بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الابدية على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .
عظم الله اجور الموالين من شيعة أمير المؤمنين وجميع الاخوة المحبين لاهل البيت (ع) من المسلمين في هذا اليوم بذكرى استشهاد السيد محمد سبع الدجيل ابن الامام علي الهادي (ع) . ولابد في هذه المناسبة من التكلم ولو بالشيء اليسير على سيرة هذا الشخص العظيم .
= نسب السيد محمد سبع الدجيل (ع) =
السيد محمد عليه السلام المعروف بسبع الدجيل ، فهو ابن الإمام علي الهادي عليه السلام ، وأخ الإمام الحسن العسكري ، وعم الإمام المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فالسيد محمد عليه السلام علم من الأعلام الشامخة ، وعظيم من العظماء لكونه من عظماء الشجرة المحمدية ، والسلالة الهاشمية ، والدوحة العلية العلوية ، فهو سليل الإمامة وربيب بيت الوحي ومعدن الرسالة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. الذي جسد واقع أبائه وأجداده ، السادة الميامين فهوكوكب دري من كواكب أهل البيت (ع) ونجم زاهر من تلك النجوم اللامعة .
والدته هي من أفضل نساء عصرها ومن السيدات الزاكيات في عفتها وورعها وطهارتها ، وكانت من العارفات الصالحات كما ذكرها صاحب كتاب عيون المعجزات ، وقد أثنى عليها زوجها الإمام علي الهادي عليه السلام ثناءً عطراً وأشاد بمكانتها وسمو منزلتها فقال : سليل (وهو اسمها) مسلولة من الآفاق والأنجاس . لعلو منزلتها وسمو مقامها.
ولد في قرية يقال لها (صريا) في المدينة المنورة عام (212هـ)، وهذه القرية أسّسها الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، على بعد ثلاثة أميال من المدينة المنوّرة وقد ولد فيها ثلاثة من الأئمة المعصومين هم: الإمام علي بن موسى الرضا والإمام محمد بن علي الهادي والإمام الحسن العسكري (عليهم السلام) فضلاً عن عدد من أولادهم ومن بينهم سيدنا محمد بن علي الهادي.
ترعرع السيد محمد في كنف والده الإمام علي الهادي النور العاشر من سلسلة الأنوار الإلهية المنصوص عليهم بالإمامة فنشأ على التقوى والورع والعلم والعبادة،
عاش السيد محمد في رعاية أبيه أربعاً وعشرين عاماً، وكانت تلك السنوات كافية لأن تجعل منه الصورة الواضحة لشخصية أبيه وأخيه (عليهما السلام)، والاكتساب منهما مكارم الأخلاق والصفات الحميدة .
= أولاد السيد محمد (ع) =
لقد خلف السيد محمد عليه السلام من الأولاد تسعة ذكور كما ذكره وأثبته صاحب كتاب بحر الأنساب وهم :
1ـ جعفر (وبه اشتهر بكنيته).
2ـ عبد الله.
3ـ لطف الله.
4ـ عناية الله.
5ـ هداية الله.
6ـ محمود.
7ـ أحمد.
8ـ علي.
9ـ اسكندر.
وقد مات بعضهم ودفنوا في خوي وسلماس (مدينتين تقعان في شمال ايران). علماً إن أولاد الأئمة عليهم السلام منتشرون في معظم المدن والقرى من جنوب إيران إلى شمالها وإلى الحدود الروسية وأذربيجان وذلك لهروبهم من بطش الحكام الطغاة العباسيين، ولم يعقب من أولاده سوى أحمد وعلي والله العالم.
= في أقوال الكتاب والمؤرخين فيه (ع) =
كان سيدنا ملازماً لأبيه وأخيه ويحدثنا نجم الدين أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد العلوي في كتابه (المجدي في أنساب الطالبيين / ص131) عن علّان الكلابي أحد معاصري السيد محمد على فضل سيدنا ومكانته السامية فيقول :
( صحبتُ أبا جعفر محمد بن علي الهادي (عليهما السلام) ، وهو حدث السن فما رأيتُ أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه وإن خلّفه أبو الحسن بالحجاز طفلاً فقد كان عليه مُشيداً وكان ملازماً لأخيه أبي محمد لا يفارقه ) ، ويقول السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة ج10/ ص5) : (السيد أبو جعفر محمد بن علي الهادي (عليه السلام) المتوفي سنة (252هـ) ، سيد جليل القدر عظيم الشأن ، كانت الشيعة تظن إنه الإمام من بعد أبيه (عليه السلام) فلما توفى نص أبوه على أخيه أبي محمد الحسن (عليه السلام) وكان أبوه خلّفه في المدينة طفلاً عندما جيء به إلى العراق . وبعد عقود قدم عليه في سامراء ، ولما أراد الرجوع إلى الحجاز، وهو في طريقه نزل القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء مرض وتوفي ودفن قريباً منها. ومشهده الآن معروف ومزور).
وقال الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال : (وأمّا السيد محمد المُكنّى بأبي جعفر فهو المعروف بجلالة القدر وعظم الشأن ، وكفى في فضله قابليته وصلاحه للإمامة وكونه أكبر ولد الإمام علي الهادي (عليه السلام) وزعم الشيعة أنه الإمام بعد أبيه لكنه توفي قبل أبيه).
وقال محمد رضا سيبويه في كتابه (لمحات من حياة الإمام الهادي) عن سيدنا السيد محمد: (جلالته وعظم شأنه أكثر من أن يُذكر وقد ذكروا في باب النصوص على إمامة أبي محمد (عليه السلام) ، ما ينبِّئ عن علو مقامه وترشيحه لمقام الإمامة وقبره مزار معروف في بلد والعامة والخاصة يعظّمون مشهده الشريف).
وقال محمد رضا عباس الدبّاغ : (وكان ـ أي السيد محمد ـ فقيهاً عالماً عابداً زكياً أراد النهضة إلى الحجاز فسافر في حياة أخيه حتى بلغ (بلد) فمات بالسواد فدفن هناك وعليه مشهد وهو الذي يُعرف بالسيد وسبع الدجيل).
= وفاته أو استشهاده (ع) =
توفي سيدنا الجليل محمد بن علي الهادي سنة (254هـ) فحزن عليه أخوه (عليهما السلام) حزناً شديداً، ورُوي في سبب موته في المكان المعروف الآن وهي المنطقة المعروفة بالدجيل نسبة إلى نهر الدجيل المشهور، إنه كان للإمام الهادي صدقات ووقوفاً من ضياعٍ وأراضٍ بمقربة من بلد وكان الذي يتولى أمرها ابنه ابو جعفر محمد وفي إحدى وفداته للنظر في شؤونها فاجأه المرض واشتد به الحال فمات).
غير أن هناك دلائل تشير إلى أن السلطة العباسية كان لها يد في موته وهو أمر ليس ببعيد على الخلفاء العباسيين فتأريخهم الدموي شاهد على جرائمهم بحق العلويين، فإن شخصية عظيمة مثل شخصية السيد محمد بما تمتلك من جلالة وقدر وسمو إضافة إلى نسبها الرفيع وشيوع إنه الإمام بعد أبيه بين الناس من الطبيعي أن تكون في رأس قائمة العباسيين ممن يخططون لتصفيته جسدياً وقد اعتمد هذا الرأي الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه (حياة الإمام الحسن العسكري/ص24-25)، فقال:
(ومرض أبو جعفر - أي السيد محمد - مرضاً شديداً واشتدتْ به العلة ولا نعلم سبب مرضه هل إنه سُقي سماً من قبل أعدائه وحسّاده من العباسيين الذين عزّ عليهم أن يروا تعظيم الجماهير وإكبارهم إيّاه)، كما رجّح عدم كون وفاة السيد محمد أن تكون طبيعية السيد محمد كاظم القزويني في كتابه (الإمام العسكري من المهد إلى اللحد/ ص23)، حيث قال: (لا نعلم سبب وفاة السيد محمد في تلك السن ونعتبر موته حتف أنفه مشكوكاً فيه لأن الأعداء كانوا ينتهزون كل فرصة لقطع خط الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام)، فلعلهم لمّا عرفوا أن السيد محمد هو أكبر أولاد أبيه وهو المرشّح للإمامة بعد أبيه قتلوه كما قتلوا أسلافه من قبل).
إضافة إلى ذلك فإن الروايات التي تواترتْ عن الأئمة والتي تؤكد أنهم (عليهم السلام) يموتون إما قتلاً أو سماً منها قول الإمام الصادق (عليه السلام): (ما مِنّا إلّا مقتول أو مسموم)، وروى الطوسي في (الغيبة/ص388): (إن النبي والأئمة ما ماتوا إلّا بالسيف أو السم وقد ذكر عن الرضا (عليه السلام) إنه سُمّ وكذلك ولده وولد ولده).
وبناءً على هذا الرأي فإن سيدنا قد رزقه الله الشهادة مع الصدّيقين والأبرار وحباه بالكرامات الباهرة والمعجزات الزاهرة التي رواها الخاص والعام وكراماته أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى.
= رثاء الشعراء له (ع) =
قال السيد ميرزا مهدي الشيرازي في حق السيد محمد سبع الدجيل :
بـقـعـةٌ لا يُـحـامُ حـولَ حِـمـاهـــا *** بِـسـوى طـوفِـهـا ولـثـمِ ثـراهــــــا
ربـوةٌ ذاتُ روضٍ مـعـيــــــــــنٍ *** بـوركـتْ فـي بـقـاعِـهـا ورُبـاهــــا
وعـراصٌ لـشـبـلِ أحـمـدَ فـيــهـا *** مـسـتـنـاخٌ يُـهـابُ فـيـه فَـتـاهـــــــا
هـي مـثـوىً لـمـــاجـدٍ هـاشـمـيٍّ *** ذي فـعـالٍ فـاقَ الـسـمـاءَ عُـلاهـــا
مـألـفُ الـجـودِ مـن سـراةِ عـلـيٍّ *** مـعـدنُ الـخـيـرِ مـن ذؤابـةِ طـاهـا
هـي مـثـوى مُـحـمّـد بـن عـلــيٍّ *** بِـعُـلا قـدرهِ عـلـتْ غَـبـراهـــــــــا
سـيـدٌ مـن بـنـي الـكـرامِ كـريــمٌ *** ولـه عـنـصـرُ بـه الله بـاهـــــــــــا
حـاسـرٌ عـن ذراعـهِ لـلأمـانــي *** مـا نـخـتـه الآمـالُ إلاّ قـضـاهـــــا
يـمّـمـتـه الـوفّـادُ مـن كـلِّ وجـهٍ *** وانـثـنـتْ عـنـه بـعـد نـيـلِ مُـنـاهـا
وقال السيّد أحمد الهندي في رثاء السيد محمد (عليه السلام):
فـلـمّـا قـضـى وارتـجّـتِ الأرضُ بـالأسـى *** عـلـيـه، وبـات الـرُّزْءُ يُـمـسـي ويُـصـبـحُ
بـكـاه أخـوه الـعـسـكـريُّ كــــــــــــــــــآبـةً *** بـدمـعٍ لـه غُـرُّ الـملائـك تـمـسـحُ
فـقـيـدٌ كـســـــــــاه حـادثُ الـمـوتِ رَونـقـاً *** كـشـمـس الـسَّــنـا عـنـد الأصـائـل تَـجـنـحُ
وشِـيـل إلـى الـمـثـوى يُـشـيّـعـه الـهـــــدى *** بـحـيـث لـه الأمـلاك بـاكـونَ نُـوَّحُ
وقال الشيخ هادي كاشف الغطاء في حقه (عليه السلام):
فـكـم عـن قـاصـديـهِ زال كَــرْبٌ *** وكـم لـمـؤمّـلـيـهِ لُـمَّ شَـعْـــــــثُ
نُـوالـيـكـم ونـبـرأُ مِـن عِـــــداكـم *** ومـا لِـولائِـكـمُ نـقـصٌ ونَـكْـــثُ
بـمـدحِ عُـلاكـمُ نَـروى ونَـشـفــى *** إذا مـا مَـسَّــنـا ظـمـأٌ وغَــــرْثُ
عـلـومُ الـديـنِ أجـمـعُـهـا لـديـكــم *** ومـنـهـا فـي الـبـرايـا مـا يُـبَـثُّ
وقال الشيخ محمّد علي اليعقوبي:
وضـريـحُ قُــدْسٍ هـيـبـةً لـجـلالِـــــهِ *** يـعـنـو الـضِّـراحُ وهـامـةُ الـجـوزاءِ
تـأتـي مـلـوكُ الأرضِ خـاضـعـةً لـه *** وتَـؤُمُّـه أمـلاكُ كـلِّ سـمـــــــــــــاءِ
نـجـل الإمـام، أخـو الإمـام، مـحـمّـدٌ *** عـمُّ الإمـام، بـقــيّـةُ الأُمَـنــــــــــــاءِ
وقال الشاعر الكبير السيّد صادق الموسوي الهندي:
أبـا جـعـفـرٍ جـئـنـا بـمُـزجـى بـضـاعـةٍ *** لِـنَـكـتـالَ مـا نـحـتـاجُ إذ مَـسَّـنـا الـــــضُّـرُّ
فـأنـت عـزيـزُ الـهـاشـمـيّـيـــــنَ رِفـعـةً *** وأرضٌ بـك ازدانَـتْ جـوانـبُـهـــــا مِـصـرُ
فـأوفِ لـنـا الـكـيـلَـيـنِ: كـيـلاً مُـعــجَّـلاً *** وكـيـلاً لـدى الـمـيـزانِ.. مـوعـدُه الـحـشـرُ
قال الشيخ أبو حازم الباوي الكاظمي:
ضـريـحُـك روضـةٌ والـنـاسُ فـيـهـــا *** بـبـحـرِ الـنـورِ يـغـمـرُهـا شـعــاعُ
فـيـا سـبـع الـدُّجَـيـل فـــــــــداك نـــاءٍ *** عـن الأوطـان إذ عـزّت بـقــــــاعُ
إلـى بـلـدٍ أتـوقُ فـهـل تــــــــــــرانـي *** أرى مـولايَ يـنـفـضّ الـنـــــــزاعُ
فـيـا ابـنَ الـطـهـر والـنـجـوى طـبـاعٌ *** فـكـم تـاقـت إلـى الـنـجـوى طـبـاعُ
= مكان دفنه ومثواه (ع) =
وله مزار مشهورفي مدينة (بلد) ويقع في منتصف الطريق بين الكاظمية وسامراء وبالقرب من ناحية ( الدجيل ) وكان السيد محمد معروفاً بالفضل والجلال بما يبديه من الكرامات الخارقة للعادات ، ويتشرف بزيارته كثير من الناس وينذرون له النذور ، ويهدون إليه الهدايا الكثيرة ، ويسألون الله عنده وبحقه حوائجهم ، والعرب في تلك المنطقة تهابه وتخشاه وتحسب له حساباً خاصاً إنه عليه السلام كان عظيم المنزلة عند الله ، كبير المقام عند الأئمة الطاهرين عليهم السلام حتى أنه لما توفي شق عليه أخوه الحسن العسكري عليه السلام جيبه في عزائه ، وكانت وفاته في زمن أبيه ، وكان الشيخ ثقة الإسلام النوري نوَر الله ضريحه ، يعتقد في زيارته اعتقاداً راسخاً ، وقد سعى في تعمير قبته الشريفة وضريحه .
عظم الله اجور الموالين من شيعة أمير المؤمنين وجميع الاخوة المحبين لاهل البيت (ع) من المسلمين في هذا اليوم بذكرى استشهاد السيد محمد سبع الدجيل ابن الامام علي الهادي (ع) . ولابد في هذه المناسبة من التكلم ولو بالشيء اليسير على سيرة هذا الشخص العظيم .
= نسب السيد محمد سبع الدجيل (ع) =
السيد محمد عليه السلام المعروف بسبع الدجيل ، فهو ابن الإمام علي الهادي عليه السلام ، وأخ الإمام الحسن العسكري ، وعم الإمام المهدي المنتظر صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين فالسيد محمد عليه السلام علم من الأعلام الشامخة ، وعظيم من العظماء لكونه من عظماء الشجرة المحمدية ، والسلالة الهاشمية ، والدوحة العلية العلوية ، فهو سليل الإمامة وربيب بيت الوحي ومعدن الرسالة الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. الذي جسد واقع أبائه وأجداده ، السادة الميامين فهوكوكب دري من كواكب أهل البيت (ع) ونجم زاهر من تلك النجوم اللامعة .
والدته هي من أفضل نساء عصرها ومن السيدات الزاكيات في عفتها وورعها وطهارتها ، وكانت من العارفات الصالحات كما ذكرها صاحب كتاب عيون المعجزات ، وقد أثنى عليها زوجها الإمام علي الهادي عليه السلام ثناءً عطراً وأشاد بمكانتها وسمو منزلتها فقال : سليل (وهو اسمها) مسلولة من الآفاق والأنجاس . لعلو منزلتها وسمو مقامها.
ولد في قرية يقال لها (صريا) في المدينة المنورة عام (212هـ)، وهذه القرية أسّسها الإمام موسى بن جعفر الكاظم (عليه السلام)، على بعد ثلاثة أميال من المدينة المنوّرة وقد ولد فيها ثلاثة من الأئمة المعصومين هم: الإمام علي بن موسى الرضا والإمام محمد بن علي الهادي والإمام الحسن العسكري (عليهم السلام) فضلاً عن عدد من أولادهم ومن بينهم سيدنا محمد بن علي الهادي.
ترعرع السيد محمد في كنف والده الإمام علي الهادي النور العاشر من سلسلة الأنوار الإلهية المنصوص عليهم بالإمامة فنشأ على التقوى والورع والعلم والعبادة،
عاش السيد محمد في رعاية أبيه أربعاً وعشرين عاماً، وكانت تلك السنوات كافية لأن تجعل منه الصورة الواضحة لشخصية أبيه وأخيه (عليهما السلام)، والاكتساب منهما مكارم الأخلاق والصفات الحميدة .
= أولاد السيد محمد (ع) =
لقد خلف السيد محمد عليه السلام من الأولاد تسعة ذكور كما ذكره وأثبته صاحب كتاب بحر الأنساب وهم :
1ـ جعفر (وبه اشتهر بكنيته).
2ـ عبد الله.
3ـ لطف الله.
4ـ عناية الله.
5ـ هداية الله.
6ـ محمود.
7ـ أحمد.
8ـ علي.
9ـ اسكندر.
وقد مات بعضهم ودفنوا في خوي وسلماس (مدينتين تقعان في شمال ايران). علماً إن أولاد الأئمة عليهم السلام منتشرون في معظم المدن والقرى من جنوب إيران إلى شمالها وإلى الحدود الروسية وأذربيجان وذلك لهروبهم من بطش الحكام الطغاة العباسيين، ولم يعقب من أولاده سوى أحمد وعلي والله العالم.
= في أقوال الكتاب والمؤرخين فيه (ع) =
كان سيدنا ملازماً لأبيه وأخيه ويحدثنا نجم الدين أبي الحسن علي بن محمد بن علي بن محمد العلوي في كتابه (المجدي في أنساب الطالبيين / ص131) عن علّان الكلابي أحد معاصري السيد محمد على فضل سيدنا ومكانته السامية فيقول :
( صحبتُ أبا جعفر محمد بن علي الهادي (عليهما السلام) ، وهو حدث السن فما رأيتُ أوقر ولا أزكى ولا أجلّ منه وإن خلّفه أبو الحسن بالحجاز طفلاً فقد كان عليه مُشيداً وكان ملازماً لأخيه أبي محمد لا يفارقه ) ، ويقول السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة ج10/ ص5) : (السيد أبو جعفر محمد بن علي الهادي (عليه السلام) المتوفي سنة (252هـ) ، سيد جليل القدر عظيم الشأن ، كانت الشيعة تظن إنه الإمام من بعد أبيه (عليه السلام) فلما توفى نص أبوه على أخيه أبي محمد الحسن (عليه السلام) وكان أبوه خلّفه في المدينة طفلاً عندما جيء به إلى العراق . وبعد عقود قدم عليه في سامراء ، ولما أراد الرجوع إلى الحجاز، وهو في طريقه نزل القرية التي يقال لها (بلد) على تسعة فراسخ من سامراء مرض وتوفي ودفن قريباً منها. ومشهده الآن معروف ومزور).
وقال الشيخ عباس القمي في منتهى الآمال : (وأمّا السيد محمد المُكنّى بأبي جعفر فهو المعروف بجلالة القدر وعظم الشأن ، وكفى في فضله قابليته وصلاحه للإمامة وكونه أكبر ولد الإمام علي الهادي (عليه السلام) وزعم الشيعة أنه الإمام بعد أبيه لكنه توفي قبل أبيه).
وقال محمد رضا سيبويه في كتابه (لمحات من حياة الإمام الهادي) عن سيدنا السيد محمد: (جلالته وعظم شأنه أكثر من أن يُذكر وقد ذكروا في باب النصوص على إمامة أبي محمد (عليه السلام) ، ما ينبِّئ عن علو مقامه وترشيحه لمقام الإمامة وقبره مزار معروف في بلد والعامة والخاصة يعظّمون مشهده الشريف).
وقال محمد رضا عباس الدبّاغ : (وكان ـ أي السيد محمد ـ فقيهاً عالماً عابداً زكياً أراد النهضة إلى الحجاز فسافر في حياة أخيه حتى بلغ (بلد) فمات بالسواد فدفن هناك وعليه مشهد وهو الذي يُعرف بالسيد وسبع الدجيل).
= وفاته أو استشهاده (ع) =
توفي سيدنا الجليل محمد بن علي الهادي سنة (254هـ) فحزن عليه أخوه (عليهما السلام) حزناً شديداً، ورُوي في سبب موته في المكان المعروف الآن وهي المنطقة المعروفة بالدجيل نسبة إلى نهر الدجيل المشهور، إنه كان للإمام الهادي صدقات ووقوفاً من ضياعٍ وأراضٍ بمقربة من بلد وكان الذي يتولى أمرها ابنه ابو جعفر محمد وفي إحدى وفداته للنظر في شؤونها فاجأه المرض واشتد به الحال فمات).
غير أن هناك دلائل تشير إلى أن السلطة العباسية كان لها يد في موته وهو أمر ليس ببعيد على الخلفاء العباسيين فتأريخهم الدموي شاهد على جرائمهم بحق العلويين، فإن شخصية عظيمة مثل شخصية السيد محمد بما تمتلك من جلالة وقدر وسمو إضافة إلى نسبها الرفيع وشيوع إنه الإمام بعد أبيه بين الناس من الطبيعي أن تكون في رأس قائمة العباسيين ممن يخططون لتصفيته جسدياً وقد اعتمد هذا الرأي الشيخ باقر شريف القرشي في كتابه (حياة الإمام الحسن العسكري/ص24-25)، فقال:
(ومرض أبو جعفر - أي السيد محمد - مرضاً شديداً واشتدتْ به العلة ولا نعلم سبب مرضه هل إنه سُقي سماً من قبل أعدائه وحسّاده من العباسيين الذين عزّ عليهم أن يروا تعظيم الجماهير وإكبارهم إيّاه)، كما رجّح عدم كون وفاة السيد محمد أن تكون طبيعية السيد محمد كاظم القزويني في كتابه (الإمام العسكري من المهد إلى اللحد/ ص23)، حيث قال: (لا نعلم سبب وفاة السيد محمد في تلك السن ونعتبر موته حتف أنفه مشكوكاً فيه لأن الأعداء كانوا ينتهزون كل فرصة لقطع خط الإمامة في أهل البيت (عليهم السلام)، فلعلهم لمّا عرفوا أن السيد محمد هو أكبر أولاد أبيه وهو المرشّح للإمامة بعد أبيه قتلوه كما قتلوا أسلافه من قبل).
إضافة إلى ذلك فإن الروايات التي تواترتْ عن الأئمة والتي تؤكد أنهم (عليهم السلام) يموتون إما قتلاً أو سماً منها قول الإمام الصادق (عليه السلام): (ما مِنّا إلّا مقتول أو مسموم)، وروى الطوسي في (الغيبة/ص388): (إن النبي والأئمة ما ماتوا إلّا بالسيف أو السم وقد ذكر عن الرضا (عليه السلام) إنه سُمّ وكذلك ولده وولد ولده).
وبناءً على هذا الرأي فإن سيدنا قد رزقه الله الشهادة مع الصدّيقين والأبرار وحباه بالكرامات الباهرة والمعجزات الزاهرة التي رواها الخاص والعام وكراماته أكثر من أن تحصى وأوفر من أن تستقصى.
= رثاء الشعراء له (ع) =
قال السيد ميرزا مهدي الشيرازي في حق السيد محمد سبع الدجيل :
بـقـعـةٌ لا يُـحـامُ حـولَ حِـمـاهـــا *** بِـسـوى طـوفِـهـا ولـثـمِ ثـراهــــــا
ربـوةٌ ذاتُ روضٍ مـعـيــــــــــنٍ *** بـوركـتْ فـي بـقـاعِـهـا ورُبـاهــــا
وعـراصٌ لـشـبـلِ أحـمـدَ فـيــهـا *** مـسـتـنـاخٌ يُـهـابُ فـيـه فَـتـاهـــــــا
هـي مـثـوىً لـمـــاجـدٍ هـاشـمـيٍّ *** ذي فـعـالٍ فـاقَ الـسـمـاءَ عُـلاهـــا
مـألـفُ الـجـودِ مـن سـراةِ عـلـيٍّ *** مـعـدنُ الـخـيـرِ مـن ذؤابـةِ طـاهـا
هـي مـثـوى مُـحـمّـد بـن عـلــيٍّ *** بِـعُـلا قـدرهِ عـلـتْ غَـبـراهـــــــــا
سـيـدٌ مـن بـنـي الـكـرامِ كـريــمٌ *** ولـه عـنـصـرُ بـه الله بـاهـــــــــــا
حـاسـرٌ عـن ذراعـهِ لـلأمـانــي *** مـا نـخـتـه الآمـالُ إلاّ قـضـاهـــــا
يـمّـمـتـه الـوفّـادُ مـن كـلِّ وجـهٍ *** وانـثـنـتْ عـنـه بـعـد نـيـلِ مُـنـاهـا
وقال السيّد أحمد الهندي في رثاء السيد محمد (عليه السلام):
فـلـمّـا قـضـى وارتـجّـتِ الأرضُ بـالأسـى *** عـلـيـه، وبـات الـرُّزْءُ يُـمـسـي ويُـصـبـحُ
بـكـاه أخـوه الـعـسـكـريُّ كــــــــــــــــــآبـةً *** بـدمـعٍ لـه غُـرُّ الـملائـك تـمـسـحُ
فـقـيـدٌ كـســـــــــاه حـادثُ الـمـوتِ رَونـقـاً *** كـشـمـس الـسَّــنـا عـنـد الأصـائـل تَـجـنـحُ
وشِـيـل إلـى الـمـثـوى يُـشـيّـعـه الـهـــــدى *** بـحـيـث لـه الأمـلاك بـاكـونَ نُـوَّحُ
وقال الشيخ هادي كاشف الغطاء في حقه (عليه السلام):
فـكـم عـن قـاصـديـهِ زال كَــرْبٌ *** وكـم لـمـؤمّـلـيـهِ لُـمَّ شَـعْـــــــثُ
نُـوالـيـكـم ونـبـرأُ مِـن عِـــــداكـم *** ومـا لِـولائِـكـمُ نـقـصٌ ونَـكْـــثُ
بـمـدحِ عُـلاكـمُ نَـروى ونَـشـفــى *** إذا مـا مَـسَّــنـا ظـمـأٌ وغَــــرْثُ
عـلـومُ الـديـنِ أجـمـعُـهـا لـديـكــم *** ومـنـهـا فـي الـبـرايـا مـا يُـبَـثُّ
وقال الشيخ محمّد علي اليعقوبي:
وضـريـحُ قُــدْسٍ هـيـبـةً لـجـلالِـــــهِ *** يـعـنـو الـضِّـراحُ وهـامـةُ الـجـوزاءِ
تـأتـي مـلـوكُ الأرضِ خـاضـعـةً لـه *** وتَـؤُمُّـه أمـلاكُ كـلِّ سـمـــــــــــــاءِ
نـجـل الإمـام، أخـو الإمـام، مـحـمّـدٌ *** عـمُّ الإمـام، بـقــيّـةُ الأُمَـنــــــــــــاءِ
وقال الشاعر الكبير السيّد صادق الموسوي الهندي:
أبـا جـعـفـرٍ جـئـنـا بـمُـزجـى بـضـاعـةٍ *** لِـنَـكـتـالَ مـا نـحـتـاجُ إذ مَـسَّـنـا الـــــضُّـرُّ
فـأنـت عـزيـزُ الـهـاشـمـيّـيـــــنَ رِفـعـةً *** وأرضٌ بـك ازدانَـتْ جـوانـبُـهـــــا مِـصـرُ
فـأوفِ لـنـا الـكـيـلَـيـنِ: كـيـلاً مُـعــجَّـلاً *** وكـيـلاً لـدى الـمـيـزانِ.. مـوعـدُه الـحـشـرُ
قال الشيخ أبو حازم الباوي الكاظمي:
ضـريـحُـك روضـةٌ والـنـاسُ فـيـهـــا *** بـبـحـرِ الـنـورِ يـغـمـرُهـا شـعــاعُ
فـيـا سـبـع الـدُّجَـيـل فـــــــــداك نـــاءٍ *** عـن الأوطـان إذ عـزّت بـقــــــاعُ
إلـى بـلـدٍ أتـوقُ فـهـل تــــــــــــرانـي *** أرى مـولايَ يـنـفـضّ الـنـــــــزاعُ
فـيـا ابـنَ الـطـهـر والـنـجـوى طـبـاعٌ *** فـكـم تـاقـت إلـى الـنـجـوى طـبـاعُ
= مكان دفنه ومثواه (ع) =
وله مزار مشهورفي مدينة (بلد) ويقع في منتصف الطريق بين الكاظمية وسامراء وبالقرب من ناحية ( الدجيل ) وكان السيد محمد معروفاً بالفضل والجلال بما يبديه من الكرامات الخارقة للعادات ، ويتشرف بزيارته كثير من الناس وينذرون له النذور ، ويهدون إليه الهدايا الكثيرة ، ويسألون الله عنده وبحقه حوائجهم ، والعرب في تلك المنطقة تهابه وتخشاه وتحسب له حساباً خاصاً إنه عليه السلام كان عظيم المنزلة عند الله ، كبير المقام عند الأئمة الطاهرين عليهم السلام حتى أنه لما توفي شق عليه أخوه الحسن العسكري عليه السلام جيبه في عزائه ، وكانت وفاته في زمن أبيه ، وكان الشيخ ثقة الإسلام النوري نوَر الله ضريحه ، يعتقد في زيارته اعتقاداً راسخاً ، وقد سعى في تعمير قبته الشريفة وضريحه .
تعليق