بسم الله الرحمن الرحيم
أخرج الترمذي، عن ربعي، عن حذيفة، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر و عمر.
وأخرج عنه أيضاً، قال: كنّا جلوساً عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إنّي لا أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا باللّذين من بعدي. وأشار إلى أبي بكر وعمر.[1]
وثمة تساؤلات وتأملات في هذه الرواية:
أوّلاً: انّ الرواية معارضة بنفس ما روي عن حذيفة في ذلك المجال، فقد أخرج الترمذي في سننه عن زاذان، عن حذيفة، قال: قالوا: يا رسول اللّه لو استخلفت، قال: إن أستخلف عليكم فعصيتموه عُذِّبتم، ولكن ما حدَّثكم حذيفة فصدِّقوه و ما أقراكم عبد اللّه فأقروَه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن. [2]
ثانياً: لو كان النبي أمر بالاقتداء به في حال يتنبأ عن عدم بقائه كان على الشيخين والمهاجرين في السقيفة الاستدلال بالرواية مع أنّهما لم يحتجّا بها ولا غيرهما أيضاً، بل كان الجهد منصباً على أنّ المهاجرين من عشيرة النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وعشيرته أولى بالخلافة من غيرهم.
ثالثاً: انّ الحديث الثاني أيضاً مكذوب على لسان رسول اللّه ،فانّه استخلف غير مرّة استخلافاً عاماً، فتجد استخلافه في الموارد التالية:
أ. حديث بدء الدعوة
أخرج الطبري وغيره بسنده، عن علي بن أبي طالب، انّه لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاََقْرَبِين) دعا أربعين رجلاً فيهم أعمامه وعشيرته فتكلم بالكلام التالي، وقال: يا بني عبد المطلب، إنّي واللّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم، قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت: ... أنا يا نبي اللّه، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. [3]
ب. حديث المنزلة
روى أهل السير والتاريخ انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) خلف علي بن أبي طالب (عليه السلام) على أهله في المدينة عند توجهه إلى تبوك، فأرجف به المنافقون، وقالوا: ما خلفه إلاّ استثقالاً له، فلما قال ذلك المنافقون، أخذ علي بن أبي طالب (عليه السلام) سلاحه، ثمّ خرج حتى أتى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو نازل بالجرف، فقال: ما نشره المنافقون، فأجاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انّه لا نبي بعدي. [4]
ودلالة الحديث على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفاض على علي (عليه السلام) بإذن من اللّه سبحانه الخلافة، واضحة لاَنّ كلمة «منزلة» اسم جنس أُضيف إلى هارون، وهو يقتضي العموم، فيدل على أنّ كلّ مقام و منصب كان ثابتاً لهارون فهو ثابت لعلي (عليه السلام) ، إلاّما استثناه، وهو النبوّة، وقد كان هارون خليفة لموسى بالضرورة.
ج. حديث الغدير وهو حديث معروف متواتر، وحاصله انّ النبي عندما وصل إلى غدير خم من الجحفة عند منصرفة من حجّة الوداع، أمر بردّ من تقدّم من الحجاج، وحبس من تأخر عنهم، حتى إذا أخذ القوم منازلهم، قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الاِبل فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً عبده و رسوله، وانّ جنّته حقّ، وناره حقّ، وانّ الموت حقّ، وانّ الساعة آتية لا ريب فيها، وانّ اللّه يبعث من في القبور؟
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال: اللّهمّ اشهد، ثمّ قال : أيّها الناس، ألا تسمعون؟
قالوا: نعم.
قال: فانّي فرط على الحوض، فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين.
فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول اللّه؟
قال: الثقل الاَكبر، كتاب اللّه، والآخر الاَصغر عترتي، إنّ اللطيف الخبير نبأني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها، حتى رُوَي بياض آباطهما، وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: إنّ اللّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، من كنت مولاه، فعليّ مولاه ـ يقولها ثلاث مرّات ـ ثمّ قال: اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، الاّ فليبلغ الشاهد الغائب.
ثمّ لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي اللّه بقوله:
(الْيَوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي) (المائدة|3)، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : اللّه أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي.[5]
[1]سنن الترمذي: 5|609ـ 610 برقم 3662؛ وأخرجه أيضاً ابن ماجة باللفظ الاَخير: 1|37 برقم 97 .
[2] سنن الترمذي: 5|675 برقم 3812.
[3] تاريخ الطبري: 2|63ـ64 وغيره من المصادر المتوفرة.
[4]صحيح البخاري: 6|3، غزوة تبوك؛ وصحيح مسلم : 7|120، في فضائل علي؛ السيرة النبوية: 2|519 ؛ إلى غير ذلك.
[5]الغدير: 1|34ـ 42 قد بسط الكلام في مصادر الحديث ورواته قرناً بعد قرن.
أخرج الترمذي، عن ربعي، عن حذيفة، قال: قال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : اقتدوا باللّذين من بعدي أبي بكر و عمر.
وأخرج عنه أيضاً، قال: كنّا جلوساً عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: إنّي لا أدري ما بقائي فيكم، فاقتدوا باللّذين من بعدي. وأشار إلى أبي بكر وعمر.[1]
وثمة تساؤلات وتأملات في هذه الرواية:
أوّلاً: انّ الرواية معارضة بنفس ما روي عن حذيفة في ذلك المجال، فقد أخرج الترمذي في سننه عن زاذان، عن حذيفة، قال: قالوا: يا رسول اللّه لو استخلفت، قال: إن أستخلف عليكم فعصيتموه عُذِّبتم، ولكن ما حدَّثكم حذيفة فصدِّقوه و ما أقراكم عبد اللّه فأقروَه.
قال الترمذي: هذا حديث حسن. [2]
ثانياً: لو كان النبي أمر بالاقتداء به في حال يتنبأ عن عدم بقائه كان على الشيخين والمهاجرين في السقيفة الاستدلال بالرواية مع أنّهما لم يحتجّا بها ولا غيرهما أيضاً، بل كان الجهد منصباً على أنّ المهاجرين من عشيرة النبي «صلى الله عليه وآله وسلم» وعشيرته أولى بالخلافة من غيرهم.
ثالثاً: انّ الحديث الثاني أيضاً مكذوب على لسان رسول اللّه ،فانّه استخلف غير مرّة استخلافاً عاماً، فتجد استخلافه في الموارد التالية:
أ. حديث بدء الدعوة
أخرج الطبري وغيره بسنده، عن علي بن أبي طالب، انّه لمّا نزلت هذه الآية على رسول اللّه (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاََقْرَبِين) دعا أربعين رجلاً فيهم أعمامه وعشيرته فتكلم بالكلام التالي، وقال: يا بني عبد المطلب، إنّي واللّه ما أعلم شاباً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا قد جئتكم به، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني اللّه تعالى أن أدعوكم إليه، فأيّكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصي وخليفتي فيكم، قال: فأحجم القوم عنها جميعاً، وقلت: ... أنا يا نبي اللّه، أكون وزيرك عليه، فأخذ برقبتي ثمّ قال: إنّ هذا أخي ووصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا. [3]
ب. حديث المنزلة
روى أهل السير والتاريخ انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) خلف علي بن أبي طالب (عليه السلام) على أهله في المدينة عند توجهه إلى تبوك، فأرجف به المنافقون، وقالوا: ما خلفه إلاّ استثقالاً له، فلما قال ذلك المنافقون، أخذ علي بن أبي طالب (عليه السلام) سلاحه، ثمّ خرج حتى أتى رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو نازل بالجرف، فقال: ما نشره المنافقون، فأجاب النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) : أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ انّه لا نبي بعدي. [4]
ودلالة الحديث على أنّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أفاض على علي (عليه السلام) بإذن من اللّه سبحانه الخلافة، واضحة لاَنّ كلمة «منزلة» اسم جنس أُضيف إلى هارون، وهو يقتضي العموم، فيدل على أنّ كلّ مقام و منصب كان ثابتاً لهارون فهو ثابت لعلي (عليه السلام) ، إلاّما استثناه، وهو النبوّة، وقد كان هارون خليفة لموسى بالضرورة.
ج. حديث الغدير وهو حديث معروف متواتر، وحاصله انّ النبي عندما وصل إلى غدير خم من الجحفة عند منصرفة من حجّة الوداع، أمر بردّ من تقدّم من الحجاج، وحبس من تأخر عنهم، حتى إذا أخذ القوم منازلهم، قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الاِبل فقال: ألستم تشهدون أن لا إله إلاّ اللّه، وأنّ محمّداً عبده و رسوله، وانّ جنّته حقّ، وناره حقّ، وانّ الموت حقّ، وانّ الساعة آتية لا ريب فيها، وانّ اللّه يبعث من في القبور؟
قالوا: بلى نشهد بذلك.
قال: اللّهمّ اشهد، ثمّ قال : أيّها الناس، ألا تسمعون؟
قالوا: نعم.
قال: فانّي فرط على الحوض، فانظروني كيف تخلفوني في الثقلين.
فنادى مناد: وما الثقلان يا رسول اللّه؟
قال: الثقل الاَكبر، كتاب اللّه، والآخر الاَصغر عترتي، إنّ اللطيف الخبير نبأني أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض، فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا.
ثمّ أخذ بيد عليّ فرفعها، حتى رُوَي بياض آباطهما، وعرفه القوم أجمعون، فقال: أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟
قالوا: اللّه ورسوله أعلم.
قال: إنّ اللّه مولاي، وأنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم، من كنت مولاه، فعليّ مولاه ـ يقولها ثلاث مرّات ـ ثمّ قال: اللّهمّ وال من والاه، وعاد من عاداه، وأحب من أحبه، وأبغض من أبغضه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، الاّ فليبلغ الشاهد الغائب.
ثمّ لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي اللّه بقوله:
(الْيَوم أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتي) (المائدة|3)، فقال رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) : اللّه أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ورضى الرب برسالتي والولاية لعلي من بعدي.[5]
[1]سنن الترمذي: 5|609ـ 610 برقم 3662؛ وأخرجه أيضاً ابن ماجة باللفظ الاَخير: 1|37 برقم 97 .
[2] سنن الترمذي: 5|675 برقم 3812.
[3] تاريخ الطبري: 2|63ـ64 وغيره من المصادر المتوفرة.
[4]صحيح البخاري: 6|3، غزوة تبوك؛ وصحيح مسلم : 7|120، في فضائل علي؛ السيرة النبوية: 2|519 ؛ إلى غير ذلك.
[5]الغدير: 1|34ـ 42 قد بسط الكلام في مصادر الحديث ورواته قرناً بعد قرن.