بسمه تعالى وله الحمد
وصلاته وسلامه على رسوله الامين وآله الطيبين الطاهرين
( العلاقات الخاصة .. الصداقة نموذجاً )
أولت الشريعة السمحاء أهمية كبرى للعلاقات الخاصة والشخصية بين افراد المجتمع
وجعلتها من مقومات الحياة الاجتماعية ، وحاجة أساسية في بناء التركيبة المجتمعية وتجانسها.
ومما يدخل ضمن هذه الدائرة الاجتماعية هي :
( الصداقات )
وحتى تكون لتلك الصداقات ثمارها المرجوة منها فقد رسمت لها الشريعة الغرّاء المسار
والاطر العامة التي تُبنى عليها وتسير عليها ضمن ضوابط وحدود ونظم .
فمن المؤكد انَّ هناك ثمار يمكن للانسان ان يجنيها من تلك الصداقات ، فمن تلك الثمار
ما ورد عن أمير المؤمنين (عليه السلام) انَّه قال :
(( عليك بإخوان الصدق ، فإنهم عُدّةٌ عند الرخاء ، وجُنّةٌ عند البلاء )) بحار الانوار ج74 ص 187 .
تأمل كيف وصفهم أمير المؤمنين ( عليه السلام) بأنّهم :
إخوان ، ثم جعلهم عدّة وقوة وعون في الرخاء ، وأنَّهم جُنّة وحماية ودفاع في البلاء .
ولاشكَّ انَّ نفع الاخوان لا يقتصر على الحياة الدنيا بل يتعدى الى الحياة الاخروية
ومن ذلك ما ورد عن الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله ) :
(( إستكثروا من الاخوان ، فإنَّ لكل مؤمنٍ شفاعة يوم القيامة )) كنز العمال / ح 24642.
والصداقة في مفهوم المشرع الاسلامي هي ليست هذه التى نلمسها بين عامة الناس
من المجاملة والصحبة القائمة على أساس المنفعة والمصلحة ، وإنّما هي الرابطة
والعُلقة المبنية على أساس الصدق والنية الصافية والمحبة المنبعثة من القلب الخالية
من شوائب الغريزة والمصلحة .
ومن هنا جعلت الشريعة السمحاء للصداقة حدوداً وثوابت على الانسان أن يقتفي اثرها
ويطبقها على من يصاحب ويُصادق .
فعن الامام الصادق (عليه السلام) :
(( الصداقة محدودة ، ومن لم تكن فيه تلك الحدود فلا تنسبه الى كمال الصداقة
ومن لم يكن فيه شيء من تلك الحدود فلا تنسبه الى شيء من تلك الصداقة :
أولها : أن تكون سريرته وعلانيته واحدة .
والثانية : أن يرى زينك زينه وشينك شينه .
والثالثة : أن لا يغيره عليك مال ولا ولاية .
والرابعة : ان لا يمنك شيئاً مما تصل اليه مقدرته .
والخامسة : أن لا يسلمك عند النكبات )) بحار الانوار / ج 74 ص 173 .
ويكفي الحليم تأملاً فيما ورد في حديث الامام (عليه السلام) من صفات يجب توفرها
في الصديق ليعلم ويتعلم من معه ومن عليه .
نسأل الله تعالى ان يأخذ بأيدينا لما يُحب ويرضا إنَّه نعم المولى ونعم النصير .
تعليق