اللهم صل على محمد وآل محمد
🌸 مما لا شك فيه و لا ريب أن الله تعالى أعطى فاطمة الزهراء - ع - عدةَ مقامات سامية ، لا يستطيع الانسان الاعتيادي أن يحصيها عدداً ، و لا يستطيع أن يتعرّف على حقيقتها و كنهها .
و من تلك المقامات : مقام الرضا و مقام العصمة و مقام الوجود النوري و مقام الشفاعة في يوم القيامة ، و هي الشهيدة و الصدّيقة الكبرى ، و على معرفتها دارت القرون الأولى ، و هي من العلة الغائية لهذا الخلق ، و غيرها من المقامات العديدة السامية ...
🌺 و سنسلط الضوء على روايتين فيهما دلالة على بعض مقامات الزهراء - عليها السلام - :
1-الرواية الأولى :
عن الامام الصادق -ع - : " لو لم يخلق الله علي بن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ " .
عن الامام الصادق -ع - : " لو لم يخلق الله علي بن أبي طالب لما كان لفاطمة كفؤ " .
هذه الرواية تدلّ على مقام سامٍ للزهراء - ع - حيث لا يوجد لها كفؤ على وجه الارض سوى أمير المؤمنين - ع - و لو لم يخلقه الله تعالى لما كان لها كفؤ .
و مَن هذا الكفؤ ؟ و مَن هذا الزوج ؟ و مَن هذا الامام ؟
إنه أفضل الخلق اطلاقاً بعد النبي - ص - .
إنه خليفة الله و حجة الله على خلقه .
إنه نفس النبي - ص - كما أشارت لذلك آية المباهلة و الروايات الكثيرة .
فإذا كان هذا الكفؤ و هذا الزوج بهذه العظمة و بهذا المقام السامي فستكون الزهراء - ع - أفضل الخلق بعد النبي - ص - و بعد الولي أمير المؤمنين و سيد الموحدين - ع - .
فالرواية تدلّ على مقام سامٍ للزهراء - ع - و تدلّ على تفضيلها على سائر الخلق اطلاقاً سوى مَن اُستثني ...
💐 و لكن قد تثار هنا شبهة و هي : أن مسألة التفضيل لا ثمرة فيها لا في دين و لا في دنيا ، و هي من الترف الفكري ، فلماذا تتحدثون عن تفضيل الزهراء - ع - و عن تفضيل أهل البيت - ع - ؟
🌸 و دفع هذه الشبهة من خلال ما يأتي :
١- أنّ هذه المسألة تطرّق لها القرآن الكريم في آياتٍ كثيرة ، حيث فضّل القرآنُ بعضَ الأمم على البعض الآخر ، و فضّل بعض الرسل على بعض ، و فضّل العلماء على غيرهم ، و فضّل المؤمن على الفاسق ، و فضّل المجاهدين على القاعدين ...
عشرات الآيات القرآنية تعرّضت الى مسألة التفضيل . فكيف يقال بأن لا ثمرة فيها !
و كذلك تطرقت السنة المطهرة لمسألة التفضيل في مئات من الأحاديث تقريباً ، من قبيل قول النبي - ص - :
" أنا سيد ولد آدم و لا فخر "
" يا علي ما خلق الله خلقاً أفضل مني و لا أكرم عليه مني ، و الفضل من بعدي لك يا علي و للأئمة من بعدك "
" فاطمة سيدة نساء العالمين من الأولين و الآخرين "
" الحسن و الحسين سيدا شباب أهل الجنة "
اذن أحاديث كثيرة تشير الى مسألة التفضيل ، فكيف تكون هذه المسألة من الترف الفكري !
٢- أنّ مسألة التفضيل تدخل في أصلين من أصول الدين و هما النبوة و الامامة ، حيث نشترط في النبي و الامام أن يكونا أفضل أهل زمانهم من جهة التقوى و العلم و الشجاعة و الكرم و غيرها .
و تقديم المفضول على الفاضل قبيح عند العقلاء .
٣- أنّ الذي يتعرّف على فضائلهم يزداد حباً و ولاءًا لهم و تمسكاً بهم .
و " من أحبكم فقد أحبّ الله " .
٤- أنّ مسألة التفضيل تعتبر من سنن الله التكوينية ، و ذلك من خلال الشواهد الكثيرة و التي منها : تفضيل بعض الأزمنة على غيرها ، كليلة القدر و يوم الجمعة .
و تفضيل بعض الأمكنة على غيرها ، كتفضيل مكة المكرمة و كربلاء المقدسة .
و تفضيل النبي ( ص ) و أهل بيته ( ع ) على سائر الخلق .
و تفضيل جبرائيل على سائر الملائكة .
بل حتى في الجنة هناك تفضيل حيث فضّل الله تعالى اللغة العربية على غيرها و جعلها لغة أهل الجنة .
2- الرواية الثانية :
عن الامام الباقر ( ع ) انه قال : ( إن فاطمة ( ع ) كانت تكنى : أمّ أبيها ) .
عن الامام الباقر ( ع ) انه قال : ( إن فاطمة ( ع ) كانت تكنى : أمّ أبيها ) .
🌸 و هناك وجوه كثيرة لبيان معنى هذه الكنية ، و منها :
أ- أنها أمّ أبيها في مقابل زوجات النبي - ص - فهنّ أمهات للمؤمنين ، و لكن فاطمة هي أمّ أبيها .
ب- أنّ معنى الأمّ في اللغة هو ( الأصل ) ، و من هنا أصبحت مكة ( أمّ القرى ) ، و كذلك يقال : أمّ النجوم و أمّ الكتاب و أمّ الرأس ...
و فاطمة أمّ لأبيها باعتبارها الأصل للنبي - ص - فهي مصدر ذرية الرسول - ص - و منبع نسله ، و هذا ينطبق و يتماشى مع تفسير الكوثر بأنه مصدر ذرية الرسول - ص - و منبع نسله .
ج- وجود العلاقة المتبادلة بينها و بين النبي ( ص ) حيث كان النبي - ص - يقدّم لها ضروب الاحترام و التقدير و ألوان التعظيم ، حتى وصل الأمر الى أن يقوم لها إجلالاً و تعظيماً و يجلسها إلى جانبه .
و هي كانت تقوم بمدراة أبيها - ص - و برعايته أفضل ما تكون المراعاة بالنسبة لأم لولدها .
د- أنها أم لأبيها بلحاظ كون النبي - ص - مشرّعاً و جائياً بالشريعة الاسلامية ، و هي بمواقفها حافظت على هذه الشريعة .
فهي أصل شجرة الرسالة و عنصر النبوة .
و على هذا الوجه يكون معنى أم ابيها هو أن استمرار الاسلام و بقاء رسالة السماء ، و حفظ القرآن الكريم و عقائده و مناهجه إنما يكون بواسطة الزهراء عليها السلام و من خلال ذريتها
------------
منقول