تويت
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
روى مسندا عن المرجع الورع المرحوم آية الله السيد محمد الفشاركي الأصفهاني أنه قال :
" رأيت في بعض الأيام في شيراز مجنوناً يطارده الصبيان، ويضحكون عليه.. وبعد أيام دخلت مسجداً للعبادة في غير وقت الفريضة، فلم يكن فيه أحد سواي، وبينما أخذت أتهيأ للعبادة، شعرت بدخول شخص إلى المسجد، فالتفت وإذا به ذلك المجنون، فاستترت خلف عمود عريض هناك كي أراقبه، ماذا يريد أن يفعل..!
فرأيته أخذ ينظر إلى جوانب المسجد، وبعد أن اطمأن بعدم وجود أحد شرع في صلاة بخشوع وقراءة متأنية في أجزائها وأذكارها وأدعيتها كواحد من أفضل العقلاء،كأنما تُسَبِحُ الجدران بتسبيحته و تبكي الملآئكة لخشوعه في ركوعه و سجوده ، فكنت متحيراً مما رأيته منه، كلما أمعنت النظر فيه فلم أجد عليه أقل علامة للجنون.. راقبته في مزيد من الدقة حتى ملكتني الدهشة.. ولما انتهى وأراد أن يمشي أسرعت إليه، فأخذ يموّه عليَّ شخصيته الحقيقية بتصرفات جنونية!..
قلت له: يا هذا!.. إني رأيتك منذ دخلت المسجد، فقد دلتني صلاتك الخاشعة على أنك إنسان عاقل، ولست كما تُظهر به نفسك في الطريق.. قل لي: لِمَ تتصرف كالمجانين؟..فلم يجبني إلا بحركات جنونية، أصرَّ بها أن يُمَوِهَ عليَّ شخصيته.. فكلما رجوته أبىَ إلا إصراراً على التعمه والتمويه، وهو يسعى إلى التهرب مني.. وهنا قلت له: أقسم عليك بحق الذي جننت من أجله قل لي الحقيقة..!
يقول السيد محمد الفشاركي الأصفهاني: بهذا القسم انهمرت دموعه وبكى.. فعلمت أني وضعت إصبعي على جرحه!..نظر إليَّ هُنيئة ثم قال: ما دمت أقسمت عليَّ بمن جننت من أجله، فإني أخبرك بحقيقة أمري، فلقد كنت كثير اللقاء والنظر إلى الإمام الحجة صاحب العصر والزمان (روحي فداه) ، و لكني حُرمت من ذلك و ولت عني هذه السعادة. فسألته : و لما ؟ فأجاب : بسبب معصية صدرت مني ، ومثلي ليس له إلا الجنون، تعبيراً عن شقائه وخسارته، و أصبحت الدنيا عندي لا قيمة لها.
قلت: هل يمكنك الإفصاح لي عن تلك المعصية لأعتبر و ارتدع و يعتبر الآخرون ويرتدعوا؟..
قال: بينا ذات يوم أمشي في الطريق ، سقطت عيني على فتاة غاية في الجمال ، فأخذت أنظر إليها نظرَ ريبة وشهوة ، فعاقب الله هذه العين الخائنة بعد ذاك اليوم و حرمها من أن تنظر إلى جمال مولاها ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن (ع) مرة أخرى، والآن فهل تعلم خاسراً أشقى مني؟! .."( 1)
قال الله تبارك و تعالى { وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} (2) .
نعم ورد في روايات الغيبة و الظهور ، أن من بين أسباب احتجاب الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عن شيعته هي كثرة معاصيهم و ذنوبهم ، فقد ورد عنه عجل الله تعالى فرجه في رسالته للشيخ المفيد متحدثا عن شيعته و مواليه (فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ وَ لَا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ )(3)
و لذا حذَّر الامام المهدي عليه السلام شيعته قآئلا (فَلْيَعْمَلْ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِمَا يَقْرُبُ بِهِ مِنْ مَحَبَّتِنَا وَ يَتَجَنَّبُ مَا يُدْنِيهِ مِنْ كَرَاهَتِنَا وَ سَخَطِنَا ، فَإِنَّ أَمْرَنَا بَغْتَةٌ فُجَاءَةٌ حِينَ لَا تَنْفَعُهُ تَوْبَةٌ وَ لَا يُنْجِيهِ مِنْ عِقَابِنَا نَدَمٌ عَلَى حَوْبَةٍ وَ اللَّهُ يُلْهِمُكُمُ الرُّشْدَ وَ يَلْطُفُ لَكُمْ فِي التَّوْفِيقِ بِرَحْمَتِه) .(4)
قال الامام الصادق عليه السلام (مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ غِبْطَةً وَ مَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً وَ لِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَع ) .(5)
-----------------
الهامش
(1) القصة رواها الشيخ المهتدي مسندة عن استاذه اية الله السيد أحمد المددي عن والد زوجته المكرمة المرحوم الحاج آية الله السيد أحمد الأردبيلي عن أبيه أنه حدثه المرجع الديني السيد محمد الفشاركي..
والقصة مذكورة في كتاب قصص و خواطر للمهتدي البحراني/ قصة تحت عنوان (بحق الذي جننت من أجله) – نقلت بتصرف بسيط -
(2)الشورى: 30.
(3) الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي) ج 2 ص 499
(4) بحار الأنوار ج53 ص175
(5) الكافي ج2
والصلاة والسلام على محمد واله الطيبين الطاهرين
روى مسندا عن المرجع الورع المرحوم آية الله السيد محمد الفشاركي الأصفهاني أنه قال :
" رأيت في بعض الأيام في شيراز مجنوناً يطارده الصبيان، ويضحكون عليه.. وبعد أيام دخلت مسجداً للعبادة في غير وقت الفريضة، فلم يكن فيه أحد سواي، وبينما أخذت أتهيأ للعبادة، شعرت بدخول شخص إلى المسجد، فالتفت وإذا به ذلك المجنون، فاستترت خلف عمود عريض هناك كي أراقبه، ماذا يريد أن يفعل..!
فرأيته أخذ ينظر إلى جوانب المسجد، وبعد أن اطمأن بعدم وجود أحد شرع في صلاة بخشوع وقراءة متأنية في أجزائها وأذكارها وأدعيتها كواحد من أفضل العقلاء،كأنما تُسَبِحُ الجدران بتسبيحته و تبكي الملآئكة لخشوعه في ركوعه و سجوده ، فكنت متحيراً مما رأيته منه، كلما أمعنت النظر فيه فلم أجد عليه أقل علامة للجنون.. راقبته في مزيد من الدقة حتى ملكتني الدهشة.. ولما انتهى وأراد أن يمشي أسرعت إليه، فأخذ يموّه عليَّ شخصيته الحقيقية بتصرفات جنونية!..
قلت له: يا هذا!.. إني رأيتك منذ دخلت المسجد، فقد دلتني صلاتك الخاشعة على أنك إنسان عاقل، ولست كما تُظهر به نفسك في الطريق.. قل لي: لِمَ تتصرف كالمجانين؟..فلم يجبني إلا بحركات جنونية، أصرَّ بها أن يُمَوِهَ عليَّ شخصيته.. فكلما رجوته أبىَ إلا إصراراً على التعمه والتمويه، وهو يسعى إلى التهرب مني.. وهنا قلت له: أقسم عليك بحق الذي جننت من أجله قل لي الحقيقة..!
يقول السيد محمد الفشاركي الأصفهاني: بهذا القسم انهمرت دموعه وبكى.. فعلمت أني وضعت إصبعي على جرحه!..نظر إليَّ هُنيئة ثم قال: ما دمت أقسمت عليَّ بمن جننت من أجله، فإني أخبرك بحقيقة أمري، فلقد كنت كثير اللقاء والنظر إلى الإمام الحجة صاحب العصر والزمان (روحي فداه) ، و لكني حُرمت من ذلك و ولت عني هذه السعادة. فسألته : و لما ؟ فأجاب : بسبب معصية صدرت مني ، ومثلي ليس له إلا الجنون، تعبيراً عن شقائه وخسارته، و أصبحت الدنيا عندي لا قيمة لها.
قلت: هل يمكنك الإفصاح لي عن تلك المعصية لأعتبر و ارتدع و يعتبر الآخرون ويرتدعوا؟..
قال: بينا ذات يوم أمشي في الطريق ، سقطت عيني على فتاة غاية في الجمال ، فأخذت أنظر إليها نظرَ ريبة وشهوة ، فعاقب الله هذه العين الخائنة بعد ذاك اليوم و حرمها من أن تنظر إلى جمال مولاها ولي الله الأعظم الحجة بن الحسن (ع) مرة أخرى، والآن فهل تعلم خاسراً أشقى مني؟! .."( 1)
قال الله تبارك و تعالى { وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ} (2) .
نعم ورد في روايات الغيبة و الظهور ، أن من بين أسباب احتجاب الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف عن شيعته هي كثرة معاصيهم و ذنوبهم ، فقد ورد عنه عجل الله تعالى فرجه في رسالته للشيخ المفيد متحدثا عن شيعته و مواليه (فَمَا يَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلَّا مَا يَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَكْرَهُهُ وَ لَا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ )(3)
و لذا حذَّر الامام المهدي عليه السلام شيعته قآئلا (فَلْيَعْمَلْ كُلُّ امْرِئٍ مِنْكُمْ بِمَا يَقْرُبُ بِهِ مِنْ مَحَبَّتِنَا وَ يَتَجَنَّبُ مَا يُدْنِيهِ مِنْ كَرَاهَتِنَا وَ سَخَطِنَا ، فَإِنَّ أَمْرَنَا بَغْتَةٌ فُجَاءَةٌ حِينَ لَا تَنْفَعُهُ تَوْبَةٌ وَ لَا يُنْجِيهِ مِنْ عِقَابِنَا نَدَمٌ عَلَى حَوْبَةٍ وَ اللَّهُ يُلْهِمُكُمُ الرُّشْدَ وَ يَلْطُفُ لَكُمْ فِي التَّوْفِيقِ بِرَحْمَتِه) .(4)
قال الامام الصادق عليه السلام (مَنْ يَزْرَعْ خَيْراً يَحْصُدْ غِبْطَةً وَ مَنْ يَزْرَعْ شَرّاً يَحْصُدْ نَدَامَةً وَ لِكُلِّ زَارِعٍ مَا زَرَع ) .(5)
-----------------
الهامش
(1) القصة رواها الشيخ المهتدي مسندة عن استاذه اية الله السيد أحمد المددي عن والد زوجته المكرمة المرحوم الحاج آية الله السيد أحمد الأردبيلي عن أبيه أنه حدثه المرجع الديني السيد محمد الفشاركي..
والقصة مذكورة في كتاب قصص و خواطر للمهتدي البحراني/ قصة تحت عنوان (بحق الذي جننت من أجله) – نقلت بتصرف بسيط -
(2)الشورى: 30.
(3) الإحتجاج على أهل اللجاج (للطبرسي) ج 2 ص 499
(4) بحار الأنوار ج53 ص175
(5) الكافي ج2
تعليق