تويت
أقول: إن أخذ هذا القيد (وهو من غير مشقة) في معنى الغنيمة غير سديد قطعاً، وإلا يلزم عدم شمول الغنيمة لأظهر أفرادها وهي الغنائم الحربية؛ لوضوح إن الغنائم الحربية لا تحصل إلا بالمشقة، وأي مشقة أشق من بذل النفس النفيس الواقع في الحرب!، فذكر هذا القيد في تفسيرها غير صحيح، ولذا لم يذكره بعض آخر من علماء اللغة.
وممن صرح بكون هذا القيد زائداً صاحب تفسير المنار؛ حيث قال في ضمن تفسير هذه الآية: إن صاحب القاموس أضاف هذا القيد أي (من غير مشقة) على حسب ذوق اللغة، ولكنه غير دقيق، فالمتبادر من الاستعمال أن الغنيمة والغنم ما يناله الإنسان، ويظفر به من غير مقابل مادي يبذله في سبيله كالمال في التجارة مثلاً ([1])فإن جاءت الغنيمة بغير عمل ولا سعي مطلقاً سميت الغنيمة الباردة([2]).
كما إن المراد مما في بعض الكتب كأقرب الموارد وغيره من تقييد كون الفوز بالشيء المأخوذ في مفهوم الغنم بكونه بلا بدل، هو بيان الفرق بين باب الغنيمة والمعاوضة، فإن الثاني يعتبر في صدقه وجود البدل، وتحقق المبادلة وأما باب الغنم فهو باب الفائدة فنفس التجارة والمعاوضة لا يصدق عليها الغنيمة وإن كان الربح الحاصل غنيمة.
بالإضافة الى أن الإمام (8) عطف هذه الموارد التي استشهدوا بها على الفائدة والغنيمة، والأصل في العطف المغايرة كما هو معلوم، فيدل على أن مراده من الغنيمة عامة الفائدة والتي تشمل حتى ما يحصل من دون سعي ومشقة.
وعطف الخاص على العام كثير في القرآن واللغة نحو قوله: Pمَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَO([3])، فعطف جبريل وميكال على الملائكة، وقوله عز من قائل: Pيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَO([4])، فعطف التفضيل على مطلق النعمة وهو من عطف الخاص على العام، ومن أحكام هذا النوع من العطف أنه لا يخصص العام، كما ذكر ابن العربي: إذا كان أول الخطاب لفظاً عاماً فما عُطف عليه بلفظ الخصوص، لا يوجب تخصيص عموم اللفظ.
والغرض من ذكره التنبيه على شمول العام له عند توهم خروجه.
بالإضافة الى تصريح أكثر أهل اللغة بشمول معناه لمطلق الفائدة والربح سواء ما كان منه بمشقة وسعي او لا، كقول الراغب: الغُنم بالضم فالسكون إصابته والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدي وغيرهم قال: Pوَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ O([5])، Pفَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباًO([6])، والمغنم ما يغنم جمعه مغانم قال Pفَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ O([7]).
وفي مجمع البحرين: الغنيمة في الأصل هي الفائدة المكتسبة.
وفي المعجم الوجيز: غنم الشيء غنماً فاز به.
وفي المصباح المنير: غنمت الشيء أغنمه غُنماً: اصبته غنيمة .
بل صرح بعض أهل اللغة والتفسير بعكس ذلك تماماً وهي إن معنى الغنيمة ما كان بسعي ومشقة، ففي التفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: الغنيمة في اللغة ما يناله الرجل بسعي، ومنه قول الشاعر: وقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالأياب([8]).
([1]) مراده بيان الفرق بين باب المعاوضة وباب الغنيمة فلا يقال لشراء شيء بعشرة دراهم مثلاً أنه غنيمة، نعم لو حصل له الربح من هذا الشراء يقال للربح الحاصل أنه غنيمة.
([2]) تفسير المنار: ج10، ص3.
([3]) البقرة: 98.
([4]) البقرة: 122.
([5]) الأنفال: 41.
([6]) الأنفال: 69.
([7]) النساء: 94.
([8])التفسير الجامع للقرطبي: ج8، ص1.
وممن صرح بكون هذا القيد زائداً صاحب تفسير المنار؛ حيث قال في ضمن تفسير هذه الآية: إن صاحب القاموس أضاف هذا القيد أي (من غير مشقة) على حسب ذوق اللغة، ولكنه غير دقيق، فالمتبادر من الاستعمال أن الغنيمة والغنم ما يناله الإنسان، ويظفر به من غير مقابل مادي يبذله في سبيله كالمال في التجارة مثلاً ([1])فإن جاءت الغنيمة بغير عمل ولا سعي مطلقاً سميت الغنيمة الباردة([2]).
كما إن المراد مما في بعض الكتب كأقرب الموارد وغيره من تقييد كون الفوز بالشيء المأخوذ في مفهوم الغنم بكونه بلا بدل، هو بيان الفرق بين باب الغنيمة والمعاوضة، فإن الثاني يعتبر في صدقه وجود البدل، وتحقق المبادلة وأما باب الغنم فهو باب الفائدة فنفس التجارة والمعاوضة لا يصدق عليها الغنيمة وإن كان الربح الحاصل غنيمة.
بالإضافة الى أن الإمام (8) عطف هذه الموارد التي استشهدوا بها على الفائدة والغنيمة، والأصل في العطف المغايرة كما هو معلوم، فيدل على أن مراده من الغنيمة عامة الفائدة والتي تشمل حتى ما يحصل من دون سعي ومشقة.
وعطف الخاص على العام كثير في القرآن واللغة نحو قوله: Pمَنْ كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَO([3])، فعطف جبريل وميكال على الملائكة، وقوله عز من قائل: Pيَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِي الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَO([4])، فعطف التفضيل على مطلق النعمة وهو من عطف الخاص على العام، ومن أحكام هذا النوع من العطف أنه لا يخصص العام، كما ذكر ابن العربي: إذا كان أول الخطاب لفظاً عاماً فما عُطف عليه بلفظ الخصوص، لا يوجب تخصيص عموم اللفظ.
والغرض من ذكره التنبيه على شمول العام له عند توهم خروجه.
بالإضافة الى تصريح أكثر أهل اللغة بشمول معناه لمطلق الفائدة والربح سواء ما كان منه بمشقة وسعي او لا، كقول الراغب: الغُنم بالضم فالسكون إصابته والظفر به ثم استعمل في كل مظفور به من جهة العدي وغيرهم قال: Pوَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ O([5])، Pفَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباًO([6])، والمغنم ما يغنم جمعه مغانم قال Pفَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ O([7]).
وفي مجمع البحرين: الغنيمة في الأصل هي الفائدة المكتسبة.
وفي المعجم الوجيز: غنم الشيء غنماً فاز به.
وفي المصباح المنير: غنمت الشيء أغنمه غُنماً: اصبته غنيمة .
بل صرح بعض أهل اللغة والتفسير بعكس ذلك تماماً وهي إن معنى الغنيمة ما كان بسعي ومشقة، ففي التفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: الغنيمة في اللغة ما يناله الرجل بسعي، ومنه قول الشاعر: وقد طوفت في الآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالأياب([8]).
([1]) مراده بيان الفرق بين باب المعاوضة وباب الغنيمة فلا يقال لشراء شيء بعشرة دراهم مثلاً أنه غنيمة، نعم لو حصل له الربح من هذا الشراء يقال للربح الحاصل أنه غنيمة.
([2]) تفسير المنار: ج10، ص3.
([3]) البقرة: 98.
([4]) البقرة: 122.
([5]) الأنفال: 41.
([6]) الأنفال: 69.
([7]) النساء: 94.
([8])التفسير الجامع للقرطبي: ج8، ص1.
تعليق