بسم الله الرحمن الرحيم
《 أحاديث ومَواعِظ مَرْوِيَّة عن السيد المسيح عليه السلام 》
(1)
ـ لا تَأكُلُوا حَتّى تَجُوعُوا ، و إِذا جُعتُم فَكُلُوا و لا تَشبَعُوا؛ فَإِنَّكُم إِذا شَبِعتُم غَلُظَت رِقابُكُم ، و سَمِنَت جُنُوبُكُم ، و نَسِيتُم رَبَّكُم .
(2)
ـ لا تُكثِرُوا الأَكل َ؛ فَإِنَّهُ مَن أَكثَرَ الأَكلَ أَكثَرَ النَّومَ ، و مَن أَكثَرَ النَّومَ أَقَلَّ الصَّلاة َ، و مَن أَقَلَّ الصَّلاةَ كُتِبَ مِنَ الغافِلِين َ.
(3)
ـ حلية الأولياء عن سفيان الثوري ّ: قالَ عِيسَى بنَ مَريمَ (عليه السلام) : . . . اَلمالُ فِيهِ داءٌ كَثِيرٌ . قِيلَ : يا رُوحَ اللَّه ِ، ما داؤُهُ ؟ قال َ: لا يُؤَدِّي حَقَّهُ . قالُوا : فَإِن أَدّى حَقَّه ُ؟ قال َ: لا يَسلَمُ مِنَ الفَخرِ و الخُيَلاء ِ. قالُوا : فَإِن سَلِمَ مِنَ الفَخرِ و الخُيَلاء ِ؟ قال َ: يَشغَلُهُ استِصلاحُهُ عَن ذِكرِ اللَّه ِ.
(4)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ مُوسى عليه السلام كانَ يَأمُرُكُم أَن [ لا تَحلِفُوا بِاللَّهِ كاذِبِينَ، وَ أَنَا أَقُولُ: ] لا تَحلِفُوا بِاللَّهِ صادِقِين و لا كاذِبِين َ، و لكِن قُولُوا : لا ، و نَعَم .
(5)
ـ و مَن كَثُرَ كِذبُهُ ذَهَبَ بَهاؤُهُ .
(6)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ أَحَدَكُم لَيَغضِبُ إِذَا ذُكِرَ لَهُ بَعضُ عُيُوبِهِ و هِيَ حَقٌّ ، و يَفرَحُ إِذا مُدِحَ بِما لَيسَ فِيه ِ.
(7)
ـ يا عَبِيدَ الدُّنيَا ! تُحِبُّونَ أَن يُقالَ فِيكُم ما لَيسَ فِيكُم ، و أَن يُشارَ إِلَيكُم بِالأَصابِعِ .
(8)
ـ كتاب التوّابين لابن قُدامة عن وهيب بن الورد : بَلَغَنا أنَّ عِيسَى بنَ مَريمَ (عليه السلام) مَرَّ هُوَ و رَجُلٌ مِن بَني إسرائيلَ مِن حَوارِييّهِ بِلِصٍّ في قَلعَةٍ لَهُ ، فَلَمّا رَآهُمَا اللِّصُّ ألقَى اللَّهُ في قَلبِهِ التَّوبَة َ، قالَ: فَقالَ لِنَفسِهِ : هذا عيسَى بنُ مَريَمَ (عليه السلام) روحُ اللَّهِ وكَلِمَتُه ُ، و هذا حَوارِيُّه ُ، و مَن أنتَ يا شَقِي ُّ؟ لِصُّ بَني إسرائيلَ ! قَطَعتَ الطَّريقَ ، و أخَذتَ الأَموال َ، وَ سفَكتَ الدِّماء َ! ثُمَّ هَبَطَ إليَهِما تائِباً نادِماً عَلى ما كانَ مِنُه . فَلَمّا لَحِقَهُما ، قالَ لِنَفسِه ِ: تُريدُ أن تَمشِيَ مَعَهُما ؟ لَستَ لِذلِكَ بِأَهل ٍ، امِشِ خَلفَهُما كَما يَمشِي الخَطّاءُ المُذنِبُ مِثلُكَ . قالَ : فَالتَفَتَ إلَيهِ الحَوارِيُّ فَعَرَفَه ُ، فَقالَ في نَفسِهِ : اُنظُر إلى هذَا الخَبيثِ الشَّقِيِّ و مَشيِهِ وَراءَنا ! قال: فَاطَّلَعَ اللَّهُ سُبحانَهُ و تَعالى عَلى ما في قُلوبِهِما ؛ مِن نَدامَتِهِ و تَوبَتِهِ ، و مِنِ ازدِراءِ الحَوارَيِّ إيّاهُ و تَفضيلِهِ نَفسَهُ عَلَيه ِ. قال َ: فَأَوحَى اللَّهُ تَعالى إلى عيسَى بنِ مَريَمَ أن مُرِ الحَوارِيَّ ولِصَّ بَني إسرائيلَ أن يَأتَنِفا العَمَلَ جَميعاً : أمَّا الِّلصُّ فَقَد غَفَرتُ لَهُ ما قَد مَضى لِنَدامَتِهِ و تَوبَتِه ِ، و أمَّا الحَوارِيُّ فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ ؛ لِعُجِبِهِ بِنَفسِهِ وَ ازدِرائِهِ هذَا التَوّاب َ.
(9)
َ ـ قال (عليه السلام) : داوَيتُ المَرضَى فَشَفَيتُهُم بِإِذنِ اللَّه ِ، و أَبرَأتُ الأَكمَهَ و الأَبرَصَ بِإِذنِ اللَّه ِ، و عالَجتُ المَوتى فَأَحيَيتُهُم بِإِذنِ اللَّه ِ، و عالَجتُ الأَحمَقَ فَلَم أَقدِر عَلى إِصلاحِه ِ! فَقِيلَ: يا رُوحَ اللَّه ِ، و ما الأَحمَق ُ؟ قال َ: المُعجِبُ بِرَأيِهِ وَ نَفسِهِ ، الَّذِي يَرَى الفَضلَ كُلَّهُ لَهُ لا عَلَيه ِ، و يُوجِبُ الحَقَّ كُلَّهُ لِنَفسِهِ و لا يوجِبُ عَلَيها حَقّا ً، فَذاكَ الأَحمَقُ الَّذِي لا حِيلَةَ فِي مُداواتِه ِ.
(10)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ الماءَ يُطفِئُ النّارَ ، كَذلِكَ الحِلمُ يُطفِئُ الغَضَب َ.
(11)
ـ قالَ الحَوارِيُّونَ لِعِيسَى بنِ مَريَم (عليه السلام): يا مُعَلِّمَ الخَيرِ ، أَعلِمنا أَيُّ الأَشياءِ أَشَدُّ ؟ فَقالَ: أَشَدُّ الأَشياءِ غَضَبُ اللَّه ِ. قالُوا فَبِمَ يُتَّقى غَضَبُ اللَّه ِ؟ قال َ: بِأن لا تَغضِبُوا ، قالُوا : و ما بَدءُ الغَضَبِ ؟ قالَ: الكِبر ُ، و التَّجَبُّر ُ، و مَحقَرَةُ النّاس ِ.
(12)
ـ لَمّا رَأى يَحيى (عليه السلام) عيسى بن مريم (عليه السلام) : قال َ: أَوصِنِي . قال َ: لا تَغضَب .
(13)
ـ ما لَكُم تَأتُونِّي و عَلَيكُم ثِيَابُ الرُّهبانِ و قُلُوبُكُم قُلُوبُ الذِئابِ الضَوارِيّ ؟! إِلبسُوا ثِيابَ المُلُوكِ و أَمِيتُوا قُلُوبَكُم بِالخَشيَة ِ.
(14)
ـ يا عُلَماءَ السَّوء ِ! تَأمُرونَ النّاسَ يَصُومونَ و يُصَلُّونَ و يَتَصَدَّقُونَ و لا تَفعَلُونَ ما تَأمُرونَ ! و تَدرُسُونَ ما لا تَعلَمُونَ ، فيا سُوءَ ما تَحكُمون َ! تَتُوبُونَ بِالقَولِ وَ الأَمانِيِّ و تَعمَلونَ بِالهَوى ! و ما يُغنِي عَنكُم أَن تُنَقُّوا جُلُودَكُم و قُلُوبَكُم دَنَسَةً.
(15)
ـ قال (عليه السلام) - لِلحَوارِيِّينَ - : لا يُغنِي عَنِ الجَسَدِ أَن يَكُونَ ظاهِرُهُ صَحِيحاً و باطِنُهُ فاسِداً ، كَذلِكَ لا تُغنِي أَجسادُكم الَّتِي قَد أَعجَبَتكُم وَ قَد فَسَدَت قُلُوبُكُم ، و ما يُغنِي عَنكُم تُنَقُّوا جُلُودَكُم و قُلُوبُكُم دَنِسَة ٌ.
(16)
ـ يا بَنِي إِسرائِيل!َ كَلامُكُم شِفاءٌ يُبرِىءُ الدّاءُ ، و أَعمالُكُم داءٌ لا يُبرِئُهُ شِفاء ٌ.
(17)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : يا عَبِيدَ الدُّنيا ! إِنَّ أَحَدَكُم يُبغِضُ صاحِبَهُ عَلَى الظَّن ِّ، وَ لا يُبغِضُ نَفسَهُ عَلَى اليَقِينِ.
(18)
ـ مَن ساءَ خُلقُهُ عَذَّبَ نَفسَه ُ.
(19)
ـ إِنَّ مَثَلَ حَدِيثِ النَّفسِ بِالخَطِيئَةِ كَمَثَلِ الدُّخانِ فِي البَيت ِ، إِنْ لا يُحرِقهُ فَإِنَّهُ يُنَتِّنُ رِيحَهُ و يُغَيِّرُ لَونَهُ .
(20)
ـ طوبَى لِعَينٍ نامَت و لَم تُحَدِّث نَفسَها بِالمَعصِيَة ِ، وَ انتَبَهَت إلىَ غَيرِ إثم ٍ.
(21)
ـ قَسوَةُ القُلُوبِ مِن جَفوَةِ العُيُون ِ، و جَفوَةُ العُيُونِ مِن كَثرَةِ الذُّنُوب ِ.
(22)
ـ إِنَّ صِغارَ الذُّنُوبِ و مُحَقَّراتِهَا مِن مَكائِدِ إِبلِيس َ، يُحَقِّرُها لَكُم و يُصَغِّرُها فِي أَعيُنِكُم ، فَتَجتَمِعُ و تَكثُرُ فَتُحِيطُ بِكُم .
(23)
ـ وَيلَكُم يا عَبِيدَ الدُّنيا ! أَلَيسَ بِالعِلمِ اُعطِيتُمُ السُّلطانَ عَلى جَمِيعِ الخَلائِق ِ، فَنَبَذتُمُوهُ فَلَم تَعمَلُوا بِهِ ، و أَقبَلتُم عَلَى الدُّنيا فَبِها تَحكُمُونَ ، و لَها تُمَهِّدُون َ، و إِيّاها تُؤثِرُونَ و تَعمُرُون َ؟! فَحَتّى مَتى أَنتُم لِلدُّنيا ، لَيسَ للَّهِِ فِيكُم نَصِيبٌ ؟!
(24)
ـ تاريخ دمشق عن مالك بن أنس : مَرَّ بِعِيسَى بنِ مَريمَ خِنزِيرٌ ، فَقالَ: مُرَّ بِسَلامٍ . فَقِيلَ لَهُ : يا رُوحَ اللَّه ِ، لِهذَا الخِنزِيرِ تَقُول ُ؟! قالَ : أَكرَهُ أَن أُعَوِّد لِسانِي الشَر َّ.
(25)
ـ لا تُكثِرُوا الكَلامَ بِغَيرِ ذِكرِ اللَّهِ فَتَقسُوَا قُلُوبُكُم ، فَإِنَّ القَلبَ القاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ اللَّه ِ، و لكِن لا تَعلَمُون َ.
(26)
ـ قالُوا لِعيسَى بنِ مَريمَ (عليه السلام) : دُلَّنا عَلى عَمَلٍ نَدخُلُ بِهِ الجَنَّة َ. قالَ: لا تَنطِقُوا أَبَداً ، قالُوا : لا نَستَطِيعُ ذلِك َ، قال َ: فَلا تَنطِقُوا إِلا بِخَير ٍ.
《 أحاديث ومَواعِظ مَرْوِيَّة عن السيد المسيح عليه السلام 》
(1)
ـ لا تَأكُلُوا حَتّى تَجُوعُوا ، و إِذا جُعتُم فَكُلُوا و لا تَشبَعُوا؛ فَإِنَّكُم إِذا شَبِعتُم غَلُظَت رِقابُكُم ، و سَمِنَت جُنُوبُكُم ، و نَسِيتُم رَبَّكُم .
(2)
ـ لا تُكثِرُوا الأَكل َ؛ فَإِنَّهُ مَن أَكثَرَ الأَكلَ أَكثَرَ النَّومَ ، و مَن أَكثَرَ النَّومَ أَقَلَّ الصَّلاة َ، و مَن أَقَلَّ الصَّلاةَ كُتِبَ مِنَ الغافِلِين َ.
(3)
ـ حلية الأولياء عن سفيان الثوري ّ: قالَ عِيسَى بنَ مَريمَ (عليه السلام) : . . . اَلمالُ فِيهِ داءٌ كَثِيرٌ . قِيلَ : يا رُوحَ اللَّه ِ، ما داؤُهُ ؟ قال َ: لا يُؤَدِّي حَقَّهُ . قالُوا : فَإِن أَدّى حَقَّه ُ؟ قال َ: لا يَسلَمُ مِنَ الفَخرِ و الخُيَلاء ِ. قالُوا : فَإِن سَلِمَ مِنَ الفَخرِ و الخُيَلاء ِ؟ قال َ: يَشغَلُهُ استِصلاحُهُ عَن ذِكرِ اللَّه ِ.
(4)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ مُوسى عليه السلام كانَ يَأمُرُكُم أَن [ لا تَحلِفُوا بِاللَّهِ كاذِبِينَ، وَ أَنَا أَقُولُ: ] لا تَحلِفُوا بِاللَّهِ صادِقِين و لا كاذِبِين َ، و لكِن قُولُوا : لا ، و نَعَم .
(5)
ـ و مَن كَثُرَ كِذبُهُ ذَهَبَ بَهاؤُهُ .
(6)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ أَحَدَكُم لَيَغضِبُ إِذَا ذُكِرَ لَهُ بَعضُ عُيُوبِهِ و هِيَ حَقٌّ ، و يَفرَحُ إِذا مُدِحَ بِما لَيسَ فِيه ِ.
(7)
ـ يا عَبِيدَ الدُّنيَا ! تُحِبُّونَ أَن يُقالَ فِيكُم ما لَيسَ فِيكُم ، و أَن يُشارَ إِلَيكُم بِالأَصابِعِ .
(8)
ـ كتاب التوّابين لابن قُدامة عن وهيب بن الورد : بَلَغَنا أنَّ عِيسَى بنَ مَريمَ (عليه السلام) مَرَّ هُوَ و رَجُلٌ مِن بَني إسرائيلَ مِن حَوارِييّهِ بِلِصٍّ في قَلعَةٍ لَهُ ، فَلَمّا رَآهُمَا اللِّصُّ ألقَى اللَّهُ في قَلبِهِ التَّوبَة َ، قالَ: فَقالَ لِنَفسِهِ : هذا عيسَى بنُ مَريَمَ (عليه السلام) روحُ اللَّهِ وكَلِمَتُه ُ، و هذا حَوارِيُّه ُ، و مَن أنتَ يا شَقِي ُّ؟ لِصُّ بَني إسرائيلَ ! قَطَعتَ الطَّريقَ ، و أخَذتَ الأَموال َ، وَ سفَكتَ الدِّماء َ! ثُمَّ هَبَطَ إليَهِما تائِباً نادِماً عَلى ما كانَ مِنُه . فَلَمّا لَحِقَهُما ، قالَ لِنَفسِه ِ: تُريدُ أن تَمشِيَ مَعَهُما ؟ لَستَ لِذلِكَ بِأَهل ٍ، امِشِ خَلفَهُما كَما يَمشِي الخَطّاءُ المُذنِبُ مِثلُكَ . قالَ : فَالتَفَتَ إلَيهِ الحَوارِيُّ فَعَرَفَه ُ، فَقالَ في نَفسِهِ : اُنظُر إلى هذَا الخَبيثِ الشَّقِيِّ و مَشيِهِ وَراءَنا ! قال: فَاطَّلَعَ اللَّهُ سُبحانَهُ و تَعالى عَلى ما في قُلوبِهِما ؛ مِن نَدامَتِهِ و تَوبَتِهِ ، و مِنِ ازدِراءِ الحَوارَيِّ إيّاهُ و تَفضيلِهِ نَفسَهُ عَلَيه ِ. قال َ: فَأَوحَى اللَّهُ تَعالى إلى عيسَى بنِ مَريَمَ أن مُرِ الحَوارِيَّ ولِصَّ بَني إسرائيلَ أن يَأتَنِفا العَمَلَ جَميعاً : أمَّا الِّلصُّ فَقَد غَفَرتُ لَهُ ما قَد مَضى لِنَدامَتِهِ و تَوبَتِه ِ، و أمَّا الحَوارِيُّ فَقَد حَبِطَ عَمَلُهُ ؛ لِعُجِبِهِ بِنَفسِهِ وَ ازدِرائِهِ هذَا التَوّاب َ.
(9)
َ ـ قال (عليه السلام) : داوَيتُ المَرضَى فَشَفَيتُهُم بِإِذنِ اللَّه ِ، و أَبرَأتُ الأَكمَهَ و الأَبرَصَ بِإِذنِ اللَّه ِ، و عالَجتُ المَوتى فَأَحيَيتُهُم بِإِذنِ اللَّه ِ، و عالَجتُ الأَحمَقَ فَلَم أَقدِر عَلى إِصلاحِه ِ! فَقِيلَ: يا رُوحَ اللَّه ِ، و ما الأَحمَق ُ؟ قال َ: المُعجِبُ بِرَأيِهِ وَ نَفسِهِ ، الَّذِي يَرَى الفَضلَ كُلَّهُ لَهُ لا عَلَيه ِ، و يُوجِبُ الحَقَّ كُلَّهُ لِنَفسِهِ و لا يوجِبُ عَلَيها حَقّا ً، فَذاكَ الأَحمَقُ الَّذِي لا حِيلَةَ فِي مُداواتِه ِ.
(10)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : إِنَّ الماءَ يُطفِئُ النّارَ ، كَذلِكَ الحِلمُ يُطفِئُ الغَضَب َ.
(11)
ـ قالَ الحَوارِيُّونَ لِعِيسَى بنِ مَريَم (عليه السلام): يا مُعَلِّمَ الخَيرِ ، أَعلِمنا أَيُّ الأَشياءِ أَشَدُّ ؟ فَقالَ: أَشَدُّ الأَشياءِ غَضَبُ اللَّه ِ. قالُوا فَبِمَ يُتَّقى غَضَبُ اللَّه ِ؟ قال َ: بِأن لا تَغضِبُوا ، قالُوا : و ما بَدءُ الغَضَبِ ؟ قالَ: الكِبر ُ، و التَّجَبُّر ُ، و مَحقَرَةُ النّاس ِ.
(12)
ـ لَمّا رَأى يَحيى (عليه السلام) عيسى بن مريم (عليه السلام) : قال َ: أَوصِنِي . قال َ: لا تَغضَب .
(13)
ـ ما لَكُم تَأتُونِّي و عَلَيكُم ثِيَابُ الرُّهبانِ و قُلُوبُكُم قُلُوبُ الذِئابِ الضَوارِيّ ؟! إِلبسُوا ثِيابَ المُلُوكِ و أَمِيتُوا قُلُوبَكُم بِالخَشيَة ِ.
(14)
ـ يا عُلَماءَ السَّوء ِ! تَأمُرونَ النّاسَ يَصُومونَ و يُصَلُّونَ و يَتَصَدَّقُونَ و لا تَفعَلُونَ ما تَأمُرونَ ! و تَدرُسُونَ ما لا تَعلَمُونَ ، فيا سُوءَ ما تَحكُمون َ! تَتُوبُونَ بِالقَولِ وَ الأَمانِيِّ و تَعمَلونَ بِالهَوى ! و ما يُغنِي عَنكُم أَن تُنَقُّوا جُلُودَكُم و قُلُوبَكُم دَنَسَةً.
(15)
ـ قال (عليه السلام) - لِلحَوارِيِّينَ - : لا يُغنِي عَنِ الجَسَدِ أَن يَكُونَ ظاهِرُهُ صَحِيحاً و باطِنُهُ فاسِداً ، كَذلِكَ لا تُغنِي أَجسادُكم الَّتِي قَد أَعجَبَتكُم وَ قَد فَسَدَت قُلُوبُكُم ، و ما يُغنِي عَنكُم تُنَقُّوا جُلُودَكُم و قُلُوبُكُم دَنِسَة ٌ.
(16)
ـ يا بَنِي إِسرائِيل!َ كَلامُكُم شِفاءٌ يُبرِىءُ الدّاءُ ، و أَعمالُكُم داءٌ لا يُبرِئُهُ شِفاء ٌ.
(17)
ـ بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : يا عَبِيدَ الدُّنيا ! إِنَّ أَحَدَكُم يُبغِضُ صاحِبَهُ عَلَى الظَّن ِّ، وَ لا يُبغِضُ نَفسَهُ عَلَى اليَقِينِ.
(18)
ـ مَن ساءَ خُلقُهُ عَذَّبَ نَفسَه ُ.
(19)
ـ إِنَّ مَثَلَ حَدِيثِ النَّفسِ بِالخَطِيئَةِ كَمَثَلِ الدُّخانِ فِي البَيت ِ، إِنْ لا يُحرِقهُ فَإِنَّهُ يُنَتِّنُ رِيحَهُ و يُغَيِّرُ لَونَهُ .
(20)
ـ طوبَى لِعَينٍ نامَت و لَم تُحَدِّث نَفسَها بِالمَعصِيَة ِ، وَ انتَبَهَت إلىَ غَيرِ إثم ٍ.
(21)
ـ قَسوَةُ القُلُوبِ مِن جَفوَةِ العُيُون ِ، و جَفوَةُ العُيُونِ مِن كَثرَةِ الذُّنُوب ِ.
(22)
ـ إِنَّ صِغارَ الذُّنُوبِ و مُحَقَّراتِهَا مِن مَكائِدِ إِبلِيس َ، يُحَقِّرُها لَكُم و يُصَغِّرُها فِي أَعيُنِكُم ، فَتَجتَمِعُ و تَكثُرُ فَتُحِيطُ بِكُم .
(23)
ـ وَيلَكُم يا عَبِيدَ الدُّنيا ! أَلَيسَ بِالعِلمِ اُعطِيتُمُ السُّلطانَ عَلى جَمِيعِ الخَلائِق ِ، فَنَبَذتُمُوهُ فَلَم تَعمَلُوا بِهِ ، و أَقبَلتُم عَلَى الدُّنيا فَبِها تَحكُمُونَ ، و لَها تُمَهِّدُون َ، و إِيّاها تُؤثِرُونَ و تَعمُرُون َ؟! فَحَتّى مَتى أَنتُم لِلدُّنيا ، لَيسَ للَّهِِ فِيكُم نَصِيبٌ ؟!
(24)
ـ تاريخ دمشق عن مالك بن أنس : مَرَّ بِعِيسَى بنِ مَريمَ خِنزِيرٌ ، فَقالَ: مُرَّ بِسَلامٍ . فَقِيلَ لَهُ : يا رُوحَ اللَّه ِ، لِهذَا الخِنزِيرِ تَقُول ُ؟! قالَ : أَكرَهُ أَن أُعَوِّد لِسانِي الشَر َّ.
(25)
ـ لا تُكثِرُوا الكَلامَ بِغَيرِ ذِكرِ اللَّهِ فَتَقسُوَا قُلُوبُكُم ، فَإِنَّ القَلبَ القاسِيَ بَعِيدٌ مِنَ اللَّه ِ، و لكِن لا تَعلَمُون َ.
(26)
ـ قالُوا لِعيسَى بنِ مَريمَ (عليه السلام) : دُلَّنا عَلى عَمَلٍ نَدخُلُ بِهِ الجَنَّة َ. قالَ: لا تَنطِقُوا أَبَداً ، قالُوا : لا نَستَطِيعُ ذلِك َ، قال َ: فَلا تَنطِقُوا إِلا بِخَير ٍ.
(27)
ـ الإمام الصادق (عليه السلام) : إِنَّ عيسى (عليه السلام) رُوحَ اللَّهِ مَرَّ بِقَومٍ مُجَلِّبِينَ فَقال َ: ما لِهؤُلاءِ ؟ قِيلَ: يا رُوحَ اللَّهِ ! إِنَّ فُلانَةَ بِنتَ فُلانٍ تُهدَى إِلى فُلانِ بنِ فُلانٍ فِي لَيلَتِها هذِهِ . قالَ : يُجَلِّبُونَ اليَومَ ويَبكُونَ غَداً ، فَقالَ قائِلٌ مِنهُم : وَ لِمَ يا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قالَ : لأَنَّ صاحِبَتَهُم مَيِّتَةٌ فِي لَيلَتِها هذِه ِ! فَقالَ القائِلُونَ بمَقالَتِهِ : صَدَقَ اللَّهُ وَ صَدَقَ رَسُولُهُ . و قالَ أَهلُ النِّفَاق ِ: ما أَقرَبَ غَداً ! فَلَمّا أَصبَحُوا جاؤُوا فَوَجَدُوها عَلى حالِها لَم يَحدُث بِها شَيء ٌ. فَقالُوا : يا رُوحَ اللَّهِ ! إِنَّ الَّتِي أَخبَرتَنا أَمسِ أَنَّها مَيِّتَةٌ لَم تَمُت ! فَقالَ عِيسى عليه السلام : يَفعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ ، فَاذهَبُوا بِنا إِلَيها . فَذَهَبُوا يِتَسابَقُونَ حَتّى قَرَعُوا البابَ ، فَخَرجَ زَوجُها فَقالَ لَهُ عِيسى (عليه السلام) : استَأذِن لِي عَلى صَاحِبَتِكَ ، قال َ: فَدَخَلَ عَلَيها فَأَخبَرَها أَنَّ رُوحَ اللَّهِ و كَلِمَتَهُ بِالبابِ مَعَ عِدَّة ٍ، قالَ : فَتَخَدَّرَت ، فَدَخَلَ عَلَيها فَقالَ لَها : ما صَنَعتِ لَيلَتِكِ هذِهِ ؟ قالَت : لَم أَصنَع شَيئاً إِلا و قَد كُنتُ أَصنَعُهُ فِيما مَضى ، إِنَّهُ كانَ يَعتَرِينا سائِلٌ فِي كُلِّ لَيلَةِ جُمُعَةٍ فَنُنِيلُهُ ما يَقُوتُهُ إِلى مِثلِها ، وَ إِنَّهُ جاءَنِي فِي لَيلَتِي هذِهِ و أَنَا مَشغُولَةٌ بِأَمرِي و أَهلِي فِي مَشَاغيلَ فَهَتَفَ فَلَم يُجِبهُ أَحَد ٌ، ثُمَّ هَتَفَ فَلَم يُجَب ، حَتّى هَتَفَ مِراراً ، فَلَمّا سَمِعتُ مقالَتَهُ قُمتُ مُتَنَكِّرَةً حَتّى أَنَلتُهُ كَما كُنّا نُنِيلُهُ . فَقالَ لَها: تَنَحِّي عَن مَجلِسِك ِ، فَإِذا تَحتَ ثِيابِها أَفعِىٌّ مِثلُ جِذعَةٍ عاضٌّ عَلى ذَنبِه ِ! فَقالَ (عليه السلام) : بِما صَنَعتِ صَرَفَ اللَّهُ عَنكِ هذا .
(28)
ـ عن ابن المبارك : بَلَغَنِي أَنَّ عِيسَى بنَ مَريَم (عليه السلام) مَرَّ بِقَومٍ فَشَتَمُوه ُ، فَقالَ خَيراً . و مَرَّ بِآخَرِينَ فَشَتَمُوهُ وزَادُوا ، فَزادَهُم خَيرا ً. فَقالَ رَجُلٌ مِنَ الحَوارِيِّين َ: كُلَّما زادُوكَ شَرّاً زِدتَهُم خَيرا ً، كَأَنَّكَ تُغرِيهِم بِنَفسِكَ ! فَقالَ عِيسى : كُلُّ إِنسَانٍ يُعطِي ما عِندَهُ .
(29)
ـ إِن أَحبَبتُم أَن تَكُونُوا أَصفِياءَ للَّهِِ عزّ و جلّ وَ نُورَ بَنِي ادَمَ مِن خَلقِه ِ؛ فَاعفُوا عَمَّن ظَلَمَكُم ، و عُودُوا مَن لا يَعُودُكُم < أي زُورُوا مَنْ لا يَزُورُكُم > ، و أَحسِنُوا إِلى مَن لا يُحسِنُ إِلَيكُم ...
(30)
ـ . . . إِنَّ أَحَقَّ النّاسِ بِالخِدمَةِ العالِمُ .
(31)
ـ طُوبى لِلمُصلِحِينَ بَينَ النّاس ِ، اُولئِكَ هُمُ المُقَرَّبُونَ يَومَ القِيامَة ِ.
(32)
ـ قالَ عِيسى (عليه السلام) لأصحابِه ِ: استَكثِرُوا مِنَ الشَيءِ الَّذِي لا تَأكُلُهُ النّار ُ. قالُوا : و ما هُو َ؟ قالَ : المَعرُوفُ.
(33)
ـ لا تُجالِسُوا أَهلَ المَعاصِي ؛ فَيُرَغِّبُوكُم فِي الدُّنيا و يَنسَوكُمُ الآخِرَةَ .
(34)
ـ عيسى بن مريم (عليه السلام) - حِينَ قالَ لَهُ الحَوارِيُّونَ : يا رُوحَ اللَّهِ ! مَن نُجالِسُ ؟ - : مَن يُذَكِّرُكُمُ اللَّهُ رُؤيَتُه ُ، و يَزِيدُ فِي عِلمِكُم مَنطِقُهُ ، و يُرَغِّبُكُم فِي الآخِرَةِ عَمَلُه ُ.
(35)
ـ دَعِ النّاسَ فَليَكُوُنوا مِنكَ فِي راحَةٍ ، وَ لتَكُن نَفسُكَ مِنهُم فِي شُغلٍ .
(36)
ـ طُوبى لِمَن كانَ صَمتُهُ فِكرا ً، و نَظَرُهُ عَبَراً ، و وَسِعَهُ بَيتُه ُ، و بَكَى عَلى خَطيئَتِه ِ، و سَلِمَ النّاسُ مِن يَدِهِ وَ لِسانِه ِ.
(37)
ـ بَينَما عِيسى (عليه السلام) جالِسٌ و شَيخٌ يَعمَلُ بِمِسحاتِهِ يُثِيرُ بِها الأَرضَ ، فَقالَ عِيسى (عليه السلام) : « اللَّهُمَّ اِنْزَعْ مِنْهُ الأَمَل َ» ، فَوَضَعَ الشَّيخُ المِسحاةَ وَ اضطَجَعَ ، فَلَبِثَ ساعةً . فَقالَ عِيسى (عليه السلام) : « اللَّهُمَّ اُرْدُدْ إِلَيهِ الأَمَل َ» ، فَقامَ فَجَعَلَ يَعمَل ُ. فَقالَ لَهُ عِيسى (عليه السلام) : ما لَكَ بَينَما أَنتَ تَعمَلُ أَلقَيتَ مِسحاتَكَ وَ اضطَجَعتَ ساعَة ً، ثُمَّ إِنَّكَ قُمتَ بَعدُ تَعمَلُ ؟! فَقالَ الشَّيخ ُ: بَينا أَنا أَعمَلُ إِذ قالَت لِي نَفسِي : إِلى مَتى تَعمَلُ و أَنتَ شَيخٌ كَبِير ٌ؟! فَأَلقَيتُ المِسحاةَ وَ اضطَجَعت ُ. ثُمَّ قالَت لِي نَفسِي : وَ اللَّهِ ، ما بَذلُكَ مِن عَيشٍ ما بَقِيت َ، فَقُمتُ إِلى مِسحاتِي .
(38)
ـ عيسى بن مريم (عليه السلام) - لَمّا سُئِلَ عَن أَفضَلِ النَّاسِ - : مَن كانَ . . . نَظَرُهُ عِبرَةً .
(39)
ـ طُوبى لِمَن . . . بَكى عَلى خَطِيئَتِهِ .
(40)
ـ طُوبى لَكُم إِذا حُسِدتُم و شُتِمتُم و قِيلَ فِيكُم كُلُّ كَلِمَةٍ قَبِيحَةٍ كَاذِبَة ٍ، حِينَئِذٍ فَافرَحُوا و ابتَهِجُوا ؛ فَإِنَّ أَجْرَكُم قَد كَثُرَ فِي السَّماءِ .
(41)
ـ لَقِيَ عِيسَى بنُ مَريَمَ (عليه السلام) رَجُلاً فَقالَ : ما تَصنَع ُ؟ قالَ: أَتَعَبُّد . قالَ: مَن يَعوُلُكَ ؟ فَقال َ: أَخِي . فَقالَ : أَخُوكَ أَعبَدُُ مِنكَ .
(42)
ـ عيسى بن مريم (عليه السلام) : - لِلحَوارِيِّينَ - : بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُم : ما الدُّنيا تُرِيدُونَ و لا الآخِرَة َ. قالُوا: يا رَسولَ اللَّهِ ! فَسِّر لَنا هذا ، فَقَد كُنّا نَرى إِنَّا نُرِيدُ إِحداهُما ! قال َ: لَو أَرَدتُمُ الدُّنيا لَأَطَعتُم رَبَّ الدُّنيَا الَّذِي مَفاتِيحُ خَزائِنِها بِيَدِهِ فَأَعطاكُم ، و لَو أَرَدتُمُ الآخِرَةَ أَطَعتُم رَبَّ الآخِرَةِ الَّذِي يَملِكُها فَأَعطَاكُم ، ولكِن لَا هذِهِ تُرِيدُونَ و لا تِلك َ.
(43)
ـ عَلَيكُم بِعِبادَةِ رَبِّكُم ، فَإِنَّكُم خُلِقتُم لَها .
(44)
ـ وَيلَكُم يا عَبِيدَ السَّوءِ ! مِن أَجلِ دُنيا دَنِيَّةٍ وَ شَهوَةٍ رَدِيَّةٍ، تُفَرِّطُونَ في مُلكِ الجَنَّةِ و تَنسَونَ هَولَ يَومِ القِيامَة ِ.
(45)
ـ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ لِأَصحابِهِ - : وَيلٌ لِمَن كَانَتِ الدُّنيا هَمَّهُ ، و الخَطايا عَمَلَهُ كَيفَ يَفتَضِحُ غَداً عِندَ رَبِّهِ .
(46)
ـ مَرَّ عِيسَى بنُ مريمَ (عليه السلام) بِقَبرٍ يُعَذَّبُ صَاحِبُهُ ، ثُمَّ مَرَّ بِهِ مِن قابِلٍ فَإِذا هُوَ لايُعَذَّب ُ، فَقالَ: يَا رَبِّ ! مَرَرتُ بِهذَا القَبرِ عامَ أَوَّلٍ فَكانَ يُعَذَّب ُ، وَ مَرَرتُ بِهِ العامَ فَإِذا هُوَ لَيسَ يُعَذَّب ُ! فَأَوحَى اللَّهُ إِلَيه ِ: إِنَّهُ أدرَكَ لَهُ وَلَدٌ صالِحٌ فَأَصلَحَ طَرِيقاً وَ آوَى يَتِيماً ، فَلِهذا غَفَرتُ لَهُ بِما فَعَلَ ابنُه ُ.
( وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالَمِين )