بسم الله الرحمن الرحيم
روي أن ثقة المحدثين الصدوق - عليه الرحمة - قارن في بعض مؤلفاته ورسائله الشريفة بين مريم (عليها السلام) والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، غير أنها لم تصل إلينا ، ولكن العلامة المجلسي أشار إليها في المجلد العاشر من بحار الأنوار .
لقد أراد هذا الحقير الغارق في التقصير أن يكون له نصيب في هذا الموضوع فأقدمت - معترفا بالجهل والعجز الكاملين - على استنطاق الكتاب والسنة للمقارنة بين هاتين السيدتين المعصومتين وتقرير صفات الكمال الموجودة في كل واحدة منهن ، وذلك في ذيل الخصيصة التي استعرضت فيها النساء المذكورات في الذكر الحكيم ، ولكني ارتأيت الإشارة في هذه الخصيصة إلى لطيفة أخرى ، وقد أشار إليها - بإيجاز - العامة والخاصة في كتبهم التفسيرية ، وهي : لماذا أعرض القرآن الكريم عن التصريح بأسماء النساء واكتفى بالوصف والإشارة ، بينما صرح باسم السيدة مريم (عليها السلام) في عشرين موضعا بصيغة الخطاب وبغيرها من قبيل : (واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) .
(يا مريم إن الله اصطفاك) وقوله تعالى : (يا مريم اقنتي لربك)، وقوله تعالى : (وقالت الملائكة إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم)، وقوله تعالى : (ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم)، وقوله تعالى : (يا مريم لقد جئت شيئا فريا)
وقوله تعالى : (إني سميتها مريم).
ونظائرها من الآيات الكريمة ؟ ! الجواب : لقد عثرت على وجهين في كتب الفريقين في مقام الجواب على ذلك ، أذكرهما على نحو الإيجاز : الوجه الأول : أن الملوك والسلاطين لا يدعون الحرائر والعقائل من ذوات البيوتات بأسمائهن في الملأ العام والمحافل ، وإنما يدعونهن بالألقاب والكنى إعظاما وإكراما - كما ذكرنا ذلك في الحديث عن سبب الخطاب بالكنية - فينبغي أن يبقى اسم الحرة المحترمة محجوبا مستورا كشخصها ، خلافا للإماء والجواري حيث لا يتضايق السادة من ذكر أسمائهن على رؤوس الأشهاد ، ولما كان النصارى يعتقدون بعيسى وأمه مريم أنهما ابن الله وزوجته ، وينسبونهما للحق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فقد وصف الله سبحانه عيسى (عليه السلام) في القرآن الكريم بصفة العبودية ، وأجرى ذلك على لسانه حيث قال (عليه السلام) : (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) ، وكذلك وصف مريم بالعبودية وخاطبها بهذه السمة ، ليعلم النصارى أن تلك المستورة العظمى كباقي النساء أمة من إماء الله وابنها عبد من عبيده ، ونسبتهما إلى الله ذي المنن نسبة العبودية لا نسبة البنوة ولا الزوجية ، وهذا لا يعني أن الله حقر مريم في القرآن ، بل ذكرها وصرح باسمها وأمرها بالطاعة والعبادة تعظيما لها .
والغرض من تكرار اسمها والتأكيد عليها بالامتثال والإطاعة لإثبات العبودية والإئتمار ; ليعلم النصارى أن مريم امتازت في العبادة ولم تتميز في العبودية ، وإنما هي من عبيد الله ، ولا نسبة بينها وبين الساحة المقدسة لحضرة ملك الملوك ورب الأرباب ، خلافا لما توهمه النصارى حينما جعلوها أقنوما من الأقانيم الثلاثة ، حتى عرف بعضهم ب «المريمية» ، ولا تزال بقايا منهم في المغرب إلى يومنا هذا .
الوجه الثاني : قال السهيلي في تعريف الأعلام من كتاب «أسئلة الحكم» : إن السبب في تكرار اسم مريم في القرآن الكريم أن الله أكرم مريم بكرامات باهرة وآيات زاهرة ، ونزهها من النقائص والكدورات النسوية ، وهذبها وقبلها قبول الذكر المحرر ، وجعلها في عداد الأنبياء العظام ، وخاطبها خطابات صريحة مباشرة ; ليعلم أن القدرة الربانية الكاملة يمكن أن تجعل المرأة في عداد الأنبياء بعد رفع الموانع وطهارة الذيل وكثرة التقوى وشدة الإيمان ، فتكون مثل إبراهيم وعيسى وموسى وداود (عليهم السلام) يتوجه إليها الخطاب : (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) .
وهذا الوجه قريب من مشرب بعض العلماء العامة الذين ذهبوا إلى القول بنبوة مريم ، وأنها من الأنبياء العظام ، واستدلوا لذلك بالخطابات القرآنية .
وهذا الرأي على خلاف مذهب الإمامية ، وبطلان دعوى أولئكم بين واضح ، قام عليه الدليل والبرهان ، حيث أن النساء مهما بلغن من الكمال في الإيمان لا يكلفن بتكاليف الرجال ، ولا يمكن أن يأتين بشريعة ، فللرجال تكاليفهم وأحكامهم ومهامهم ، وللنساء تكاليفهن وأحكامهن ومهامهن .
روي أن ثقة المحدثين الصدوق - عليه الرحمة - قارن في بعض مؤلفاته ورسائله الشريفة بين مريم (عليها السلام) والصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء صلوات الله عليها ، غير أنها لم تصل إلينا ، ولكن العلامة المجلسي أشار إليها في المجلد العاشر من بحار الأنوار .
لقد أراد هذا الحقير الغارق في التقصير أن يكون له نصيب في هذا الموضوع فأقدمت - معترفا بالجهل والعجز الكاملين - على استنطاق الكتاب والسنة للمقارنة بين هاتين السيدتين المعصومتين وتقرير صفات الكمال الموجودة في كل واحدة منهن ، وذلك في ذيل الخصيصة التي استعرضت فيها النساء المذكورات في الذكر الحكيم ، ولكني ارتأيت الإشارة في هذه الخصيصة إلى لطيفة أخرى ، وقد أشار إليها - بإيجاز - العامة والخاصة في كتبهم التفسيرية ، وهي : لماذا أعرض القرآن الكريم عن التصريح بأسماء النساء واكتفى بالوصف والإشارة ، بينما صرح باسم السيدة مريم (عليها السلام) في عشرين موضعا بصيغة الخطاب وبغيرها من قبيل : (واذكر في الكتاب مريم إذا انتبذت من أهلها مكانا شرقيا) .
(يا مريم إن الله اصطفاك) وقوله تعالى : (يا مريم اقنتي لربك)، وقوله تعالى : (وقالت الملائكة إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم)، وقوله تعالى : (ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم)، وقوله تعالى : (يا مريم لقد جئت شيئا فريا)
وقوله تعالى : (إني سميتها مريم).
ونظائرها من الآيات الكريمة ؟ ! الجواب : لقد عثرت على وجهين في كتب الفريقين في مقام الجواب على ذلك ، أذكرهما على نحو الإيجاز : الوجه الأول : أن الملوك والسلاطين لا يدعون الحرائر والعقائل من ذوات البيوتات بأسمائهن في الملأ العام والمحافل ، وإنما يدعونهن بالألقاب والكنى إعظاما وإكراما - كما ذكرنا ذلك في الحديث عن سبب الخطاب بالكنية - فينبغي أن يبقى اسم الحرة المحترمة محجوبا مستورا كشخصها ، خلافا للإماء والجواري حيث لا يتضايق السادة من ذكر أسمائهن على رؤوس الأشهاد ، ولما كان النصارى يعتقدون بعيسى وأمه مريم أنهما ابن الله وزوجته ، وينسبونهما للحق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، فقد وصف الله سبحانه عيسى (عليه السلام) في القرآن الكريم بصفة العبودية ، وأجرى ذلك على لسانه حيث قال (عليه السلام) : (إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) ، وكذلك وصف مريم بالعبودية وخاطبها بهذه السمة ، ليعلم النصارى أن تلك المستورة العظمى كباقي النساء أمة من إماء الله وابنها عبد من عبيده ، ونسبتهما إلى الله ذي المنن نسبة العبودية لا نسبة البنوة ولا الزوجية ، وهذا لا يعني أن الله حقر مريم في القرآن ، بل ذكرها وصرح باسمها وأمرها بالطاعة والعبادة تعظيما لها .
والغرض من تكرار اسمها والتأكيد عليها بالامتثال والإطاعة لإثبات العبودية والإئتمار ; ليعلم النصارى أن مريم امتازت في العبادة ولم تتميز في العبودية ، وإنما هي من عبيد الله ، ولا نسبة بينها وبين الساحة المقدسة لحضرة ملك الملوك ورب الأرباب ، خلافا لما توهمه النصارى حينما جعلوها أقنوما من الأقانيم الثلاثة ، حتى عرف بعضهم ب «المريمية» ، ولا تزال بقايا منهم في المغرب إلى يومنا هذا .
الوجه الثاني : قال السهيلي في تعريف الأعلام من كتاب «أسئلة الحكم» : إن السبب في تكرار اسم مريم في القرآن الكريم أن الله أكرم مريم بكرامات باهرة وآيات زاهرة ، ونزهها من النقائص والكدورات النسوية ، وهذبها وقبلها قبول الذكر المحرر ، وجعلها في عداد الأنبياء العظام ، وخاطبها خطابات صريحة مباشرة ; ليعلم أن القدرة الربانية الكاملة يمكن أن تجعل المرأة في عداد الأنبياء بعد رفع الموانع وطهارة الذيل وكثرة التقوى وشدة الإيمان ، فتكون مثل إبراهيم وعيسى وموسى وداود (عليهم السلام) يتوجه إليها الخطاب : (يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين) .
وهذا الوجه قريب من مشرب بعض العلماء العامة الذين ذهبوا إلى القول بنبوة مريم ، وأنها من الأنبياء العظام ، واستدلوا لذلك بالخطابات القرآنية .
وهذا الرأي على خلاف مذهب الإمامية ، وبطلان دعوى أولئكم بين واضح ، قام عليه الدليل والبرهان ، حيث أن النساء مهما بلغن من الكمال في الإيمان لا يكلفن بتكاليف الرجال ، ولا يمكن أن يأتين بشريعة ، فللرجال تكاليفهم وأحكامهم ومهامهم ، وللنساء تكاليفهن وأحكامهن ومهامهن .
تعليق