بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وال محمد
بالذكرى العطرة والمناسبة السعيدة واليوم المبارك وهو يوم 11 شعبان حيث ولد علي الاكبر (ع) . نقدم التهاني ونزف الافراح الى شيعة أمير المؤمنين من العوام ومراجع الدين العظام عامة ، والى سيدي ومولاي الامام المهدي (ع) خاصة . سائلا المولى عز وجل أن يرزقنا شفاعة علي الاكبر (ع) في الاخرة بحق محمد وعترته الطاهرة صلوات الله تعالى عليهم أجمعين . وهذه نبذة مختصرة عن سيرة سيدي ومولاي علي الاكبر (ع) أقدمها بين يدي القراء الكرام .
*** تاريخ ولادة علي الاكبر (ع) :
ولد علي الاكبر (ع) في 11 شعبان سنة 35 للهجرة ، وقيل في سنة 41 للهجرة النبوية .
هو أبو الحسن علي الأكبر ابن الإمام الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السّلام) .
أُمّه السيّدة ليلى بنت أبي مُرّة بن عروة بن مسعود الثقفي ، وأُمّها ميمونة بنت أبي سفيان بن حرب بن أُميّة .
وهو من الشخصيات الفذة في التاريخ الذي جمع صفات الغر حيث أنها صفاته :
*** صفاته (ع) :
كان (ع) من أصبح الناس وجهاً وأحسنهم خُلُقاً ، وكان يشبه جدّه رسول الله (ص) في المنطق والخَلق والخُلق . قال الإمام الحسين (عليه السّلام) حينما برز علي الأكبر يوم الطفِّ : (( اللّهُمّ اشهد فقد برز إليهم غُلامٌ أشبهُ النّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك ))(1) .
وقد مدحته الشعراء ، فيقول أبو الفرج الإصفهاني : إنّ هذه الأبيات قِيلَت في علي الأكبر (ع) :
لم تَرَ عَينٌ نَظَرتْ مِثله من محتفٍ يَمشـي ومن نَاعِلِ
يغلي نئيِّ اللحم حتّى إذا أنضج لم يغل على الآكلِ
كانَ إذا شبّت لَهُ نارُهُ أوقدَها بالشرفِ الكَامِلِ
كَيْما يراهَا بائسٌ مرملٌ أو فردُ حيٍّ ليسَ بالآهلِ
أعني ابن ليلى ذا السدى والندى أعني ابنَ بنت الحسن الفاضلِ
لا يؤثِرُ الدنيا على دينِه ولا يبيعُ الحَقَّ بالباطلِ (2)
وقال الشيخ عبد الحسين العاملي (قدّس سرّه) :
جمع الصفاتِ الغرَّ فهي تراثُه عن كلِّ غطريفٍ وشهمٍ أصيدِ
في بأسِ حمزة في شجاعة حيدرٍ بإبى الحسين وفي مهابة أحمدِ
وتراه في خُلقٍ وطيب خلائقٍ وبليغِ نُطقٍ كالنبيِّ محمّدِ(3)
*** شجاعته (ع) :
لمّا ارتحل الإمام الحسين (ع) من قصر بني مقاتل ، خفق وهو على ظهر فرسه خفقة ، ثمّ انتبه (ع) وهو يقول : (( إنّا للهِ وإنّا إليهِ راجِعُون ، والحمدُ للهِ رَبِّ العَالَمين )) ، كرّرها مرّتين أو ثلاثاً ، فقال علي الأكبر (ع) : ممّ حمدتَ الله واسترجَعت ؟
فأجابه (ع) : (( يا بُنَي ، إنِّي خفقتُ خفقةً , فعنّ لي فارس على فرس وهو يقول : القوم يسيرون والمنايا تسير إليهم . فعلمت أنّها أنفسنا نُعِيت إلينا )) .
فقال علي الأكبر (ع) : يا أبَة ، لا أراك الله سوءاً ، ألَسنا على الحق ؟
فقال (ع) : (( بلى والذي إليه مَرجِعُ العباد )) .
فقال علي الأكبر (ع) : فإنّنا ـ إذَاً ـ لا نُبالي أن نموت مُحقِّين .
فأجابه الإمام الحسين (ع) : (( جَزَاك اللهُ مِن وَلدٍ خَير مَا جَزَى وَلَداً عن والِدِه ))(4) .
وتدل هذه الرواية على جلالة قدر علي الأكبر ( ع ) ، وحسن بصيرته ، وشجاعته ، ورَباطَةِ جأشه ، وشدّة معرفته بالله تعالى .
*** مدّة عمره (ع) :
قيل : إنّ عمره 19 سنة على رواية الشيخ المفيد ، و 25 سنة على رواية غيره . ويترجّح القول الثاني لما روي أنّ عمر الإمام زين العابدين (عليه السّلام) يوم الطفِّ كان 23 سنة ، وعلي الأكبر أكبر سنّاً منه .
*** موقفه (ع) في يوم العاشر وشهادته في سبيل الله :
روي أنّه لم يبقَ مع الإمام الحسين (ع) يوم عاشوراء إلاّ أهل بيته وخاصّته , فتقدّم علي الأكبر (ع) ، وكان على فرس له يُدعى الجناح ، فاستأذن أباه (ع) في القتال فأذن له ، ثمّ نظر إليه نظرة آيِسٍ منه ، وأرخى عينيه فبكى , ثمّ قال : (( اللّهُمّ كُنْ أنتَ الشهيد عَليهم ؛ فَقد بَرَز إليهم غُلامٌ أشبهُ النّاس خَلقاً وخُلقاً ومَنطِقاً برسولك )) .
فشَدّ علي الأكبر (ع) عليهم وهو يقول :
أنَا عَليُّ بنُ الحسين بن علي نحن وبيتِ الله أولَى بِالنّبي
تالله لا يَحكُمُ فينا ابنُ الدّعي أضرِبُ بالسّيفِ اُحامِي عَن أبي
ضَربَ غُلامٍ هَاشِميٍّ عَلوي .
ثمّ يرجع إلى أبيه فيقول : يا أباه العطش ! فيقول له الحسين (ع) : (( اصبِرْ حَبيبي ؛ فإنّك لا تُمسِي حتّى يَسقيك رسولُ الله (ص) بكأسه )) .
ففعل ذلك مراراً ، فرآه منقذ العبدي وهو يشدُّ على الناس ، فاعترضه وطعنه فصُرِع ، واحتواه القوم فقطّعوهُ بسيوفهم .
فجائه الحسين (ع) حتّى وقف عليه ، وقال : ( قَتَلَ اللهُ قوماً قتلوك يا بُنَي ، ما أجرأهُم على الرحمن ، وعلى انتهاك حرمة الرسول ) .
وانهمَلَتْ عيناه بالدموع ، ثمّ قال ( ع ) : ( عَلى الدُّنيا بَعدَك العفا ) .
وقال لِفِتيانه : ( احملُوا أخَاكُم ) ، فحملوه من مصرعه ذلك ، ثمّ جاء به حتّى وضعه بين يدي فسْطَاطِهِ .
وروي أنّه كان أوّل قتيل مِن وِلد أبي طالب مع الحسين (ع) ابنه علي الأكبر (ع) .
فَسَلامٌ عليك يا شهيد ، وابن الشهيد ، ويا مظلوم ، وابن المظلوم ، ولعن الله قاتليك وظالميك .
-----------------------------------
(1) اللهوف في قتلى الطفوف / 67 .
(2) مقاتل الطالبين / 53 .
(3) شهداء أهل البيت (عليهم السّلام) ـ قمر بني هاشم / 121 .
(4) مقتل أبي مخنف / 92 .
تعليق