بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الابدية على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .
رأس الامام الحسين (ع) كم كان يضمه رسول الله (ص) الى جسده الشريف ويقربه الى وجهه ويقبله في نحره وعلى خده وفمه المبارك ، رأس الامام الحسين الذي كان يقبله الاب الرؤوف أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب (ع) عند الخروج من البيت وعند الرجوع اليه ، رأس الامام الحسين الذي لطالما كان راقدا في حضن الزهراء (ع) وتنظر اليه بنظرة الام الحنونة وتضمه الى صدرها الدافئ بالقرب من قلبها العطوف .
فان هذا الرأس الذي كان عزيزا على قلب جده النبي (ص) ، وقلب أبيه الوصي علي (ع) ، وقلب أمه حجة الله على الخلق أجمعين فاطمة الزهراء (ع) ، تجده بين القلوب القاسية الميتة من بني أمية مذبوحا من القفا مقطع الاوداج في كربلاء ، تطأه حوافر خيول الاعداء ، مرفوعا فوق الرماح يعانق عنان السماء ، وتضربه السياط الاموية معلنة الحقد والعداء على أهل بيت النبوة وذرية رسول الله صلوات الله عليهم أجمعين .
أهكذا يفعل بهذا الرأس الشريف . الا لعنة الله على الظالمين : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) . (الشعراء / أية 227 ) .
هذا ولكن المعروف ان الله سبحانه وتعالى يمهل ولايهمل وانه عز وجل هو القائل في كتابه الكريم : (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) . (البقرة / أية 179) . وان النبي الاكرم (ص) الذي لاينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى قال : (كما تدين تدان ) .
فهل حصل القصاص والادانة لمن أهان هذا الرأس الشريف للامام الحسين (ع) في الدنيا ..... ؟؟؟
الجواب : نعم قد حصل القصاص والادانة لمن أهان رأس الامام أبا عبد الله الحسين (ع) ولكن المقتص والمدين هو الله سبحانه وتعالى لان الحسين حبيب الله بنص الحديث المشهور عند الفريقين عن رسول الله (ص) : ( حسين مني وأنا من حسين ، أحب الله من أحب حسينا ) . ولنرى يا أخوتي وأخواتي القراء الافاضل الكرام ماذا حصل لرأس كل ظالم ضرب رأس الامام الحسين (ع) وبالروايات المروية عند علماء أهل السنة والجماعة ......؟؟؟
* حديث في ضرب ابن زياد لرأس الامام الحسين (ع) :
جاء في سنن الامام النسائي بابُ مَنَاقِبِ أَبِي مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَالْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا
حَدَّثَنَا خَلَّادُ بْنُ أَسْلَمَ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ قَالَ : أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ، قَالَتْ : حَدَّثَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ زِيَادٍ فَجِيءَ بِرَأْسِ الحُسَيْنِ فَجَعَلَ يَقُولُ بِقَضِيبٍ فِي أَنْفِهِ وَيَقُولُ : «مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا حُسْنًا، لِمَ يُذْكَرُ؟» قَالَ: قُلْتُ: « أَمَا إِنَّهُ كَانَ مِنْ أَشْبَهِهِمْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ » . « هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ » .
* حديث فيما حصل لرأس ابن زياد لعنه الله :
حَدَّثَنَا وَاصِلُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، قَالَ: " لَمَّا جِيءَ بِرَأْسِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ وَأَصْحَابِهِ نُضِّدَتْ فِي المَسْجِدِ فِي الرَّحَبَةِ فَانْتَهَيْتُ إِلَيْهِمْ وَهُمْ يَقُولُونَ: قَدْ جَاءَتْ قَدْ جَاءَتْ، فَإِذَا حَيَّةٌ قَدْ جَاءَتْ تَخَلَّلُ الرُّءُوسَ حَتَّى دَخَلَتْ فِي مَنْخَرَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ فَمَكَثَتْ هُنَيْهَةً، ثُمَّ خَرَجَتْ فَذَهَبَتْ حَتَّى تَغَيَّبَتْ. ثُمَّ قَالُوا: قَدْ جَاءَتْ، قَدْ جَاءَتْ، فَفَعَلَتْ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا «هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ» .
* حديث في ضرب يزيد بن معاوية لرأس الامام الحسين (ع) :
دخل رجلٌ على يزيدَ فقال أبشِرْ ، فقد أمكنَك اللهُ مِنَ الحسَينِ ، وجِيءَ برأسِه قال : فوُضِعَ في طَسْتٍ ، فأمر الغلامَ فكُشِفَ ، فحين رآه خمَّرَ وجهَه كأنَّهُ شمَّ مِنهُ . فَقلتُ لها : أَقرَعَ ثناياهُ بقَضيبٍ ؟ قالَت : إي واللهِ . ثمَّ قال حمزةُ : وقد حدَّثني بَعضُ أهلنا أنَّهُ رأى رأسَ الحسينِ مَصلوبًا بِدِمشقَ ثلاثةَ أيَّامٍ وحدَّثتني ريَّا ، أنَّ الرأسَ مكَث في خزائنِ السِّلاحِ ، حتَّى وُلِّيَ سلَيمانُ ، فبَعثَ فجيءَ بهِ ، وقد بقيَ عظمًا أبيَضَ ، فجعلَه في سَفَطٍ ، وطيَّبَه وكفَّنَه ودفنَه في مقابرِ المسلِمين ، فلمَّا دخَلت المسوِّدَةُ ، سألوا عن موضِعِ الرَّأسِ ، فنبشوهُ وأخَذوه ، فاللهُ أعلَمُ ما صُنِعَ بهِ ، وذكر باقيَ الحكايةِ .
*** أحاديث فيما حصل لرأس يزيد بن معاوية لعنه الله :
أ- بالرواية الشيعية :
ينقل السيد ابن طاووس رحمه الله في كتابه اللهوف في قتلى الطفوف / ص151:
قال أبو مخنف رضي الله عنه ، وأما ما كان من أمر يزيد بن معاوية فإنه ركب في بعض الأيام في خاصته في عشر آلاف فارس يريد الصيد والقنص فسار حتى بَعُد من دمشق مسير يومين فلاحت له ظبية فقال : لأصحابه لا يتبعني منكم أحد ثم إنه إنطلق جواده في طلبها وجعل يطاردها من واد إلى واد ، حتى انتهت إلى واد مهول مخوف فأسرع في طلبها فلما توسط الوادي لم ير لها خبرا ولم يعرف لها أثرا وكضّه العطش فلم يجد هناك شيئا من الماء وإذا برجل معه صحن ماء .
فقال : يا هذا إسقني قليلا من الماء ، فلما سقاه .
قال : لو عرفت من انا لازددت من كرامتي .
فقال له : ومن تكون ؟؟؟
قال : أنا أمير المؤمنين يزيد بن معاوية .
فقال الرجل : أنت والله قاتل الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام ، يا عدو الله .
ثم نهض ليلزمه فنفر من تحته فرمى به عن مستتر فعلقت رجله بالركاب فجعل الفرس كلما رآه خلفه نفر فلم يزل كذلك إلى أن مزقه وعجّل الله بروحه إلى النار ، وكان له عشرة ندماء لا يفارقونه ولا يفارقهم ويأمنهم على حريمه وأولاده وماله فاقتحموا الطريق الذي سلك فيه ليعرفوا خبره فوجدوا الفرس وفخذه معلق بالركاب فرفعت الصيحة في المعسكرين فرجعوا إلى دمشق ... انتهى .
ب- بالرواية السنية :
الرواية الأولى : قال ابن حبّان :
وتوفّي يزيد بن معاوية بحوارين ـ قرية من قرى دمشق ـ لأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأوَّل سنة أربع وستّين ، وهو يومئذ ابن ثمان وثلاثين . وقد قِيل : إنّ يزيد بن معاوية سكر ليلة ، وقام يرقص فسقط على رأسه وتناثر دماغه فمات . . . (1) .
الرواية الثانية : وقال ابن كثير :
وقد رُوي أنّ يزيد كان قد اشتهر بالمعازف ، وشرب الخمر والغناء والصيد ، واتّخاذ الغلمان والقيان والكلاب والنطاح بين الكباش والدباب والقرود . وما من يوم إلاّ يصبح فيه مخموراً .
وكان يشدُّ القرد على فرس مسرجة بحبال ويسوق به ، ويلبس القرد قلانس الذهب وكذلك الغلمان . وكان يسابق بين الخيل . وكان إذا مات القرد حزن عليه ، وقِيل : إنّ سبب موته أنّه حمل قردة وجعل ينقزها فعضَّته ، وذكروا عنه غير ذلك ، والله أعلم بصحّة ذلك (2) .
الرواية الثالثة : روى البلاذري ، وقال :
وذكر لي شيخ من أهل الشام : أنّ سبب وفاة يزيد أنّه حمل قردة على الأتان وهو سكران ، ثمّ ركض خلفها فسقط فاندقَّت عنقه ، أو انقطع في جوفه شيء . وحدَّثني محمّد بن يزيد الرفاعي ، حدَّثني عمِّي ، عن ابن عيّاش قال : خرج يزيد يتصيَّد بحوارين وهو سكران ، فركب وبين يديه أتان وحشية قد حمل عليها قرداً ، وجعل يركض الأتان ، ويقول :
أبا خَلَفٍ إحتلْ لنفسِك حيلةً فليس عليها إن هلكت ضمانُ
فسقط واندقَّت عنقه .
ولا منافاة بين هذه الروايات (3) ، فمن الجائز أنّه أركب قردة على أتان ، وركب هو أيضاً وركض خلفه ، وجعل ينقزها فعضَّته وسقط واندقت عنقه ، وانقطع في جوفه شيء ، وهكذا استشهد الخليفة قتيل القرد ! (4) .
الرواية الرابعة : وقال الذهبي :
وعن محمّد بن أحمد بن مسمع قال : سكر يزيد فقام يرقص ، فسقط على رأسه فانشقَّ وبدا دماغه (5) .
الرواية الخامسة : وقال ابن حمدون :
حدَّث أبو عمرو الشيباني أنّ يزيد بن معاوية شرب حتّى سكر ، ثمّ ركب فرساً وأقبل حتّى علا جبلاً ، فانتهى إلى فصل بينه وبين جبل آخر فأراد أنْ يوثب فرسه حتّى يلحق الجبل الآخر ، فقرعه بالسوط فوثب فلمْ يبلغ ، وسقط فمات (6) .
( إِنَّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنتَقِمُونَ ) . (السجدة/ أية 22) .
--------------------------
الهـــــــــــــــــــــــــــوامش :
1- الثقات ، ابن حبّان 2 / 314 .
2- البداية والنهاية ، ابن كثير 8 / 258 .وأيضاً لكثرة ما عنده من القرود !
3- أنساب الأشراف ، البلاذري 4 / 1 ، وفي ط 5 / 300 .
4- جاء في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير 2 / 154 : الذبحة ـ وقد تسكّن ـ وجع يعرض في الحلق من الدم . وقِيل : هي قرحة تظهر فيه فينسد معها وينقطع النفس فتقتل .
وفي لسان العرب لابن منظور 2 / 438 ، الذبحة : وجع يأخذ في الحلق من الدم . وقِيل : هي قرحة تظهر فيه فينسدُّ معها وينقطع النفس فتقتل .
5- سير أعلام النبلاء ، الذهبي 4 / 37 .
6- التذكرة الحمدونيّة لابن حمدون /5974 ، نسخة برنامج الموسوعة الشعريّة .