بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
الأمن من مكر الله تعالى
المكر : صرف الغير عما يقصده بحيلةٍ , وذلك ضربان :
مكرٌ محمود وذلك أن يتحرى بذلك فعلَ جميلٍ وعلى ذلك قال تعالى : ( والله خير الماكرين ) "1"
ومذموم : وهو أن يتحرى بهِ فعل قبيح , قال تعالى : ( ولا يحيق المكرُ السيء إلا بأهله ) ؛ 2" , (وإذ يمكر بك الذين كفروا )"3""4"
س : ما معنى مكر الله ؟
ج // مكر الله عبارة عن نوع من العقوبة والانتقام والمجازاة في مقابل العمل المنهي عنه , الصادر من العبد , وهي عقوبة خفية يقهر عليها العبد ولا يشعر بها مثل ( الإملاء )"5" : (يعني إعطاء المهلة للكفار والفجار في الدنيا ؛ والذي يؤدي بالنتيجة وبسوء الاختيار إلى الطغيان وازدياد العصيان واستحقاق عقوبة أكثر)
إذن طول عمر الكافر والفاجر و وصوله إلى مراده ومقصوده من أنواع الفسق والفجور مهما كان بحسب الظاهر موجباً للمسرة ؛ إلا أنه في الحقيقة نوع من القهر والانتقام الالهي , وهو ما يعبر عنة بالمكر , ذلك أن طول العمرهذا,والوصول إلى المراد هو في الحقيقة شر ؛ إذ أنه يوجب زيادة العذاب
وعلى هذا فالمقصود من : الأمن من مكر الله تعالى :
هو أن يآمن الإنسان من انتقام الله الخفي وقهره , ويجهل سرعة الانتقام المفاجيء, وليس في قلبه خوف من العذاب الذي يستحقه بارتكاب الذنوب
إن عدم الآمن من المكر الالهي يعني الخوف من المسؤوليات والخوف من التقصير فيها ومن المعلوم أن الخوف يجب أن يكون في قلوب المؤمنين دائماً إلى جانب الأمل بالرحمة الألهيه بشكل متساوي , وهو الذي يعبر عنه في الروايات بالخوف والرجاء
فإذا وجد الإنسان نفسه يغرق في المعاصي ونعم الله تعالى تنهمر عليه فلا يأمن أن تكون تلك النعم استدراجاً له ؛ فهذه النعم تزيده غروراً وجهلاً فعندها يكون عقاب الله له في آخر مرحلة أوجع
فالله سبحانه وتعالى ينبه العبد بالابتلاء لعله يرجع إلى الصراط المستقيم فإن لم ينفع ذلك في تنبيهه غير سنته فيه إلى سنّه أخرى وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(( وما أرسلنا في قريةٍ من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلَّهم يضّرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنه حتى عَفَوا وقالوا قد مسَ آباءَنا الضّراءُ والسرَّاءُ فأخذناهم بغتة ً وهم لا يشعرون ))
فهذه الآيات الكريمة تلخص سنن الله تعالى في الأمم الغابرة :
إنَّ الله سبحانه كان كلّما أرسل إليهم نبياً من أنبيائه , يمتحنهم ويختبرهم بالبأساء والضرّاء , فكانوا يعرضون عن آيات الله التي كانت تدعوهم إلى الرجوع إلى الله والتضرّع والإنابة إليه , ولا يتنبهون بهاتيك المنبهات وهذه هي سنّه الابتلاء
وإذا لم ينفع ذلك بُدّلت هذه السنة بسنةٍ أُخرى وهي الطبع على قلوبهم بتقسيتها وصرفها عن الحق ؛ وجعلها متعلقة بالشهوات المادية وزينة الحياة الدنيا وبزخرفها وهذه سنة المكر .
ثم تتبعها سنة ثالثة وهي الاستدراج , وهي بتبديل السيئة حسنة والنقمة نعمة والبأساء والضراء سراء وفي ذلك تقريبهم يوماً فيوماً وساعة ساعة إلى العذاب الإلهي حتى يأخذهم بغتةً وهم لا يشعرون به لأنهم كانوا يرون أنفسهم في مهد الأمن والسلام .
ويشير الامام الصادق عليه السلام إلى نوعٍ آخر من المكر إذ يروى عنه عليه السلام : (( إذا رأيتم العبد يتفقد الذنوب من الناس ناسياً لذنبه فأعلموا أنه قد مُكِرَ به)) .
فينبغي للمؤمن أن ينشغل بإصلاح نفسه وما يُسأل عنه غداً , ولا يأمن أن يأتيه العذاب بغتةً من حيث سولت له نفسه انه بعيد عنه .
وقول المصنف ( دام ظله ) : (( وأخذه إياه من حيث لا يحتسب ))
الأخذ : الحوز للشيء وتحصيله , وهو تارةً يحصل بالتناول نحو : (معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده) , وتارة يحصل بالقهر نحو : أخذته الحمى , ويعبّر عن الأسير بأنه مأخوذ"6" .
والمعنى : لا يأمن العاصي من أن يناله العقاب الالهي من حيث يعتقد السلامة من العقاب وعدم الأخذ بالذنب .
————————-
الهوامش
"1"آعمران 54
"2"فاطر 43
" 3"الانفال 30
"4"المفردات في غريب القرآن ص 491.
"5"قوله تعالى : (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين ) آل عمران 178
"6"المفردات في غريب القرآن ص16
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
الأمن من مكر الله تعالى
المكر : صرف الغير عما يقصده بحيلةٍ , وذلك ضربان :
مكرٌ محمود وذلك أن يتحرى بذلك فعلَ جميلٍ وعلى ذلك قال تعالى : ( والله خير الماكرين ) "1"
ومذموم : وهو أن يتحرى بهِ فعل قبيح , قال تعالى : ( ولا يحيق المكرُ السيء إلا بأهله ) ؛ 2" , (وإذ يمكر بك الذين كفروا )"3""4"
س : ما معنى مكر الله ؟
ج // مكر الله عبارة عن نوع من العقوبة والانتقام والمجازاة في مقابل العمل المنهي عنه , الصادر من العبد , وهي عقوبة خفية يقهر عليها العبد ولا يشعر بها مثل ( الإملاء )"5" : (يعني إعطاء المهلة للكفار والفجار في الدنيا ؛ والذي يؤدي بالنتيجة وبسوء الاختيار إلى الطغيان وازدياد العصيان واستحقاق عقوبة أكثر)
إذن طول عمر الكافر والفاجر و وصوله إلى مراده ومقصوده من أنواع الفسق والفجور مهما كان بحسب الظاهر موجباً للمسرة ؛ إلا أنه في الحقيقة نوع من القهر والانتقام الالهي , وهو ما يعبر عنة بالمكر , ذلك أن طول العمرهذا,والوصول إلى المراد هو في الحقيقة شر ؛ إذ أنه يوجب زيادة العذاب
وعلى هذا فالمقصود من : الأمن من مكر الله تعالى :
هو أن يآمن الإنسان من انتقام الله الخفي وقهره , ويجهل سرعة الانتقام المفاجيء, وليس في قلبه خوف من العذاب الذي يستحقه بارتكاب الذنوب
إن عدم الآمن من المكر الالهي يعني الخوف من المسؤوليات والخوف من التقصير فيها ومن المعلوم أن الخوف يجب أن يكون في قلوب المؤمنين دائماً إلى جانب الأمل بالرحمة الألهيه بشكل متساوي , وهو الذي يعبر عنه في الروايات بالخوف والرجاء
فإذا وجد الإنسان نفسه يغرق في المعاصي ونعم الله تعالى تنهمر عليه فلا يأمن أن تكون تلك النعم استدراجاً له ؛ فهذه النعم تزيده غروراً وجهلاً فعندها يكون عقاب الله له في آخر مرحلة أوجع
فالله سبحانه وتعالى ينبه العبد بالابتلاء لعله يرجع إلى الصراط المستقيم فإن لم ينفع ذلك في تنبيهه غير سنته فيه إلى سنّه أخرى وهذا ما يشير إليه قوله تعالى :
(( وما أرسلنا في قريةٍ من نبي إلا أخذنا أهلها بالبأساء والضراء لعلَّهم يضّرعون ثم بدلنا مكان السيئة الحسنه حتى عَفَوا وقالوا قد مسَ آباءَنا الضّراءُ والسرَّاءُ فأخذناهم بغتة ً وهم لا يشعرون ))
فهذه الآيات الكريمة تلخص سنن الله تعالى في الأمم الغابرة :
إنَّ الله سبحانه كان كلّما أرسل إليهم نبياً من أنبيائه , يمتحنهم ويختبرهم بالبأساء والضرّاء , فكانوا يعرضون عن آيات الله التي كانت تدعوهم إلى الرجوع إلى الله والتضرّع والإنابة إليه , ولا يتنبهون بهاتيك المنبهات وهذه هي سنّه الابتلاء
وإذا لم ينفع ذلك بُدّلت هذه السنة بسنةٍ أُخرى وهي الطبع على قلوبهم بتقسيتها وصرفها عن الحق ؛ وجعلها متعلقة بالشهوات المادية وزينة الحياة الدنيا وبزخرفها وهذه سنة المكر .
ثم تتبعها سنة ثالثة وهي الاستدراج , وهي بتبديل السيئة حسنة والنقمة نعمة والبأساء والضراء سراء وفي ذلك تقريبهم يوماً فيوماً وساعة ساعة إلى العذاب الإلهي حتى يأخذهم بغتةً وهم لا يشعرون به لأنهم كانوا يرون أنفسهم في مهد الأمن والسلام .
ويشير الامام الصادق عليه السلام إلى نوعٍ آخر من المكر إذ يروى عنه عليه السلام : (( إذا رأيتم العبد يتفقد الذنوب من الناس ناسياً لذنبه فأعلموا أنه قد مُكِرَ به)) .
فينبغي للمؤمن أن ينشغل بإصلاح نفسه وما يُسأل عنه غداً , ولا يأمن أن يأتيه العذاب بغتةً من حيث سولت له نفسه انه بعيد عنه .
وقول المصنف ( دام ظله ) : (( وأخذه إياه من حيث لا يحتسب ))
الأخذ : الحوز للشيء وتحصيله , وهو تارةً يحصل بالتناول نحو : (معاذ الله ان نأخذ الا من وجدنا متاعنا عنده) , وتارة يحصل بالقهر نحو : أخذته الحمى , ويعبّر عن الأسير بأنه مأخوذ"6" .
والمعنى : لا يأمن العاصي من أن يناله العقاب الالهي من حيث يعتقد السلامة من العقاب وعدم الأخذ بالذنب .
————————-
الهوامش
"1"آعمران 54
"2"فاطر 43
" 3"الانفال 30
"4"المفردات في غريب القرآن ص 491.
"5"قوله تعالى : (ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خيرا لأنفسهم انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب مهين ) آل عمران 178
"6"المفردات في غريب القرآن ص16
تعليق