إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

الأُسسُ الخَمسَةُ في مَنظومَةِ التَعَايشِ الاجتماعي بين الإخْوَةِ المُؤمِنين في الدين

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الأُسسُ الخَمسَةُ في مَنظومَةِ التَعَايشِ الاجتماعي بين الإخْوَةِ المُؤمِنين في الدين

    "" الأُسسُ الخَمسَةُ في مَنظومَةِ التَعَايشِ الاجتماعي بين الإخْوَةِ المُؤمِنين في الدّينِ الوَاحِدِ ""
    """ مَضامينُ خِطابِ المَرجَعيّةِ الدّينيّةِ العُليَا الشريفةِ, دامتْ بركاتها ، اليَوم الجُمعَة"""
    :1:- وجوبُ حِفظِ الشخصيةِ الاعتبارية والمعنوية للمؤمنين وعدم هتكها وإذلالها .
    :2:- التراحمُ النفسي والاجتماعي بين المؤمنين .
    :3:- التناصرُ والتعاونُ بين المؤمنين ودفع كيد العدو عنهم.
    :4:- التعامل برفقٍ ولينٍ بعيداً عن الخشونة والعنف في حلّ المشاكل والنزاعات الاجتماعية داخل الأسرة وفي المجتمع.
    :5:- الحرصُ على التواصل الاجتماعي في العلاقات الخارجية , لا التواصل الافتراضي والابتعاد عن التقاطع والتدابر والهجران .
    """ نصُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة , العاشر مِن ربيع الآخر ,1439هجري - وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي, خَطيب , وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :
    :.. ما زلنا في بيان منظومة التعايش الاجتماعي بين الإخْوَةِ في الدين , والذين تربطهم رابطةُ الإيمان بالله تعالى , وهي من أقوى الروابط الإيمانية , وتُمثّلُ سرَّ الوجودِ بين البشرِ , والغرضَ الحكيمَ من خلقِ اللهِ لخلقه , ولا بُدّ من وضعِ أسس ووسائل تحفظُ هذه الرابطةَ الإيمانيةَ , وقد أطّرها الإسلامُ العزيز بنظامِ الحقوق , وأعطاها قيمةً واعتباراً وبقوةٍ تلزمُ المؤمنَ بالوفاءِ بها , بحيث مَن يُفوّتها يفّوتَ حقوق الأخرين , كما هو الحال في الدائن والمَدين وحقه في مطالبة مَدينه بأداء ما عليه.
    :..إنَّ مسألةَ العلاقات الاجتماعية قد أخذتْ صفةَ الحق والالزام في منظومة التعايش بين المؤمنين , ومَن حقّ المؤمن أن يُطالبَ أخاه المؤمن الآخر بهذا الحقِّ.
    وعلى أساس ذلك نبيّنُ ما هي مبادئ العلاقات الاجتماعية , وماهي أخلاقياتها ,
    وما هي نوع المعاشرة المطلوبة والاختلاط .
    ومَن يُبدي الإيمانَ لا بُدّ من أن يكون صادقاً في نوع التعايش الأخلاقي والاجتماعي , وقد وردَ الكثيرُ من الأحاديث التي تبيّنُ نوعَ الحقوق وطبيعتها ونوع َ العلاقة .
    ونذكرُ أسساً خمسةً منها :- وينبغي أن ننظرَ فيها ويرى كلُّ إنسانٍ منَا ويعرضُ نفسَه عليها حتى يعلمَ كم يملك منها - :
    : الأساسُ الأوّلُ :- وجوبُ حِفظِ الشخصيةِ الاعتبارية والمعنوية للمؤمنين وعدم هتكها وإذلالها .
    فكما أنَّ الإسلامَ حرصَ على أنْ يحفظَ حياةَ المؤمن وسلامته الجسدية ,كذلك حرصَ على سلامة الشخصية المعنوية للمؤمن , ويتمثّلُ ذلك بمجموعة من الأمور اقتضاها الدخولُ في ولاية الله تعالى والإيمان به , فهذا المؤمن ينبغي إجلاله واحترامه وحفظ كرامته من الإذلال والاعتداء .
    إنَّ هذه الشخصية الاعتبارية للمؤمن أرادَ اللهُ سبحانه لها أن تُصانَ كما أرادَ أنْ تُحفَظَ نفسَ المؤمن وسلامته الجسمية بالاحترام والإجلالِ له , وينبغي مُراعاة مراتب الإيمانِ بين المؤمنين , فهم يتفاوتون فيها من حيث التقوى والورع والعلم , وبحسب المقامات الدينية والاجتماعية والمهنية والعلمية , وينبغي أيضاً أن تأخذَ حقها في الاحترام والإجلال , فمثلاً الإنسان الذي له رصيد من العلم والتقوى ينبغي أن تُحفظَ شخصيته المعنوية والاعتبارية وعدم هتكها بالإذلال والتحقير , وكذلك مَن له مقام اجتماعي في البيت والأسرة كالأب والذي ينبغي أن يُحترمَ وكذا الأم والأخ الكبير , والأستاذ والمعلّم والطبيب , والذي له فضل في المجتمع من حيث خدمته.
    :.. هذه كلّها مراتبٌ ينبغي أن تُلاحظَ في تعاملنا وتعايشنا الاجتماعي , .
    وإنَّ مِن مقتضيات الإيمان والدين أن تُحفظَ هذه الشخصية الاعتبارية للمؤمنين ,
    وأن لا تُهتكَ أو يُستهان بها بالطعن والاتهام من دون دليل , في كلّ مكانٍ , في السيارة , في البيت , في الأماكن العامة , فروي عن الإمام جعفر الصادق , عليه السلامُ , أنّه قالَ :
    ( عظّموا أصحابكم ووقروهم ولا يتجهم- أي : استقبله بوجه كريه- بعضكم بعضا ,
    ولا تضاروا ولا تحاسدوا وإياكم و البخل ، كونوا عباد الله المُخلصين)
    : الكافي , الكُليني ,ج 2 , ص173.
    وكانَ الأمرُ سهلاً قبل أن تتقدّمَ وسائل العلوم التقنية الحديثة , تغتابُ شخصاً فيكون بالإمكان معالجة ذلك , ولكن وبفعل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة ,
    وحينما يكتبُ الشخصُ في صفحةٍ يقرأها الملايين , وقد قام بإسقاط شخصية المؤمن بالاتهام أو كشف الأسرار أو الطعن , والذي يؤدي إلى قتل هذه الشخصية المعنوية والاعتبارية اجتماعيّاً قتلاً يكون أشدّ من القتل الجسدي , ولذلك ينبغي أن ننتبه حينما نكتب في مواقع التواصل الاجتماعي في النت .
    ومن مقتضيات الإيمان باللهِ تعالى أن يُحفظَ التكافؤ في الإيمان في التعامل الاجتماعي بين المؤمنين , لأنَّ الإسلامَ بمجردِ الاشتراك في صفة الإيمان أعطى اعتباراً خاصاً وقيمةً عاليةً لذلك الإنسان المؤمن.
    ومن هنا حذّرتْ الرواياتُ المأثورةُ من توهين المؤمن وإذلاله وهتك حرمته الشخصية والمعنوية , وإنَّ فعل ذلك في الوسائل الحديثة هو أخطرُ وأكبرُ عند اللهِ سبحانه.
    (عن أبي عبد الله , الإمام الصادق , عليه السلام , قال : قال رسول الله , صلى الله عليه وآله , : قال الله عز وجل : مَن استذلَ عبدي المؤمن فقد بارزني بالمحاربة)
    : الكافي , الكُليني ,ج 2 , ص354.
    (عن أبي عبد الله , الإمام الصادق , عليه السلام , قال: مَن حَقّر مؤمنا فقيرا لم يزل
    اللهُ عز وجل له حاقراً ماقتا حتى يرجعَ عن مَحقرته إياه)
    : المَحاسن , البرقي ,ج1,ص97.
    ولذا ينبغي إعادة الاعتبار الاجتماعي والمعنوي للمؤمنين الذين تُنتهَكُ شخصياتهم.
    : الأساس الثاني:- التراحمُ النفسي والاجتماعي بين المؤمنين .
    إنّ الإسلامَ قد أعطى قيمةَ اجتماعيةً عظيمةً لهذه العناوين المهمة كما في قوله تعالى:
    ((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ))(107)الأنبياء , ونبذَ القسوةَ والخشونةَ والفظاظة والغلظةَ , وأكّدَ على الرحمةَ في التعامل بالقلوب , والتي ينبغي أن تنعكسَ آثارها اجتماعياً , فكما هناك رحمة اجتماعية فهناك رحمة نفسية وقلبية , ولينظر الإنسان إلى قلبه دائماً , بالرحمة بين المؤمنين جميعاً والرحمة بيننا وبين الناس الآخرين , وهناك رحمة خاصة للفقراء وللجرحى والمحتاجين والمساكين يجبُ أن تُلحظَ.
    ومن جملة الرحمة الخاصة أيضاً رحمةُ الأبِ بابنه , فكم هناك من القسوة العجيبة عند الآباء مع أبنائهم وبناتهم , وكذلك هناك رحمة للطبيب بمريضه , ومن أساسيات الإيمان هي رحمة المعلّم والأستاذ بطلابه , ورحمة العالم بالجاهل , ورحمة الرئيس بمرؤوسه, ومقضتى الرحمة النفسية أنْ إذا شاهدتَ صاحبَ غمٍ وكربٍ فعليك بمعونته ومساعدته في الخلاص من مشكلته وهمّه.
    : الأساس الثالث:- التناصرُ والتعاونُ بين المؤمنين ودفع كيد العدو عنهم.
    وهو من مقتضيات اشتراك المؤمنين في الولاية الإيمانية لله تعالى , وأن ينصرَ بعضهم بعضا في ردّ ودفع العدو والأذى عنهم .
    انصر أخاك المؤمن في دفع الظلم عنه وفي استرجاع حقه , وفي نزاعه مع أهل الباطل قف إلى جانبه, وكذلك الحال في نصرة المظلومين اجتماعيا كالبنات اللاتي يتعرضن لظلم في أسرهن ومن العشيرة , وبيّن لآخرين ممن يظلمون غيرهم في المجتمع بأنّهم ظلمه ويجب أن يكفوا عن الظلم .وكما في الرواية المأثورة :
    (انصر أخاك ظالماً أو مَظلوماً ، إنْ يك ظالماً فاردده عن ظلمه ، وإنْ يك مظلوماً فانصره)
    : كنز العمّال : المتقي الهندي ,ج3 ,ص414.
    والمُحصّلُ من ذلك هو أن لا يكون المؤمن لا أباليّاً وغير مُكترثٍ , وغير مُهتم ,
    ولا ينظرُ إلى إخوانه الآخرين ويطلع على أحوالهم ,بل أن يكون صاحبَ همٍّ في مساعدتهم ونصرتهم.
    ومن الضروري نصرةُ المؤمنين الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ,لأنّه لا يقوون على ذلك لوحدهم , فلا بدّ من الاستعانة بالآخرين.
    : الأساس الرابع:- :- التعامل برفقٍ ولينٍ بعيداً عن الخشونة والعنف في حلّ المشاكل والنزاعات الاجتماعية داخل الأسرة وفي المدرسة و المجتمع.
    إنَّ الأسلوب الهادئ والحوار برفق ولين يفتحُ قلبَ الخصم وينفذُ إليه , وكثيرٌ من المشاكل تتفاقم وتتعقد بسبب أسلوب العنف , وأسلوب الرفق واللين مطلوبٌ في التعامل الاجتماعي من حيث حلّ الإشكاليات الفكرية بالتعامل والعلاج على أساس الهدوء والرفق , وكما قال تعالى: ((قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ))(24)سبأ.
    ومع علم اللهِ تعالى بأنَّ المؤمن هو على هدى واقعاً ويقينا , ولكن مع هذا هو يقول للكافرين - وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ – لأنَّ الرفقَ يساعدُ على الاستماع والتلقي للحق.
    وكذلك الحال في قضية التكاليف فينبغي استعمال أسلوب الرحمة والحكمة ,
    وليس من الصحيح إشعارُ الآخرين بالأفضلية عليهم في التعامل معهم , بل يُخاطبون على قدر عقولهم.
    (عن أبي عبد الله , الإمام جعفر الصادق , عليه السلام , قال : يا عمر لا تُحمّلوا على شيعتنا وارفقوا بهم فإنّ الناسَ لا يَحتملون ما تَحملون )
    : الكافي , الكُليني ,ج 8 , ص334.
    : الأساس الخامس:- الحرصُ على التواصل الاجتماعي في العلاقات الخارجية ,
    لا التواصل الافتراضي والابتعاد عن التقاطع والتدابر والهجران .
    إنَّ التواصل والتزاورَ يُعززُ التماسك الاجتماعي بين المؤمنين ويقوّي كيانهم الاجتماعي والاقتصادي , ويجعلهم قادرين على مواجهة الأعداء والتحديات الخارجية ,وبالتقاطع والتدابر تذهبُ القوةُ ولا يتمكنون من مواجهة التحديات .
    (عن البرقي رفعه قال في وصية المفضل سمعتُ أبا عبد اللَّه, الإمام الصادق, عليه السّلام يقول: ( لا يفترق رجلان على الهجران إلا استوجب أحدهما البراءة واللعنة , وربما استوجب ذلك كلاهما فقال له معتب جعلني اللَّه فداك هذا الظالم فما بال المظلوم,
    قال لأنه لا يدعو أخاه إلى صلته ولا يتعامس- يتغافل- له عن كلامه سمعتُ أبي عليه السّلام , يقول : إذا تنازع اثنان فعاز أحدهما الآخر فليرجع المظلوم إلى صاحبه حتى يقول لصاحبه أي أخي أنا الظالم حتى يقطع الهجران بينه وبين صاحبه , فإنّ اللَّه تعالى حَكمٌ عدلٌ يأخذُ للمظلوم مِن الظالم )
    : الوافي, الفيض الكاشاني ,ج5 ,ص919.
    _________________________________________________
    الجُمْعَة, العاشر من ربيع الآخر ,1439 هِجرِي, المُوافِقَ للتاسع والعشرين
    من كانون الأول,2017م.
    ________________________________________________
    - تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
    - كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
    _______________________________________________

  • #2
    اللهم صل على محمد وال محمد
    بارك الله بكم ع البحث القراني المبارك
    شكرا لكم كثيرا

    تعليق

    المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
    حفظ-تلقائي
    Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
    x
    يعمل...
    X