اللهم صل على محمد وآل محمد
و أمّا الروايات
فقد روى الفريقان مستفيضاً عنه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، أنّه قال : " لو أنّ عبـداً عبـد بين الركن و المقام ألف عام ثمّ ألف عام ولم يحبّنا أهل البيت أكبّه الله على منخريه في النار " 54 .
و أخرج الطبراني في الأوسط ، أنّه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : " الزموا مودّتنا أهل البيت ، فإنّه من لقى الله عزّ و جلّ و هو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا ، و الذي نفسي بيده لا ينفع عبـداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا " 55 .
و في كثير من طرق العامّة : " و كان مبغضاً لعليّ بن أبي طالب و أهل البيت [ أو : آل محمّـد ] أكبّه . . . " 56 .
نعم ، في غالب الطرق الوارد فيها : " مبغضاً " جعل الجزاء دخول النار ، و في الطرق الوارد فيها : " عدم محبّتهم " ، أو : " عدم معرفتهم " ، أو : " عدم ولايتهم " جعل الجزاء عدم قبول عمله و صيرورته هباءً منثوراً .
و هكذا فـي طرقنا ; ففي صـحيح محمّـد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : " كلّ مَن دان الله عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، و هو ضالّ متحيّر ، و الله شانئ لأعماله . . . و إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق . .
و اعلم يا محمّـد! إنّ أئمّـة الجـور و أتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضـلّوا و أضـلّوا ، فأعمالهم التي يعملونها ï´؟ ... كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ï´¾ 57 " 58 .
و في رواية عبد الحميد بن أبي العلاء عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) في حديث ، قال : " والله لو أنّ إبليس سجد لله بعد المعصية و التكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ، و لا قبله الله عزّ و جلّ ; ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عزّ وجلّ أن يسجد له ، وكذلك هذه الأُمّة العاصية ، المفتونة بعد نبيّها ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، وبعد تركهم الإمام الذي نصّبه نبيّهم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) لهم ، فلن يقبل الله لهم عملا ، و لن يرفع لهم حسنة ، حتّى يأتوا الله من حيث أمرهم ، و يتولّوا الإمام الذي أُمروا بولايته ، و يدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم " . .
و في رواية ميسر : " ثمّ لقى الله بغير ولايتنا لكان حقيقاً على الله عزّ وجلّ أن يكبّه على منخريه في نار جهنّم " 59 .
و في رواية أُخرى : " ولم يعرف حقّنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل الله منه شيئاً أبداً " 60 ، و مثلها رواية المفضّل 61 .
و في صحيح آخر لمحمّـد بن مسلم ، عن أحدهما ( عليه السلام ) ، قال : قلت : إنّا لنرى الرجل له عبادة و اجتهاد و خشوع و لا يقول بالحقّ ، فهل ينفعه ذلك شيئاً ؟!
فقال : " يا أبا محمّـد ! إنّـما مثل أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل ، كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلاّ دعا فأُجيب ، وإنّ رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثمّ دعا فلم يستجب له ، فأتى عيسى بن مريم ( عليه السلام ) يشكو إليه ما هو فيه ويسأله الدعاء ، قال : فتطهّر عيسى و صلّى ثمّ دعا الله عزّ وجلّ ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا عيسى بن مريم ! إنّ عبدي أتاني من غير الباب الذي أُوتى منه ، إنّه دعاني و في قلبه شكّ منك ، فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له . قال : فالتفت إليه عيسى ( عليه السلام ) فقال : تدعو ربّك وأنت في شكّ من نبيّه ؟! فقال : يا روح الله وكلمته! قد كان والله ما قلت ، فادع الله لي أن يذهب به عنّي . قال : فدعا له عيسى ( عليه السلام ) فتاب الله عليه و قبل منه و صار في حدّ أهل البيت " 62 .
و قد جعل تعالى مودّة ذوي القربى سبيلا إليه فقال : ï´؟ ... مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ï´¾ 63 ، و قد قال تعالى : ï´؟ ... وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ... ï´¾ 64 ، فلم يكن التعبير : " فابتغوه " بل : ï´؟ ... وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ... ï´¾ 64 ، و قال تعالى : ï´؟ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ... ï´¾ 65 ، فجعل الأسماء أبواباً لدعوته ، و الاسم آية للمسمّى و ليس عينه .
الثامنة
في تحديد معنى المستضعف و ذوي العذر من الضلاّل القصّر ; فقد وردت عدّة آيات في تحديده :
في قوله تعالى : ï´؟ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ï´¾ 66 ، فالآية تعدّد عدم قدرتهم على الوسيلة ، و عدم دركهم السبيل إلى الحقّ .
و قوله تعالى : ï´؟ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ï´¾ 67 .
و قوله تعالى : ï´؟ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ 68 .
فالآية الأُولى من البراءة تحدّده بالاعتراف بالذنوب ، و هذا نوع و نمط من التوبة و الإيمان بالحقّ و الإعراض عن الضلال .
و وردت أيضاً روايات عديدة في تحديده
في رواية ابن الطيّار عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن المستضعف ، فقال : " هو الذي لا يستطيع حيلة الكفر فيكفر ، و لا يهتدي سبيلا إلى الإيمان فيؤمن ، لا يستطيع أن يؤمن و لا يستطيع أن يكفر ، فهم الصبيان ، و مَن كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان ، و من رُفع عنه القلم " 69 .
و روى أيضاً ، قال : قال أبو عبـد الله ( عليه السلام ) : " المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين قتلوا حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين ثمّ دخلوا بعده في الإسلام ، فوحّدوا الله و تركوا الشرك ، ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة ، ولم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار ، فهم على تلك الحالة مرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم و إمّا يتوب عليهم " 70 .
و ظاهر الرواية الثانية أنّ " المُرجأ " هو الذي أسلم ولم يؤمن ، نظير قوله تعالى : ï´؟ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ... ï´¾ 71 .
و روى الحلبي عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) ، قال : " الناس على ستّ فرق : مستضعف ، و مؤلّف ، و مرجى ، و معترف بذنبه ، و ناصب ، و مؤمن " 72 .
و روى عبـد الغفّار الجازي عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) ، قال : " إنّ المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضاً ، و مَن لم يكن من أهل القبلة ناصباً فهو مستضعف " 73 .
و هذه الرواية تبيّن أنّ القصور على درجات عديدة ، شـدّة و ضعفاً ، و هو هكذا عقلا ، و الضابطة فيه : أن لا يكون ناصباً ، و هي تشير إلى اشتراط انتفاء درجات نصب العداء التي قد فسّرت في روايات عديدة بأنّ منها : معاداة الشيعة لكونهم أتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و منها : تولّي أصحاب السقيفة و الائتمام بهم ، ومنها : بغض أهل البيت قلباً وإن لم يكن لساناً ، ومنها : إنكار و جحد فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و ستأتي الروايات في ذلك .
و في رواية سفيان بن السمط ، قال : قلت لأبي عبـد الله ( عليه السلام ) : ما تقول في المستضعفين ؟ فقال لي شبهاً بالمفزّغ : " و تركتم أحداً يكون مستضعفاً ؟! و أين المستضعفون؟! فو الله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهنّ ، و تحدّث به السقايات بطرق المدينة " 74 .
و روى عمرو بن إسحاق ، قال : سئل أبو عبـد الله ( عليه السلام ) : ما حدّ المستضعف الذي ذكره الله عزّ وجلّ؟ قال : " مَن لا يحسن سورة من القرآن وقد خلقه الله عزّ وجلّ خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن " 75 ; و الحدّ في هذه الرواية من هو متخلّف عقلياً .
و في رواية حمران ، قال سألت أبا عبـد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( إلاّ المستضعفين )؟ قال : " هم أهل الولاية " ، قلت : و أي ولاية؟! فقال : " أما إنّها ليست بولاية في الدين و لكنّها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة ، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفّار ، و هم المرجون لأمر الله عزّ و جلّ " 76 .
و روى سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبـد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( إلاّ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ) . . الآية؟ قال : " يا سليمان! في هؤلاء المستضعفين مَن هو أثخن رقبة منك ، المستضعفون قوم يصومون ويصلّون ، تعفّ بطونهم وفروجهم ، لا يرون أنّ الحقّ في غيرنا [ غيرها ] آخذين بأغصان الشجرة ، ( فأُولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم ) ; إذ كانوا آخذين بالأغصان وإن لم يعرفوا أُولئك ، فإن عفى عنهم فبرحمته ، وإن عذّبهم فبضلالتهم عمّا عرّفهم " 77 .
و على نسخة : " غيرها " ; يكون المعنى : لا يرون أنّ الحقّ في غير الأعمال الصالحة ، كالصوم و الصلاة و العفّة ، و لا يعرفون حقائق الإيمان و الولاية ، فعسى أن يعفو الله تعالى عنهم بأخذهم بتلك الأعمال و بعد امتحانهم ـ كما تقدّم في مستفيض الروايات ـ و إن لم يعرفوا أُولئك أصحاب السقيفة بالباطل ، فإن عفى عنهم بعد الامتحان فبرحمته ، و إن عذّبهم فبضلالتهم عن حقيقة الإيمان التي عرّفها لهم ، و مَن هو أثخن رقبة منك ، أي الساذج البله . .
و على نسخة : " غيرنا " ; أي : لا يرون أنّ الحقّ في غيرنا ، و لكنّهم لم يعرفوا أصحاب السقيفة بالباطل ، فلديهم تولّي و لكن ليس لديهم تبرّي .
و في موثّق سليمان بن خالد عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن المستضعفين؟ فقال : " البلهاء في خدرها والخادم تقول لها : صلِّ فتصلّي لا تدري إلاّ ما قلت لها ، و الجليب المجلوب ، وهو الخادم الذي لا يدري إلاّ ما قلت له ، والكبير الفاني ، والصبي الصغير ، هؤلاء المستضعفين ، فأمّا رجل شديد العنق ، جدل خصم ، يتولّى الشراء و البيع ، لا تستطيع أن تغبنه في شيء تقول : هذا مستضعف؟! لا و لا كرامة " 78 .
و روى الصدوق عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ، قال : " مَن عرف الاختلاف فليس بمستضعف " 79 ، و في رواية أبي بصير : " مَن عرف اختلاف الناس . . . " 80 .
و في رواية سليم بن قيس في جواب أمير المؤمنين (عليه السلام) للأشعث بن قيس ; قال الأشعث ـ رأس الفتنة ـ : والله لئن كان الأمر كما تقول لقد هلكت الأُمّة غيرك و غير شيعتك ؟!
قال : " فإنّ الحقّ والله معي يا ابن قيس كما أقول ، و ما هلك من الأُمّة إلاّ الناصبين و المكابرين و الجاحدين و المعاندين ، فأمّا من تمسّك بالتوحيد و الإقرار بمحمّـد و الإسلام ، ولم يخرج من الملّة ، ولم يظاهر علينا الظلمة ولم ينصب لنا العداوة ، و شكّ في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها ، ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة ، فإنّ ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله و يُتخوّف عليه ذنوبه " 81 . .
فذكر (عليه السلام) للمستضعف تسعة قيود لفظاً قد ترجع خمسة منها إلى أن لا يتوالى أعداء أهل البيت ، و الغاصبين للخلافة ، و يكون شاكّاً ، و لا يظاهر عليهم النصّاب .
و روى في مستطرفات السرائر مسائل محمّـد بن على بن عيسى مكاتبة لمولانا أبي الحسن الهادي (عليه السلام) ، قال : كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت و الطاغوت و اعتقاده بإمامتهما؟! فرجع الجواب : " مَن كان على هذا فهو ناصب " 82 .
و روى في العلل ، بسنده إلى عبـد الله بن سنان ، عن الصادق (عليه السلام) ، قال : " ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ; لأنّك لا تجد رجلا يقول : أنا أبغض محمّـداً و آل محمّـد ، ولكنّ الناصب مَن نصب لكم و هو يعلم أنّكم تتولّونا وأنّكم من شيعتنا " 83 .
و روى المعلّى بن الخنيس ، قال : سمعت أبا عبـد الله (عليه السلام) يقول : " ليس الناصب مَن نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحداً يقول : أنا أبغض محمّـداً و آل محمّـد ، و لكنّ الناصب مَن نصب لكم و هو يعلم أنّكم تتولّونا و تتبرؤون من أعدائنا " 84 .
و روي في الأمالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال : " من سرّه أن يعلم أمحبّ لنا أم مبغض؟! فليمتحن قلبه ، فإن كان يحبّ وليّاً لنا فليس بمبغض لنا ، و إن كان يبغض وليّاً لنا فليس بمحبّ لنا " 85 .
و روي في تفسير العسكري عن السجّاد ـ عليهما السلام ـ قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ما من عبد و لا أمَة زال عن ولايتنا ، و خالف طريقتنا ، و سمّى غيرنا بأسمائنا و أسماء خيار أهلنا ، الذي اختاره الله للقيام بدينه و دنياه ، و لقّبه بألقابنا ، و هو كذلك يلقّبه معتقداً ، لا يحمله على ذلك تقّية خوف ، و لا تدبير مصلحة دين ، إلاّ بعثه الله يوم القيامة و مَن كان قد اتّخذه من دون الله وليّاً و حشر إليه الشياطين الّذين كانوا يغوونه فقال له : يا عبدي! أربّاً معي هؤلاء كنت تعبد ؟! و إيّاهم كنت تطلب ؟! فمنهم فاطلب ثواب ما كنت تعمل ، لك معهم عقاب إجرامك " 86 .
فيتحصّل أنّ الناصب على أقسام والمستضعف على درجات ، كلّها خارجة عن التقصير ، و لا يندرج فيه الموالي لأئمّة الضلال ، و من ثمّ روي عنهم (عليهم السلام) : " الناجون من النار قليل ; لغلبة الهوى و الضلال " 87 ، و مفاده : في النجاة من النار ، لا النجاة من الخلود ، و بينهما بون كما مرّ .
التاسـعة
إنّ شرطية النجاة بالولاية لا تعني التواكل في العمل ، و إنّما تعني أهمّية الولاية و أهمّية هذا المقام التوحيدي ، فإنّ روح العمل و قوامه بالنيّة ; قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " إنّما الأعمال بالنيّات " 88 ، و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " نيّة المؤمن خير من عمله " 89 .
و قد روى العسكري (عليه السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، أنّه قال لبعض أصحابه ذات يوم : يا أبا عبـد الله! أحبّ في الله و أبغض في الله ، و والِ في الله و عادِ في الله ; فإنّه لا تنال ولاية الله إلاّ بذلك ، و لا يجد رجل طعم الإيمان و إن كثرت صلاته و صيامه حتّى يكون كذلك ، و قد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون و عليها يتباغضون ، و ذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً " 90 .
فكما أنّ أهمّية الولاية لا تعني التفريط في العمل و التهاون فيه ، فكذلك صلاح العمل في صورته و قالبه لا يعني التفريط بالولاية و الإيمان ، إذ أنّ الولاية لهم (عليهم السلام) هي توحيد الولاية له تعالى و إخلاص له في التولّي .
و من ثمّ أكّدت عدّة آيات وروايات على خواء العمل بدونها ، و إنّه هباءً منثوراً ; قال تعالى : ï´؟ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ï´¾ 91 .
و قال : ï´؟ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ï´¾ 92 .
و قال : ï´؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ... ï´¾ 93. .
و قال : ï´؟ ... وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ï´¾ 94 .
و قال : ï´؟ ... وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ï´¾ 95 .
العاشـرة
إنّ مفاد الحـديث النبوي المعروف بين الفريقـين بـ : " حديث الفرقة الناجية " هو الدعوة لتمييزها و معرفتها كي تُتّبع ، و النهي عن اتّباع غيرها ، و عن التوقّف و التبلبل و الحيرة و الاضطراب . .
روى الشيخ المفيد بسنده عن سلمان رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " تفترق أُمّتي ثلاث فرق : فرقة على الحقّ لا ينقص الباطل منه شيئاً ، يحبّونني و يحبّون أهل بيتي ، مثلهم كمثل الذهب الجيّد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ جودة ، و فرقة على الباطل لا ينقص الحقّ منه شيئاً ، يبغضونني ويبغضون أهل بيتي ، مثلهم مثل الحديد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ شرّاً ، وفرقة مدهدهة ، على ملّة السامري ، لا يقولون : لا مساس ، لكنّهم يقولون : لا قتال ، إمامهم عبـد الله بن قيس الأشعري " 96 . .
و يشير ( صلى الله عليه و آله و سلم ) إلى اضطراب الفرقة الثالثة ، و أنّ شعارهم : " لا قتال " ، أي : لا فيصلة بين الحقّ عن الباطل ، و يمزجون المذاهب و المسارات ، مدهدهة البصيرة 97 .
و روي ذلك عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، إلاّ أنّه وصف الفرقة المذبذبة بأنّها شـرّ الفرق ; فقال : " إنّ هذه الأُمّـة تفترق على ثلاث و سبعين فرقة ، فرقة واحـدة منها في الجـنّة و اثنتان و سـبعون في النار ، و شرّها فأبغضها إلى الله و أبعـدها منه السامـرة ، الّذين يقولون : " لا قتال " و كذبوا ، و قد أمر الله عزّ و جلّ بقتال هؤلاء الباغين في كتابه و سُـنّة نبيّه ، و كذلك المارقة " 98 .
و روى في كشف الغُمّة أنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال : " قد انتحلت طوائف من هذه الأُمّة ـ بعد مفارقتها أئمّة الدين و الشجرة النبوية ـ إخلاص الديانة وأخذوا أنفسهم في ضحائل الرهبانية و . . . حتّى إذا طال عليهم الأمد وبعدت عليهم الشقّة و امتحنوا بمحن الصادقين رجعوا على أعقابهم ناكصين . . . و ذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا ، و احتجّوا بمتشابه القرآن ، فتأوّلوا بآرائهم ، و اتّهموا مأثور الخبر ممّا استحسنوا ، يقتحمون في أغمار الشبهات و دياجير الظلمات بغير قبس نور من الكتاب ، و لا أثرة علم من مظانّ العلم ، بتحذير مثبطين زعموا أنّهم على الرشد من غيّهم . .
و إلى مَن يفزع خلف هذه الأُمّة ، و قد درست أعلام الملّة ، و دانت الأُمّة بالفرقة و الاختلاف يكفّر بعضهم بعضاً ، و الله تعالى يقول : ï´؟ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ... ï´¾ 99 ؟! فمَن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكمة ، إلاّ أهل الكتاب وأبناء أئمّة الهدى ومصابيح الدجى؟! . . . " 100 .
الحادية عشـرة
إنّ جملة من أتباع الشيخين قد ذهبوا إلى وجود النصّ من النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) عليهما . .
قال التفتازاني : المبحث الرابع : الجمهور على انّه (صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم) لم ينصّ على إمام ، و قيل : نصّ على أبي بكر (رض) نصّاً خفيّاً ، و قيل : جليّاً .
و قالت الشيعة : على عليّ (كرّم الله وجهه) خفيّاً ، و الإمامية منهم : جليّاً أيضاً 101 . انتهى .
و قال في شرح كلامه السابق : ذهب جمهور أصحابنا و المعتزلة و الخوارج إلى أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لم ينصّ على إمام بعده ، وقيل : نصّ على أبي بكر ; فقال الحسن البصري : نصّاً خفيّاً ، وهو تقديمه إيّاه في الصلاة ، وقال بعض أصحاب الحديث : نصّاً جليّاً 102 .
ثمّ إنّ التفتازاني يناقض نفسه ; فمع إنكاره للقول بالنصّ يستدلّ على إمامة أبي بكر بالنصّ!!
قال : المبحث الخامس : الإمام بعد رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ]و سلّم أبو بكر ، و قالت الشيعة : عليّ .
لنا إجماع أهل الحلّ و العقد . . . و قد يتمسّك بقوله تعالى : ï´؟ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ ... ï´¾ 103 . . الآية ، فالداعي المفترض الطاعة أبو بكر عند المفسّرين !! و عمر عند البعض !! و فيه المطلوب ، و بقوله صلّى الله عليه [ و آله ] و سلّم : اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر و عمر . . . ثمّ قال : يأبى الله و المسلمون إلاّ أبا بكر . . . و بأنّ النبيّ صلّى الله عليه [ و آله ] و سلّم استخلفه في الصلاة ولم يعزله . . . و هذه ظنّيات ربّما تفيد باجتماعها القطع ، مع أنّ المسألة فرعية يكفي فيها الظنّ 104 .
و استدل في موضع آخر بعدّة نصوص رووها في فضائل أبي بكر و عمر 105 .
ثمّ إنّ التفتازاني ـ ككثير من متكلّمي و محدّثي أهل سُـنّة الجماعة ـ عقد بحثاً آخر مستقلاًّ في ذيل الإمامة ، و هو البحث عن الأفضلية في هذه الأُمّة لمَن ؟! و ترتيبها و أدلّتها . .
قال : المبحث السادس : الأفضلية عندنا بترتيب الخلافة ، مع تردّد فيما بين عثمان و عليّ (رضي الله عنه) ، و عند الشيعة و جمهور المعتزلة الأفضل عليّ . لنا أجمالا 106 .
و كذلك لاحظ الأيجي في المواقف ، و الشريف الجرجانى في شرحها في المرصد الرابع ، فإنّهما مع نفيهما للنصّ قالا في جواب النصوص على إمامة عليّ (عليه السلام) : " هذه النصوص معارضة بالنصوص الدالّة على إمامة أبي بكر ، و هي من وجوه : الأوّل : قوله تعالى : . . . " ، ثمّ استدلّ بعدّة آيات قرآنية و نصوص روائية 107 .
كما أنّه في المقصد الخامس من المرصد الرابع عقد البحث في الأفضلية .
هذا ، و الإمعان في كلماتهم في عدالة الصحابة و فضائلهم ، و بالخصوص أصحاب السقيفة ، و بالأخصّ الشيخين ، يدلّ بوضوح على أنّهم يستدلّون بها بنحو يوازي الاستدلال بالعصمة و امتناع ارتكاب الباطل ، إلاّ أنّهم يغلّفوها بعبارات و عناوين عائمة غائمة تغطية للمعنى المستدلّ به بألفاظ أُخرى كي تتم المغالطة و تنطوي ، و هذا النمط من الاستدلال من أوسع أنواع صناعة المغالطة مضافاً إلى اضطراب حدود المعاني بتوسّط هذا النمط من الاستدلال ، كما أنّهم إذا ضاق بهم الخناق في الاستدلال و الجواب عن دلائل إمامة عليّ (عليه السلام) تراهم يتأمّلون في كون عصمة النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) مطلقة . .
لاحظ مثلا : ما ذكر الأيجي في المواقف عن الاستدلال بـ : " فاطمة بضعة منّي " 108 . و هذه هي عاقبة الأمر ، و قد رووا : إنّ عمر محدَّث هذه الأُمّة!! و : لو كان نبيّاً بعدي لكان عمر!!!
الثانية عشـرة
هناك طوائف عديدة من الروايات بألفاظ مختلفة تنهى عن الذوبان في المخالفين و التسيّب في مخالطتهم ، و تأمر بالتحفّظ في كيفية التعايش معهم ، و هذه الطوائف متوافقة مع الطوائف الأُخرى الآمرة بالمداراة لهم و التعامل معهم بالحسن و التجمّل ; لأنّ الأُولى تحدّد هذا التعامل بكونه سطحيّاً لا في العمق ، و الثانية إنّما تحثّ على حسن التعامل على صعيد السطح . .
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ، أنّه أتاه قوم من أهل خراسان من ما وراء النهر فقال لهم : " تصافحون أهل بلادكم و تناكحونهم ، أما إنّهم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام و إذا ناكحتموهم انتهك الحجاب فيما بينكم و بين الله عزّ و جلّ " 109 .
و في موثّق زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : كانت تحته امرأة من ثقيف و له منها ابن يقال له : إبراهيم ، فدخلت عليها مولاة لثقيف فقالت لها : من زوجك هذا ؟ قالت : محمّـد بن علي . قالت : فإنّ لذلك أصحاباً بالكوفة قوم يشتمون السلف ويقولون . قال : فخلّى سبيلها ، فرأيته بعد ذلك قد استبان عليه و تضعضع من جسمه شيء . . الحديث 110 .
و في صحيح عبـد الله بن سنان ، عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ : " و لا يتزوج المستضعف المؤمنة " 111 .
و في مـوثّق زرارة عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ، قال : تزوّجوا في الشُكّاك و لا تزوّجوهم ; فإنّ المرأة تأخذ أدب زوجها و يقهرها على دينه " 112 ; و رواها الصدوق بطريق صحيح 113 .
و هذه الروايات في مورد النكاح و إن اختلفت أقوال الفقهاء في المنع أو الكراهة أو التفصيل ، إلاّ أنّ مفادها إجمالا يسوس باتّجاه التحفّظ عن الذوبان فيهم ، و إبقاء عازل في ضمن نظام التعايش معهم .
----------------------------
1. بحار الأنوار : 28 / 2 ـ 36 .
2. a. b. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 98 ، الصفحة : 94 .
3. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 106 ، الصفحة : 203 .
4. a. b. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 156 .
5. a. b. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 102 ، الصفحة : 203 .
6. a. b. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 60 ، الصفحة : 196 .
7. دعائم الإسلام : 1 / 27 ، قرب الإسناد : 351 ضمن ح 1260 ، المحاسن : 1 / 251 ـ 252 ح 474 و ح 476 .
8. صحيح مسلم : 3 / 1478 ح 1851 ، المعجم الكبير : 19 / 334 ح 769 ، سُنن البيهقي : 8 / 156 .
9. المناقب ـ للكوفي ـ 1 / 296 ح 220 و 2 / 146 ح 624 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 27 ح 10 ، المسترشد ـ لابن جرير الطبري ـ : 260 ذيل ح 73 و 578 ح 250 ، مسند البزّار : 9 / 343 ح 3900 .
10. الكافي : 3 / 249 ح 6 ، بحار الأنوار : 5 / 292 ح 14 .
11. الكافي : 3 / 249 ح 7 ، بحار الأنوار : 5 / 293 ح 15 .
12. المعجم الكبير : 7 / 295 ح 6993 ، حلية الأولياء : 6 / 308 ، بحار الأنوار : 5 / 291 ح 5 .
13. الكافي : 3 / 248 ح 1 ، معاني الأخبار : 407 ح 86 ، بحار الأنوار : 5 / 290 ح 3 .
14. الكافي : 3 / 248 ـ 249 ح 1 ـ ح 7 ، بحار الأنوار : 5 / 288 ـ 297 ح 1 ـ ح 22 .
15. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 99 ، الصفحة : 94 .
16. تفسير العيّاشي : 1 / 269 ح 246 ، بحار الأنوار : 72 / 164 ح 23 .
17. الكافي : 2 / 282 ح 3 ، كتاب الإيمان و الكفر : باب أصناف الناس .
18. تفسير العيّاشي : 2 / 93 ح 74 ، بحار الأنوار : 72 / 164 ـ 165 ح 26 .
19. تفسير العيّاشي : 1 / 269 ح 249 ، معاني الأخبار : 202 ح 8 ، بحار الأنوار : 72 / 160 ح 13 .
20. الكافي : 3 / 247 ضمن ح 1 ، تفسير القمّي : 2 / 260 ، بحار الأنوار : 6 / 286 ح 7 و 290 ضمن ح 14 و 72 / 158 ح 3 .
21. الخصال : 608 ضمن ح 9 ، عيون الأخبار : 2 / 125 ضمن ح 1 ، بحار الأنوار : 8 / 40 ح 22 و 72 / 159 ح 6 .
22. معاني الأخبار : 392 ح 40 ، بحار الأنوار : 72 / 159 ح 7 .
23. تفسير فرات الكوفي : 298 ح 403 ، بحار الأنوار : 8 / 52 ضمن ح 59 .
24. تفسير القمّي : 2 / 202 ، الخصال : 408 ح 6 ، ثواب الأعمال : 206 ح 1 ، بحار الأنوار : 8 / 38 ح 16 و 39 / 19 و 41 / 26 .
25. a. b. c. d. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 28 ، الصفحة : 324 .
26. a. b. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 86 .
27. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 87 ، الصفحة : 311 .
28. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 109 ، الصفحة : 319 .
29. a. b. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 82 ، الصفحة : 317 .
30. القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 250 .
31. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 73 ، الصفحة : 328 .
32. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 6 و 7 ، الصفحة : 1 .
33. القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 213 .
34. تفسير البرهان : 3 / 28 ـ 30 ح 4885 ـ ح 4894 .
35. تفسير نور الثقلين : 2 / 302 ـ 304 ح 57 ـ ح 63 .
36. عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 136 ح 35 ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 56 ح 11 ، بحار الأنوار : 8 / 19 ح 5 و 34 ح 4 .
37. القران الكريم : سورة غافر ( 40 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 469 .
38. التوحيد : 407 ح 6 ، بحار الأنوار : 8 / 351 ح 1 .
39. الخصال : 407 ح 6 ، بحار الأنوار : 8 / 39 ح 19 .
40. غرر الحكم ـ للآمدي ـ : 1 / 85 ح 1749 ، مستدرك الوسائل : 12 / 113 ضمن ح 13 .
41. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 27 ، الصفحة : 112 .
42. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 6 .
43. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 118 .
44. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 119 .
45. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 107 .
46. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 2 ، الصفحة : 1 .
47. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 1 .
48. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 1 .
49. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 5 ، الصفحة : 1 .
50. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 6 ، الصفحة : 1 .
51. a. b. c. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 1 .
52. القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
53. نهج البلاغة : الخطبة القاصعة .
54. شرح إحقاق الحقّ : 9 / 491 .
55. المعجم الأوسط : 3 / 26 ح 2251 ; و ذكره الهيثمي في مجـمع الزوائد : 9 / 172 ، و ابن حجر في الصواعق ، والنبهاني في الشرف المؤبّد : 96 ، و الحضرمي في رشفة الصادي : 43 .
56. لاحظ : شرح إحقاق الحقّ : 9 / 492 ـ 494 ، و 15 / 579 ، و 18 / 448 ، و 20 / 290 ـ 315 ، المستدرك على الصحيحين : 3 / 149 ، الغدير : 2 / 301 ، و 9 / 268 . .
و أخرجه الطبراني والسيوطي و الثعلبي و النبهاني ، وابن حجر في الصواعق : 172 . و غيرهم .
57. القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 257 .
58. الكافي : 1 / 140 ح 8 ، الوسائل : 1 / 118 ح 297 .
59. عقاب الأعمال : 250 ذيل ح 16 ، الوسائل 1 / 123 ذيل ح 312 .
60. علل الشرايع : 250 ح 7 ، الوسائل : 1 / 123 ذيل ح 310 .
61. عقاب الأعمال : 244 ذيل ح 3 ، الوسائل : 1 / 124 ح 314 .
62. الكافي : 2 / 294 ح 9 .
63. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 57 ، الصفحة : 365 .
64. a. b. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 113 .
65. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 180 ، الصفحة : 174 .
66. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 98 و 99 ، الصفحة : 94 .
67. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 102 ، الصفحة : 203 .
68. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 106 ، الصفحة : 203 .
69. تفسير القمّي 1 / 149 ، بحار الأنوار 72 / 157 ح 1 .
70. تفسير القمّي 1 / 304 ـ 305 ، بحار الأنوار 72 / 157 .
71. القران الكريم : سورة الحجرات ( 49 ) ، الآية : 14 ، الصفحة : 517 .
72. الخصال : 333 ح 34 ، بحار الأنوار 72 / 158 ح 4 .
73. معاني الأخبار : 200 ح 1 ، بحار الأنوار : 72 / 159 ح 8 .
74. معاني الأخبار : 201 ح 6 ، بحار الأنوار : 72 / 160 ح 11 .
75. معاني الأخبار : 202 ح 7 ، بحار الأنوار : 72 / 160 ح 12 .
76. مرّت تخريجات الحديث في ص 106 .
77. تفسير العيّاشي 1 / 270 ح 250 ، معاني الأخبار : 202 ح 9 ، بحار الأنوار 72 / 161 ح 14 .
78. تفسير العيّاشي : 1 / 270 ح 251 ، معاني الأخبار : 203 ح 10 ، بحار الأنوار : 72 / 161 ح 15 .
79. معاني الأخبار : 200 ح 2 ، بحار الأنوار : 72 / 162 ح 17 .
80. معاني الأخبار : 201 ح 3 ، بحار الأنوار : 72 / 162 ح 18 .
81. كتاب سليم بن قيس الكوفي : 2 / 670 ضمن ح 12 ، بحار الأنوار : 72 / 170 ح 36 .
82. مستطرفات السرائر : 3 / 583 .
83. علل الشرائع : 601 ح 60 ، طبعة النجف الأشرف .
84. معاني الأخبار : 365 ح 1 .
85. الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : 334 ح 4 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 113 ح 172 ، بحار الأنوار : 27 / 53 ح 6 .
86. تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) : 579 ح 341 .
87. مرّت تخريجات الحديث في ص 112 .
88. دعائم الإسلام : 1 / 156 ، الهداية ـ للشيخ الصدوق ـ : 62 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 618 ضمن ح 1274 .
89. الكافي : 2 / 69 ح 2 ، علل الشرائع : 524 ح 1 .
90. تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) : 49 ضمن ح 22 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 1 / 291 ح 41 ، علل الشرائع : 140 ح 1 ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 61 ح 21 ، معاني الأخبار : 37 ضمن ح 9 و 399 ح 58 ، بحار الأنوار : 27 / 54 ح 8 .
91. القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 257 .
92. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 362 .
93. القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 39 ، الصفحة : 355 .
94. القران الكريم : سورة الكهف ( 18 ) ، الآية : 104 ، الصفحة : 304 .
95. القران الكريم : سورة المجادلة ( 58 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 544 .
96. الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : 29 ح 3 .
97. مناقب عليّ بن أبي طالب ـ لابن مردويه ـ : 124 ح 157 ، بحار الأنوار : 28 / 9 ـ 10 ح 12 و 16 .
98. كتاب سليم بن قيس الكوفي : 2 / 663 ضمن ح 12 .
99. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 105 ، الصفحة : 63 .
100. كشف الغمّة : 2 / 98 ـ 99 ، بحار الأنوار : 27 / 193 ح 52 .
101. شرح المقاصد : 5 / 258 .
102. شرح المقاصد : 5 / 259 .
103. القران الكريم : سورة الفتح ( 48 ) ، الآية : 16 ، الصفحة : 513 .
104. شرح المقاصد : 5 / 263 ـ 264 .
105. فلاحظ : شرح المقاصد : 5 / 292 ـ 294 .
106. شرح المقاصد : 5 / 290 .
107. شرح المواقف : 8 / 363 .
108. المواقف : 3 / 607 ـ 610 .
109. الكافي : 5 / 352 ح 17 .
110. الكافي : 5 / 351 ح 13 .
111. الكافي : 5 / 351 ح 8 .
112. الكافي : 5 / 351 ح 5 .
113. من لا يحضره الفقيه : 3 / 408 ح 4426 .
----------
منقول عن
كتاب عدالة الصحابة لسماحة العلامة الشيخ محمد السند
و أمّا الروايات
فقد روى الفريقان مستفيضاً عنه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، أنّه قال : " لو أنّ عبـداً عبـد بين الركن و المقام ألف عام ثمّ ألف عام ولم يحبّنا أهل البيت أكبّه الله على منخريه في النار " 54 .
و أخرج الطبراني في الأوسط ، أنّه ( صلى الله عليه و آله و سلم ) قال : " الزموا مودّتنا أهل البيت ، فإنّه من لقى الله عزّ و جلّ و هو يودّنا دخل الجنّة بشفاعتنا ، و الذي نفسي بيده لا ينفع عبـداً عمله إلاّ بمعرفة حقّنا " 55 .
و في كثير من طرق العامّة : " و كان مبغضاً لعليّ بن أبي طالب و أهل البيت [ أو : آل محمّـد ] أكبّه . . . " 56 .
نعم ، في غالب الطرق الوارد فيها : " مبغضاً " جعل الجزاء دخول النار ، و في الطرق الوارد فيها : " عدم محبّتهم " ، أو : " عدم معرفتهم " ، أو : " عدم ولايتهم " جعل الجزاء عدم قبول عمله و صيرورته هباءً منثوراً .
و هكذا فـي طرقنا ; ففي صـحيح محمّـد بن مسلم ، قال : سمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول : " كلّ مَن دان الله عزّ و جلّ بعبادة يجهد فيها نفسه و لا إمام له من الله فسعيه غير مقبول ، و هو ضالّ متحيّر ، و الله شانئ لأعماله . . . و إن مات على هذه الحال مات ميتة كفر و نفاق . .
و اعلم يا محمّـد! إنّ أئمّـة الجـور و أتباعهم لمعزولون عن دين الله قد ضـلّوا و أضـلّوا ، فأعمالهم التي يعملونها ï´؟ ... كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ï´¾ 57 " 58 .
و في رواية عبد الحميد بن أبي العلاء عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) في حديث ، قال : " والله لو أنّ إبليس سجد لله بعد المعصية و التكبّر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ، و لا قبله الله عزّ و جلّ ; ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عزّ وجلّ أن يسجد له ، وكذلك هذه الأُمّة العاصية ، المفتونة بعد نبيّها ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، وبعد تركهم الإمام الذي نصّبه نبيّهم ( صلى الله عليه و آله و سلم ) لهم ، فلن يقبل الله لهم عملا ، و لن يرفع لهم حسنة ، حتّى يأتوا الله من حيث أمرهم ، و يتولّوا الإمام الذي أُمروا بولايته ، و يدخلوا من الباب الذي فتحه الله ورسوله لهم " . .
و في رواية ميسر : " ثمّ لقى الله بغير ولايتنا لكان حقيقاً على الله عزّ وجلّ أن يكبّه على منخريه في نار جهنّم " 59 .
و في رواية أُخرى : " ولم يعرف حقّنا وحرمتنا أهل البيت لم يقبل الله منه شيئاً أبداً " 60 ، و مثلها رواية المفضّل 61 .
و في صحيح آخر لمحمّـد بن مسلم ، عن أحدهما ( عليه السلام ) ، قال : قلت : إنّا لنرى الرجل له عبادة و اجتهاد و خشوع و لا يقول بالحقّ ، فهل ينفعه ذلك شيئاً ؟!
فقال : " يا أبا محمّـد ! إنّـما مثل أهل البيت مثل أهل بيت كانوا في بني إسرائيل ، كان لا يجتهد أحد منهم أربعين ليلة إلاّ دعا فأُجيب ، وإنّ رجلا منهم اجتهد أربعين ليلة ثمّ دعا فلم يستجب له ، فأتى عيسى بن مريم ( عليه السلام ) يشكو إليه ما هو فيه ويسأله الدعاء ، قال : فتطهّر عيسى و صلّى ثمّ دعا الله عزّ وجلّ ، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه : يا عيسى بن مريم ! إنّ عبدي أتاني من غير الباب الذي أُوتى منه ، إنّه دعاني و في قلبه شكّ منك ، فلو دعاني حتّى ينقطع عنقه وتنتثر أنامله ما استجبت له . قال : فالتفت إليه عيسى ( عليه السلام ) فقال : تدعو ربّك وأنت في شكّ من نبيّه ؟! فقال : يا روح الله وكلمته! قد كان والله ما قلت ، فادع الله لي أن يذهب به عنّي . قال : فدعا له عيسى ( عليه السلام ) فتاب الله عليه و قبل منه و صار في حدّ أهل البيت " 62 .
و قد جعل تعالى مودّة ذوي القربى سبيلا إليه فقال : ï´؟ ... مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَن شَاء أَن يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا ï´¾ 63 ، و قد قال تعالى : ï´؟ ... وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ... ï´¾ 64 ، فلم يكن التعبير : " فابتغوه " بل : ï´؟ ... وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ ... ï´¾ 64 ، و قال تعالى : ï´؟ وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ... ï´¾ 65 ، فجعل الأسماء أبواباً لدعوته ، و الاسم آية للمسمّى و ليس عينه .
الثامنة
في تحديد معنى المستضعف و ذوي العذر من الضلاّل القصّر ; فقد وردت عدّة آيات في تحديده :
في قوله تعالى : ï´؟ إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا ï´¾ 66 ، فالآية تعدّد عدم قدرتهم على الوسيلة ، و عدم دركهم السبيل إلى الحقّ .
و قوله تعالى : ï´؟ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ï´¾ 67 .
و قوله تعالى : ï´؟ وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ï´¾ 68 .
فالآية الأُولى من البراءة تحدّده بالاعتراف بالذنوب ، و هذا نوع و نمط من التوبة و الإيمان بالحقّ و الإعراض عن الضلال .
و وردت أيضاً روايات عديدة في تحديده
في رواية ابن الطيّار عن أبي جعفر ( عليه السلام ) ، قال : سألته عن المستضعف ، فقال : " هو الذي لا يستطيع حيلة الكفر فيكفر ، و لا يهتدي سبيلا إلى الإيمان فيؤمن ، لا يستطيع أن يؤمن و لا يستطيع أن يكفر ، فهم الصبيان ، و مَن كان من الرجال و النساء على مثل عقول الصبيان ، و من رُفع عنه القلم " 69 .
و روى أيضاً ، قال : قال أبو عبـد الله ( عليه السلام ) : " المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين قتلوا حمزة و جعفر و أشباههما من المؤمنين ثمّ دخلوا بعده في الإسلام ، فوحّدوا الله و تركوا الشرك ، ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة ، ولم يكونوا على جحودهم فتجب لهم النار ، فهم على تلك الحالة مرجون لأمر الله إمّا يعذّبهم و إمّا يتوب عليهم " 70 .
و ظاهر الرواية الثانية أنّ " المُرجأ " هو الذي أسلم ولم يؤمن ، نظير قوله تعالى : ï´؟ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ... ï´¾ 71 .
و روى الحلبي عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) ، قال : " الناس على ستّ فرق : مستضعف ، و مؤلّف ، و مرجى ، و معترف بذنبه ، و ناصب ، و مؤمن " 72 .
و روى عبـد الغفّار الجازي عن أبي عبـد الله ( عليه السلام ) ، قال : " إنّ المستضعفين ضروب يخالف بعضهم بعضاً ، و مَن لم يكن من أهل القبلة ناصباً فهو مستضعف " 73 .
و هذه الرواية تبيّن أنّ القصور على درجات عديدة ، شـدّة و ضعفاً ، و هو هكذا عقلا ، و الضابطة فيه : أن لا يكون ناصباً ، و هي تشير إلى اشتراط انتفاء درجات نصب العداء التي قد فسّرت في روايات عديدة بأنّ منها : معاداة الشيعة لكونهم أتباع أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و منها : تولّي أصحاب السقيفة و الائتمام بهم ، ومنها : بغض أهل البيت قلباً وإن لم يكن لساناً ، ومنها : إنكار و جحد فضائل أهل البيت ( عليهم السلام ) ، و ستأتي الروايات في ذلك .
و في رواية سفيان بن السمط ، قال : قلت لأبي عبـد الله ( عليه السلام ) : ما تقول في المستضعفين ؟ فقال لي شبهاً بالمفزّغ : " و تركتم أحداً يكون مستضعفاً ؟! و أين المستضعفون؟! فو الله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العواتق في خدورهنّ ، و تحدّث به السقايات بطرق المدينة " 74 .
و روى عمرو بن إسحاق ، قال : سئل أبو عبـد الله ( عليه السلام ) : ما حدّ المستضعف الذي ذكره الله عزّ وجلّ؟ قال : " مَن لا يحسن سورة من القرآن وقد خلقه الله عزّ وجلّ خلقة ما ينبغي له أن لا يحسن " 75 ; و الحدّ في هذه الرواية من هو متخلّف عقلياً .
و في رواية حمران ، قال سألت أبا عبـد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( إلاّ المستضعفين )؟ قال : " هم أهل الولاية " ، قلت : و أي ولاية؟! فقال : " أما إنّها ليست بولاية في الدين و لكنّها الولاية في المناكحة و الموارثة و المخالطة ، و هم ليسوا بالمؤمنين و لا بالكفّار ، و هم المرجون لأمر الله عزّ و جلّ " 76 .
و روى سليمان بن خالد ، قال : سألت أبا عبـد الله ( عليه السلام ) عن قول الله عزّ وجلّ : ( إلاّ المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ) . . الآية؟ قال : " يا سليمان! في هؤلاء المستضعفين مَن هو أثخن رقبة منك ، المستضعفون قوم يصومون ويصلّون ، تعفّ بطونهم وفروجهم ، لا يرون أنّ الحقّ في غيرنا [ غيرها ] آخذين بأغصان الشجرة ، ( فأُولئك عسى الله أن يعفوَ عنهم ) ; إذ كانوا آخذين بالأغصان وإن لم يعرفوا أُولئك ، فإن عفى عنهم فبرحمته ، وإن عذّبهم فبضلالتهم عمّا عرّفهم " 77 .
و على نسخة : " غيرها " ; يكون المعنى : لا يرون أنّ الحقّ في غير الأعمال الصالحة ، كالصوم و الصلاة و العفّة ، و لا يعرفون حقائق الإيمان و الولاية ، فعسى أن يعفو الله تعالى عنهم بأخذهم بتلك الأعمال و بعد امتحانهم ـ كما تقدّم في مستفيض الروايات ـ و إن لم يعرفوا أُولئك أصحاب السقيفة بالباطل ، فإن عفى عنهم بعد الامتحان فبرحمته ، و إن عذّبهم فبضلالتهم عن حقيقة الإيمان التي عرّفها لهم ، و مَن هو أثخن رقبة منك ، أي الساذج البله . .
و على نسخة : " غيرنا " ; أي : لا يرون أنّ الحقّ في غيرنا ، و لكنّهم لم يعرفوا أصحاب السقيفة بالباطل ، فلديهم تولّي و لكن ليس لديهم تبرّي .
و في موثّق سليمان بن خالد عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : سألته عن المستضعفين؟ فقال : " البلهاء في خدرها والخادم تقول لها : صلِّ فتصلّي لا تدري إلاّ ما قلت لها ، و الجليب المجلوب ، وهو الخادم الذي لا يدري إلاّ ما قلت له ، والكبير الفاني ، والصبي الصغير ، هؤلاء المستضعفين ، فأمّا رجل شديد العنق ، جدل خصم ، يتولّى الشراء و البيع ، لا تستطيع أن تغبنه في شيء تقول : هذا مستضعف؟! لا و لا كرامة " 78 .
و روى الصدوق عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ، قال : " مَن عرف الاختلاف فليس بمستضعف " 79 ، و في رواية أبي بصير : " مَن عرف اختلاف الناس . . . " 80 .
و في رواية سليم بن قيس في جواب أمير المؤمنين (عليه السلام) للأشعث بن قيس ; قال الأشعث ـ رأس الفتنة ـ : والله لئن كان الأمر كما تقول لقد هلكت الأُمّة غيرك و غير شيعتك ؟!
قال : " فإنّ الحقّ والله معي يا ابن قيس كما أقول ، و ما هلك من الأُمّة إلاّ الناصبين و المكابرين و الجاحدين و المعاندين ، فأمّا من تمسّك بالتوحيد و الإقرار بمحمّـد و الإسلام ، ولم يخرج من الملّة ، ولم يظاهر علينا الظلمة ولم ينصب لنا العداوة ، و شكّ في الخلافة ولم يعرف أهلها وولاتها ، ولم يعرف لنا ولاية ولم ينصب لنا عداوة ، فإنّ ذلك مسلم مستضعف يرجى له رحمة الله و يُتخوّف عليه ذنوبه " 81 . .
فذكر (عليه السلام) للمستضعف تسعة قيود لفظاً قد ترجع خمسة منها إلى أن لا يتوالى أعداء أهل البيت ، و الغاصبين للخلافة ، و يكون شاكّاً ، و لا يظاهر عليهم النصّاب .
و روى في مستطرفات السرائر مسائل محمّـد بن على بن عيسى مكاتبة لمولانا أبي الحسن الهادي (عليه السلام) ، قال : كتبت إليه أسأله عن الناصب ، هل أحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت و الطاغوت و اعتقاده بإمامتهما؟! فرجع الجواب : " مَن كان على هذا فهو ناصب " 82 .
و روى في العلل ، بسنده إلى عبـد الله بن سنان ، عن الصادق (عليه السلام) ، قال : " ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت ; لأنّك لا تجد رجلا يقول : أنا أبغض محمّـداً و آل محمّـد ، ولكنّ الناصب مَن نصب لكم و هو يعلم أنّكم تتولّونا وأنّكم من شيعتنا " 83 .
و روى المعلّى بن الخنيس ، قال : سمعت أبا عبـد الله (عليه السلام) يقول : " ليس الناصب مَن نصب لنا أهل البيت ، لأنّك لا تجد أحداً يقول : أنا أبغض محمّـداً و آل محمّـد ، و لكنّ الناصب مَن نصب لكم و هو يعلم أنّكم تتولّونا و تتبرؤون من أعدائنا " 84 .
و روي في الأمالي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، قال : " من سرّه أن يعلم أمحبّ لنا أم مبغض؟! فليمتحن قلبه ، فإن كان يحبّ وليّاً لنا فليس بمبغض لنا ، و إن كان يبغض وليّاً لنا فليس بمحبّ لنا " 85 .
و روي في تفسير العسكري عن السجّاد ـ عليهما السلام ـ قال : " قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : ما من عبد و لا أمَة زال عن ولايتنا ، و خالف طريقتنا ، و سمّى غيرنا بأسمائنا و أسماء خيار أهلنا ، الذي اختاره الله للقيام بدينه و دنياه ، و لقّبه بألقابنا ، و هو كذلك يلقّبه معتقداً ، لا يحمله على ذلك تقّية خوف ، و لا تدبير مصلحة دين ، إلاّ بعثه الله يوم القيامة و مَن كان قد اتّخذه من دون الله وليّاً و حشر إليه الشياطين الّذين كانوا يغوونه فقال له : يا عبدي! أربّاً معي هؤلاء كنت تعبد ؟! و إيّاهم كنت تطلب ؟! فمنهم فاطلب ثواب ما كنت تعمل ، لك معهم عقاب إجرامك " 86 .
فيتحصّل أنّ الناصب على أقسام والمستضعف على درجات ، كلّها خارجة عن التقصير ، و لا يندرج فيه الموالي لأئمّة الضلال ، و من ثمّ روي عنهم (عليهم السلام) : " الناجون من النار قليل ; لغلبة الهوى و الضلال " 87 ، و مفاده : في النجاة من النار ، لا النجاة من الخلود ، و بينهما بون كما مرّ .
التاسـعة
إنّ شرطية النجاة بالولاية لا تعني التواكل في العمل ، و إنّما تعني أهمّية الولاية و أهمّية هذا المقام التوحيدي ، فإنّ روح العمل و قوامه بالنيّة ; قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " إنّما الأعمال بالنيّات " 88 ، و قال ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " نيّة المؤمن خير من عمله " 89 .
و قد روى العسكري (عليه السلام) ، عن آبائه (عليهم السلام) ، عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) ، أنّه قال لبعض أصحابه ذات يوم : يا أبا عبـد الله! أحبّ في الله و أبغض في الله ، و والِ في الله و عادِ في الله ; فإنّه لا تنال ولاية الله إلاّ بذلك ، و لا يجد رجل طعم الإيمان و إن كثرت صلاته و صيامه حتّى يكون كذلك ، و قد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا ، عليها يتوادّون و عليها يتباغضون ، و ذلك لا يغني عنهم من الله شيئاً " 90 .
فكما أنّ أهمّية الولاية لا تعني التفريط في العمل و التهاون فيه ، فكذلك صلاح العمل في صورته و قالبه لا يعني التفريط بالولاية و الإيمان ، إذ أنّ الولاية لهم (عليهم السلام) هي توحيد الولاية له تعالى و إخلاص له في التولّي .
و من ثمّ أكّدت عدّة آيات وروايات على خواء العمل بدونها ، و إنّه هباءً منثوراً ; قال تعالى : ï´؟ مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ ï´¾ 91 .
و قال : ï´؟ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ï´¾ 92 .
و قال : ï´؟ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا ... ï´¾ 93. .
و قال : ï´؟ ... وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ï´¾ 94 .
و قال : ï´؟ ... وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ عَلَى شَيْءٍ أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْكَاذِبُونَ ï´¾ 95 .
العاشـرة
إنّ مفاد الحـديث النبوي المعروف بين الفريقـين بـ : " حديث الفرقة الناجية " هو الدعوة لتمييزها و معرفتها كي تُتّبع ، و النهي عن اتّباع غيرها ، و عن التوقّف و التبلبل و الحيرة و الاضطراب . .
روى الشيخ المفيد بسنده عن سلمان رضي الله عنه ، يقول : قال رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلم ) : " تفترق أُمّتي ثلاث فرق : فرقة على الحقّ لا ينقص الباطل منه شيئاً ، يحبّونني و يحبّون أهل بيتي ، مثلهم كمثل الذهب الجيّد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ جودة ، و فرقة على الباطل لا ينقص الحقّ منه شيئاً ، يبغضونني ويبغضون أهل بيتي ، مثلهم مثل الحديد كلّما أدخلته النار فأوقدت عليه لم يزده إلاّ شرّاً ، وفرقة مدهدهة ، على ملّة السامري ، لا يقولون : لا مساس ، لكنّهم يقولون : لا قتال ، إمامهم عبـد الله بن قيس الأشعري " 96 . .
و يشير ( صلى الله عليه و آله و سلم ) إلى اضطراب الفرقة الثالثة ، و أنّ شعارهم : " لا قتال " ، أي : لا فيصلة بين الحقّ عن الباطل ، و يمزجون المذاهب و المسارات ، مدهدهة البصيرة 97 .
و روي ذلك عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ، إلاّ أنّه وصف الفرقة المذبذبة بأنّها شـرّ الفرق ; فقال : " إنّ هذه الأُمّـة تفترق على ثلاث و سبعين فرقة ، فرقة واحـدة منها في الجـنّة و اثنتان و سـبعون في النار ، و شرّها فأبغضها إلى الله و أبعـدها منه السامـرة ، الّذين يقولون : " لا قتال " و كذبوا ، و قد أمر الله عزّ و جلّ بقتال هؤلاء الباغين في كتابه و سُـنّة نبيّه ، و كذلك المارقة " 98 .
و روى في كشف الغُمّة أنّ عليّ بن الحسين (عليه السلام) قال : " قد انتحلت طوائف من هذه الأُمّة ـ بعد مفارقتها أئمّة الدين و الشجرة النبوية ـ إخلاص الديانة وأخذوا أنفسهم في ضحائل الرهبانية و . . . حتّى إذا طال عليهم الأمد وبعدت عليهم الشقّة و امتحنوا بمحن الصادقين رجعوا على أعقابهم ناكصين . . . و ذهب آخرون إلى التقصير في أمرنا ، و احتجّوا بمتشابه القرآن ، فتأوّلوا بآرائهم ، و اتّهموا مأثور الخبر ممّا استحسنوا ، يقتحمون في أغمار الشبهات و دياجير الظلمات بغير قبس نور من الكتاب ، و لا أثرة علم من مظانّ العلم ، بتحذير مثبطين زعموا أنّهم على الرشد من غيّهم . .
و إلى مَن يفزع خلف هذه الأُمّة ، و قد درست أعلام الملّة ، و دانت الأُمّة بالفرقة و الاختلاف يكفّر بعضهم بعضاً ، و الله تعالى يقول : ï´؟ وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ ... ï´¾ 99 ؟! فمَن الموثوق به على إبلاغ الحجّة وتأويل الحكمة ، إلاّ أهل الكتاب وأبناء أئمّة الهدى ومصابيح الدجى؟! . . . " 100 .
الحادية عشـرة
إنّ جملة من أتباع الشيخين قد ذهبوا إلى وجود النصّ من النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) عليهما . .
قال التفتازاني : المبحث الرابع : الجمهور على انّه (صلّى الله عليه [ وآله ] و سلّم) لم ينصّ على إمام ، و قيل : نصّ على أبي بكر (رض) نصّاً خفيّاً ، و قيل : جليّاً .
و قالت الشيعة : على عليّ (كرّم الله وجهه) خفيّاً ، و الإمامية منهم : جليّاً أيضاً 101 . انتهى .
و قال في شرح كلامه السابق : ذهب جمهور أصحابنا و المعتزلة و الخوارج إلى أنّ النبيّ صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم لم ينصّ على إمام بعده ، وقيل : نصّ على أبي بكر ; فقال الحسن البصري : نصّاً خفيّاً ، وهو تقديمه إيّاه في الصلاة ، وقال بعض أصحاب الحديث : نصّاً جليّاً 102 .
ثمّ إنّ التفتازاني يناقض نفسه ; فمع إنكاره للقول بالنصّ يستدلّ على إمامة أبي بكر بالنصّ!!
قال : المبحث الخامس : الإمام بعد رسول الله صلّى الله عليه [ وآله ]و سلّم أبو بكر ، و قالت الشيعة : عليّ .
لنا إجماع أهل الحلّ و العقد . . . و قد يتمسّك بقوله تعالى : ï´؟ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ ... ï´¾ 103 . . الآية ، فالداعي المفترض الطاعة أبو بكر عند المفسّرين !! و عمر عند البعض !! و فيه المطلوب ، و بقوله صلّى الله عليه [ و آله ] و سلّم : اقتدوا باللّذين من بعدي : أبي بكر و عمر . . . ثمّ قال : يأبى الله و المسلمون إلاّ أبا بكر . . . و بأنّ النبيّ صلّى الله عليه [ و آله ] و سلّم استخلفه في الصلاة ولم يعزله . . . و هذه ظنّيات ربّما تفيد باجتماعها القطع ، مع أنّ المسألة فرعية يكفي فيها الظنّ 104 .
و استدل في موضع آخر بعدّة نصوص رووها في فضائل أبي بكر و عمر 105 .
ثمّ إنّ التفتازاني ـ ككثير من متكلّمي و محدّثي أهل سُـنّة الجماعة ـ عقد بحثاً آخر مستقلاًّ في ذيل الإمامة ، و هو البحث عن الأفضلية في هذه الأُمّة لمَن ؟! و ترتيبها و أدلّتها . .
قال : المبحث السادس : الأفضلية عندنا بترتيب الخلافة ، مع تردّد فيما بين عثمان و عليّ (رضي الله عنه) ، و عند الشيعة و جمهور المعتزلة الأفضل عليّ . لنا أجمالا 106 .
و كذلك لاحظ الأيجي في المواقف ، و الشريف الجرجانى في شرحها في المرصد الرابع ، فإنّهما مع نفيهما للنصّ قالا في جواب النصوص على إمامة عليّ (عليه السلام) : " هذه النصوص معارضة بالنصوص الدالّة على إمامة أبي بكر ، و هي من وجوه : الأوّل : قوله تعالى : . . . " ، ثمّ استدلّ بعدّة آيات قرآنية و نصوص روائية 107 .
كما أنّه في المقصد الخامس من المرصد الرابع عقد البحث في الأفضلية .
هذا ، و الإمعان في كلماتهم في عدالة الصحابة و فضائلهم ، و بالخصوص أصحاب السقيفة ، و بالأخصّ الشيخين ، يدلّ بوضوح على أنّهم يستدلّون بها بنحو يوازي الاستدلال بالعصمة و امتناع ارتكاب الباطل ، إلاّ أنّهم يغلّفوها بعبارات و عناوين عائمة غائمة تغطية للمعنى المستدلّ به بألفاظ أُخرى كي تتم المغالطة و تنطوي ، و هذا النمط من الاستدلال من أوسع أنواع صناعة المغالطة مضافاً إلى اضطراب حدود المعاني بتوسّط هذا النمط من الاستدلال ، كما أنّهم إذا ضاق بهم الخناق في الاستدلال و الجواب عن دلائل إمامة عليّ (عليه السلام) تراهم يتأمّلون في كون عصمة النبيّ ( صلى الله عليه و آله و سلم ) مطلقة . .
لاحظ مثلا : ما ذكر الأيجي في المواقف عن الاستدلال بـ : " فاطمة بضعة منّي " 108 . و هذه هي عاقبة الأمر ، و قد رووا : إنّ عمر محدَّث هذه الأُمّة!! و : لو كان نبيّاً بعدي لكان عمر!!!
الثانية عشـرة
هناك طوائف عديدة من الروايات بألفاظ مختلفة تنهى عن الذوبان في المخالفين و التسيّب في مخالطتهم ، و تأمر بالتحفّظ في كيفية التعايش معهم ، و هذه الطوائف متوافقة مع الطوائف الأُخرى الآمرة بالمداراة لهم و التعامل معهم بالحسن و التجمّل ; لأنّ الأُولى تحدّد هذا التعامل بكونه سطحيّاً لا في العمق ، و الثانية إنّما تحثّ على حسن التعامل على صعيد السطح . .
منها : صحيحة الحلبي عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ، أنّه أتاه قوم من أهل خراسان من ما وراء النهر فقال لهم : " تصافحون أهل بلادكم و تناكحونهم ، أما إنّهم إذا صافحتموهم انقطعت عروة من عرى الإسلام و إذا ناكحتموهم انتهك الحجاب فيما بينكم و بين الله عزّ و جلّ " 109 .
و في موثّق زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) ، قال : كانت تحته امرأة من ثقيف و له منها ابن يقال له : إبراهيم ، فدخلت عليها مولاة لثقيف فقالت لها : من زوجك هذا ؟ قالت : محمّـد بن علي . قالت : فإنّ لذلك أصحاباً بالكوفة قوم يشتمون السلف ويقولون . قال : فخلّى سبيلها ، فرأيته بعد ذلك قد استبان عليه و تضعضع من جسمه شيء . . الحديث 110 .
و في صحيح عبـد الله بن سنان ، عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ـ في حديث ـ : " و لا يتزوج المستضعف المؤمنة " 111 .
و في مـوثّق زرارة عن أبي عبـد الله (عليه السلام) ، قال : تزوّجوا في الشُكّاك و لا تزوّجوهم ; فإنّ المرأة تأخذ أدب زوجها و يقهرها على دينه " 112 ; و رواها الصدوق بطريق صحيح 113 .
و هذه الروايات في مورد النكاح و إن اختلفت أقوال الفقهاء في المنع أو الكراهة أو التفصيل ، إلاّ أنّ مفادها إجمالا يسوس باتّجاه التحفّظ عن الذوبان فيهم ، و إبقاء عازل في ضمن نظام التعايش معهم .
----------------------------
1. بحار الأنوار : 28 / 2 ـ 36 .
2. a. b. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 98 ، الصفحة : 94 .
3. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 106 ، الصفحة : 203 .
4. a. b. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 156 .
5. a. b. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 102 ، الصفحة : 203 .
6. a. b. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 60 ، الصفحة : 196 .
7. دعائم الإسلام : 1 / 27 ، قرب الإسناد : 351 ضمن ح 1260 ، المحاسن : 1 / 251 ـ 252 ح 474 و ح 476 .
8. صحيح مسلم : 3 / 1478 ح 1851 ، المعجم الكبير : 19 / 334 ح 769 ، سُنن البيهقي : 8 / 156 .
9. المناقب ـ للكوفي ـ 1 / 296 ح 220 و 2 / 146 ح 624 ، عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 2 / 27 ح 10 ، المسترشد ـ لابن جرير الطبري ـ : 260 ذيل ح 73 و 578 ح 250 ، مسند البزّار : 9 / 343 ح 3900 .
10. الكافي : 3 / 249 ح 6 ، بحار الأنوار : 5 / 292 ح 14 .
11. الكافي : 3 / 249 ح 7 ، بحار الأنوار : 5 / 293 ح 15 .
12. المعجم الكبير : 7 / 295 ح 6993 ، حلية الأولياء : 6 / 308 ، بحار الأنوار : 5 / 291 ح 5 .
13. الكافي : 3 / 248 ح 1 ، معاني الأخبار : 407 ح 86 ، بحار الأنوار : 5 / 290 ح 3 .
14. الكافي : 3 / 248 ـ 249 ح 1 ـ ح 7 ، بحار الأنوار : 5 / 288 ـ 297 ح 1 ـ ح 22 .
15. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 99 ، الصفحة : 94 .
16. تفسير العيّاشي : 1 / 269 ح 246 ، بحار الأنوار : 72 / 164 ح 23 .
17. الكافي : 2 / 282 ح 3 ، كتاب الإيمان و الكفر : باب أصناف الناس .
18. تفسير العيّاشي : 2 / 93 ح 74 ، بحار الأنوار : 72 / 164 ـ 165 ح 26 .
19. تفسير العيّاشي : 1 / 269 ح 249 ، معاني الأخبار : 202 ح 8 ، بحار الأنوار : 72 / 160 ح 13 .
20. الكافي : 3 / 247 ضمن ح 1 ، تفسير القمّي : 2 / 260 ، بحار الأنوار : 6 / 286 ح 7 و 290 ضمن ح 14 و 72 / 158 ح 3 .
21. الخصال : 608 ضمن ح 9 ، عيون الأخبار : 2 / 125 ضمن ح 1 ، بحار الأنوار : 8 / 40 ح 22 و 72 / 159 ح 6 .
22. معاني الأخبار : 392 ح 40 ، بحار الأنوار : 72 / 159 ح 7 .
23. تفسير فرات الكوفي : 298 ح 403 ، بحار الأنوار : 8 / 52 ضمن ح 59 .
24. تفسير القمّي : 2 / 202 ، الخصال : 408 ح 6 ، ثواب الأعمال : 206 ح 1 ، بحار الأنوار : 8 / 38 ح 16 و 39 / 19 و 41 / 26 .
25. a. b. c. d. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 28 ، الصفحة : 324 .
26. a. b. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 48 ، الصفحة : 86 .
27. القران الكريم : سورة مريم ( 19 ) ، الآية : 87 ، الصفحة : 311 .
28. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 109 ، الصفحة : 319 .
29. a. b. القران الكريم : سورة طه ( 20 ) ، الآية : 82 ، الصفحة : 317 .
30. القران الكريم : سورة الرعد ( 13 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 250 .
31. القران الكريم : سورة الأنبياء ( 21 ) ، الآية : 73 ، الصفحة : 328 .
32. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 6 و 7 ، الصفحة : 1 .
33. القران الكريم : سورة يونس ( 10 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 213 .
34. تفسير البرهان : 3 / 28 ـ 30 ح 4885 ـ ح 4894 .
35. تفسير نور الثقلين : 2 / 302 ـ 304 ح 57 ـ ح 63 .
36. عيون أخبار الرضا ( عليه السلام ) : 1 / 136 ح 35 ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 56 ح 11 ، بحار الأنوار : 8 / 19 ح 5 و 34 ح 4 .
37. القران الكريم : سورة غافر ( 40 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 469 .
38. التوحيد : 407 ح 6 ، بحار الأنوار : 8 / 351 ح 1 .
39. الخصال : 407 ح 6 ، بحار الأنوار : 8 / 39 ح 19 .
40. غرر الحكم ـ للآمدي ـ : 1 / 85 ح 1749 ، مستدرك الوسائل : 12 / 113 ضمن ح 13 .
41. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 27 ، الصفحة : 112 .
42. القران الكريم : سورة البقرة ( 2 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 6 .
43. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 64 ، الصفحة : 118 .
44. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 67 ، الصفحة : 119 .
45. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 107 .
46. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 2 ، الصفحة : 1 .
47. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 3 ، الصفحة : 1 .
48. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 4 ، الصفحة : 1 .
49. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 5 ، الصفحة : 1 .
50. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 6 ، الصفحة : 1 .
51. a. b. c. القران الكريم : سورة الفاتحة ( 1 ) ، الآية : 7 ، الصفحة : 1 .
52. القران الكريم : سورة الشورى ( 42 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 486 .
53. نهج البلاغة : الخطبة القاصعة .
54. شرح إحقاق الحقّ : 9 / 491 .
55. المعجم الأوسط : 3 / 26 ح 2251 ; و ذكره الهيثمي في مجـمع الزوائد : 9 / 172 ، و ابن حجر في الصواعق ، والنبهاني في الشرف المؤبّد : 96 ، و الحضرمي في رشفة الصادي : 43 .
56. لاحظ : شرح إحقاق الحقّ : 9 / 492 ـ 494 ، و 15 / 579 ، و 18 / 448 ، و 20 / 290 ـ 315 ، المستدرك على الصحيحين : 3 / 149 ، الغدير : 2 / 301 ، و 9 / 268 . .
و أخرجه الطبراني والسيوطي و الثعلبي و النبهاني ، وابن حجر في الصواعق : 172 . و غيرهم .
57. القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 257 .
58. الكافي : 1 / 140 ح 8 ، الوسائل : 1 / 118 ح 297 .
59. عقاب الأعمال : 250 ذيل ح 16 ، الوسائل 1 / 123 ذيل ح 312 .
60. علل الشرايع : 250 ح 7 ، الوسائل : 1 / 123 ذيل ح 310 .
61. عقاب الأعمال : 244 ذيل ح 3 ، الوسائل : 1 / 124 ح 314 .
62. الكافي : 2 / 294 ح 9 .
63. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 57 ، الصفحة : 365 .
64. a. b. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 35 ، الصفحة : 113 .
65. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 180 ، الصفحة : 174 .
66. القران الكريم : سورة النساء ( 4 ) ، الآية : 98 و 99 ، الصفحة : 94 .
67. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 102 ، الصفحة : 203 .
68. القران الكريم : سورة التوبة ( 9 ) ، الآية : 106 ، الصفحة : 203 .
69. تفسير القمّي 1 / 149 ، بحار الأنوار 72 / 157 ح 1 .
70. تفسير القمّي 1 / 304 ـ 305 ، بحار الأنوار 72 / 157 .
71. القران الكريم : سورة الحجرات ( 49 ) ، الآية : 14 ، الصفحة : 517 .
72. الخصال : 333 ح 34 ، بحار الأنوار 72 / 158 ح 4 .
73. معاني الأخبار : 200 ح 1 ، بحار الأنوار : 72 / 159 ح 8 .
74. معاني الأخبار : 201 ح 6 ، بحار الأنوار : 72 / 160 ح 11 .
75. معاني الأخبار : 202 ح 7 ، بحار الأنوار : 72 / 160 ح 12 .
76. مرّت تخريجات الحديث في ص 106 .
77. تفسير العيّاشي 1 / 270 ح 250 ، معاني الأخبار : 202 ح 9 ، بحار الأنوار 72 / 161 ح 14 .
78. تفسير العيّاشي : 1 / 270 ح 251 ، معاني الأخبار : 203 ح 10 ، بحار الأنوار : 72 / 161 ح 15 .
79. معاني الأخبار : 200 ح 2 ، بحار الأنوار : 72 / 162 ح 17 .
80. معاني الأخبار : 201 ح 3 ، بحار الأنوار : 72 / 162 ح 18 .
81. كتاب سليم بن قيس الكوفي : 2 / 670 ضمن ح 12 ، بحار الأنوار : 72 / 170 ح 36 .
82. مستطرفات السرائر : 3 / 583 .
83. علل الشرائع : 601 ح 60 ، طبعة النجف الأشرف .
84. معاني الأخبار : 365 ح 1 .
85. الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : 334 ح 4 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 113 ح 172 ، بحار الأنوار : 27 / 53 ح 6 .
86. تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) : 579 ح 341 .
87. مرّت تخريجات الحديث في ص 112 .
88. دعائم الإسلام : 1 / 156 ، الهداية ـ للشيخ الصدوق ـ : 62 ، الأمالي ـ للشيخ الطوسي ـ : 618 ضمن ح 1274 .
89. الكافي : 2 / 69 ح 2 ، علل الشرائع : 524 ح 1 .
90. تفسير الإمام العسكري (عليه السلام) : 49 ضمن ح 22 ، عيون أخبار الرضا (عليه السلام) : 1 / 291 ح 41 ، علل الشرائع : 140 ح 1 ، الأمالي ـ للشيخ الصدوق ـ : 61 ح 21 ، معاني الأخبار : 37 ضمن ح 9 و 399 ح 58 ، بحار الأنوار : 27 / 54 ح 8 .
91. القران الكريم : سورة إبراهيم ( 14 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 257 .
92. القران الكريم : سورة الفرقان ( 25 ) ، الآية : 23 ، الصفحة : 362 .
93. القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 39 ، الصفحة : 355 .
94. القران الكريم : سورة الكهف ( 18 ) ، الآية : 104 ، الصفحة : 304 .
95. القران الكريم : سورة المجادلة ( 58 ) ، الآية : 18 ، الصفحة : 544 .
96. الأمالي ـ للشيخ المفيد ـ : 29 ح 3 .
97. مناقب عليّ بن أبي طالب ـ لابن مردويه ـ : 124 ح 157 ، بحار الأنوار : 28 / 9 ـ 10 ح 12 و 16 .
98. كتاب سليم بن قيس الكوفي : 2 / 663 ضمن ح 12 .
99. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 105 ، الصفحة : 63 .
100. كشف الغمّة : 2 / 98 ـ 99 ، بحار الأنوار : 27 / 193 ح 52 .
101. شرح المقاصد : 5 / 258 .
102. شرح المقاصد : 5 / 259 .
103. القران الكريم : سورة الفتح ( 48 ) ، الآية : 16 ، الصفحة : 513 .
104. شرح المقاصد : 5 / 263 ـ 264 .
105. فلاحظ : شرح المقاصد : 5 / 292 ـ 294 .
106. شرح المقاصد : 5 / 290 .
107. شرح المواقف : 8 / 363 .
108. المواقف : 3 / 607 ـ 610 .
109. الكافي : 5 / 352 ح 17 .
110. الكافي : 5 / 351 ح 13 .
111. الكافي : 5 / 351 ح 8 .
112. الكافي : 5 / 351 ح 5 .
113. من لا يحضره الفقيه : 3 / 408 ح 4426 .
----------
منقول عن
كتاب عدالة الصحابة لسماحة العلامة الشيخ محمد السند
تعليق