بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
الكذب :
روي عن الإمام العسكري عليه السلام : ( جعلت الخبائث كلها في بيت واحد وجعل مفتاحها الكذب ) .
وفي الحديث النبوي الشريف : ( إن العبد إذا كذب تباعد عنه الملك من نتن ما جاء به ) .
الكذب : هو الاخبار غير المطابق للواقع .
فلو أخبرت أن زيداً مات وهو لم يمت في الواقع كان هذا الاخبار كاذباً .
والذي يخبر بخبر غير مطابق للواقع تارة يكون عالماً بأن خبره غير مطابق للواقع ويتعمد الأخبار به فهذا كاذب قطعاً وعمله هذا من أشد المحرمات
وتارة يعتقد بأن إخباره مطابق للواقع ولكنه في الواقع ليس كذلك فهذا لا يطلق عليه ( كاذب ) بل يقال له ( مخطئ ) وإن كان نفس الخبر الذي نقله يمكن أن يوصف ( بالخبر الكاذب ) أي غير مطابق للواقع .
ثم أن للكذب مراتب يختلف فيها قبح الكذب شدة وضعفاً :
مراتب الكذب :
الكذب على الله ورسوله والإمام : وهذا أسوأ مراتب الكذب
قال تعالى ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم ) .
وهذا النوع من الكذب يبطل الصوم إذا كان متعمداً فيه , بل أن السيد المصنف ( دام ظله ) الحق غير المتعمد بحكم المتعمد إذا كان إخباره غير معتمد على حجة شرعية"1" مع احتمال كذب الخبر وكان المخبر يخبربه على نحو الجزم"2" .
شهادة الزور : وهي الشهادة الباطلة الكاذبة غير المطابقة للواقع . وهي أشد أصناف الكذب حرمة وأقبحها .
اليمين الغموس :- وهي اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى"3" ( أي عند الترافع عند الحاكم للحكم بدعوى معينة بين طرفين متنازعين ) وقيل أنه أطلق على هذه اليمين أنها غموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار .
كذلك يعبر عنه( باليمين الحالقة ) فإنه يذهب الدين من صاحبه كما تذهب الموس بالشعر .
الفتوى بغير ما أنزل الله تعالى : فالمفتي يدعي أن هذه الفتوى هي حكم الله تعالى في هذه المسألة , فإذا كان قد بذل وسعه في تحصيل الحكم وأتبع الطرق المتعارفة في هذا المجال ( استنباط الأحكام )
وكان أهلاً للفتوى ( أي كان مجتهداً ) ففي هذه الحالة إذا لم تكن فتواه موافقة للحكم الواقعي فهو معذور بل مأجور أيضاً . أما إذا لم يكن أهلاً للفتوى( اي لم يكن مجتهدا جامع للشرائط) , أو كان أهلاً لها وتسامح في بذل الوسع فلم يبحث بالمستوى المتعارف عند الفقهاء , فلا يكون معذوراً لو أفتى بما يخالف حكم الله سبحانه وتعالى , أما حال من تعمد الإفتاء بغير ما أنزل الله تعالى فحاله أوضح من أن يبين من قبح فعله وكذبه على الله تعالى .
الكذب الضار : وهو الكذب الذي فيه مضرّة و مفسدة , وكلما كانت مفسدته ومضرته أكبر كان أثمه وعقوبته أشد وقد يكون الكذب أحياناً سبباً لتلف الأموال وهتك الحرمة وإسالة الدماء .
الكذب غير الضار : هو ما لا يترتب عليه مفسدة ومضرّة , وقد يكون هذا بداعي المزاح أو بغيره من الدواعي .
وينبغي التورع عن كل مراتب الكذب فقد روي عن الإمام السجاد عليه السلام : ( اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل)
نعم بعض الكذب يكون جائزاً كالكذب في إصلاح ذات البين وفي الحرب مع الأعداء والكذب الذي يقصد به الشخص دفع الظلم عن نفسه أو عن سائر المؤمنين بل قد يكون واجباً في فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه . ولكن إذا التفت إلى إمكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالاحوط وجوباً أن يوري في كلامه (بأن يقصد في الكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ), فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسأله عن مكانه وأين هو ؟ فيقول : ما رأيته ، وهو كان قد رآه قبل ساعة ويقصد : أنه لم يره منذ دقائق"5"
—————————
الهوامش
"1" ( فالمعتمد على حجة شرعية ) : كما لو اخبره شخص ثقة أن زيد مات ، وهو أخبر خالدا بهذا الخبر، فإخباره لخالد بهذا الخبر يكون مستند إلى حجة شرعية وهي : أخبار الثقة له بذلك . أما ( الإخبار غير المعتمد على حجة شرعية ) : كما لو سمع الخبر من شخص غير ثقة ، أو احتمل أن يكون زيد مات ،فكلام غير الثقة لا يعتبره الشرع حجة يمكن الاعتماد عليه.
"2" المسائل المنتخبة مسألة 499
"3" المسائل المنتخبة مسألة 1261
"4"لسان العرب ج 6 صــ156
"5" المسائل المنتخبة المسألة 1261
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
الكذب :
روي عن الإمام العسكري عليه السلام : ( جعلت الخبائث كلها في بيت واحد وجعل مفتاحها الكذب ) .
وفي الحديث النبوي الشريف : ( إن العبد إذا كذب تباعد عنه الملك من نتن ما جاء به ) .
الكذب : هو الاخبار غير المطابق للواقع .
فلو أخبرت أن زيداً مات وهو لم يمت في الواقع كان هذا الاخبار كاذباً .
والذي يخبر بخبر غير مطابق للواقع تارة يكون عالماً بأن خبره غير مطابق للواقع ويتعمد الأخبار به فهذا كاذب قطعاً وعمله هذا من أشد المحرمات
وتارة يعتقد بأن إخباره مطابق للواقع ولكنه في الواقع ليس كذلك فهذا لا يطلق عليه ( كاذب ) بل يقال له ( مخطئ ) وإن كان نفس الخبر الذي نقله يمكن أن يوصف ( بالخبر الكاذب ) أي غير مطابق للواقع .
ثم أن للكذب مراتب يختلف فيها قبح الكذب شدة وضعفاً :
مراتب الكذب :
الكذب على الله ورسوله والإمام : وهذا أسوأ مراتب الكذب
قال تعالى ( ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إنّ الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاعٌ قليل ولهم عذابٌ أليم ) .
وهذا النوع من الكذب يبطل الصوم إذا كان متعمداً فيه , بل أن السيد المصنف ( دام ظله ) الحق غير المتعمد بحكم المتعمد إذا كان إخباره غير معتمد على حجة شرعية"1" مع احتمال كذب الخبر وكان المخبر يخبربه على نحو الجزم"2" .
شهادة الزور : وهي الشهادة الباطلة الكاذبة غير المطابقة للواقع . وهي أشد أصناف الكذب حرمة وأقبحها .
اليمين الغموس :- وهي اليمين الكاذبة في مقام فصل الدعوى"3" ( أي عند الترافع عند الحاكم للحكم بدعوى معينة بين طرفين متنازعين ) وقيل أنه أطلق على هذه اليمين أنها غموس لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار .
كذلك يعبر عنه( باليمين الحالقة ) فإنه يذهب الدين من صاحبه كما تذهب الموس بالشعر .
الفتوى بغير ما أنزل الله تعالى : فالمفتي يدعي أن هذه الفتوى هي حكم الله تعالى في هذه المسألة , فإذا كان قد بذل وسعه في تحصيل الحكم وأتبع الطرق المتعارفة في هذا المجال ( استنباط الأحكام )
وكان أهلاً للفتوى ( أي كان مجتهداً ) ففي هذه الحالة إذا لم تكن فتواه موافقة للحكم الواقعي فهو معذور بل مأجور أيضاً . أما إذا لم يكن أهلاً للفتوى( اي لم يكن مجتهدا جامع للشرائط) , أو كان أهلاً لها وتسامح في بذل الوسع فلم يبحث بالمستوى المتعارف عند الفقهاء , فلا يكون معذوراً لو أفتى بما يخالف حكم الله سبحانه وتعالى , أما حال من تعمد الإفتاء بغير ما أنزل الله تعالى فحاله أوضح من أن يبين من قبح فعله وكذبه على الله تعالى .
الكذب الضار : وهو الكذب الذي فيه مضرّة و مفسدة , وكلما كانت مفسدته ومضرته أكبر كان أثمه وعقوبته أشد وقد يكون الكذب أحياناً سبباً لتلف الأموال وهتك الحرمة وإسالة الدماء .
الكذب غير الضار : هو ما لا يترتب عليه مفسدة ومضرّة , وقد يكون هذا بداعي المزاح أو بغيره من الدواعي .
وينبغي التورع عن كل مراتب الكذب فقد روي عن الإمام السجاد عليه السلام : ( اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل)
نعم بعض الكذب يكون جائزاً كالكذب في إصلاح ذات البين وفي الحرب مع الأعداء والكذب الذي يقصد به الشخص دفع الظلم عن نفسه أو عن سائر المؤمنين بل قد يكون واجباً في فيما إذا كان الظالم يهدد نفسه أو عرضه أو نفس مؤمن آخر أو عرضه . ولكن إذا التفت إلى إمكان التورية وكان عارفاً بها ومتيسرة له فالاحوط وجوباً أن يوري في كلامه (بأن يقصد في الكلام معنى غير معناه الظاهر بدون قرينة موضحة لقصده ), فمثلاً إذا حاول الظالم الاعتداء على مؤمن فسأله عن مكانه وأين هو ؟ فيقول : ما رأيته ، وهو كان قد رآه قبل ساعة ويقصد : أنه لم يره منذ دقائق"5"
—————————
الهوامش
"1" ( فالمعتمد على حجة شرعية ) : كما لو اخبره شخص ثقة أن زيد مات ، وهو أخبر خالدا بهذا الخبر، فإخباره لخالد بهذا الخبر يكون مستند إلى حجة شرعية وهي : أخبار الثقة له بذلك . أما ( الإخبار غير المعتمد على حجة شرعية ) : كما لو سمع الخبر من شخص غير ثقة ، أو احتمل أن يكون زيد مات ،فكلام غير الثقة لا يعتبره الشرع حجة يمكن الاعتماد عليه.
"2" المسائل المنتخبة مسألة 499
"3" المسائل المنتخبة مسألة 1261
"4"لسان العرب ج 6 صــ156
"5" المسائل المنتخبة المسألة 1261
تعليق