بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
نص الشبهة:
ما هي العلاقة بين قضية كسر ضلع السيدة الزهراء (عليها السلام)، وضربها والباب، وبين العقيدة الإسلامية أو التشيع؟! ..
الجواب:
فإن خلافة النبوة إنما تعني أن يأخذ الخليفة موقع رسول الله، ويضطلع بمهماته، ومنها التعليم والتربية للناس، وتزكية نفوسهم، وتدبير أمورهم، والحكم والقضاء بينهم فيما اختلفوا فيه، وجهاد عدوهم، وحفظ أمنهم، وما إلى ذلك.
وهذا يحتاج إلى ميزات ومواصفات، وشرائط من حيث العلم، والورع، والتقوى، والشجاعة، والحكمة وغير ذلك..
والذين تصدوا للخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يريدون أن يقولوا للناس: إنهم أهل لهذا المقام، وأنهم جامعون لشرائط التصدي له. وأنهم يملكون الإخلاص، والتقوى، والاستقامة على جادة الحق، والأمانة على الدين، وعلى دماء وأموال، وأعراض الناس..
وإنما ارتبط الناس بهم في الأحقاب التالية، والتزموا بنهجهم، لأسباب بدأت سياسية، ثم تحولت بمرور الزمن، لتصبح دينية، واعتقادية، استندت إلى ما كان يشاع من تنزههم وبراءتهم من كل قبيح، وما كان ينسب إليهم من مآثر جعلت الكثيرين من الناس ينظرون إليهم بعين التقدير والاحترام..
حتى انتهى بهم الأمر إلى حد التقديس لكل قول وفعل صدر عنهم..
وقد كان هذا من أقوى الدواعي لبقاء هذا الارتباط، وأقوى مانع من وعي حقيقة إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)..
الأمر الذي نشأ عنه أن تتعرض الأمة لأعظم انتكاسة، وأخطر بلاء، ترك ذلك تأثيراته السلبية حتى على طبيعة تفكير الناس في الأمور وطريقة معالجتهم لها، فظهر الكثير من الخلل في فهم الأحداث، وفي النظرة إليها، والتعاطي معها..
ثم كانت هناك سلسلة طويلة من ردود الفعل غير المبررة لدى أمة عظيمة من الناس التزمت بخط أولئك الأشخاص بأعيانهم وهي ردود فعل تبدأ بإظهار حسن الظن بالجميع، ثم باللجوء ليس فقط للتبريرات الباردة، بل هي قد تصل في برودتها إلى حد التطرف غير العقلاني والإغراق في الخيال الذي لا يكاد يخطر على بال..
وتستمر في سيرها التصاعدي لكي تنتهي باتهام أصحاب النظرة الواعية والمنصفة، بمختلف أنواع التهم والأباطيل، ثم تتجاوز حدود التفسيق والتجهيل، لتصل إلى حد الاتهام بالابتداع والكفر، والشرك، واستحلال الدم، والعرض والمال..
وبعد هذا التوضيح الذي هو أقرب إلى التلميح منه إلى التصريح، نقول:
لقد كان العدوان على السيدة الزهراء (عليها السلام)، هو الأوضح والأصرح، والأبعد عن التأويل في إظهار واقع أولئك المتوثبين على مقام خلافة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، حيث إنه يوضح لنا:
أولاً: إنهم قد سعوا إلى اغتصاب حق ليس لهم، وأنهم قد مارسوا في هذا السبيل القوة التي بلغت بهم إلى حد ارتكاب أكثر من جريمة..
ثانياً: إنهم بفعلهم هذا قد أظهروا أنهم ليس فقط يفقدون أدنى المواصفات التي تؤهلهم للمقام الذي يسعون للحصول عليه، والوصول إليه، بل إن ضد تلك المواصفات هو الحاكم والمهيمن على كيانهم، والمتصرف بوجودهم.
وذلك لأن ارتكاب أدنى ظلم يكفي لحرمانهم من هذا المقام الخطير.. فكيف إذا كان ما ارتكبوه هو جرائم كبيرة وخطيرة في حق وحيدة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وسيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والتي أظهرت عظمتها النصوص الثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والتي يكون رضاها وغضبها (عليها السلام)، رضا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورضا الرسول رضا الله سبحانه، مما يعني أنها هي المعيار للحق والباطل، وللهدى والضلال..
فما اقترفوه في حقها من جرائم يوضح: أنهم غاصبون لأمر ليس لهم، وأنهم معتدون وظالمون.. وأنهم قد أغضبوا الله ورسوله، فهم لا يملكون إذن التقوى والورع، الذي يؤهلهم لخلافة النبوة..
كما أنهم قد أثبتوا بذلك أنهم ليسوا أمناء على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم.. حتى لو كانت هذه الدماء هي دماء بنت الرسول، وسيدة نساء العالمين (عليها السلام)، التي جعل الله ورسوله غضبها ورضاها طريقاً لمعرفة غضب الله ورسوله..
فإن من لا يتورع عن مهاجمة الزهراء (عليها السلام)، بهذا القدر من القسوة والجفاء، لا يمكن أن يحجزه شيء عن اقتراف أية جريمة أخرى. لأن كل الجرائم ستكون أهون عليه وأيسر من جرائمه هذه..
وإذا كان يمكن الاعتذار، أو التبرير، أو التأويل، لأي موقف انفعالي لا يتجاوز حدود الكلمة بل قد يمكن التشكيك فيها، أو الإنكار لها، فإنه حين يصل الأمر إلى حدود العدوان على الناس بالضرب، إلى حد الجرح والقتل، وإزهاق الأرواح، وإسقاط الأجنة، فإن الأمر سوف يستعصي على التأويل، ويصير في منأى عن إمكان التشكيك فيه والإنكار له..
وتقوم بذلك الحجة، وتعرف النوايا، وتستعلن الدخائل أمام العالم، والجاهل، والكبير، والصغير، والعدو، والصديق، والمسلم، وغير المسلم، ويصبح بإمكان كل أحد أن يكتشف ويميز المعتدي والظالم من المعتدى عليه والمظلوم، ويكتشف كل الناس طبيعة ومزاج، وتربية وتقوى، وأمانة، وصدق، و.. و.. من يدعي ما ليس فيه، ويتوثب على ما ليس له..
وليكون من آثار استبعاد هذا الحدث الثابت، وهو ضرب السيدة الزهراء (عليها السلام)، وإسقاط جنينها، فضلاً عن كسر ضلعها، أن تسد أبواب الهداية أمام كثيرين من الناس.. خصوصاً، أولئك الذين لم يمكن لهم حسم الأمر فيما يرتبط بصدق هذا الفريق أو ذاك، والذين لا يعرفون الكثير عن حقائق هذا الدين، أو ممن لم يدخلوا فيه، ولم يلتزموا بتعالميه، مما يعني أنهم لا يملكون قاعدة فكرية، أو عقيدية تمكنهم من تمييز المحق من المبطل.. ما دام أن هذا التمييز يحتاج إلى مرتكزات، يفقدها الإيمان والمعرفة بها.
وحتى الذين يلتزمون بدين الإسلام ويعترفون به، فإن إثبات أمر الإمامة لهم بالأدلة الفكرية العميقة. لن يكون سهلاً وميسوراً في ظل هذا الجهل، أو التجهيل، بكثير من حقائقه، من خلال الشبهات التي تهيمن على عقليات السواد الأعظم من الناس.
وهذا معناه: أن يصبح أمر الوصول إلى الحق منحصراً بالعلماء الأتقياء، وبالمنصفين من الباحثين، وما أقل هؤلاء، وما أشد ندرتهم، وما أقل وأضعف نتائج جهدهم.. حين يكونون أنفسهم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود..
بل ربما يستعصي الوصول إلى الحقيقة، حتى على هؤلاء أيضاً، وذلك حينما تتوالى الشبهات، ويتلاعب المتلاعبون بالحقائق، ويحرف المحرفون الأدلة ودلالاتها، أو يشككون فيها، أو يضيعون ما أمكنهم منها..
وما أشبه قضية السيدة الزهراء (عليها السلام)، في دلالاتها الناصعة، وفي حجيتها القاطعة.. على هذه الحقائق، بقضية الإمام الحسين (عليه السلام)، في كربلاء التي يفهمها البشر كلهم، عالمهم وجاهلهم، كبيرهم وصغيرهم، مؤمنهم وكافرهم. لكن قضية الإمام الحسن (عليهم السلام)، لا ينال معرفة وجوهها إلا قلة من أهل المعرفة والبحث، والتحقيق، ومن أهل السلامة في الدين ومن أهل البصيرة، والعقل والتدبر في الأمور..
والحمد لله رب العالمين 1.
---------
1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)،
الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين
نص الشبهة:
ما هي العلاقة بين قضية كسر ضلع السيدة الزهراء (عليها السلام)، وضربها والباب، وبين العقيدة الإسلامية أو التشيع؟! ..
الجواب:
فإن خلافة النبوة إنما تعني أن يأخذ الخليفة موقع رسول الله، ويضطلع بمهماته، ومنها التعليم والتربية للناس، وتزكية نفوسهم، وتدبير أمورهم، والحكم والقضاء بينهم فيما اختلفوا فيه، وجهاد عدوهم، وحفظ أمنهم، وما إلى ذلك.
وهذا يحتاج إلى ميزات ومواصفات، وشرائط من حيث العلم، والورع، والتقوى، والشجاعة، والحكمة وغير ذلك..
والذين تصدوا للخلافة بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يريدون أن يقولوا للناس: إنهم أهل لهذا المقام، وأنهم جامعون لشرائط التصدي له. وأنهم يملكون الإخلاص، والتقوى، والاستقامة على جادة الحق، والأمانة على الدين، وعلى دماء وأموال، وأعراض الناس..
وإنما ارتبط الناس بهم في الأحقاب التالية، والتزموا بنهجهم، لأسباب بدأت سياسية، ثم تحولت بمرور الزمن، لتصبح دينية، واعتقادية، استندت إلى ما كان يشاع من تنزههم وبراءتهم من كل قبيح، وما كان ينسب إليهم من مآثر جعلت الكثيرين من الناس ينظرون إليهم بعين التقدير والاحترام..
حتى انتهى بهم الأمر إلى حد التقديس لكل قول وفعل صدر عنهم..
وقد كان هذا من أقوى الدواعي لبقاء هذا الارتباط، وأقوى مانع من وعي حقيقة إمامة أمير المؤمنين (عليه السلام)..
الأمر الذي نشأ عنه أن تتعرض الأمة لأعظم انتكاسة، وأخطر بلاء، ترك ذلك تأثيراته السلبية حتى على طبيعة تفكير الناس في الأمور وطريقة معالجتهم لها، فظهر الكثير من الخلل في فهم الأحداث، وفي النظرة إليها، والتعاطي معها..
ثم كانت هناك سلسلة طويلة من ردود الفعل غير المبررة لدى أمة عظيمة من الناس التزمت بخط أولئك الأشخاص بأعيانهم وهي ردود فعل تبدأ بإظهار حسن الظن بالجميع، ثم باللجوء ليس فقط للتبريرات الباردة، بل هي قد تصل في برودتها إلى حد التطرف غير العقلاني والإغراق في الخيال الذي لا يكاد يخطر على بال..
وتستمر في سيرها التصاعدي لكي تنتهي باتهام أصحاب النظرة الواعية والمنصفة، بمختلف أنواع التهم والأباطيل، ثم تتجاوز حدود التفسيق والتجهيل، لتصل إلى حد الاتهام بالابتداع والكفر، والشرك، واستحلال الدم، والعرض والمال..
وبعد هذا التوضيح الذي هو أقرب إلى التلميح منه إلى التصريح، نقول:
لقد كان العدوان على السيدة الزهراء (عليها السلام)، هو الأوضح والأصرح، والأبعد عن التأويل في إظهار واقع أولئك المتوثبين على مقام خلافة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله)، حيث إنه يوضح لنا:
أولاً: إنهم قد سعوا إلى اغتصاب حق ليس لهم، وأنهم قد مارسوا في هذا السبيل القوة التي بلغت بهم إلى حد ارتكاب أكثر من جريمة..
ثانياً: إنهم بفعلهم هذا قد أظهروا أنهم ليس فقط يفقدون أدنى المواصفات التي تؤهلهم للمقام الذي يسعون للحصول عليه، والوصول إليه، بل إن ضد تلك المواصفات هو الحاكم والمهيمن على كيانهم، والمتصرف بوجودهم.
وذلك لأن ارتكاب أدنى ظلم يكفي لحرمانهم من هذا المقام الخطير.. فكيف إذا كان ما ارتكبوه هو جرائم كبيرة وخطيرة في حق وحيدة الرسول (صلى الله عليه وآله)، وسيدة نساء العالمين، فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والتي أظهرت عظمتها النصوص الثابتة عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، والتي يكون رضاها وغضبها (عليها السلام)، رضا رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ورضا الرسول رضا الله سبحانه، مما يعني أنها هي المعيار للحق والباطل، وللهدى والضلال..
فما اقترفوه في حقها من جرائم يوضح: أنهم غاصبون لأمر ليس لهم، وأنهم معتدون وظالمون.. وأنهم قد أغضبوا الله ورسوله، فهم لا يملكون إذن التقوى والورع، الذي يؤهلهم لخلافة النبوة..
كما أنهم قد أثبتوا بذلك أنهم ليسوا أمناء على دماء الناس وأعراضهم وأموالهم.. حتى لو كانت هذه الدماء هي دماء بنت الرسول، وسيدة نساء العالمين (عليها السلام)، التي جعل الله ورسوله غضبها ورضاها طريقاً لمعرفة غضب الله ورسوله..
فإن من لا يتورع عن مهاجمة الزهراء (عليها السلام)، بهذا القدر من القسوة والجفاء، لا يمكن أن يحجزه شيء عن اقتراف أية جريمة أخرى. لأن كل الجرائم ستكون أهون عليه وأيسر من جرائمه هذه..
وإذا كان يمكن الاعتذار، أو التبرير، أو التأويل، لأي موقف انفعالي لا يتجاوز حدود الكلمة بل قد يمكن التشكيك فيها، أو الإنكار لها، فإنه حين يصل الأمر إلى حدود العدوان على الناس بالضرب، إلى حد الجرح والقتل، وإزهاق الأرواح، وإسقاط الأجنة، فإن الأمر سوف يستعصي على التأويل، ويصير في منأى عن إمكان التشكيك فيه والإنكار له..
وتقوم بذلك الحجة، وتعرف النوايا، وتستعلن الدخائل أمام العالم، والجاهل، والكبير، والصغير، والعدو، والصديق، والمسلم، وغير المسلم، ويصبح بإمكان كل أحد أن يكتشف ويميز المعتدي والظالم من المعتدى عليه والمظلوم، ويكتشف كل الناس طبيعة ومزاج، وتربية وتقوى، وأمانة، وصدق، و.. و.. من يدعي ما ليس فيه، ويتوثب على ما ليس له..
وليكون من آثار استبعاد هذا الحدث الثابت، وهو ضرب السيدة الزهراء (عليها السلام)، وإسقاط جنينها، فضلاً عن كسر ضلعها، أن تسد أبواب الهداية أمام كثيرين من الناس.. خصوصاً، أولئك الذين لم يمكن لهم حسم الأمر فيما يرتبط بصدق هذا الفريق أو ذاك، والذين لا يعرفون الكثير عن حقائق هذا الدين، أو ممن لم يدخلوا فيه، ولم يلتزموا بتعالميه، مما يعني أنهم لا يملكون قاعدة فكرية، أو عقيدية تمكنهم من تمييز المحق من المبطل.. ما دام أن هذا التمييز يحتاج إلى مرتكزات، يفقدها الإيمان والمعرفة بها.
وحتى الذين يلتزمون بدين الإسلام ويعترفون به، فإن إثبات أمر الإمامة لهم بالأدلة الفكرية العميقة. لن يكون سهلاً وميسوراً في ظل هذا الجهل، أو التجهيل، بكثير من حقائقه، من خلال الشبهات التي تهيمن على عقليات السواد الأعظم من الناس.
وهذا معناه: أن يصبح أمر الوصول إلى الحق منحصراً بالعلماء الأتقياء، وبالمنصفين من الباحثين، وما أقل هؤلاء، وما أشد ندرتهم، وما أقل وأضعف نتائج جهدهم.. حين يكونون أنفسهم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود..
بل ربما يستعصي الوصول إلى الحقيقة، حتى على هؤلاء أيضاً، وذلك حينما تتوالى الشبهات، ويتلاعب المتلاعبون بالحقائق، ويحرف المحرفون الأدلة ودلالاتها، أو يشككون فيها، أو يضيعون ما أمكنهم منها..
وما أشبه قضية السيدة الزهراء (عليها السلام)، في دلالاتها الناصعة، وفي حجيتها القاطعة.. على هذه الحقائق، بقضية الإمام الحسين (عليه السلام)، في كربلاء التي يفهمها البشر كلهم، عالمهم وجاهلهم، كبيرهم وصغيرهم، مؤمنهم وكافرهم. لكن قضية الإمام الحسن (عليهم السلام)، لا ينال معرفة وجوهها إلا قلة من أهل المعرفة والبحث، والتحقيق، ومن أهل السلامة في الدين ومن أهل البصيرة، والعقل والتدبر في الأمور..
والحمد لله رب العالمين 1.
---------
1. مختصر مفيد.. (أسئلة وأجوبة في الدين والعقيدة)،
تعليق