ـ أحضر المتوكّل يوماً الإمام علي الهادي عليه السلام إلى مجلسه ، الّذي هو مجلس خمرٍ وسكر ٍ، لكي ينتشر الخبر في كلّ مكان ، أنّ علياً بن محمد كان نديماً للمتوكّل وقد جالسه في مجلس الخمر واللهو !
ـ لقد نظر الإمام عليه السلام إلى القضيّة من زاوية الإنسان المجاهد ووقف مقابل هذه المؤامرة . فذهب الإمام عليه السلام إلى بلاط المتوكّل ، واستطاع أن يبدّل مجلس سكره إلى مجلسٍ عابقٍ بالمعنويّات .
ـ فَبِذِكْرِ الحقائق وإنشاد تلك الأشعار الشامتة ، هزم المتوكّل بحيث أنّ هذا المتوكّل وبمجرّد أن انتهى الإمام من كلماته ، نهض من مكانه وأحضر للإمام الغالية ( عطر مركّب من المسك والعنبر ) وشيّعه بكلّ أدبٍ واحترام .
ـ فقد قال له الإمام ، هل تتصوّر أنّك إذا جلست هنا ، فإنّك ستهرب من قبضة الموت؟! وهكذا بيّن للمتوكّل كلّ ما يجري عند الموت وما بعده ، حتّى أكل الديدان له . فاستطاع الإمام أن يبدّل المجلس تبديلاً تامّاً ، ويقلبه رأساً على عقب ، وأن يخرج من البلاط .
باتُوا علـى قُلَلِ الأَجْبـالِ(1) تَحْرُسُهـمْ
غُلْبُ الرِّجالِ فَمَـا أَغْـنَتـْهُمُ(2) القُلَـلُ!
واستُنْزِلـُوا بَعْدَ عـِزٍّ مِـنْ مَعـاقِـلـِهِـمْ
واُودِعُـوا حُـفـَراً يـا بِئْسَ مـا نَزَلـوا !
نـاداهـمُ صـارخٌ مِـنْ بَـعـْدِمـا قـُبِـروا
أَيْنَ الاَسِـرَّةُ والتـِيجـانُ والحُلَـلُ(3)؟!
أيـن الوجـوهُ الـتـي كـانـتْ مُـنـَعَّـمَـةً
مِنْ دُونِها تُضْرَبُ الأَسْتارُ والكِلَل(4)ُ ؟!
فَأَفْصَحَ القَبْرُ "عَنْهُمْ" حِينَ ساءَلَـهُـمْ(5)
تِـلْـكَ الوُجـوهُ عَلَيـْهـا الـدُّودُ يَقْتَـتِـل ُ!
قَـدْ طـالَـمـا أَكـَلوا دَهْراً ومـا شَرِبُـوا
فـأَصْـبَحوا بـَعْدَ طُولِ الأَكْلِ قَدْ اُكِلوا !
وطـالـمـا عَـمَّـروا دُوراً لتـُحْـصـِنَـهُـمْ
فـَفـارَقُـوا الدُّورَ والأَهـْلِيـنَ وارْتَحَلـُوا
وطـالـمـا كَـنَـزوا الأمـوالَ وادَّخَــرُوا
فَخـَلَّـفـوها علـى الأعـداءِ وانـْتَـقَـلُـوا
أَضـْحَتْ مَـنـازِلُـهُـمْ قَـفْـراً(6)مَعَطَّـلَـةً
وسـاكـِنوها اِلَى الأَجْداثِ(7)قد رَحَلُوا !
سَـلِ الخـليـفـةَ إِذْ وافَـتْ مَـنِـيَّـتُـهُ(8)
أيـنَ الحُماةُ وأينَ الخَيْلُ والخَـوَلُ ؟!(9)
أَيـنَ الرُّمـَاةُ أَمَـا تُـحـْمَـى بِـأَسْهُـمِهِـمْ
لَـمـّا أَتَـتْـكَ سِـهـامُ المـوتِ تَـنـْتَقِـل ُ!
أين الكُمَاة(10)ُ أَمَا حامَـوا أَمَا اغْتَضَبُوا
أيـنَ الجـيوشُ التي تُحْمَى بِها الدُّوَلُ ؟!
هيـهـاتَ مـا نـَفَـعـُوا شيئاً ومـَا دَفَعُـوا
عَـنـْكَ الـمَـنِـيَّـةَ إِنْ وافَـى بـِهـا الأَجَـلُ
فـَكـَيـْفَ يَـرْجـو دَوامَ العَـيْـشِ مُتَّـصِـلاً
مَـنْ رُوحُهُ بِـحـِبـَالِ الـمَـوْتِ تَـتَّـصِـلُ؟!
.................................................. ..............
《شرح المفردات》
(1) قلل الأجبال : رؤوس الجبال.
(2) أغنتهم : نَفَعَتْهُم .
(3) الحُلَل : مفردها الحـُلَّـة : كل ثوب جديد .
(4) ـ تُضْرَب : تُنْصَب .
ـ الكِلل : مفردها الكِلَّة : السِّتْرُ الرقيق .
(5) ساءلهم : بمعنى سألهم .
(6) قفراً : القَفْر: الخلاء من الارض لا ماء فيه ولا ناس ولا كلأ .( والكَلأ : هو العشب رَطْبُهُ ويابِسُهُ )
(7) الأجداث : القبور.
(8) ـ سَلْ : إِسْأَلْ.
ـ وافت : أتَتْْ .
(9) الخَوَل : العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية.
(10) الكُمَاة : مفردها الكَمِي ّ: أي الشجاع أو لابس السلاح لأنه يَكْمي نَفْسَهُ أي يسترها بالدرع والبيضة .
( والبيضة هي الخوذة من الحديد وهي من آلات الحرب لوقاية الرأس ) .
ـ لقد نظر الإمام عليه السلام إلى القضيّة من زاوية الإنسان المجاهد ووقف مقابل هذه المؤامرة . فذهب الإمام عليه السلام إلى بلاط المتوكّل ، واستطاع أن يبدّل مجلس سكره إلى مجلسٍ عابقٍ بالمعنويّات .
ـ فَبِذِكْرِ الحقائق وإنشاد تلك الأشعار الشامتة ، هزم المتوكّل بحيث أنّ هذا المتوكّل وبمجرّد أن انتهى الإمام من كلماته ، نهض من مكانه وأحضر للإمام الغالية ( عطر مركّب من المسك والعنبر ) وشيّعه بكلّ أدبٍ واحترام .
ـ فقد قال له الإمام ، هل تتصوّر أنّك إذا جلست هنا ، فإنّك ستهرب من قبضة الموت؟! وهكذا بيّن للمتوكّل كلّ ما يجري عند الموت وما بعده ، حتّى أكل الديدان له . فاستطاع الإمام أن يبدّل المجلس تبديلاً تامّاً ، ويقلبه رأساً على عقب ، وأن يخرج من البلاط .
باتُوا علـى قُلَلِ الأَجْبـالِ(1) تَحْرُسُهـمْ
غُلْبُ الرِّجالِ فَمَـا أَغْـنَتـْهُمُ(2) القُلَـلُ!
واستُنْزِلـُوا بَعْدَ عـِزٍّ مِـنْ مَعـاقِـلـِهِـمْ
واُودِعُـوا حُـفـَراً يـا بِئْسَ مـا نَزَلـوا !
نـاداهـمُ صـارخٌ مِـنْ بَـعـْدِمـا قـُبِـروا
أَيْنَ الاَسِـرَّةُ والتـِيجـانُ والحُلَـلُ(3)؟!
أيـن الوجـوهُ الـتـي كـانـتْ مُـنـَعَّـمَـةً
مِنْ دُونِها تُضْرَبُ الأَسْتارُ والكِلَل(4)ُ ؟!
فَأَفْصَحَ القَبْرُ "عَنْهُمْ" حِينَ ساءَلَـهُـمْ(5)
تِـلْـكَ الوُجـوهُ عَلَيـْهـا الـدُّودُ يَقْتَـتِـل ُ!
قَـدْ طـالَـمـا أَكـَلوا دَهْراً ومـا شَرِبُـوا
فـأَصْـبَحوا بـَعْدَ طُولِ الأَكْلِ قَدْ اُكِلوا !
وطـالـمـا عَـمَّـروا دُوراً لتـُحْـصـِنَـهُـمْ
فـَفـارَقُـوا الدُّورَ والأَهـْلِيـنَ وارْتَحَلـُوا
وطـالـمـا كَـنَـزوا الأمـوالَ وادَّخَــرُوا
فَخـَلَّـفـوها علـى الأعـداءِ وانـْتَـقَـلُـوا
أَضـْحَتْ مَـنـازِلُـهُـمْ قَـفْـراً(6)مَعَطَّـلَـةً
وسـاكـِنوها اِلَى الأَجْداثِ(7)قد رَحَلُوا !
سَـلِ الخـليـفـةَ إِذْ وافَـتْ مَـنِـيَّـتُـهُ(8)
أيـنَ الحُماةُ وأينَ الخَيْلُ والخَـوَلُ ؟!(9)
أَيـنَ الرُّمـَاةُ أَمَـا تُـحـْمَـى بِـأَسْهُـمِهِـمْ
لَـمـّا أَتَـتْـكَ سِـهـامُ المـوتِ تَـنـْتَقِـل ُ!
أين الكُمَاة(10)ُ أَمَا حامَـوا أَمَا اغْتَضَبُوا
أيـنَ الجـيوشُ التي تُحْمَى بِها الدُّوَلُ ؟!
هيـهـاتَ مـا نـَفَـعـُوا شيئاً ومـَا دَفَعُـوا
عَـنـْكَ الـمَـنِـيَّـةَ إِنْ وافَـى بـِهـا الأَجَـلُ
فـَكـَيـْفَ يَـرْجـو دَوامَ العَـيْـشِ مُتَّـصِـلاً
مَـنْ رُوحُهُ بِـحـِبـَالِ الـمَـوْتِ تَـتَّـصِـلُ؟!
.................................................. ..............
《شرح المفردات》
(1) قلل الأجبال : رؤوس الجبال.
(2) أغنتهم : نَفَعَتْهُم .
(3) الحُلَل : مفردها الحـُلَّـة : كل ثوب جديد .
(4) ـ تُضْرَب : تُنْصَب .
ـ الكِلل : مفردها الكِلَّة : السِّتْرُ الرقيق .
(5) ساءلهم : بمعنى سألهم .
(6) قفراً : القَفْر: الخلاء من الارض لا ماء فيه ولا ناس ولا كلأ .( والكَلأ : هو العشب رَطْبُهُ ويابِسُهُ )
(7) الأجداث : القبور.
(8) ـ سَلْ : إِسْأَلْ.
ـ وافت : أتَتْْ .
(9) الخَوَل : العبيد والإماء وغيرهم من الحاشية.
(10) الكُمَاة : مفردها الكَمِي ّ: أي الشجاع أو لابس السلاح لأنه يَكْمي نَفْسَهُ أي يسترها بالدرع والبيضة .
( والبيضة هي الخوذة من الحديد وهي من آلات الحرب لوقاية الرأس ) .
تعليق