خبر حرّة بنت حليمة السعدية مع الحجّاج الثقفي

[روضة الزهراء]

اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم ولعن عدوهم

خبر حرّة بنت حليمة السعدية مع الحجّاج الثقفي

[96]

[خبرآخر ]

وممّا روى عن جماعة ثقاة انّه لمّا وردت حرّة بنت حليمة السعدية على الحجّاج بن يوسف الثقفي فمثلت بين يديه ، فقال لها : [أنت حرّة ابنة حليمة السعدية ؟
قالت له :فراسة من غير مؤمن !
قال لها :]⁽⁴⁾ الله جاء بك ، فقد قيل عنك انّك تفضّلين عليّاً على أبي بكر وعمروعثمان.
فقالت :لقد كذب الّذي قال انّي اُفضّله على هؤلاء خاصّة .
قال : وعلى مَنْ غير هؤلاء ؟
قالت : اُفضّله على آدم ونوح ولوط وابراهيم وموسى وداوود وسليمان وعيسى بن مريم عليه السلام !
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــ
(4) ليس في (( ب ، ج ))
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ

فقال لها : ويلك أقول لك انّك تفضّلين عليّ على الصحابة وتزيدين عليهم سبعة من الأنبياء من اُولى العزم من الرسل ، إن لم تأتي ببيان ما قلت وإلاّ ضربت عنقك .
فقالت:ما أنا مفضّلته على هؤلأء الأنبياء ، ولكن الله عزّوجلّ فضّله عليهم في القرآن بقوله عزّوجلّ في آدم : {وَ عَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى}⁽¹⁾، وقال في حقّ علي : {وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُوراً}⁽²⁾.
فقال : أحسنت يا حرّة ، فبم تفضّلينه على نوح ولوط ؟
[فقالت : الله عزّ وجلّ فضّله عليهما بقوله : {ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَةَ نَوحٍ وَ مْرَأَةَ لُوطٍ ]⁽³⁾ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَينِ من عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللهِ شَيْئاً و قِيْلَ ادْخُلَا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ}⁽⁴⁾ ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام كان مع ملائكة الله الأكبر ، تحت سدرة المنتهى ، زوجته بنت محمد فاطمة الزهراء التي يرضى الله تعالى لرضاها ويسخط لسخطها .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ
(1) طه : 121.
(2) الدهر : 22.
(3) ليس في (( أ، ج )) .
(4) التحريم : 10 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــ

فقال الحجّاج: أحسنت يا حرّة فبم تفضّلينه على أبي الأنبياء إبراهيم خليل الله ؟
فقالت : الله عزّ و جلّ فضّله بقوله :{ وَإذْ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَم تُؤمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي}⁽¹⁾ ، ومولاي أمير المؤمنين قال قولاً لا يختلف فيه أحد من المسلمين : (( لوكشف لي الغطاء ما أزددت يقيناً)) ، وهذه كلمة ما قالها قبله ولا بعده أحد .
فقال : أحسنت يا حرّة فبم تفضّلينه على موسى كليم الله ؟
قالت : بقوله عزّ و جلّ : { فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفاً يَتَرَقَّبْ}⁽²⁾ ، وعلي بن أبي طالب بات على فراش رسول الله صلّى الله عليه وآله لم يخف حتى أنزل الله تعالى في حقّه :
{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ اِبْتِغَاءَ مَرْضَاةِ الله}⁽³⁾.
قال الحجّاج : أحسنت يا حرّة فبم تفضّلينه على داود وسليمان ؟
قالت : الله تعالى فضّله بقوله عزّ وجلّ : {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَأحْكُمْ بَيْنَ النّاسِ بالْحَقِّ وَلَا تَتّبِعْ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ}⁽⁴⁾.
قال لها : في أي شيء كان حكومته ؟
قالت : في رجلين رجل كان له كرم ، والآخر له غنم ، فوقعت الغنم بالكرم فرعته فاحتكما إلى داود عليه السلام فقال: تباع الغنم وينفق ثمنها على الكرم حتى يعود إلى ما كان عليه ، فقال له ولده : يا أبت ، بل يؤخذ من لبنها وصوفها .
قال تعالى : {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيمانَ}⁽⁵⁾، وإن مولانا أمير المؤمنين عليه السلام قال : سلوني عمّا فوق العرش ، سلوني عمّا تحت العرش ، سلوني قبل أن تفقدوني ، وانّه عليه السلام دخل على رسول الله يوم فتح خيبر فقال النبي صلّى الله عليه وآله للحاضيرين: أفضلكم وأعلمكم وأقضاكم علي .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) البقرة : 260.
(2) القصص : 21.
(3) البقرة : 207.
(4) ص : 26.
(5) الأنبياء : 79 .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقال لها : أحسنت ، فبم تفضّلينه على سليمان؟
فقالت : الله تعالى فضّله عليه بقوله :{ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لَا يَنْبَغِي لأِحَدٍ مِنْ بَعْدِي}⁽¹⁾ ، ومولانا علي قال : طلّقتك يا دنيا ثلاثاً لا حاجة لي فيك ، فعند ذلك أنزل الله تعالى فيه : {تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيْدُونَ عُلُوّاً فِي الأَرْضِ وَ لَا فَسَاداً}⁽²⁾.
فقال : أحسنت يا حرّة ، فبم تفضّلينه على عيسى بن مريم عليه السلام ؟
قالت : الله عزّ وجلّ فضّله بقوله تعالى : { إذْ قَالَ اللهُ يَا عِيْسَى ابنَ مَرْيم ءَأَنْتَ قُلْتَ لِلْنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَاُمِّي إِلهَينِ مِنْ دُونِ اللهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَامُ الغُيُوبِ مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ}⁽³⁾ الآيـــة ، فأخّر الحكومة إلى يوم القيامة ، وعلي بن أبي طالب عليه السلام لمّا ادّعى الحرورية فيه ما ادّعوه وهم أهل النهروان ، قاتلهم ولم يؤخّر حكومتهم ، فهذه كانت فضائله لم تعدّ بفضائل غيره .
أحسنت يا حرّة خرجت من جوابك ، لولا ذلك لكان ذلك ثمّ أجازها وسرّحها سراحاً حسناً رحمة الله عليها⁽⁴⁾.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ
(1) ص : 35.
(2) القصص : 83.
(3) المائدة : 116 ـــ 117.
(4) بحار الأنوار 134:46 ح 25.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــ

من كتاب الفضائل
تأليف
أبي الفضل سديد الدين شاذان بن جبرائيل القمّي
من اعلام القرن السادس الهجري
تحقيق
محمود البدري
دار زائر للنشر
الروضة المقدسة - قم

[صدى المهدي]

اللهم صل على محمد وال محمد
احسنتم وبارك الله بكم
شكرا لكم كثيرا

[روضة الزهراء]

اللهم صلِ على محمد وآل محمد
أختي الغالية (صدى المهدي)
أحسن الله ليكم وبارك الله فيكم
ألف شكر لكِ على مروركِ الرائع
الذي زاد من روعة الموضوع