً، كمثال على ذلك يصف القرآن شهداء طريق الحق
    بأنهم احياء رغم انهم اموات ظاهراً.
    (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الّذين قُتِلُوا فِي سَبِيْلِ اللهِ أمْوَاتاً بَلْ أحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
    يُرْزَقُونَ).
    إنَّ الشهداء من وجهة نظر القرآن احياء; وذلك لانهم يحضون
    بالتأثير الذي يحضى به الإنسان الحي، فانهم يقوّون الإسلام
    وذكرهم يداعي في الاذهان المعروف والحسنات.

    ويقول القرآن في مكان آخر: (إنْ هُوَ إلاّ ذِكْرٌ وقُرْآنٌ مُبِينٌ ليُنْذِرَ
    مَنْ كَانَ حَيّاً وَيَحِقَّ القَولُ على الكَافِرِينَ).
    إنّ الأحياء من وجهة نظر القرآن المجيد وفق هذه الاية هم طائفتان:
    الاولى: المؤمنون الذين يعيشون حياة قرآنية.
    الثانية: غير المؤمنين وهم اموات يعيشون بين الأحياء، فإنّ الذين
    يفقدون الأذن الصاغية أموات حسب رأي القرآن.
    وفي النتيجة إنّ المنافقين رغم ما يحضون به من اذن وعين
    ولسان، يفقدون الآثار الوجودية المترتبة على هذه الحواس.
    لذلك عُدّوا صمّاً وبُكماً وعُمياً من وجهة نظر القرآن، فهم
    إذن (لا يْرجِعُونَ) أي لا يرجعون عن طريق الباطل; وذلك
    لأنهم يفقدون آليات المعرفة; شأنهم شأن الذي تجتمع فيه صفات
    الصم والبكم والعمي وقد أخذ بالسقوط، فإنّا لا يمكننا انقاذه أبداً;
    لأنه لا لسان له ليستنجد ولا اذن له ليسمع تحذيرنا، ولا يملك عيناً ليرى
    بها علائم الخطر قبل أن يسقط.


    8 - منشأ (النفاق)

    للنفاق ثلاثة مناشىء:

    الأول - العجز عن المواجهة والنزاع المباشر: ان الاعداء عندما
    يخسرون النزاع ويفقدون القدرة عليه بشكل مباشر، يتقمصون
    قميص النفاق ليستمروا بالعداء والخصومة. إنّ اعداء
    الرسول(صلى الله عليه وآله) كانوا يتظاهرون بالعداء له، لكنهم
    تظاهروا بالاستسلام عندما تغلب الرسول عليهم واستمروا يبطنون
    الكفر والعداء له وللإسلام وإنَّ أبا سفيان وأمثاله ضلوا منافقين إلى آخر
    عمرهم0
    ولأجل ذلك كان الإعتقاد بأن النفاق بدأ من المدينة; لأن الإسلام
    في مكة كان ضعيفاً، وما كان أحد يخافه لذلك ما كان حاجة للتظاهر
    بالإسلام وتبطين الكفر الا انا نعتقد ان النفاق بدأ من مكة رغم ان
    دواعي النفاق في مكة لم تكن الخوف، بل داعي النفاق آنذاك هو توقع
    البعض مستقبلا زاهراً للإسلام، الأمر الذي يضمن لهم مستقبلا وموقعاً جيداً.
    يمكننا مشاهدة هذا الاسلوب من النفاق في جميع الازمنة والثورات منها الثورة
    الإسلامية في ايران; فان بعض المنافقين هم الأعداء الذين خسروا المعركة
    ضد الثورة وعيوا النزاع المباشر والعلني.
    الثاني - الإحساس بالحقارة الباطنية: ان الشخصيات الضعيفة والجبانة
    والتي تفقد الشجاعة اللازمة لابراز الاعتراض والتفوه بما يخالف الآخرين
    تسعى هذه الشخصيات ان تسلك النفاق منهجاًً لحياتها ولتتجنب المواجهة
    بل تتظاهر بالاتفاق مع الجميع.
    إن المنافق يتظاهر بالإسلام عند المسلمين ويتظاهر بعبادة النار
    عند عبدة النار، ويتظاهر
    بالعلمانية عند العلمانيين; وذلك لضعف الشخصية، فهو لا يتجرأ التفوه بعقيدته الواقعية
    الثالث - حب الدنيا: إنّ النفاق الدولي والعالمي لهذا العصر ينبع من هذا المنشأ .
    إن سبب الازدواجية في التعامل وانطلاق دعوات لاحترام حقوق البشر من
    قبل بعض الدول الاستكبارية في موارد، وسكوت ذات الدول في موارد أخرى
    رغم ما تحصل من انتهاكات وجرائم ضد البشرية، هو حب الدنيا .
    فالدول تطلق هذه الدعوات متى ما تعرضت مصالحها للخطر وتستخدم
    هذه الحربة ضد الدول التي تعرض مصالحها للأخطار; إلاّ أنها تتغاضى
    عن هذه الانتهاكات إذا ما صدرت عن احد صديقاتها التي لا تعرّض
    مصالحها للخطر، حتى لو كانت الانتهاكات واضحة ولا شبهة فيها ولا تبرير لها.
    القرآن المجيد يحكي نماذج بارزة ومؤلمة عن هذه الطائفة من المنافقين في الايات
    75 - 77 من سورة التوبة:
    (وَمِنْهُم مَنْ عَاهَدَ اللَه لَئِنْ آتينا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَدَّقَنَّ ولنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ
    فَلَمّا آتاهُم مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُو بِه وتَوَلَّوا وَهُمْ مُعْرِضُونَ فأعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فى
    قُلُوبِهِمْ إلى يَومِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أخْلَفُوا الله مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ).
    هذه الايات نزلت في ثعلبة بن حاطب، وكان من الانصار فقال للنبي
    (صلى الله عليه وآله): ادع الله ان يرزقني مالا. فقال: «يا ثعلبة قليل تؤدي
    شكره خير من كثير لا تطيقه(2) أمّا لك في رسول الله اسوة حسنة؟
    والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معي ذهباً وفضة لسارت».
    ثم اتاه بعد ذلك فقال: يا رسول الله ادع الله ان يرزقني مالا والذي بعثك
    بالحق، لئن رزقني الله مالا لاعطين كل ذي حق حقه.(3)
    فقال(صلى الله عليه وآله): «اللهم ارزق ثعلبة مالا».
    فاتخذ غنماً فنمت كما ينمو الدود فضاقت عليه المدينة فتنحى عنها فنزل
    وادياً من أوديتها، ثم كثرت نمواً حتى تباعد من المدينة فاشتغل بذلك
    عن الجمعة والجماعة. وبعث رسول الله(صلى الله عليه وآله) اليه المصدق
    ليأخذ الصدقة فابى وبخل وقال: ما هذه الا اخت الجزية
    فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله):«يا ويح ثعلبة، يا ويح ثعلبة»
    وأنزل الله الآيات
    أرجع القرآن سبب نفاق ثعلبة إلى بخله وحبه للدنيا وخلفه للوعد.
    والمدهش أنّ الآية الشريفة اعتبرت نفاق امثال ثعلبة مستمراً إلى
    يوم القيامة ولا يخرج من قلوبهم إلى يوم يلقون الله. اللهم اجعل عواقب
    امورنا خيراً.
    إذا اردنا ان لا نبتلى بهذا المرض الخطر علينا تجنب مناشىء النفاق
    والابتعاد عنها، وبخاصة أنا في ليالي شهر رمضان المباركة، علينا ان ننهل
    من بركة هذه الليالي في الاسحار وذلك باداء صلاة الليل ولو باختصار ومن دون المستحبات جميعها والسجود واللجوء إلى الله والعوذ به من النفاق
    وجميع الذنوب والرذائل الأخلاقية.
    التعديل الأخير تم بواسطة رياحين العراق; الساعة 11-06-2010, 10:21 PM.

  • #2

    تحية إجلال لحرفك القرآني

    تعليق


    • #3
      لا يتمكن المنافق اخفاء نفاقه للابد فانه
      سيفتضح في النهاية; وهذا يحصل فيما لو وجد نفسه أو مصالحه
      عرضة للخطر والفناء، فانه يفصح عن خلده



      انا افضل الجلوس لوحدي
      على ان اجلس مع شخص منافق
      لا تأمن لحديثه او جلوسه معه



      وشكرا للنقل المميز
      ويعطيك العافيه

      تعليق


      • #4
        المشاركة الأصلية بواسطة الأعلامي مشاهدة المشاركة



        تحية إجلال لحرفك القرآني


        وتحية لمرورك اخي الاعلامي

        تعليق


        • #5
          المشاركة الأصلية بواسطة الفيلسوفه مشاهدة المشاركة
          لا يتمكن المنافق اخفاء نفاقه للابد فانه
          سيفتضح في النهاية; وهذا يحصل فيما لو وجد نفسه أو مصالحه
          عرضة للخطر والفناء، فانه يفصح عن خلده



          انا افضل الجلوس لوحدي
          على ان اجلس مع شخص منافق
          لا تأمن لحديثه او جلوسه معه



          وشكرا للنقل المميز
          ويعطيك العافيه
          بالتأكيد فمن منا يحبذ الجلوس مع المنافق
          شكرا لتواجدك اختي العزيزة

          تعليق

          المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
          حفظ-تلقائي
          Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
          x
          يعمل...
          X