بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وال محمد
لاشك ولاريب ولا خلاف ان من اهم مصادر التشريع الاسلامي عند جميع المسلمين هو المصحف الشريف والسنة النبوية وبما ان القران الكريم تكون أغلب خطاباته في اياته الشريفة هي قواعد كلية عامة أومطلقة أومجملة أومتشابهه تحتاج الى من يوضح الخاص والمقيد والمبين منها والى من يرجع متشابه القرأن الى محكمه ، وهذا التوضيح هو دور السنة النبوية الذي يقع على عاتقها تخصيص وتقييد وتبيان لعموم واطلاق واجمال القرأن الكريم .
ومن ضمن الايات القرأنية ذات الخطاب العام التي لم تستثني مقام دون مقام ما فرضه الله تعالى في طاعة رسوله الكريم (ص) على العالم فرضاً مطلقاً لا شرط فيه ، ولا استثناء قال تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) . [ الحشر: 7 ] .
وقال تعالى: ( من يطع الرسول فقد أطاع الله ) ( النساء : 80 ) فإن الله تعالى أوجب على الناس التأسي به قولاً وفعلاً مطلقاً بلا استثناء . قال الطبري في تفسيره لهذه الاية في الجزء الثامن ص 562 :
قال أبو جعفر : وهذا إعذار من الله إلى خلقه في نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - يقول الله - تعالى ذكره - لهم : من يطع منكم - أيها الناس - محمدا فقد أطاعني بطاعته إياه ، فاسمعوا قوله وأطيعوا أمره ، فإنه مهما يأمركم به من شيء فمن أمري يأمركم ، وما نهاكم عنه من شيء فمن نهيي ، فلا يقولن أحدكم : إنما محمد بشر مثلنا يريد أن يتفضل علينا .
فبدلالة هاتين الايتين المطلقتين يجب علينا ان نتبع أقوال الرسول الاكرم محمد (ص) وان نطيعه ولانعصي ما يقول الا اذا جاءت روايات عنه (ص) في زمن متأخر منه (ص) وتعارضت وتخالفت هذه الروايات مع القرأن الكريم فانه بنص قول رسول الله (ص) فانه يضرب بها عرض الحائط او تترك لانها من زخرف القول . ومن المعلوم ان قول الرسول (ص) والاحاديث الصادرة منه هو ما يعبر عنه بالسنة . اذا يجب الحفاظ على السنة النبوية من التلف والضياع والاندثار ويجب علينا ان هذه الاحاديث والاخبار عن النبي (ص) وصحبه الاخيار . بقي سؤال يدور في الافكار هل حافظ الصحابة على الاحاديث النبوية التي هي أغلى من الكنوز والاثار ، ام حرقوا الاحاديث النبوية وألقوها في النار ....؟؟؟؟؟
م/ أبو بكر يحرق أحاديث النبي (ص) ويمنع من تدوينها :
*** المتقي الهندي - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال
- الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 285 / 286 )
29460 - مسند الصديق (ر) : قال الحافظ عماد الدين بن كثير في مسند الصديق : الحاكم أبو عبد الله النيسابوري ، حدثنا : بكر بن محمد الصريفيني بمرو ، حدثنا : موسى بن حماد ، ثنا : المفضل إبن غسان ، ثنا : علي بن صالح ، حدثنا : موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن ، عن إبراهيم بن عمرو ، عن عبيد الله التيمي ، حدثنا : القاسم بن محمد ، قال : قالت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله (ص) فكانت خمسمائة حديث ، فبات ليلة يتقلب كثيرا ، قالت : فغمني ، فقلت : تتقلب لشكوى أو لشيء بلغك ، فلما أصبح ، قال : أي بنية هلمي الأحاديث التي عندك فجئته بها فدعا بنار فأحرقها ، وقال : خشيت أن أموت وهي عندك فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني ، فأكون قد تقلدت ذلك ، وقد رواه القاضي أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي ، عن أبيه ، عن علي بن صالح ، عن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي ، حدثني : القاسم بن محمد أو ابنه عبد الرحمن بن القاسم شك موسى فيهما ، قال : قالت عائشة - فذكره وزاد بعد قوله : فأكون قد تقلدت ذلك ويكون قد بقي حديث لم أجده ، فيقال : لو كان ، قاله رسول الله (ص) : ما غبي على أبي بكر إني حدثتكم الحديث ولا أدري لعلي لم أتتبعه حرفا حرفا ، قال ابن كثير : هذا غريب من هذا الوجه جدا وعلي بن صالح لا يعرف ، والأحاديث عن رسول الله (ص) أكثر من هذا المقدار بألوف ولعله إنما اتفق له جمع تلك فقط ، ثم رأى ما رأى لما ذكرت ، قلت : قال الشيخ السيوطي (ر) أو لعله جمع ما فاته سماعه من النبي (ص) ، وحدثه عنه به بعض الصحابة كحديث الجدة ونحوه ، والظاهر أن ذلك لا يزيد على هذا المقدار لأنه كان أحفظ الصحابة وعنده من الأحاديث ما لم يكن عند أحد منهم كحديث ( ما دفن نبي الا حيث يقبض ) ثم خشي أن يكون الذي حدثه وهم فكره تقلد ذلك وذلك صريح في كلامه.
*** الذهبي - تذكرة الحفاظ = طبقات الحفاظ للذهبي
- الطبقة الأولي من الكتاب - أبو بكر الصديق (ر)
- الجزء : ( 1 ) - رقم الصفحة : ( 9 > 11 )
[ النص طويل لذا استقطع منه موضع الشاهد ]
- .... ومن مراسيل ابن أبي مليكة : إن الصديق جمع الناس بعد وفاة نبيهم ، فقال : انكم تحدثون عن رسول الله (ص) أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشد اختلافا فلا تحدثوا عن رسول الله شيئا فمن سألكم ، فقولوا : بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.
- .... وقد نقل الحاكم ، فقال : حدثني : بكر بن محمد الصيرفي بمرو ، أنا : محمد ابن موسى البربري ، أنا : المفضل بن غسان ، أنا : علي بن صالح ، أنا : موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن ، عن إبراهيم بن عمر بن عبيد الله التيمي ، حدثني : القاسم بن محمد ، قالت عائشة : جمع أبي الحديث عن رسول الله (ص) وكانت خمسمائة حديث فبات ليلته يتقلب كثيرا ، قالت : فغمني ، فقلت : أتتقلب لشكوى أو لشيء بلغك ، فلما أصبح ، قال : أي بنية هلمى الأحاديث التى عندك فجئته بها فدعا بنار فحرقها ، فقلت : لم أحرقتها ، قال : خشيت أن أموت وهي عندي فيكون فيها أحاديث عن رجل قد ائتمنته ووثقت ولم يكن كما حدثني : فأكون قد نقلت ذاك ، فهذا لا يصح والله أعلم.
م/ عمر ابن الخطاب يمنع رواية الاحاديث وكتابتها ويعاقب عليها و يأمر بمحو الاحاديث المكتوبة :
*** المتقي الهندي - كنز العمال في سنن الأقوال والأفعال
- الجزء : ( 10 ) - رقم الصفحة : ( 291 / 292 )
29472 - عن السائب بن يزيد ، قال : أسمعت عمر بن الخطاب ، يقول لأبي هريرة : لتتركن الحديث عن رسول الله (ص) أو لالحقنك بأرض دوس ، وقال لكعب : لتتركن الحديث أو لالحقنك بأرض القردة.
29473 - عن ابن أبي سفيان أنه خطب ، فقال : يا ناس أقلوا الرواية عن رسول الله (ص) وإن كنتم تتحدثون فتحدثوا بما كان يتحدث به في عهد عمر كان يخيف الناس في الله.
29474 - عن الزهري ، عن عروة : أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب السنن فاستفتى أصحاب رسول الله (ص) في ذلك فأشاروا عليه أن يكتبها فطفق عمر (ر) يستخير الله فيها شهرا ، ثم أصبح يوما وقد عزم الله له ، فقال : إني كنت أريد أن أكتب السنن ، وإني ذكرت قوما كانوا قبلكم كتبوا كتابا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله ، وإني والله لا أشوب كتاب الله بشيء أبدا.
29475 - عن ابن وهب ، قال : أسمعت مالكا يحدث أن عمر بن الخطاب أراد أن يكتب هذه الأحاديث أو كتبها ، ثم قال : لا كتاب مع كتاب الله.
29476 - عن يحيى بن جعدة ، قال : أراد عمر (ر) : أن يكتب السنة ، ثم بدا له أن لا يكتبها ، ثم كتب في الأمصار : من كان عنده شيء من ذلك فليمحه.
م/ ما حكم من قال حسبي كتاب الله ولايأخذ بالاحاديث النبوية :
1/ جاء في كتاب عون الباري ببيان ما تضمنه شرح السنة للأمام البربهاري لفضيلة الشيخ العلامة ربيع بن هادي عمير المدخلي رئيس قسم السنة بالجامعة الأسلامية بالمدينة المنورة سابقاً في صفحة 828 :
(فإذا جاء إنسان يقول لك حسبنا كتاب الله ، يكفينا كتاب الله لا تأتي إلا بكتاب الله ، كتاب الله بين أيدينا ما أحلّهُ أحللناه ، وما حرمه حرمناه ، فأعلم إنه مبتدعٌ أو زنديق)؟؟
2/ قال البربهاري في كتابه (شرح السُّنَّة ص119-120 فقرة 135 ط. مكتبة دار المنهاج) : "وإذا سَمِعْتَ الرَّجُلَ تأتيهِ بالأثَرِ فلا يُرِيدُهُ، وَيُريدُ القرآنَ، فلا [تشك] أنَّه رَجُلٌ قد احُتَوى على الزَّنْدَقَةِ، فَقُمْ مِنْ عِنْدِهِ [وَدَعْهُ]".
ترجمة البربهاري :
*** قال القاضي ابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة ج3 ص36 باب الحاء من الطبقة الثانية، تحقيق عبد الرحمن بن سليمان العثيمين) : "الحَسَنُ بنُ عَلِيٍّ بنِ خَلَفٍ، أبو محمد البَرْبَهاريُّ، شَيْخُ الطَّائِفَةٍ في وَقْتِهِ، ومُتَقَدِّمُهَا في الإنْكَارِ عَلَى أهل البِدَعِ، والمُبَايَنَةِ لهم باليَدِ واللِّسَانِ، وكانَ لَهُ صِيْتٌ عند السُّلْطَانِ، وقَدَمٌ عندَ الأصْحَابِ، وكانَ أَحَدَ الأئِمَّةِ العَارِفِينَ، والحُفَّاظِ للأُصُولِ المُتْقِنِينَ، والثِّقَاتِ المُؤْمِنِينَ".
*** وقال الذهبي في (سير أعلام النبلاء ج15 ص90) : "البَرْبَهاري شيخُ الحنابلة القُدوة الإمام ، أبو محمدٍ الحسنُ بنُ علي بن خَلَف البَرْبَهَارِيُّ الفقيه.
كان قوَّالاً بالحق ، داعيةً إلى الأثر ، لا يَخَافُ في الله لومةَ لائم".
*** وقال ابن كثير في (البداية والنهاية ج15 ص137 تحقيق التركي) في حوادث سنة 329 هـ : "أبو محمدٍ البَرْبَهاريُّ الواعظُ ، الحسنُ بنُ عليٍّ بنِ خَلَفٍ ، أبو محمدٍ البَرْبَهاريُّ ، العالمُ الزاهدُ الفَقيهُ الحَنْبَليُّ ، صاحَب المَرُّوذِيَّ وسَهْلاً التُّسْتَرِيَّ ، وتنَزَّه عن مِيراثِ أبيه - وكان سبعين ألفاً - لأمْرٍ كرِهه. وكان شديداً على أهلِ البِدَعِ والمَعاصِي ، وكان كبيرَ القَدْرِ عند الخاصَّةِ والعامَّةِ..".
نستنتج ونلخص ما تقدم أعلاه بعدة نقاط :
1/ ان من قال حسبنا كتاب الله قد خالف كتاب الله تعالى بقوله هذا لان الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الحكيم : (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) . فمن يترك السنة ويعمل بالقران فقد أمن وعمل ببعض القران وجحد وترك البعض الاخر منه .
2/ ان من قال حسبنا كتاب الله فهو زنديق بنص قول البربهاري في كتابه شرح السُّنَّة .
3/ ان في القران محكم ومتشابه بالاضافة الى ان فيه عام وخاص ومطلق ومقيد ومجمل ومبين فمن يميز هذا الامر عن ذلك ؟؟؟ اذا قلت لي ان العلماء يميزون ذلك ، أقول لك بان الرسول (ص) قد ميز ذلك ايضا ورسول الله (ص) أفضل من الجميع فلماذا لاتأخذون بقوله ؟؟؟ .
4/ ان جميع العلماء من أهل السنة والجماعة قد خالفوا ابا بكر وعمر واقعا وعمليا في نشرهذا الكم الكبيرالهائل الذي وصل الينا من أحاديث رسول الله (ص) وهذا دليل وجداني منهم انهم لم يقبلوا رواية ابا بكر وعمر في الاكتفاء بالقران وترك الحديث وان لم يصرح جلهم بل كلهم بذلك .
5/ لماذا لم ينهى الله سبحانه وتعالى (عن طريق الوحي ) ويأمر النبي محمد (ص) ان يبلغ الناس على تقليل الاخذ بالاحاديث والعمل بالقرأن وحده اذا كان في ذلك النهي دفع مصلحة ودفع مفسدة ؟؟؟ هل ان الله سبحانه وتعالى والنبي (ص) قد غفلوا عن قانون حسبنا كتاب الله ولم يلتفتوا اليه ؟؟؟ وان ابا بكر وعمر فقط هم من التفتوا الى ذلك القانون وتنبهوا عليه ؟؟؟ ام ان في الامر مؤامرة واضحة لجميع المنصفين من المسلمين ؟؟؟؟؟؟
6/ ان قول ابا بكر وعمر (حسبنا كتاب الله ) او ( يكفينا كتاب الله ) يستلزم طرح واسقاط كل الروايات المروية عن ابا بكر وعمر التي يستدل بها علماء أهل السنة والجماعة بنص كلامهما المتقدم . فأما ان يقولوا بصحة كلامهما المتقدم فيتركوا الروايات التي تنسب الى الخلفاء ، واما ان يقولوا بخطأ كلامهما المتقدم فيأخذوا بما ورد ونسب عنهما .
7/ ان هذا القول مردود لانه يستلزم التفكيك بين أمر النبي (ص) ونهيه وبين أمر الله ونهيه ، بينما نقلنا فيما سبق أعلاه عن الطبري في تفسيره ان أمر النبي (ص) ونهيه هو نفس أمر الله ونهيه فلذلك قرن الله طاعة النبي (ص) بطاعته .