هذا راى الجمهور فهل تعرف ماذا يعنى راى الجمهور
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
أحيانا نقرأ في الكتب أن هذا رأي الجمهورو: هذا يختلف باختلاف القائل للفظة الجمهور
فإذا كان مثلا كالإمام النووي وابن حجر العسقلاني
فيعني بالجمهور في كل هذه القرون التي تقدمت
وإذا كان القائل مثلا الإمام الخطابي أو المنذري فهو يعني
ما قبل الحافظ ابن حجر والنووي يعني من القرون الثلاثة مثلا
فإذا القضية نسبية ينظر إلى الذي مرت هذه الكلمة على شفتيه ففي العصر الذي هو كان موجودا فيعني بالجمهور الذين كانوا في زمانه ومن قبله لا يشمل بداهة الذين من بعدهم أما هؤلاء المتأخرون فهم يعنون القرون كلها التي تلت بين أيديهم فهؤلاء هم الجمهور.
فالقضية إذا نسبية ليس لها معنى ... يمكن ألا يتوسع فيه ولا أن يضيق.
الجمهور يعني الأكثر أكثر العلماء, المهم أن هذا الذي يطلق لفظة الجمهور كالذي يقول أكثر العلماء هذا في تقديره هو أما بهذه الدقة أكثر يعني واحد وخمسون أو اثنان وخمسون أو خمسة وخمسون هذا أمر لا يتحرونه ولا يمكن تحريه
اما معنى مخالفة رأي الجمهور.
مخالفة رأي الجمهور للدّليل فأمر واجب أما بدون دليل فلا شك أن النفس تطمئن للأكثرية أكثر من الأقلية
إذا كان هناك دليل فالواجب اتباعه سواء كان موافقا لرأي الجمهور أو الأكثرية أو مخالفا أما إذا لم يكن ثم دليل فالإنسان كما يشعر كل واحد منا أن رأي الأكثرية تطمئن إليه النفس أكثر من الأقلية الأصل
إذا هو اتباع الدليل من الكتاب والسنة فإذا لم يوجد الدليل عند طالب العلم فالنفس تطمئن لاتباع رأي الجمهور
لكن لو خافلنا رأي الجمهور إلى رأي الأقلية لأن النفس اطمأنت لرأي الأقلية فلا بأس من ذلك لقوله عليه السلام
(استفت قلبك وإن أفتاك المفتون).
اذن ليس هناك إلا الإطمئنان النفسي فما اطمأنت إليه نفس الإنسان ذهب إليه سواء كان موافقا لرأي الجمهور أو مخالفا ذلك لأنه لا يوجد في الشريعة الحض على التمسك بقول الأكثرية
بل نحن لو أردنا أن نستحضر بعض النصوص لوجدنا النصوص تذم الأكثرية أما من الكتاب
فقوله تبارك وتعالى
((ولكن أكثر الناس لا يعلمون))((ولكن أكثر الناس لا يشكرون))
((وقليل من عبادي الشكور)) ونحو ذلك,
أما من السنة فكلكم يستحضر حديث الفرق الإسلامية التي تنقسم إلى ثلاث وسبعين فرقة كما قال عليه السلام
(افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة)
فلا يوجد في الكتاب والسنة المدح للأكثرية والحض على التمسك بالأكثرية
وحديث
(عليكم بالجماعة ومن شذ شذ في النار)
أولا الشطر الأول من الحديث صحيح أما الشطر الآخر فضعيف (ومن شذ شذ في النار)
وثانيا فالجماعة ليست هي الأكثرية
والمقصود في مثل هذا الحديث هو جماعة السلف الصالح حيث جاء تفسير ذلك في بعض الروايات في " سنن الترمذي " وغيره لما قال عليه السلام
(كلها في النار إلا واحدة) قالوا " من هي يا رسول الله؟ " قال (هي الجماعة)
وفي رواية أخرى (هي التي تكون على ما أنا عليه وأصحابي)
الجماعة التي يحض الحديث السابق عليكم بالجماعة إنما هي جماعة السلف الصالح
كما ان الإجماع ليس بالأكثرية عند علماء الأصول والإجماع طبعا له تعاريف كثيرة
منهم من يقول إجماع الأمة ومنهم من يقول إجماع العلماء يعني خرج بهذا القيد غير العلماء ومنهم من يقول إجماع الصحابة وهذا أيضا فيه كلام كثير
أن مثل هذه الإجماعات لا يمكن أن تقع فضلا عن أنه لا يمكن أن تنقل لو وقعت
فإجماع العلماء في عصر واحد كيف يمكن أن يتحقق وإذا تحقّق فمن الذي ينقل من الذي يستطيع أن يتصل بأفراد الإجماع هذا هذا أمر أشبه بالمستحيلات فهو أمر نظري لا سيما أن هذا الإجماع الذي يتحدثون عنه يرتبون عليه تكفير من يخالفه تكفير من يخالف أمرا لا يمكن أن يتحقق ولو تحقق لا يمكن نقله
فكيف يبنى عليه التكفير لكن الحقيقة التكفير الذي ينقلونه مقرونا بمخالفة الإجماع فهو مخالفة الإجماع اليقيني
الذي يعبر عنه بعض علماء الأصول
مخالفة ما ثبت من الدين بالضرورة
مخالفة ما ثبت من الدين بالضرورة هذا الذي يستلزم التكفير بعد إقامة الحجة كما هي القاعدة على هذا النوع من الإجماع يطبق قول ربنا تبارك وتعالى
((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا))
وهذا الإجماع هو الذي استدل الإمام الشافعي عليه بهذه الآية فمن يتبع غير سبيل المؤمنين فسبيل المؤمنين جميعا إذا كانوا على منهج مخالف فذلك هو الضلال المبين أما أمر يدعى فلا يمكن وقوعه ولا يمكن تصوره فهذا ليس بالإجماع الذي إذا خالفه الإنسان اعتبر ضالا ولحقه الوعيد المذكور في الآية السابقة.
و حتى في عهد الصحابة.
لا يمكن حتى في عهد الصحابة هذا أمر سهل أن يتصوره الإنسان إن الصحابة كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقرب بعضهم إلى بعض من حيث أقاليمهم وبلادهم
و حتى في عهد الصحابة.
لا يمكن حتى في عهد الصحابة هذا أمر سهل أن يتصوره الإنسان إن الصحابة كانوا في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقرب بعضهم إلى بعض من حيث أقاليمهم وبلادهم
أما بعد الرسول عليه السلام حيث هناك يكون الناس بحاجة إلى ما قد يسمى بالإجماع فقد تفرقوا في البلالد
بسبب الفتوحات الإسلامية
فكيف يمكن أن نتصور أن هؤلاء الصحابة جميعا على بعد الدار بعضهم من بعض أنهم أجمعوا على مسألة فيأتي الكلام السابق أين اجتمعوا ومن الذي لقيهم فنقل عنهم ذلك الإجماع هذا كله لا يمكن إثباته
لكن هناك أمر أبسط من هذا الأمر المعقد
وهو أنه يكفي المسلم أن يثبت لديه أن بعض الصحابة قالوا شيئا أو فعلوا شيئا أن يكون ذلك دليلا صالحا له وأن يتمسك به أما أن يدعى أن هذا هو الإجماع فهذا خلاف ما يدل عليه تعابيرهم
ولفظة الإجماع نفسها من حيث اللغة العربية.
هناك إجماع من أنواع الإجماع يسمى
بالإجماع السكوتي
أيضا بالمعنى الإجماع العام السابق إذا مثلا تكلم أحد الصحابة في حضور جمع منهم بكلمة أو فعل فعلا له علاقة بالشريعة وسكتوا على ذلك فلا شك أن النفس تطمئن لمثل هذا الإجماع السكوتي
نقول ليس هو الإجماع الذي عرفناه ويقولون إجماع الأمة أو يقولون إجماع علماء الأمة أو إجماع الصحابة
إنما هذا إجماع نسبي
فمثل مثلا ما جاء في " صحيح البخاري " أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب يوم الجمعة الصحابة في خلافته فتلا عليهم آية فيها سجدة تلاوة فنزل من المنبر فسجد وسجدوا معه ثم في الجمعة التالية خطبهم أيضا ومرت به آية سجدة فتهيأ الناس ليسجدوا كما فعلوا في الجمعة السابقة فقال لهم
" إن الله تبارك وتعالى لم يكتبها علينا إلا أن نشاء "
أي سجدة التلاوة " إن الله لم يكتبها "
أي لم يفرضها علينا إلا أن نشاء فالأمر موكول إلى اختيارنا وما وكل لاختيارنا لا شك أنه لا يكون مما فرضه الله علينا لأن الفرائض المعروفة في كل العبادات ليس لنا الخيرة في أن نفعلها أو نتركها
لكن الواجب علينا وجوبا عينيا أن نفعله فحينما قال عمر رضي الله عنه للحاضرين في المسجد
" إن الله لم يكتبها علينا إلا أن نشاء " وأكد ذلك بفعله حيث أنه لم ينزل ليسجد ولا أيضا سجد الناس الذين هم في المسجد هذا النوع يقال فيه هذا إجماع سكوتي
لأن كل من كان هناك من الصحابة والتابعين ما أحد أنكر عليه أو ... بحجة كتاب الله أو حديث رسول الله صلى الله عليه سلم فلا شك أن النفس تطمئن لمثل هذا الحكم أكثر من أن يطمئن إلى قول من جاء من بعدهم
كالحنفية مثلا
الذين يقولون بوجوب سجدة التلاوة وجوبا يأثم تاركه فما فعله عمر بن الخطاب وأقره عليه الصحابة الحاضرون وهذا وإن لم يكن إجماع الصحابة لكن هذا الأجماع من هذا العدد الذي كان موجودا النفس تطمئن لاتباعهم لا سيما وقد أمرنا بالاقتداء بهديهم.
اما قوله عليه السلام (لا تجتمع أمتي على ضلالة) يعني الإجماع الذي ذكرناه آنفا اى وهو المعلوم من الدين بالضرورة فهذا أمر صحيح
المقصود بالإجماع الذي يعبر عنه بالمعلوم من الدين بالضرورة هو ما سار عليه المسلمون كما ذكرنا آنفا استدلال الإمام الشافعي بقوله تعالى
((ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا))
أما المسائل التي تدور على البحث العلمي والنظري فهذا لا يمكن أبدا أن يدعى أن المسلمين أجمعوا لأنه لا يتصور إجماعهم في مكان أو تفرقهم في مكان ونقل أقوالهم جميعا بواسطة شخص أو أكثر فأظن وضح معنى قوله عليه السلام
(لا تجتمع أمتي على ضلالة).
والحمد لله رب العالمين
تعليق