نص الشبهة:
السؤال هو: من أين ثبت لكم التواتر الإجمالي بضرب الصديقة الطاهرة (عليها السلام)، وإسقاط جنينها بالشكل الذي يمنع البحث التاريخي في الإثبات أو عدم الإثبات للحادثة؟! . هلا تفضلتم بذكر المصادر الشيعية الموثقة التي روت الحادثة إلى درجة التواتر الإجمالي؟ ويمكنكم الاستعانة بالمصادر السنية لتأييد ادعاء التواتر. وكما تعلمون، فإن دعوى التواتر على صعيد الرواية والحديث دعوى كبيرة جدا في البحث العلمي. نعم الثابت بالتواتر الإجمالي أصل الهجوم على الدار.
الجواب:
إن الحديث عن ضرب القوم للزهراء (علیها السلام)، حديث طويل ومتشعب، وبإمكان السائل الكريم الرجوع إلى مسردٍ لمصادر ذكرناها في الجزء الثاني من كتابنا «مأساة الزهراء (علیها السلام) شبهات وردود».
ولكننا نذكره قبل ذلك بأن هذا المسرد ليس هو كل ولا هو جل المصادر التي ذكرت ذلك.. فإن المكتبة الإسلامية تحوي أضعاف ذلك من المصادر التي تعرضت لهذا الأمر.
وسيجد في هذا المسرد تنوعاً كبيراً، يظهر أن رواية ضرب الزهراء (علیها السلام)، وإسقاط جنينها لا تقتصر على فريق دون فريق، ولا على طائفة دون طائفة..
وبالرجوع إلى تلك المصادر سيجد أيضاً تنوعاً في النقول، وتعرضاً لخصوصيات مختلفة، تؤكد على تنوع الروايات، واختلاف رواتها وتعدد اهتماماتهم، وتوجهاتهم لما يريدون نقله للآخرين.
وسيجد في المصادر التي ذكرها هذا المسرد من يهمه إعلان هذا الأمر، وإعلام الناس به؛ ومن يهمه كتمانه، والتستر على الذين صدرت منهم تلك الأمور.
وفيه أيضاً: فريق ثالث همه نقل الأحداث، دون أن يجد في نفسه حرجاً، أو مانعاً أو دافعاً سوى ذلك.
وفيه أيضاً: الشيعي الإمامي، والمعتزلي، والإسماعيلي والزيدي، والأشعري، والحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والظاهري، والخارجي، والأديب، واللغوي، والشاعر، والنسابة، والمحدث، والفقيه، والمتكلم، والرجالي، والمؤرخ، والأخباري، والأصولي، وغير ذلك.
والذين ذكروا تلك الوقائع هم رجالات كبار، عاشوا في أزمنة مختلفة.. ثم هناك عشرات الروايات الواردة عن المعصومين (علیهم السلام)، وكذلك نصوص الكثير من الأدعية والزيارات المروية عنهم (صلوات الله وسلامه عليهم).
وإذا كان هذا الحدث مما توفرت الدواعي على كتمانه، إما حرصاً على أناس أن لا تظهر لهم أية هفوة، وسعياً لتنزيههم عن أي شيء من هذا القبيل. وهؤلاء هم اكثر الفرق، ومعظم المتمذهبين بالمذاهب الإسلامية. وإما خوفاً على النفس، من أن تتعرض لأبلغ أنواع الأذى، لو عرف عن الشخص أنه تفوه بشيء من ذلك..
نعم.. إذا كان الحدث مما توفر الدواعي على كتمانه، والابتعاد عن التفوه به، فإن وصول هذا الكم الهائل من النصوص، في هذا السيل من المصادر، رغم كل التحفظات والموانع والمعوقات.. يصبح واضح الدلالة: على أن كل العقوبات، وكل الاضطهاد، والقسوة، والعنف، الذي مورس، لم يستطع إخفاء الحقيقة، بل هي قد اخترقت الحجب كلها وكان اللطف الإلهي هو الراعي، والهادي، والحافظ، للأمة من أن تقع فريسة التضليل في أقدس شيء، وأغلاه..
وأخيراً.. فنحن في غنى عن تذكير القارئ، بأن هذا التنوع في النصوص التي ذكرنا شطراً منها في الجزء الثاني من كتاب «مأساة الزهراء»، واختلاف مصادر هذا الحدث، واختلاف دواعي نقله، ثم نقل عدد كبير له ممن لا يسعدهم الاعتراف به.. ومع التقاء تلك النصوص الواردة عن الأئمة، والمؤرخين، والشعراء والنسابين الخ..
نعم مع التقائها على حقيقة واحدة، وهي أن الزهراء (علیها السلام) قد ضربت بنحو أو بآخر، وأنه قد نتج عن هذا الضرب إسقاط جنينها، أو استشهادها (علیها السلام)، فإن النتيجة ستكون هي تجسد هذا التواتر بأقصى حالاته وأجلى مظاهره وأقواه. ولكنه تواتر يعبر عنه بالتواتر المعنوي تارة، وبالتواتر الإجمالي أخرى، لاختلاف الحيثيات التي لوحظت في استعمال كلا التعبيرين..
والخبر المتواتر هو: الذي يخبر به جماعة بلغوا في الكثرة حداً أحالت العادة اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب، ويحصل بإخبارهم اليقين. ويختلف ذلك باختلاف الأخبار والمخبرين..
والتواتر المعنوي هو: أن تتعدد الألفاظ، لكن اشتمل كل واحد منها على معنى مشترك بينها بالتضمن أو الالتزام.. فإذا حصل العلم بذلك القدر المشترك، بسبب كثرة الأخبار فيكون ذلك الخبر عن القدر المشترك متواتراً. ولا يشترط فيه عدد مخصوص، وإن اختلفت الأقوال في العدد الكافي في ذلك، مثل أن يكون أزيد من أربعة، أو أن لا يقل عن عشرة، أو أن يصل إلى اثني عشر، أو عشرين، أو أربعين، أو غير ذلك.
فقد قلنا: إن المهم هو حصول العلم، وذلك يختلف بحسب الأشخاص، وبحسب نفس تلك الأخبار، خصوصاً تلك التي تتضافر الدواعي على كتمانها.
ومهما يكن من أمر، فإن ما ذكرناه في ذلك الكتاب «مأساة الزهراء» الصفحات 332 الى 336 و 345 إلى صفحة 355. هو غيض من فيض يكفي لإظهار هذه الحقيقة التي أشرنا إليها فليلاحظ ذلك..
وبعدما تقدم فإن قولكم إن دعوى التواتر الإجمالي كبيرة جداً.. يتضمن بعض التهويل والتضخيم من دون ضرورة، فإن التواتر في هذا الأمر الخطير، الذي تتوفر كل الدواعي على إخفائه، ومن يجهر به يواجه أعظم المصائب والبلايا ظاهر الحصول، فإن ذلك الكم الكبير من النصوص والمصادر في كتاب «مأساة الزهراء (علیها السلام)»، يجعل من دعوى التواتر حقيقة واقعة، وليست دعوى كبيرة كما قلتم.. بل يكفي فيها خصوص ما أوردناه من أحاديث عن الأئمة الطاهرين في فصل: النصوص والآثار عن الأئمة الإثني عشر.
ولاسيما إذا عرفنا: أنه لا يشترط في الحديث المتواتر صحة طرقه وأسانيده، واتصالها. وبالأخص إذا كان يكفي في التواتر العشرة أو الإثنا عشر، أو العشرون أو أكثر من خمسة.. كما تقدم.
وأما ما أوردناه في سائر فصول ذلك الكتاب، فذلك أيضاً كاف وواف وشاف، حتى لو لم ينضم إلى ما روي عن الأئمة الطاهرين المعصومين (علیهم السلام).
وأما ما ذكرتموه من أن كتاب الزهراء القدوة قد قال: « ذكر المؤرخون، ومنهم ابن قتيبة الخ ».
فنقول في جوابه: إن مراجعة تلك النصوص المتنوعة تظهر: أن الأمر لا ينحصر بالمؤرخين، ولا بابن قتيبة.
ومن جهة أخرى: قد ذكرنا في كتابنا «مأساة الزهراء ج1» وفي كتاب «خلفيات مأساة الزهراء ج 6» أن التعبير عن علي وفاطمة (علیهما السلام) بأنهم معارضة حتى عند المهاجمين.. هو تعبير خاطئ، وغير سليم.
وذكرنا أيضاً: أن تفسيره لكلمة (وإن) في كتاب الزهراء القدوة يناقض تفسيره الآخر لهذه الكلمة.
والذي يقول فيه: إن المراد بكلمة: (وإن) هو: ما لنا شغل بفاطمة نحنا جايين لاعتقال علي.. فراجع مأساة الزهراء ج 1 وخلفيات كتاب مأساة الزهراء ج 6.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المصدر / مختصر مفيد.. (أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، ص 128 ـ 135.
ولكننا نذكره قبل ذلك بأن هذا المسرد ليس هو كل ولا هو جل المصادر التي ذكرت ذلك.. فإن المكتبة الإسلامية تحوي أضعاف ذلك من المصادر التي تعرضت لهذا الأمر.
وسيجد في هذا المسرد تنوعاً كبيراً، يظهر أن رواية ضرب الزهراء (علیها السلام)، وإسقاط جنينها لا تقتصر على فريق دون فريق، ولا على طائفة دون طائفة..
وبالرجوع إلى تلك المصادر سيجد أيضاً تنوعاً في النقول، وتعرضاً لخصوصيات مختلفة، تؤكد على تنوع الروايات، واختلاف رواتها وتعدد اهتماماتهم، وتوجهاتهم لما يريدون نقله للآخرين.
وسيجد في المصادر التي ذكرها هذا المسرد من يهمه إعلان هذا الأمر، وإعلام الناس به؛ ومن يهمه كتمانه، والتستر على الذين صدرت منهم تلك الأمور.
وفيه أيضاً: فريق ثالث همه نقل الأحداث، دون أن يجد في نفسه حرجاً، أو مانعاً أو دافعاً سوى ذلك.
وفيه أيضاً: الشيعي الإمامي، والمعتزلي، والإسماعيلي والزيدي، والأشعري، والحنفي، والمالكي، والشافعي، والحنبلي، والظاهري، والخارجي، والأديب، واللغوي، والشاعر، والنسابة، والمحدث، والفقيه، والمتكلم، والرجالي، والمؤرخ، والأخباري، والأصولي، وغير ذلك.
والذين ذكروا تلك الوقائع هم رجالات كبار، عاشوا في أزمنة مختلفة.. ثم هناك عشرات الروايات الواردة عن المعصومين (علیهم السلام)، وكذلك نصوص الكثير من الأدعية والزيارات المروية عنهم (صلوات الله وسلامه عليهم).
وإذا كان هذا الحدث مما توفرت الدواعي على كتمانه، إما حرصاً على أناس أن لا تظهر لهم أية هفوة، وسعياً لتنزيههم عن أي شيء من هذا القبيل. وهؤلاء هم اكثر الفرق، ومعظم المتمذهبين بالمذاهب الإسلامية. وإما خوفاً على النفس، من أن تتعرض لأبلغ أنواع الأذى، لو عرف عن الشخص أنه تفوه بشيء من ذلك..
نعم.. إذا كان الحدث مما توفر الدواعي على كتمانه، والابتعاد عن التفوه به، فإن وصول هذا الكم الهائل من النصوص، في هذا السيل من المصادر، رغم كل التحفظات والموانع والمعوقات.. يصبح واضح الدلالة: على أن كل العقوبات، وكل الاضطهاد، والقسوة، والعنف، الذي مورس، لم يستطع إخفاء الحقيقة، بل هي قد اخترقت الحجب كلها وكان اللطف الإلهي هو الراعي، والهادي، والحافظ، للأمة من أن تقع فريسة التضليل في أقدس شيء، وأغلاه..
وأخيراً.. فنحن في غنى عن تذكير القارئ، بأن هذا التنوع في النصوص التي ذكرنا شطراً منها في الجزء الثاني من كتاب «مأساة الزهراء»، واختلاف مصادر هذا الحدث، واختلاف دواعي نقله، ثم نقل عدد كبير له ممن لا يسعدهم الاعتراف به.. ومع التقاء تلك النصوص الواردة عن الأئمة، والمؤرخين، والشعراء والنسابين الخ..
نعم مع التقائها على حقيقة واحدة، وهي أن الزهراء (علیها السلام) قد ضربت بنحو أو بآخر، وأنه قد نتج عن هذا الضرب إسقاط جنينها، أو استشهادها (علیها السلام)، فإن النتيجة ستكون هي تجسد هذا التواتر بأقصى حالاته وأجلى مظاهره وأقواه. ولكنه تواتر يعبر عنه بالتواتر المعنوي تارة، وبالتواتر الإجمالي أخرى، لاختلاف الحيثيات التي لوحظت في استعمال كلا التعبيرين..
والخبر المتواتر هو: الذي يخبر به جماعة بلغوا في الكثرة حداً أحالت العادة اتفاقهم وتواطؤهم على الكذب، ويحصل بإخبارهم اليقين. ويختلف ذلك باختلاف الأخبار والمخبرين..
والتواتر المعنوي هو: أن تتعدد الألفاظ، لكن اشتمل كل واحد منها على معنى مشترك بينها بالتضمن أو الالتزام.. فإذا حصل العلم بذلك القدر المشترك، بسبب كثرة الأخبار فيكون ذلك الخبر عن القدر المشترك متواتراً. ولا يشترط فيه عدد مخصوص، وإن اختلفت الأقوال في العدد الكافي في ذلك، مثل أن يكون أزيد من أربعة، أو أن لا يقل عن عشرة، أو أن يصل إلى اثني عشر، أو عشرين، أو أربعين، أو غير ذلك.
فقد قلنا: إن المهم هو حصول العلم، وذلك يختلف بحسب الأشخاص، وبحسب نفس تلك الأخبار، خصوصاً تلك التي تتضافر الدواعي على كتمانها.
ومهما يكن من أمر، فإن ما ذكرناه في ذلك الكتاب «مأساة الزهراء» الصفحات 332 الى 336 و 345 إلى صفحة 355. هو غيض من فيض يكفي لإظهار هذه الحقيقة التي أشرنا إليها فليلاحظ ذلك..
وبعدما تقدم فإن قولكم إن دعوى التواتر الإجمالي كبيرة جداً.. يتضمن بعض التهويل والتضخيم من دون ضرورة، فإن التواتر في هذا الأمر الخطير، الذي تتوفر كل الدواعي على إخفائه، ومن يجهر به يواجه أعظم المصائب والبلايا ظاهر الحصول، فإن ذلك الكم الكبير من النصوص والمصادر في كتاب «مأساة الزهراء (علیها السلام)»، يجعل من دعوى التواتر حقيقة واقعة، وليست دعوى كبيرة كما قلتم.. بل يكفي فيها خصوص ما أوردناه من أحاديث عن الأئمة الطاهرين في فصل: النصوص والآثار عن الأئمة الإثني عشر.
ولاسيما إذا عرفنا: أنه لا يشترط في الحديث المتواتر صحة طرقه وأسانيده، واتصالها. وبالأخص إذا كان يكفي في التواتر العشرة أو الإثنا عشر، أو العشرون أو أكثر من خمسة.. كما تقدم.
وأما ما أوردناه في سائر فصول ذلك الكتاب، فذلك أيضاً كاف وواف وشاف، حتى لو لم ينضم إلى ما روي عن الأئمة الطاهرين المعصومين (علیهم السلام).
وأما ما ذكرتموه من أن كتاب الزهراء القدوة قد قال: « ذكر المؤرخون، ومنهم ابن قتيبة الخ ».
فنقول في جوابه: إن مراجعة تلك النصوص المتنوعة تظهر: أن الأمر لا ينحصر بالمؤرخين، ولا بابن قتيبة.
ومن جهة أخرى: قد ذكرنا في كتابنا «مأساة الزهراء ج1» وفي كتاب «خلفيات مأساة الزهراء ج 6» أن التعبير عن علي وفاطمة (علیهما السلام) بأنهم معارضة حتى عند المهاجمين.. هو تعبير خاطئ، وغير سليم.
وذكرنا أيضاً: أن تفسيره لكلمة (وإن) في كتاب الزهراء القدوة يناقض تفسيره الآخر لهذه الكلمة.
والذي يقول فيه: إن المراد بكلمة: (وإن) هو: ما لنا شغل بفاطمة نحنا جايين لاعتقال علي.. فراجع مأساة الزهراء ج 1 وخلفيات كتاب مأساة الزهراء ج 6.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
المصدر / مختصر مفيد.. (أسئلة و أجوبة في الدين والعقيدة)، للسيد جعفر مرتضى العاملي، ص 128 ـ 135.
تعليق