عقمت الحروف ان تلد كلمة ترقى لوصفك يابنت المرتضى..فانت صوت الحسين وصولته ودم الحسين وديموميته وشخص الحسين وشخصيته وبصر الحسين وبصيرته، قتلوه ليسكتوه فنطـَقتِ عن لسانه وما استطاعوا اسكات صوت الحق وصرخته إلى يوم يبعثون، فسلام عليك يابنت الدلآئل الوآضحآت والآيآت البينآت والمعجزآت البآهرآت والبرآهين الظآهرآت.
نعم... هذه بنت علي المرتضى فإنها دون أدنى ريب شفيعة ومشفعة، فالسلام عليك يا بنت خير خلق الله وأول العدد قبل ايجاد أرضه وسماواته وآخر الأبد بعد فناء الدنيا وأهلها الذي روحه نسخة اللاهوت وصورته نسخةالملك والملكوت وقلبه خزانة الحي الذي لا يموت ورحمة الله وبركاته.
الجلال الزينبيّ
شاء الله تبارك وتعالى أن يسكب من أنواره، على أحب خلقه إليه.. محمّد وآله صلوات الله عليهم، وشاء « سبحانه » ـ ومشيئتُه نافذة ـ أن يُضفي من جلاله على أعزّ خلقه إليه.. محمّد وآله صلوات الله وسلامه عليهم، فتجلّت فيهم معاني العبادة والشرف، ومكارم الاخلاق ومعالي الخصال، توارثوها عن بيت الوحي والرسالة، فكانوا ـ بحق ـ الدعاةَ إلى الله، والأدلاّء على مراضاة الله، والمستقرّين في أمر الله، والتامّين في محبّة الله، والمخلصين في توحيد الله، والمُظهرين لأمر الله ونهيه.. وكانوا، كذلك عبادَه المُكرَمين، الذين لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون، وقد بذلوا أنفسهم في مرضاته، وصبروا على ما أصابهم في جَنْبِه.
هذه هي الشجرة النبوية والدوحة الهاشمية، وقد كانت زينبُ عليها السّلام أحدَ غصونها، فاستطالت بأصلها: المحمّدي العلوي الفاطمي، شرفاً وعزّاً وجلالاً، فأكبرَتْها العقول والنفوس، واشرأبّت إليها الأعناق، ورَمَقتْها العيون بنظرات التوقير والاحترام.. حتّى قال الشاعر فيها:
هيَ الحوراء زينبُ عن علاها لَتقصرُ كلُّ ذاتِ يدٍ طويلـةْ
سليلةُ أحمد مولى المَوالـي ألا نِعَمت لأحمدَ مِن سليلـةْ
فمهما تبلغُ الألبـابُ علمـاً فلن تُحصي مواهبَها الجليلةْ
وكم قال ابن عباس فخـوراً: عقيلتُنا، ويا نِعمَ العقيلة
أجل، فقد كان عبدُ الله بن عباس إذا تحدث عنها قال: «حدثتني عقيلتُنا زينب بنت عليّ» (2).
وذكرها ابن الأثير فقال: « كانت زينب أمرأة عاقلة، لبيبة جزلة » (3).
وقال السيوطي في رسالته الزينبية:
« وُلدت زينب في حياة جدها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكانت لبيبة جزلة عاقلة، لها قوة جَنان » (4).
بهذا عُرفت زينب بنت عليّ وبنت فاطمة وحفيدة المصطفى صلّى الله عليه وآله. حتّى اشتهرت بأنّها تاليتها في الفضائل والمقامات المعنوية، وكان الإمام الحسين عليه السّلام أخوها ـ وهو إمام معصوم ـ يقوم لها إجلالاً إذا زارته، ويُجلسها في مكانه، كما كان يفعل رسولُ الله صلّى الله عليه وآله مع ابنته الزهراء سلام الله عليها، وذاك مؤشّر واضح على رفعة المنزلة وسموّ المكانة، وجلال القدر الذي كانت تَحظى به.
ويبلغ شأن زينب عليها السّلام أن الإمام الحسين صلوات الله عليه قد ائتمَنَها على أسرار الإمامة (5).. حتّى أوصى إليها ما أوصى قبل شهادته في كربلاء، فكانت لها نيابة خاصة عنه، وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتّى برئ زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام من مرضه (6).
ومن هنا قيل: « يُستفاد من آثار أهل البيت جلالةُ شأن زينب الكبرى ووقارها وقرارها، بما لا مزيد عليه.. وأنّها من كمال معرفتها ووفور علمها وحسن أعراقها وطيب أخلاقها كانت تشبه أمها سيدة النساء فاطمة الزهراء عليها السّلام في جميع ذلك، وكذا في الخَفارة والحياء، وتشبه أباها في قوّة القلب في الشدّة، والثبات عند النائبات، والصبر على الملمّات.. وكانت المهابة الموروثة من سماتها »
هكذا تحدّثوا في.. زينَب الكبرى عليها السّلام
يكفي زينبَ الكبرى سلام الله عليها شرفاً أنّها سليلة النبوّة وربيبة الإمامة، وفخر الطالبيّين، وعمّة الأئمّة الميامين صلوات الله عليهم أجمعين. ويكفيها شأناً وعزّاً أن الأمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام خاطبها بقوله: أنتِ ـ بحمد الله ـ عالمة غير مُعلَّمة، وفَهِمةٌ غير مُفهَّمة (1).
ثمّ كلّ من جاء بعد الإمام عليه السّلام يُثني على زينب العقلية صلوات الله ويطري فضائلها ومناقبها.. فذلك شرف له وكرامة وتوفيق وحظوة إلهيّة عزيزة، وفخر يكتسبه ويتباهى به على مدى التاريخ. وكان منهم:
1. ابن عبّاس، إذا تحدّث عنها قال: حدّثَتْني عقيلتُنا زينب بنت عليّ (2).
2. بشير بن حُذَيم الأسديّ: لم أرَ خَفِرةً أنطقَ منها، كأنّما تنطق عن لسان أمير المؤمنين عليها السّلام وتُفرغ عنه (3).
3. الشيخ الصدوق: كانت لها نيابة خاصة عن الحسين عليه السّلام، وكان الناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتّى برئ زين العابدين عليه السّلام (4).
4. ابن الأثير: كانت زينب امرأةً عاقلة لبيبة جزلة (5).
5. الشيخ عبدالله المامقاني: حازت من الصفات الحميدة ما لم يَحُزه بعد أُمّها أحد، حتّى حقَّ أن يُقال: هي الصدّيقة الصغرى.. وهي من الصبر والثبات وقوّة الإيمان والتقوى وحيدة (6).
6. محمّد فريد وجدي: من فُضلَيات النساء وجليلات العقائل (7).
7. الدكتور علي إبراهيم حسن: هي أشهر نساء العرب فصاحةً، وأكثرهنّ تعبّداً... النقيّة القلب، الشُّجاعة (8).
8. عمر أبو النصر: أظهرت أنّها من أكثر أهل البيت جرأةً وبلاغة... حتّى ضُرب بها المثل، وشهد لها المؤرّخون والكُتاب (9).
9. خير الدين الزِّرَكْليّ: كانت ثابتة الجَنان، رفيعة القَدْر، فصيحة (10).
10. عمر رضا كحّالة: سيّدة جليلة، ذات عقل راجح، ورأيٍ وفصاحة وبلاغة (11).
11. السيّد عبدالحسين شرف الدين: كانت في الهاشميّات كالتي أنجبتها ( أي الزهراء عليها السّلام ).. تنطق الحكمةُ والعصمة من محاسن خلالها، ويتمثّلان وما إليها من أخلاق في منطقها وأفعالها... آية من آيات الله في صفاء النفس، وثبات الفؤاد، في أروع صورة من صور الشجاعة والإباء والترفّع (12).
12. محمّد عليّ المصري: هي ابنة سيّد سادات الأمّة عليّ كرّم الله وجهه، وابنة السيّدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله. وهي من أجلّ أهل البيت حسَباً، وأعلاهم نسباً. خيرة السيّدات الطاهرات.. فاقتِ الفوارسَ في الشجاعة، واتّخذت طول حياتها تقوى الله بضاعةَ... لُقِّبت بـ « صاحبة الشورى »، وكفاها فخراً أنّها فرعٌ من شجرة أهل بيت النبوّة الذين مدحهم الله في كتابه العزيز (13).
13. الدكتورة بنت الشاطئ: كانت زينب عقيلةُ بني هاشم في تاريخ الإسلام وتاريخ الإنسانيّة بطلةً استطاعت أن تثأر لأخيها الشهيد العظيم، وأن تسلّط معاول الهدم على دولة أُميّة، وأن تغيّر مجرى التاريخ (14).
14. خالد محمّد خالد: السيّدة زينب.. التي جلست تستقبل الضحايا، وتبصر المصائر في تفويضٍ لله ورضىً بقضائه
تعليق