إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السيدة زينب(ع) وثقافة المقاومة والممانعة

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيدة زينب(ع) وثقافة المقاومة والممانعة

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على محمّد وآله الطيبين الطاهرين واللعن الدائم على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين



    كثُر الحديث عن دور المرأة ومكانتها في مقابل الرجل، وذلك بسبب التطبيقات الخاطئة والأعراف السائدة، التي شوَّهت الصورة الحقيقية للنظرة الإسلامية التي حرصت على توزيع الأدوار بين الرجل والمرأة بعدالة تنسجم مع قدرتها، من دون أي بخس في الثواب والعقاب، فلا فرق في الصلاح بين جنس وآخر: «مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ»(1)، ومراتب التقوى يرتقيها مستحقوها في تنافس شريف مشروع بصرف النظر عن اللغة واللون والعرق والجنس: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ»(2).‏
    بُني الإسلام على أركان منها الجهاد في سبيل الله تعالى، الذي له مكانته المميزة والخاصة إلى درجة ربطه بالله ورسوله عن حب وتفاعل في مقابل متطلبات الحياة الدنيا التي تقف حائلاً أمامه، قال تعالى: «قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين»(3).‏
    وقال رسول الله(ص): "للجنة باب يقال له باب المجاهدين"(4).‏
    وقال أمير المؤمنين علي(ع): "إنَّ الله عزَّ وجل جعل الإيمان على أربع دعائم: على الصبر واليقين والعدل والجهاد"(5).‏
    وقال الإمام الصادق(ع): "الجهاد أفضل الأشياء بعد الفرائض"(6).‏
    واعتبر رسول الله(ص) تارك الجهاد خاسراً في الدين والدنيا، قال(ص): "فمن ترك الجهاد ألبسه الله ذلاً في نفسه، وفقراً في معيشته، ومحقاً في دينه، إنَّ الله أعزَّ أمتي بسنابك خيلها ومراكز رماحها"(7).

    فالجهاد طريق لتثبيت معالم هذا الدين في مواجهة الظلم والانحراف والفساد والاحتلال والعدوان والمنكر، يتحقق بإجراءات يقوم بها الرجل من الإعداد والقتال والشهادة في ساحة المعركة، وأمَّا المرأة فلا قتال عليها-إلاَّ بظروف خاصة واستثنائية- لكنَّها شريكة في الجهاد بما تُحسنه في رعايتها لحياتها الزوجية والأسرية: "جهاد المرأة حسن التبعل"(8)، وبما تقوم به من مساهمات في نصرة الدين على الصعيدين الاجتماعي والسياسي، وما تشكله من دعم خلفي ومباشر أثناء الجهاد سواءً أكان ذلك بالحث وتهيئة الزاد، أو بالحضور الميداني القريب لمعالجة الجرحى وتقديم المساهمات الأخرى ما دون القتال، إضافة إلى القتال لو استلزم ذلك بإجازة الولي الفقيه.‏
    السيدة زينب(ع) نموذجاً:
    إنَّ السيدة زينب(ع) هي المثال الأبرز لمشاركة المرأة المجاهدة المسلمة في ميدان القتال في حالتها الأقصى والأقسى، وقد قامت بدورها في الميادين المختلفة على أكمل وجه، فهي الزوجة التي رعت حق زوجها واستأذنته في الخروج مع أخيها، وهي الأم التي أحسنت تربية أولادها فكان منهم من شاركها في مسيرتها إلى كربلاء وجاهد واستشهد مع الإمام الحسين(ع)، وهي العالمة التي بيَّنت مواقف الإسلام الأصيلة والثابتة في خطابها للناس في الكوفة والمدينة، وهي الشجاعة التي لم تخف في الله لومة لائم عندما واجهت الحكام الظلمة في مجالسهم كما في حوارها مع ابن زياد في الكوفة ويزيد في الشام، وهي العالمة التي نصرت الدين بتحملها للهم السياسي والإعلامي في أبرز أهداف النهضة الحسينية، وكشف زيف السلطان، وحث الناس على الوحدة حول الهدف للتغيير من أجل الإسلام المحمدي الأصيل، وهي المجاهدة الصابرة التي تحمَّلت فقد الأحبة والسبي والجراح وضعف البدن وجسامة المعاناة والمأساة من اجل إحقاق الحق
    .‏
    كل هذا الأداء كان يتم في سياق تكاملي، فالسيدة زينب(ع) اتخذت مواقفها في كربلاء وما بعدها كجزء من إيمانها وتكليفها الشرعي، وانسجمت بذلك مع دورها كامرأة مسلمة قدَّمت مساهمتها لإحياء وتقويم المسيرة الإسلامية للأمة، فهي لم تخرج عن سياق موقع المرأة المجاهدة في حياتها الخاصة والعامة، لكنها عبَّرت عنه بأحسن وأفضل وأرقى نموذج قدمته مع الإمام الحسين(ع). فالنقاش لا يصح بالحديث عن حالة استثنائية غير قابلة للتكرار أو المماثلة، وإلاَّ ألغينا القدوة النموذج في شخصية السيدة زينب(ع) للنساء، أو أثرنا نقاشاً حول خصوصية مُنحت لها كعطية إلهية تنسجم مع ما قامت به كحالة فريدة في التاريخ، وهذا ما لا يقول به أحد.‏
    إذاً نحن أمام السيدة النموذج والقدوة في المقاومة والممانعة، وفي الدور الاجتماعي والسياسي والإعلامي بحسب الحاجة إلى القيام به، سعة وضيقاً، رهناً بالظروف الموضوعية التي تحيط بالأمة، ولا يجوز تعطيل هذا الدور بذرائع واهية، تغلفها الأنانية أحياناً استئثاراً بالحياة الخاصة الوادعة والهانئة بعيداً عن همِّ الرسالة الإسلامية، والضغوطات الاجتماعية المرتبطة بالأعراف المصطنعة، وأحياناً أخرى بإيجاد قواعد وضوابط لنشاط المرأة لا تنسجم مع عظمة التكاليف الإسلامية لبناء جيل وأمة قادرة على مواجهة التحديات في كل زمان ومكان.‏

    - التصميم:
    لم تكن المقاومة والممانعة عند السيدة زينب(ع) وليدة اللحظة، بل كانت جزءًا من إيمان وقناعة متلازمين، وهي التي كانت تعلم نتيجة المسير منذ انطلاقة الركب الحسيني من المدينة المنورة، بشهادة الإمام الحسين(ع) وأهله وصحبه والسبي للنساء والأطفال، فقد أجاب الإمام الحسين(ع) أم سلمة عند محاولتها ثنيه عن الخروج من مكة: "يا أماه قد شاء الله عزَّ وجل أن يراني مقتولاً مذبوحاً ظلماً وعدواناً، وقد شاء أن يرى حرمي ورهطي ونسائي مشردين، وأطفالي مذبوحين مظلومين مأسورين مقيدين، وهم يستغيثون فلا يجدون ناصراً ولا معيناً"(9).‏
    ولم يكن التحاقها بأخيها الحسين(ع) لارتباطها العاطفي به، "إن التحاق السيدة زينب بنت علي(ع) بحركة الإمام الحسين(ع) منذ انطلاقتها من المدينة المنورة هو جزء لا يتجزأ من خطة تحقيق الهدف، فهي أخت الإمام(ع) المتزوجة من عبد الله بن جعفر وليست جزءاً من عياله كزوجته وأولاده ليكون وجودها عادياً وضرورياً، وهي تعلم نتيجة هذا المسار للروايات المعروفة عن النبي(ص) وأمير المؤمنين(ع) وما ذكره الإمام الحسين(ع) في جوابه لأخيه محمد بن الحنفية: "إن الله شاء أن يراهن سبايا"(10)، وهي قادرة على تقديم مساهمة كبيرة في إيضاح أهداف الإمام(ع) وكشف انحراف الحكم بسبب سعة علمها وقوة منطقها وتبنيها لهذا المنهج"(11).‏
    - مواجهة الخانعين:
    ثم نرى السيدة الجليلة تتحمل وعكاء السفر من المدينة إلى مكة المكرمة، ومنها إلى كربلاء مع كل عقبات الطريق، إلى أن تمَّ الحصار في كربلاء ومُنع معسكر الحسين(ع) من الماء، وجرت المعارك الضارية التي جسَّدت الشجاعة في جانب الحسين(ع) وأهله وصحبه، والبشاعة في أداء معسكر يزيد، حيث طاول القتل الشيوخ والشباب والأطفال، وقُطعت الرؤوس أمام الأعين، وحُرقت الخيام من دون مراعاة أي حرمة، ولُوحقت النساء لسرقة حليهن وشق ثيابهن بطريقة يخجل منها من كان له أدنى كرامة، مع كل هذا نرى شموخ الحوراء(ع) في صبرها وثباتها وتثبيتها لمن حولها، وهي التي بدأت المواجهة مع أهل الكوفة مباشرة بعد عاشوراء فحمَّلت المسؤولية للخانعين والساكتين عن الحق، الذين تراجعوا عن عهودهم ومواثيقهم، وتركوا ابن بنت رسول الله(ص) وحيداً في المعركة، ولم يقوموا بواجبهم الشرعي في نصرة الحق ورفع راية الإسلام لمواجهة الظلم والفساد والانحراف. ومن كان يمكن أن يقوم بهذا الدور، والقوم مسحوقون أمام ابن زياد؟ ومن كان يمكن أن يشير إلى الحقيقة والقوم منغمسون في الإثم الدموي الذي أحدثوه قبل يوم واحد؟ لو وقف أي رجل هذا الموقف لقُتل، ولو مرَّ الزمان من دون صوت مدويٍ بالحقائق لضعفت نتائجها، فكان الموقف الثابت للسيدة زينب(ع) عنواناً تأسيسياً لامتداد كربلاء بتثمير آثارها مباشرة قبل أن تجفَّ الدماء، ولم يثنها الثكل عن عزمها في رسم الخطوات الأولى لاستمرارية أهداف كربلاء، بتحميل المسؤولية للأمة التي ستُحاسب وستدفع ثمن فعلها غالياً.‏
    لا داعي للبكاء المخادع: "أما بعد، يا أهل الكوفة، يا أهل الختل والغدر، أتبكون؟ فلا رقأت الدمعة، ولا هدأت الرنة"(12).‏
    وما هي نتيجة عملكم، "ألا ساء ما قدَّمت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم وفي العذاب أنتم خالدون". ثم قالت(ع): "فلقد خاب السعي، وتبت الأيدي، وخسرت الصفقة، وبؤتم بغضب من الله، وضُربت عليكم الذلة والمسكنة".‏
    هل تعلمون عظيم ما صنعتم؟ "أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ وأي كريمة له أبرزتم؟ وأي دم له سفكتم؟ وأي حرمة له انتهكتم؟"‏
    لكن النتيجة معروفة مسبقاً، فمن ناحية "فلا يستخلفنكم المهل"، ومن ناحية أخرى "وإنَّ ربكم لبالمرصاد".‏
    لم تكن سلام الله عليها تستدر عطفهم في خطابها، ولم تُبرز لهم ألمها، بل رسمت صورة توضيحية لأدائهم وردود أفعالهم ونتائج أعمالهم في الدنيا والآخرة، بعرض متين متسلسل، يبيِّن مواطن الضعف والخلل عندهم، وما ترتَّب عليها من آثار يتحملون مسؤوليتها بالكامل. فلا إمكانية للاعتذار بالبكاء! ولا مجال لطي الصفحة الدموية المرَّة! وبما أنهم اختاروا معسكر الباطل بإرادتهم فليتحملوا كامل أوزاره، إنها جريمة كبيرة تواطأوا عليها. كان عليهم أن يكونوا مع الإمام الحسين(ع) ليكونوا على درب الإسلام الحق.‏
    وهي بموقفها أمام أهل الكوفة، تكون قد بدأت حملتها الإعلامية الهادفة، لتطال شرائح المجتمع كافة، بالوسائل المتاحة في ذلك الزمان، وبحسب الظروف المحيطة بها. ويمكننا القول بأن الحوراء(ع) رائدة في العمل الإعلامي التعبوي، حيث رسمت معالمه الأساسية التي تتمثل: بالصدق، والجرأة، وتسمية الأمور بأسمائها، وإعطاء المبررات الدقيقة الواضحة والمقنعة، وتنوع المستهدفين بالحركة الإعلامية، واختيار الخطاب المناسب بحسب الأشخاص، وإبراز أهمية دور المرأة في مواقع لا يؤثر فيها غيرها. لقد أثبتت سلام الله عليها أن الإعلام سلاح فعَّال يجب استخدامه على أكمل وجه لحماية منجزات الشهداء ومتابعة تحقيق أهداف الشهادة.‏
    - عناوين المواجهة:
    عند قراءتنا لخطبة(13) الحوراء زينب(ع) في مجلس يزيد في دمشق، تبرز خمسة عناوين أساسية:‏
    1- الشجاعة والجرأة والثبات.‏
    2- المنطق المتسلسل والمترابط الذي يكشف عن سعة العلم.‏
    3- إبراز المفاهيم الإسلامية الأصيلة.‏
    4- تبيان نتائج النهضة الحسينية في مقابل نتائج العمل الإجرامي ليزيد.‏
    5- الرضا بقضاء الله وقدره والإطمئنان بتحقيق الأهداف.‏

    إنَّ وقفتها في مجلس يزيد كشفت عن شخصيتها الجريئة والواثقة، فكيف بخطابها الذي أحاط به التقريع بالمخاطب من كل جانب، بدءاً بافتتاح الكلام بالآية الكريمة: «ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاءُوا السُّوأَى أَنْ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِئُونَ»(14)، مروراً بكلمات مثل: "فشمخت بأنفك. فوالله ما فريت إلاَّ لحمك..إني لاستصغر قدرك.. وهل رأيك إلاَّ فندا".‏
    والواضح في كلماتها، استهزاؤها بما حصل عليه يزيد، وإبرازُها للخسائر المتلاحقة التي أصابته، على الرغم من وهمه بالفوز وغروره بقتل الحسين(ع)، وهذا واضح من خلال استشهادها بالآية الكريمة: «وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ»(15)، وقولها:"لتردن على رسول الله بما تحملت من سفك دماء ذريته.. ولئن اتخذتنا مغنماً لتجدُنا وشيكاً مغرماً". في مقابل تأكيدها على انجازات النهضة الحسينية، من خلال إيرادها لقوله تعالى: «وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ»(16)، وقولها: "فوالله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا..فالحمد لله الذي ختم لأولنا بالسعادة ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة".‏
    - الدور الأصيل:
    لقد كانت الحوراء(ع) هادفة في كلماتها التي قالتها، وهي على قلتها في مجموع ما وصل إلينا، لكنَّها شكَّلت توجيهاً واضحاً لدور المرأة في بنائها الإسلامي الأصيل، وضرورة الاستفادة منه في المواقع الحرجة والصعبة، وتقديمه كصرخة في مواجهة الظلم. فعندما يكون الأداء مواكباً لعطاءات الدم وفي إطار التحدي للخط الآخر، لا محل للبكاء والضعف، بل للموقف والتحدي، وفي هذا المقام يخدم ضعف الجسد في إعطاء الفعالية للمقاومة والممانعة بكشف الحقائق في لحظة عجز الخصم عن استخدام قوة جسده وسلاحه، فمثل هذه المواجهة خاسرة عسكرياً للظالم لأنها في الموضع الخطأ المدمِّر، ورابحة لصاحبة الموقف لأنها في موضع الكلمة التي لا تحجبها حواجز السلطان. أيُّ سهام وجهتها زينب(ع) بكلمات قليلة لابن زياد، عندما سألها في مجلسه:كيف رأيتم صنع الله بكم؟ فأجابت:"ما رأيت إلاَّ جميلاً، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجهم، وسيجمع الله بينك وبينهم، فتُحاج وتُخاصم"(17).‏
    هذا النموذج الزينبي شكل مدرسة للمؤمنات المجاهدات في عصرنا، فنساء إيران في وقفتهن ضد الشاه، وخروجهن للتظاهر، وصمودهن على الرغم من التنكيل والقتل والجرح، ورفعهن للشعار الإسلامي باللباس والشعار والموقف والمسار، قد شاركن في هذا الإنجاز التاريخي المنعطَف بقيام الجمهورية الإسلامية في إيران بقيادة الولي الفقيه الإمام الخميني(قده)، وهو القائل في وصيته الخالدة عن نساء إيران: "نحن فخورون بأنَّ السيدات والنساء، الهرمة والشابة والصغيرة والكبيرة، حاضرات في الميادين الثقافية والاقتصادية والعسكرية، وجنباً إلى جنب مع الرجال أو أفضل منهم، يبذلن الجهد من أجل إعلاء كلمة الإسلام وأهداف القرآن الكريم".‏
    إنَّ الصورة البطولية للحوراء زينب(ع) في كربلاء وما بعدها تجسيدٌ للموقف الرسالي في مقاومة الظلم والفساد والانحراف والمنكر، وفي الممانعة التي تحرم الظلمة وأعوانهم من استثمار نتائج مواقفهم وأعمالهم، وهي ترسم لنا حدود مسؤولية أفراد الأمة للحفاظ على مسيرة الإسلام المحمدي الأصيل، في لحظات الشدة وبروز المخاطر.‏

    ------------------

    الهوامش:‏
    (1) سورة النحل الآية 97.‏
    (2) سورة الحجرات من الآية 13.‏
    (3) سورة التوبة الآية 24.‏
    (4) الكافي للكليني-ج5 ص2.‏
    (5) المصدر نفسه-ج2 ص 50.‏
    (6)المصدر نفسه -ج5 ص4.‏
    (7) المصدر نفسه - ج5 ص2.‏
    (8) المصدر نفسه -ج5 ص9.‏
    (9) بحار الأنوار-ج44 ص332.‏
    (10) اللهوف في قتلى الطفوف-ص 40.‏
    (11) عاشوراء مددٌ وحياة لكاتب المقالة-ص 176.‏
    (12) تُراجع الخطبة في بحار الأنوار-ج54 ص 109.‏
    (13) تُراجع الخطبة في بحار الأنوار-ج54 ص133 و134.‏
    (14) سورة آل عمران الآية 178.‏
    (15) سورة الروم الآية 10.‏
    (16) سورة آل عمران الآية 169.‏
    (17) بحار الأنوار -ج54 ص 116.‏


  • #2
    الأخت الكريمة
    ( عطر الولاية )
    بارك الله تعالى فيكم على هذا الاختيار القيم
    وثبتنا الله وإياكم على ولاية النبي وأهل بيته الكرام


    ولولا أبو طالب وأبنه * لما مثل الدين شخصا وقاما
    فذاك بمكة آوى وحامى * وهذا بيثرب جس الحماما

    فلله ذا فاتحا للهدى * ولله ذا للمعالي ختاما
    وما ضر مجد أبي طالب * جهول لغا أو بصير تعامى
    كما لا يضر إياب الصبا * ح من ظن ضوء النهار الظلاما

    [/CENTER]

    تعليق


    • #3
      اللهم صل على محمد وال محمد
      احسنتم وبارك الله بكم
      شكرا لكم كثيرا

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X