نص الشبهة:
إذا كانت فاطمة ( عليها السلام ) قد ظُلمت من قِبل الخلفاء ، لماذا لم يُدافع عنها زوجها وهو البطل المعروف بشجاعته ؟
الجواب:
إنّ عدم دفاع الإمام عن حقّه ليس أمراً مسلّماً ، ولم يدلّ عليه دليل .
فقد قام الإمام ( عليه السلام ) بالدفاع عن حرمة بيته عملاً بواجبه الشرعي ، إلاّ أنّ الدفاع في ذلك اليوم لم يتّخذ شكل الحرب وإراقة الدماء لأنّ مصلحة الإسلام اقتضت ذلك ، ولو أنّه شهر السيف ووقف معه بنو هاشم ومجموعة من الصحابة الذين عقدوا له البيعة يوم غدير خمّ في وجه الخلفاء وأنصارهم لانقسم المسلمون إلى فريقين ، ولانهدّ أصل الإسلام ، وقد حدث أن جاء أحد المنافقين في زيّ الُمحبّ المُشفق إلى عليّ ( عليه السلام ) وقال له : يا أبا الحسن أبسط يدك حتّى أُبايعك ، وقائل هذه الجملة هو أبو سفيان العدوّ اللّدود للإسلام . إلاّ أنّ أمير المؤمنين كان مطّلعاً على دخيلة أمره ، في أنّه يريد إيقاع أهل بيت النبيّ في حرب داخليّة بالمدينة ، ولذلك أجابه ( عليه السلام ) بقوله :« إنّك والله ما أردت بالإسلام إلاّ الفتنة ، وإنّك والله طالما بغيت الإسلام ، لا حاجة لنا في نصيحتك » 1 .
هنا أريد أن ألفت نظر السائل ( إن كان هناك سائل ) إلى أنّه ليس الشجاع من يشهر السيف في كلّ المواضع ، وإنّما الشجاع هو الذي يعمل بواجبه ووظيفته ، فكم من شجعان ليس لهم استعداد لسماع قول الحقّ ، كما هو حال جامع الأسئلة .
وقد مرّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوم يتشايلون حجراً ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : نختبر أشدّنا وأقوانا ، فقال : ألا أخبركم بأشدّكم وأقواكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : « أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يُدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحقّ ، وإذا ملك لم يتعاط ما ليس له بحقّ» 2 .
وتاريخ الإسلام يشهد على أنّ شجرة الإسلام لم تضرب بجذورها في قلوب بعض الصحابة ، بل إنّ أغصانها لا زالت غضّةً طريّة يمكن زوالها مع أوّل ريح تهبّ . لذلك قال النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعائشة : « لولا أنّ قومك حديثٌ عهدهم بالجاهليّة لهدمت الكعبة ثمّ لجعلت لها بابين » 3 . ونحن لا نعرف شخصاً أشجع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهو لا يرى توفّر الظروف المناسبة لذلك العمل ، فمراعاة الظروف المحيطة هو دأب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكذلك عليٍّ ( عليه السلام ) ، فهل كان يصحّ إشعال نار حرب داخليّة في المدينة مع ارتداد بعض المسلمين ؟!
فهؤلاء الذين ينتظرون من عليّ ( عليه السلام ) البطل أن يحمل سيفه ويقطع رؤوس المخالفين بعد وفاة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كما حمله في بدر والأحزاب وأُحد ، هؤلاء لم يبحثوا في تاريخ الإسلام ، ولم يطّلعوا على ظروف ذلك الزمان .
يضاف إلى هذا : يمكننا أن نقول إذا ثبت أنّ الاعتداء على بيت فاطمة ( عليها السلام ) قد حصل بالأدلّة القطعية التي نقلها الفريقان ، فلا مجال للاستبعادات المزاجية التي لا تقوم على دليل أو برهان . هذا من جهة ومن جهة ثانية نحن نعلم أنّ دراسة القضية خارج نطاقها الموضوعي ليس بالأمر الصحيح فإنّ سكوت الإمام ـ إن صحّ ـ لابد أن يدرس من جميع الأبعاد لا من بُعد واحد ، كما هو واضح .
المصادر
1. تاريخ الطبري : 2 / 449 ، حوادث السنة الخامسة عشر للهجرة .
2. وسائل الشيعة : 15 / 361 ، الباب 53 من أبواب جهاد النفس ، الحديث 1 .
3. مسند أحمد : 6 / 176 .
فقد قام الإمام ( عليه السلام ) بالدفاع عن حرمة بيته عملاً بواجبه الشرعي ، إلاّ أنّ الدفاع في ذلك اليوم لم يتّخذ شكل الحرب وإراقة الدماء لأنّ مصلحة الإسلام اقتضت ذلك ، ولو أنّه شهر السيف ووقف معه بنو هاشم ومجموعة من الصحابة الذين عقدوا له البيعة يوم غدير خمّ في وجه الخلفاء وأنصارهم لانقسم المسلمون إلى فريقين ، ولانهدّ أصل الإسلام ، وقد حدث أن جاء أحد المنافقين في زيّ الُمحبّ المُشفق إلى عليّ ( عليه السلام ) وقال له : يا أبا الحسن أبسط يدك حتّى أُبايعك ، وقائل هذه الجملة هو أبو سفيان العدوّ اللّدود للإسلام . إلاّ أنّ أمير المؤمنين كان مطّلعاً على دخيلة أمره ، في أنّه يريد إيقاع أهل بيت النبيّ في حرب داخليّة بالمدينة ، ولذلك أجابه ( عليه السلام ) بقوله :« إنّك والله ما أردت بالإسلام إلاّ الفتنة ، وإنّك والله طالما بغيت الإسلام ، لا حاجة لنا في نصيحتك » 1 .
هنا أريد أن ألفت نظر السائل ( إن كان هناك سائل ) إلى أنّه ليس الشجاع من يشهر السيف في كلّ المواضع ، وإنّما الشجاع هو الذي يعمل بواجبه ووظيفته ، فكم من شجعان ليس لهم استعداد لسماع قول الحقّ ، كما هو حال جامع الأسئلة .
وقد مرّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بقوم يتشايلون حجراً ، فقال : ما هذا ؟ فقالوا : نختبر أشدّنا وأقوانا ، فقال : ألا أخبركم بأشدّكم وأقواكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : « أشدّكم وأقواكم الذي إذا رضي لم يُدخله رضاه في إثم ولا باطل ، وإذا سخط لم يخرجه سخطه من قول الحقّ ، وإذا ملك لم يتعاط ما ليس له بحقّ» 2 .
وتاريخ الإسلام يشهد على أنّ شجرة الإسلام لم تضرب بجذورها في قلوب بعض الصحابة ، بل إنّ أغصانها لا زالت غضّةً طريّة يمكن زوالها مع أوّل ريح تهبّ . لذلك قال النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لعائشة : « لولا أنّ قومك حديثٌ عهدهم بالجاهليّة لهدمت الكعبة ثمّ لجعلت لها بابين » 3 . ونحن لا نعرف شخصاً أشجع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فهو لا يرى توفّر الظروف المناسبة لذلك العمل ، فمراعاة الظروف المحيطة هو دأب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وكذلك عليٍّ ( عليه السلام ) ، فهل كان يصحّ إشعال نار حرب داخليّة في المدينة مع ارتداد بعض المسلمين ؟!
فهؤلاء الذين ينتظرون من عليّ ( عليه السلام ) البطل أن يحمل سيفه ويقطع رؤوس المخالفين بعد وفاة النبيّ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كما حمله في بدر والأحزاب وأُحد ، هؤلاء لم يبحثوا في تاريخ الإسلام ، ولم يطّلعوا على ظروف ذلك الزمان .
يضاف إلى هذا : يمكننا أن نقول إذا ثبت أنّ الاعتداء على بيت فاطمة ( عليها السلام ) قد حصل بالأدلّة القطعية التي نقلها الفريقان ، فلا مجال للاستبعادات المزاجية التي لا تقوم على دليل أو برهان . هذا من جهة ومن جهة ثانية نحن نعلم أنّ دراسة القضية خارج نطاقها الموضوعي ليس بالأمر الصحيح فإنّ سكوت الإمام ـ إن صحّ ـ لابد أن يدرس من جميع الأبعاد لا من بُعد واحد ، كما هو واضح .
المصادر
1. تاريخ الطبري : 2 / 449 ، حوادث السنة الخامسة عشر للهجرة .
2. وسائل الشيعة : 15 / 361 ، الباب 53 من أبواب جهاد النفس ، الحديث 1 .
3. مسند أحمد : 6 / 176 .
تعليق