" أمرٌ هامُّ جِدّا " المرجعيّةُ الدّينيّةُ العُليا الشريفةُ تُقدّمُ مشروعها - منهج التغيير المُجتمعي في الإسلام وسننه ، والذي يَمسُّ واقعَنا الراهن والقابل : قال الله تعالى ((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )) (11)الرعد.
- وتركّزُ على أمرين مُهمين هما: "
1:- إنَّ على الفرد أو المُجتمع أن لا ينتظرَ التغييرَ من الآخرين ، بل عليه أن يُبادرَ إلى إصلاح نفسه وعنوانه ومؤسساته عامةً في كلّ مجالات الحياة .
2:- ينبغي معرفة منهج التغيير القويم ومقدماته وشرائطه وفق رؤية القرآن الكريم وسنن التاريخ والأحاديث الشريفة المُعتبرة.
:: مَضامينُ خِطابِ المَرجَعيّةِ الدّينيّةِ العُليَا الشريفةِ, دامتْ بركاتها ، اليَوم الجُمعَة ::
:: كلّ واحدٍ منَا مسؤولٌ في مشروع التغيير ، وعليه أن يبدأ بنفسه في أي مجال كان في الأسرة - في العمل - في الطب
- في الاقتصاد - في السياسة - في التربية.
:: من الضروري الخروج من حالة الركود والمراوحة في نفس المكان و التحرّك الجاد وجهة التقدم والتطور والرقي .
::: نصُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة الثاني والعشرون من جمادى الأولى ,1439هجري - وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي , خَطيب , وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
نعرضُ عليكم منهجَ التغيير المُجتمعي في الإسلام وسننه ، وهذه الموضوع طويلٌ ، وقد يستغرقُ عدةَ خطبٍ ، وهو يعالج مُشكلات ومناهج التغيير الاجتماعي في مجالات الحياة.
( مقدّمةٌ ):- لنعرف ما معنى التغيير ، وما المقصود به ، وما هي محاوره ؟
: نلاحظُ في سيرتنا جميعاً ، أفراداً ومُجتمعاً ومؤسساتٍ ، ومن خلال قراءة تاريخ الإنسان ، وقراءة القرآن الكريم بآياته الشريفة :
أنَّ الفردَ مُعرّضٌ لئن يقعَ في الكثير من الأخطاء والمعاصي والمشكلات والعثرات ،أو ربما تبني مواقف خاطئة أو عقائد غير صحيحة
أو ثقافات خاطئة وغيرها ، وهذه كلّها تدفع به في نتائجها إلى الشقاء والهلاك في الدنيا والآخرة.
::: وكذلك الحال أيضاً مع المجتمع :- فهذه الممارسات الفردية الخاطئة في السلوك والموقف والثقافات والأفكار والعقائد بزلاتها وعثراتها ، أو حتى العادات والتقاليد غير الصحيحة ، سوف تهدد أمنه ومؤسساته ، أيّاً كانت هذه المؤسسات زراعية – اقتصادية- تربوية – سياسية – فإذا ما بقيت على تبنيها للمناهج الخاطئة فستضرّ المجتمع وتشقيه - والتاريخ مليء بذلك ، مما يؤدي تراكم الأخطاء والمشكلات في المناهج إلى شقاء المجتمع.
ووفق ذلك – ما هو الموقف هنا – ومحور الكلام يخصُّ الكثيرَ من الأفراد ، وخاصةً ممن ينتظرُ من الآخرين أن يقوموا بعملية التغيير من الحالة السيئة إلى الحال الأحسن ، وهو لا يتحرّك – ما هو المطلوب منّا كأفراد ؟
ونحن عندنا أمور خاطئة تؤدي بنا إلى الشقاء والهلاك .
:: أو أحياناً أنَّ الفرد و المجتمع معاً يعيشان حالة الروتين والرتابة والركود ، دون الاهتمام بالتطور والتقدّم ، والبقاء في حالة المراوحة في نفس المكان.
::: أما ما هو موقف الإسلام العزيز في مشروع التغيير الاجتماعي ومناهجه ،فقد قدّمه القرآن الكريم في آياته الشريفة , وتناولته الأحاديث المعتبرة تفصيلاً .
ومن المعلوم أنَّ لله تعالى إرادةً في التغيير وفق سنن معيّنة ينبغي الأخذ بها منهجا وسلوكا ، وهي أنَّ على الفرد أو المجتمع أو مؤسساته بكافة عناوينها الاقتصادية والسياسية والتربوية والزراعية والخدمية والطبية وغيرها –
إذا مرّت بحالات الركود والمراوحة والأخطاء والزلات – فعليه أن يجري عملية التغيير بنفسه ، ووفق أمور صحيحة يحتاجها في ذلك : منها:-
:1:- أن تتوفّر الإرادة في التغيير .
:2:- النظر إلى حركة التاريخ ونعمة العقل التي أعطانا إيّاها الله تبارك وتعالى.
:3:- لقد أعطانا الله تعالى القدرة على التحليل والتفكير والإبداع ، وأنزل إلينا الكتبَ السماوية والأنبياء والقادةَ ، ومنحنا القدرة على التغيير والحركة إليه.
::: ( كيف نتحرّك نحو التغيير بحيث نحصل على النتائج):-
ينبغي الرجوع إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ، لننطلق بها ونبدأ رحلة التغيير من الحالة السيئة إلى الأفضل.
وهنا ينبغي الالتفات إلى الكنوز الثمينة التي ترشدنا فرداً ومجتمعاً إلى الإصلاح في النفس والمؤسسات.
ومن الضروري أن تكون عندنا نظريات صحيحة في التغيير حتى ننطلق بها على بصيرة.
وهذا ما يمكن أن نأخذه من أحاديث الإمام جعفر الصادق ، عليه السلام ، فروي عنه أنّه قال:
(مَن استوى يوماه فهو مغبون ،- ومَن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط ، - ومَن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ،- ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ،- ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة )
: معاني الأخبار ، الشيخ الثقة الصدوق ، ص 342.
ويُعالجُ هذا الحديث الشريف خمس حالات تظهر في المُجتمع ينبغي الالتفات إليها:
: الحالة الأولى:- من استوى يوماه فهو مغبون :-
والمقصود باليوم هنا ليس يوماً مخصوصاً بساعات معينة ، بل المقصود هو مقطع زمني ما - أسبوع - شهر - سنة : فتارة يكون الأسبوع الماضي سيء وكذا الشهر أسوء من القادم ، والسنة أيضاً - فالحال واحد في هذه الأحوال والمقاطع الزمنية دون تقدّم وتطور وتغيير فإن كان كذلك فهذا هو الغبن – ولم يقف هذا الغبن في التساوي حالاً ووضعاً في العلاقة على مستوى الفرد ونفسه ، لا بل حتى على مستوى علاقته بالله تعالى والآخرين- ومؤسسات المجتمع كافة بعناوينها المختلفة.
ولننظر إلى حالنا في أنفسنا ومجتمعنا ونلاحظ أنَّ الآخرين يتطورون ويتقدمون ، ونحن في ركود.
: الحالة الثانية:- ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط:-
وهنا تعبير يحكي أنَّه إذا كان الحال الأخير خير من الذي قبله فهو أفضل وأحسن – في حالات الفرد العبادية والاجتماعية والسلوكية والأخلاقية- وكذلك مؤسسات المجتمع ينبغي أن تكون بحالة أفضل وأحسن من التي هي فيها أو قبلها.
:الحالة الثالثة:- ومن كان آخر يوميه شرّهَما فهو ملعون ،:-
هذه الحالة حالة خطيرة تتطلّب منّا أن نراجع أنفسنا ونلاحظ مجتمعنا من حيث إشكالية التراجع في التدّين والأخلاق والعمل والخدمة –
في كلّ مقاطعنا الزمنيّة وبشكل عام في مؤسساتنا التربوية والسياسية والاقتصادية والطبية وغيرها.
: الحالة الرابعة:- ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ،:-
وهذه الحالة يُمكنُ التعبير عنها بأنّها حالة المراوحة في نفس المكان للفرد والمجتمع ومؤسساته – ولنلاحظ النتيجة وهي النقصان واقعاً وحقيقة في الحال دون التقدّم والاقتراب من التغيير إذا لم يلتفت الفرد والمجتمع إلى حاليهما معاً - وهنا علينا أن نعرض أنفسنا أفراداً وجماعاتٍ ومجتمعاً على مضمون هذه الحالات لنتخلّص من سوء الحال ونتقدّم.
ومن الخطأ الكبير على مستوى الفرد والمجتمع أن نطلب التغيير من الآخرين دون التحرّك من أنفسنا ومؤسساتنا ،
وفي كلّ مجالات الحياة –
قال الله تعالى:
((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ))(11)الرعد.
وأوّل شيء لنبدأ بتغييره هو أنفسنا ومن ثمّ ننطلق بالتغيير إلى ما هو أوسع منها بكلّ العناوين – المؤسسات- الطبيب- المهندس- المعلّم- المواطن – السياسي- :
:: وكلّ واحدٍ منّا إذا غيّر ما بنفسه فسيتغيّر المجتمع حتماً - لأنَّ الفرد هو خليّة المجتمع وعنصره الأساس .
: الحالة الخامسة: ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة :-
وفي المحصّلة أنَّ المجتمع يتغيّر بتغيير أفراده وعناوينه ومؤسساته ، بطريقة تغيير الأخطاء الفردية والمنهجية حتى تنعكس على التغيير العام.
( والبعض ينتظرُ من الله تعالى أن يغيّرَ الحالَ دون التحرّك الجاد ، وهذا خطأ كبير) ::: لأنَ الله تعالى قد أعطى الثواب والجزاء على العمل والتحرّك في النفس والمجتمع ، ولا يمكن أن يثيبَ أو يجازي دون استحقاق.
فهذه قواعد ينبغي الالتفات إليها ،وهي أنَّ للتغيير أسبابه الطبيعية والموضوعية والتي يجب الأخذ بها ،لتؤتي نتائجها وثمارها الصالحة.
وهناك حديث أخر روي عن أمير المؤمنين , عليه السلام، يُعالج الحالات السلبية في المجتمع ، حيث قال:
( احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِه مِنْ صَدْرِك): نهج البلاغة، ت ،د ، صبحي الصالح ، ص 501.:
وهذا الحديث القيّم يُقدّم للإنسان نوعاً من أنواع التغيير الذاتي في نفسه، ويتركّز على بُعد النيّة في داخل الإنسان بقلعِ الشرّ
ودفعه من جذوره ، حتى يُقلَعَ من صدور الآخرين ،.
وأما كيف ننطلق الانطلاقة الصحيحة ليكون المسير صحيحاً بعد البدء بتغيير النفس ، مهما كانت عناوينها هذا ما سنعرضه لاحقاً.
_________________________________________________
الجُمْعَة- الثاني والعشرون من جمادى الأولى ,1439 هِجرِي- التاسع من شباط 2018م.
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
_________________________________________________
- وتركّزُ على أمرين مُهمين هما: "
1:- إنَّ على الفرد أو المُجتمع أن لا ينتظرَ التغييرَ من الآخرين ، بل عليه أن يُبادرَ إلى إصلاح نفسه وعنوانه ومؤسساته عامةً في كلّ مجالات الحياة .
2:- ينبغي معرفة منهج التغيير القويم ومقدماته وشرائطه وفق رؤية القرآن الكريم وسنن التاريخ والأحاديث الشريفة المُعتبرة.
:: مَضامينُ خِطابِ المَرجَعيّةِ الدّينيّةِ العُليَا الشريفةِ, دامتْ بركاتها ، اليَوم الجُمعَة ::
:: كلّ واحدٍ منَا مسؤولٌ في مشروع التغيير ، وعليه أن يبدأ بنفسه في أي مجال كان في الأسرة - في العمل - في الطب
- في الاقتصاد - في السياسة - في التربية.
:: من الضروري الخروج من حالة الركود والمراوحة في نفس المكان و التحرّك الجاد وجهة التقدم والتطور والرقي .
::: نصُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة الثاني والعشرون من جمادى الأولى ,1439هجري - وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي الشيخ عبد المهدي الكربلائي , خَطيب , وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
نعرضُ عليكم منهجَ التغيير المُجتمعي في الإسلام وسننه ، وهذه الموضوع طويلٌ ، وقد يستغرقُ عدةَ خطبٍ ، وهو يعالج مُشكلات ومناهج التغيير الاجتماعي في مجالات الحياة.
( مقدّمةٌ ):- لنعرف ما معنى التغيير ، وما المقصود به ، وما هي محاوره ؟
: نلاحظُ في سيرتنا جميعاً ، أفراداً ومُجتمعاً ومؤسساتٍ ، ومن خلال قراءة تاريخ الإنسان ، وقراءة القرآن الكريم بآياته الشريفة :
أنَّ الفردَ مُعرّضٌ لئن يقعَ في الكثير من الأخطاء والمعاصي والمشكلات والعثرات ،أو ربما تبني مواقف خاطئة أو عقائد غير صحيحة
أو ثقافات خاطئة وغيرها ، وهذه كلّها تدفع به في نتائجها إلى الشقاء والهلاك في الدنيا والآخرة.
::: وكذلك الحال أيضاً مع المجتمع :- فهذه الممارسات الفردية الخاطئة في السلوك والموقف والثقافات والأفكار والعقائد بزلاتها وعثراتها ، أو حتى العادات والتقاليد غير الصحيحة ، سوف تهدد أمنه ومؤسساته ، أيّاً كانت هذه المؤسسات زراعية – اقتصادية- تربوية – سياسية – فإذا ما بقيت على تبنيها للمناهج الخاطئة فستضرّ المجتمع وتشقيه - والتاريخ مليء بذلك ، مما يؤدي تراكم الأخطاء والمشكلات في المناهج إلى شقاء المجتمع.
ووفق ذلك – ما هو الموقف هنا – ومحور الكلام يخصُّ الكثيرَ من الأفراد ، وخاصةً ممن ينتظرُ من الآخرين أن يقوموا بعملية التغيير من الحالة السيئة إلى الحال الأحسن ، وهو لا يتحرّك – ما هو المطلوب منّا كأفراد ؟
ونحن عندنا أمور خاطئة تؤدي بنا إلى الشقاء والهلاك .
:: أو أحياناً أنَّ الفرد و المجتمع معاً يعيشان حالة الروتين والرتابة والركود ، دون الاهتمام بالتطور والتقدّم ، والبقاء في حالة المراوحة في نفس المكان.
::: أما ما هو موقف الإسلام العزيز في مشروع التغيير الاجتماعي ومناهجه ،فقد قدّمه القرآن الكريم في آياته الشريفة , وتناولته الأحاديث المعتبرة تفصيلاً .
ومن المعلوم أنَّ لله تعالى إرادةً في التغيير وفق سنن معيّنة ينبغي الأخذ بها منهجا وسلوكا ، وهي أنَّ على الفرد أو المجتمع أو مؤسساته بكافة عناوينها الاقتصادية والسياسية والتربوية والزراعية والخدمية والطبية وغيرها –
إذا مرّت بحالات الركود والمراوحة والأخطاء والزلات – فعليه أن يجري عملية التغيير بنفسه ، ووفق أمور صحيحة يحتاجها في ذلك : منها:-
:1:- أن تتوفّر الإرادة في التغيير .
:2:- النظر إلى حركة التاريخ ونعمة العقل التي أعطانا إيّاها الله تبارك وتعالى.
:3:- لقد أعطانا الله تعالى القدرة على التحليل والتفكير والإبداع ، وأنزل إلينا الكتبَ السماوية والأنبياء والقادةَ ، ومنحنا القدرة على التغيير والحركة إليه.
::: ( كيف نتحرّك نحو التغيير بحيث نحصل على النتائج):-
ينبغي الرجوع إلى القرآن الكريم والأحاديث الشريفة ، لننطلق بها ونبدأ رحلة التغيير من الحالة السيئة إلى الأفضل.
وهنا ينبغي الالتفات إلى الكنوز الثمينة التي ترشدنا فرداً ومجتمعاً إلى الإصلاح في النفس والمؤسسات.
ومن الضروري أن تكون عندنا نظريات صحيحة في التغيير حتى ننطلق بها على بصيرة.
وهذا ما يمكن أن نأخذه من أحاديث الإمام جعفر الصادق ، عليه السلام ، فروي عنه أنّه قال:
(مَن استوى يوماه فهو مغبون ،- ومَن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط ، - ومَن كان آخر يوميه شرهما فهو ملعون ،- ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ،- ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة )
: معاني الأخبار ، الشيخ الثقة الصدوق ، ص 342.
ويُعالجُ هذا الحديث الشريف خمس حالات تظهر في المُجتمع ينبغي الالتفات إليها:
: الحالة الأولى:- من استوى يوماه فهو مغبون :-
والمقصود باليوم هنا ليس يوماً مخصوصاً بساعات معينة ، بل المقصود هو مقطع زمني ما - أسبوع - شهر - سنة : فتارة يكون الأسبوع الماضي سيء وكذا الشهر أسوء من القادم ، والسنة أيضاً - فالحال واحد في هذه الأحوال والمقاطع الزمنية دون تقدّم وتطور وتغيير فإن كان كذلك فهذا هو الغبن – ولم يقف هذا الغبن في التساوي حالاً ووضعاً في العلاقة على مستوى الفرد ونفسه ، لا بل حتى على مستوى علاقته بالله تعالى والآخرين- ومؤسسات المجتمع كافة بعناوينها المختلفة.
ولننظر إلى حالنا في أنفسنا ومجتمعنا ونلاحظ أنَّ الآخرين يتطورون ويتقدمون ، ونحن في ركود.
: الحالة الثانية:- ومن كان آخر يوميه خيرهما فهو مغبوط:-
وهنا تعبير يحكي أنَّه إذا كان الحال الأخير خير من الذي قبله فهو أفضل وأحسن – في حالات الفرد العبادية والاجتماعية والسلوكية والأخلاقية- وكذلك مؤسسات المجتمع ينبغي أن تكون بحالة أفضل وأحسن من التي هي فيها أو قبلها.
:الحالة الثالثة:- ومن كان آخر يوميه شرّهَما فهو ملعون ،:-
هذه الحالة حالة خطيرة تتطلّب منّا أن نراجع أنفسنا ونلاحظ مجتمعنا من حيث إشكالية التراجع في التدّين والأخلاق والعمل والخدمة –
في كلّ مقاطعنا الزمنيّة وبشكل عام في مؤسساتنا التربوية والسياسية والاقتصادية والطبية وغيرها.
: الحالة الرابعة:- ومن لم يعرف الزيادة في نفسه كان إلى النقصان أقرب ،:-
وهذه الحالة يُمكنُ التعبير عنها بأنّها حالة المراوحة في نفس المكان للفرد والمجتمع ومؤسساته – ولنلاحظ النتيجة وهي النقصان واقعاً وحقيقة في الحال دون التقدّم والاقتراب من التغيير إذا لم يلتفت الفرد والمجتمع إلى حاليهما معاً - وهنا علينا أن نعرض أنفسنا أفراداً وجماعاتٍ ومجتمعاً على مضمون هذه الحالات لنتخلّص من سوء الحال ونتقدّم.
ومن الخطأ الكبير على مستوى الفرد والمجتمع أن نطلب التغيير من الآخرين دون التحرّك من أنفسنا ومؤسساتنا ،
وفي كلّ مجالات الحياة –
قال الله تعالى:
((إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ ))(11)الرعد.
وأوّل شيء لنبدأ بتغييره هو أنفسنا ومن ثمّ ننطلق بالتغيير إلى ما هو أوسع منها بكلّ العناوين – المؤسسات- الطبيب- المهندس- المعلّم- المواطن – السياسي- :
:: وكلّ واحدٍ منّا إذا غيّر ما بنفسه فسيتغيّر المجتمع حتماً - لأنَّ الفرد هو خليّة المجتمع وعنصره الأساس .
: الحالة الخامسة: ومن كان إلى النقصان أقرب فالموت خير له من الحياة :-
وفي المحصّلة أنَّ المجتمع يتغيّر بتغيير أفراده وعناوينه ومؤسساته ، بطريقة تغيير الأخطاء الفردية والمنهجية حتى تنعكس على التغيير العام.
( والبعض ينتظرُ من الله تعالى أن يغيّرَ الحالَ دون التحرّك الجاد ، وهذا خطأ كبير) ::: لأنَ الله تعالى قد أعطى الثواب والجزاء على العمل والتحرّك في النفس والمجتمع ، ولا يمكن أن يثيبَ أو يجازي دون استحقاق.
فهذه قواعد ينبغي الالتفات إليها ،وهي أنَّ للتغيير أسبابه الطبيعية والموضوعية والتي يجب الأخذ بها ،لتؤتي نتائجها وثمارها الصالحة.
وهناك حديث أخر روي عن أمير المؤمنين , عليه السلام، يُعالج الحالات السلبية في المجتمع ، حيث قال:
( احْصُدِ الشَّرَّ مِنْ صَدْرِ غَيْرِكَ بِقَلْعِه مِنْ صَدْرِك): نهج البلاغة، ت ،د ، صبحي الصالح ، ص 501.:
وهذا الحديث القيّم يُقدّم للإنسان نوعاً من أنواع التغيير الذاتي في نفسه، ويتركّز على بُعد النيّة في داخل الإنسان بقلعِ الشرّ
ودفعه من جذوره ، حتى يُقلَعَ من صدور الآخرين ،.
وأما كيف ننطلق الانطلاقة الصحيحة ليكون المسير صحيحاً بعد البدء بتغيير النفس ، مهما كانت عناوينها هذا ما سنعرضه لاحقاً.
_________________________________________________
الجُمْعَة- الثاني والعشرون من جمادى الأولى ,1439 هِجرِي- التاسع من شباط 2018م.
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
_________________________________________________
تعليق