المربية والفتاة والمراهقة |
تدل التجارب على أنه ليس بمستطاع أي كان من الآباء والأمهات أن يدعي بأنه يربي أبناء اصحاء او يسير في تربيته فيما يتصل بالفتيات وفق أسلوب صحيح ومحسوب . إن الأبناء الصحاء والشفاء أنما يخرجون في الغالب من اسر شريفة وواعية . فمثل هذه السر هي التي نوفر ، بإشرافها وتوجيهاتها السديدة ، سبل النمو والرشاد للأبناء .
إن أولياء الأمور والمربين الواعين يسعون لمعرفة ما يجيش في دواخل البناء في هذه المرحلة من العمر ، ويجدون في إدراك ما يدور في أعماق أنفسهم . فطيقا لأحد الأمثال «فإن المياه الهادئة إنما تجري في الأعماق».(1)
إذاً فإن حصر الإهتمام بظاهر البناء ليس عملا محمودا . يجب إخبار الأعماق والإجابة عن الأسئلة والإستفهامات التي تدور في أعماق أنفسهم.
خصائص المربين | |
قد لا يكون بمقدور أي كان أداء واجب التربية بنجاح فيما يتصل بالتعامل مع الجيل المراهق والفتيات منه على وجه خاص . فيجب أن يتمتع اولياء الأمور والمربين بمستويات كافية من الوعي وبخصائص تتيح لهم إمكانية التربية والتوجيه الصحيحين عند التعامل مع أعضاء هذه الفئة.
وعند التأمل فيما ينبغي أن يتميز به المتعاملون مع أعضاء هذه الفئة من
(1) مثل غربي . |
خصائص ومؤهلات ، نجد أنه يجب أن يتعرفوا على خصائص الإنسان الكامل والمربي الخبير ، الا أن مثل هذا الشيء إن لم يكن مستحيلا فإن من العسير جدا تحققه في عامة الآباء ,الأمهات والمربين . لكنه وبشكل عام يجب على المشتغلين بأمر التربية والتعامل مع الفتيات أن يمتازوا بمجموعة من الخصائص والصفات ومنها الوعي ، وسعة الصدر والتحمل ، والتجربة ، والصدق والعزم ، واللين ، وروح الإستقطاب والإنفتاح ، والجد والإندفاع الذاتي في سبيل حل مشكلات الفتاة وتسديدها وتوجيهها الى الحلول المناسبة ، و ...
نوع العلاقة بالفتيات | |
عادة إذا كانت العلاقات بين الاباء والأبناء قوية ، وكان الاباء منفتحين على الأبناء خصوصا في السنوات الأولى للمراهقة ، فإن هؤلاء لا يلجأون الى معارضة الأبوين أو التمرد على أوامرهم وتوجيهاتها بأي حال من الأحوالا . ومن الضروري جداأن تكون الفتاة واثقة بالأم ومطمئنة بأنها تحفظ سرها وتسعى في سبيل صلاحها وسعادتها في كل الأحوال والظروف .
الفتاة تتأثر بإيحاءات الأبوين ، وخصوصا الأم ، سواء بالإتجاه الإيجابي أوالسلبي ، وبحسب تعبير أحد العلماء ، فإننا حتى لو قلنا للفتاة إنك ستفتضحين وتفسدين بالنتيجة فقد تصبح كذلك يوما ما . ومن هنا فإنه يجب التفكير دائما بعواقب الأمور عند الحديث والتعامل مع الفتاة.
إن من الحكمة أن ينفتح الأبوان والمربون على الفتاة في هذه المرحلة المتأزمة من حياتها وأن يبنوا علاقاتهم بها على اساس من الصداقة والمحبة والإحترام المتبادل . فبإمكان الأولياء من خلال علاقة الود المتبادلة هذه أن يطلعوا على جميع شؤون الفتاة فيوجهونها ويعينونها عل حل مشاكلها .
واجب الولاية | |
من الضرورة بمكان أن نطلب الى الياء الأمور أن يبقوا قائمين بواجب الولاية على شؤون بناتهم . إنواجب الأبوة أو الأمومة يحتم على أولياء الأمور أن يمارسوا تجاه فتياتهم دور الراعي والحامي الواعي الحذر في كل الظروف والأحوال ، ودور الراشد الى سبيل الخير والصلاح والهداية . فإذا فعلوا ذلك فإنهم يكونون قد أدوا واجب الولاية ، والا فلا !
وفي سبيل أداء هذا الواجب ، فإنه من الضروري أنيبادر الأولياء الى تحذيرهن من المخاطر والأضرار ، وطمأنتهن بأنهم يريدونن بذلك خيرهن وصلاح أحوالهن وسلوكهن ، وينبغي أن تبنى علاقة الأبوين بالفتاة المراهقة ، خصوصا في سنوات ما بعد البلوغ ، على أساس الحب والإحترام الفهم المتبادل ، وذلك من أجل أن يتمكنوا من إيصال آرائهم ووجهات نظرهم وتوجيهاتهم غليه في أجواء هادئة وخالية من التوتر . كما أنه يجب أن تكون عملية التوجيه والإرشاد ب‘سلوب حواري إقناعي رصين ، لأن فرض الرأي عملية غير مجدية ومن شأنه أن يتحول الى حالة قمعية تولد عقدا نفسية غير محمودة العواقب .
دور المدرسة | |
للمدرّسة والمعلمة دور غير قليل في توجيه وإرشاد الفتيات المراهقات . فهناك مسائل كثيرة لدى أعضاء هذه الفئة لا يستطيع الوالدين مساعدتهن على فهمها وحلها في معظم الحالات ، أما المدرّسة والمعلمة فإنها تستطيع حلها وإفهامهن بشأنها على أحسن وجه . فمثلا فيما يتصل بالقضايا الجنسية يمنع الخجل أحيانا دون مبادرة الآباء ، وحتى الأمهات ، غلى شرحها بشكل واضح وصريح للفتيات ، في حين بإمكان المعلمة أن تشرحها لهن بسهولة في الفصل أو
حتى بشكل خاص وعلى إنفراد .
إن بإمكان المدرّسة أن تزودهن بخبرات كثيرة عن الحياة وأن تعرض لهن أشياء عملية أهم من الكلام المجرد . فبإستطاعة المعلمة أن تكون هادية وموجهة للفتاة ، وحاثة لها على طاعة الوالدين والإنقياد لتوجيهاتها أو تعظيم شأنهما في عينيها .
إحترام الشخصية | |
يجب أن تقوم العلاقة بالفتيات في مرحلة المراهقة ، وخصوصا في سن 14 فصاعدا ، على أساس الود والإحترام المتبادل وتكريم شخصياتهن . ومن مظاهر هذا الود والإنسجام إحترام إستقلالهن وحرياتهن المشروعة في الحياة . إن من شأن التعامل المعقول والمنطقي مع الفتاة من قبل الوالدين والمعلمات ، والقائم على الود والفهم المتبادل ، أن يوثق العلاقة بالبنت ويشعرها بأنها محاطة بالحب والإحترام والإهتمام من قبل الولي أو المعلمة.
ومن المظاهر الأخرى لإحترام الفتاة الإستماع الى آرائها والطلب اليها أن تبدي وجهات نظرها في المسائل التي لها القدرة على إبداء الرأي بشأنها ، وكذلك الوفاء بالوعود التي تعطى لها بإعتبار أنها تعتبرها أشياء ناجزة .
إن أسلوب الهيمنة والتسلط على المراهقات بالقوة ، دون الأخذ بنظر الإعتبار مبادئ الإحترام والفهم المتبادل ، هو أسلوب غير مجد وهاطئ بالمرة ويتفق علماء النفس والتربية على أن العلاقة بالفتيات يجب أن تبنى على أساس من الوعي والود واللين والتوجيه من خلال ذلك .
صعوبة التربية | |
إن الإتيان على ذكر الصعوبة في التعامل مع المراهقات هو من أجل الفات
نظر أولياء الأمور والمربين الى ضرورة التسلح بالوعي ، والجدية وسعة الصدر ، والمثابرة ، أثناء الإشتغال في نربية أعضاء هذه الفئة ، وبالصل فإن التعامل مع المراهقة ليس بالأمر اليسير . فالذي يعمل مع المراهق ، ينبغي أن يكون خبيرا في مجال التعامل مع اعضاء هذه الفئة وعارفا بمشكلاتها وقادرا على إيجاد حلول مناسبة لها ، ومثرا وليس متأثرا .
ونعود ونؤكد مرة أخرى على إن العلاقة بالفتاة يجب أن تكون علاقة ود وإحترام ، لأنها الآن في وضع لم تعد تردعها أساليب الزجر والتهديد ، كما في سنوات الطفولة ، بل على العكس من ذلك فإنها تدفعها الى التمرد والإمعان في المشاكسة.
تعليق