" أيُّها الناسُ مَن حَسّنَ مِنكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازاً على الصراطِ يومَ تَزلُّ فيه الأقدامُ " "
:1:- إنَّ النبيَّ الأكرمَ ، صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم ، وهو يستقبلُ شهرَ رمضان المُعظّم يلفتُ نظرَنا إلى بعض المطالب الأخلاقيّة العاليّة بالإضافة للجوانب الفقهيّة الخاصة بهذا الشهر الشريف.
:2:- علينا أن نستثمرَ الوجودَ المُباركَ لهذا الشهر الفضيل ، لنعمل فيه وباختلاف الاستعدادات النفسيّة والفكرية والتربوية والدّينية لكلّ منّا .
:3:- كان النبي الأكرم حريصاً أشدّ الحرص على أمّته ، وهو الذي أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين ، ومقتضى الرحمة أن يحرصَ على إيصال هذه الأمة المرحومة إلى ألطاف الله سبحانه وإلى تلك الدار الآخرة الحقّة الأبديّة.
:3:- لقد بيّنَ النبي الأعظم :- أنَّ هناك مجموعةً من الصفات يحتاجها الإنسان المؤمن ، وأن يعوّدَ نفسَه عليها ، وقد جعل اللهُ تعالى عليها جزاء في الآخرة ،-
ومن أهمّها( تحسين الأخلاق وتهذيب النفس والسلوك ).
:4:- قال ( صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم) : (أيُّها الناسُ مَن حَسّنَ مِنكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازاً على الصراطِ يومَ تَزلُّ فيه الأقدامُ ،..... ومَن كفّ فيه شرَّه كفّ اللهُ عنه غضبَه يوم يلقاه ، ومَن أكرم فيه يتيماً أكرمه اللهُ يومَ يلقاه ، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه وصلَه اللهُ برحمته يومَ يلقاه ، ومَن قطعَ فيه رَحِمَه قطعَ اللهُ عنه رحمته يومَ يلقاه ).
: روضة المتقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه ، المجلسي الأوّل ، ج3، ص278.
:..أيُّها الناسُ مَن حَسّنَ مِنكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازاً على الصراطِ يومَ تَزلُّ فيه الأقدامُ ...::
إنَّ لسان هذا البيان هو لسان القضية الشرطيّة الضامنة لتحقق الجزاء التالي بتحقق الفعل والشرط المتقدّم واقعاً وسلوكا -.
فتحسين الأخلاق :- هو شرط ضامن للجزاء الأخروي ، وهو الجواز على الصراط يوم تزلّ الأقدام .
وإنَّ ( الخُلُقَ ) هو تلك الصفات التي تظهرُ على الإنسان من غير الصفات الجسميّة من الخِلْقَة ، كلون البشرة أو الطول – وهناك مجموعة تصرّفات تُدعى بالمعنى العام ب( الأخلاق ) وهذه هي التي ينبغي مُراعاتها في هذا الشهر الفضيل.
:5:- النبي الأكرم – يُريدُ مّنا أن نُحسّنَ أخلاقنا في قِبالة الأخلاق السيئة والمذمومة ،- ولعلّ التأكيد هنا إنّما جاء لبيان أنَّ الإنسان سرعان ما يغضب في حال صيامه وينفعل بسرعة ، وهذا أمر وجداني مُشاهد للعيان – وبانفعاله يصبُّ جامَ غضبه على أهله و أولاده أو غيرهم بدعوى أنا صائم.
:6:- في الصوم يُريدُ اللهُ تعالى أن يُربينا ويهذبنا حتى نرتقي إلى مكارم الأخلاق ومعاليها المعنوية ، والصوم هو شهر التزكية للأبدان والتطهير للنفوس ، كما ورد في مضمون خطبة السيدة الزهراء ، عليها السلام ،.
إنَّ مسألة الجواز على الصراط هي مسألة مُخيفة واقعاً ولا ينجو منها إلاَّ مَن حسّن أخلاقه في هذا الشهر العظيم.
:7:- إنَّ النبيّ الأعظمَ كان القمّة في حُسن الخُلُقِ – وقد مدحه القرآن الكريم بأعلى الوصف العظيم – (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (4) القلم.
وصفٌ غير مُحدّدٍ ، ولم يسبقه أحدٌ من قبل في ذلك ولم يلحقه – كان خُلُقه الحياء - وهذا ما يقتضي الاقتداء به.
:8:- في الصوم يجدُ الإنسان وقتاً كافياً لمُحاسبَة نفسه ومراقبة تصرّفاته ، وبالتالي سيدرك أنَّ اللهَ سبحانه هو الرقيبُ عليه من وراء ذلك – وسيكتشفُ أنّه بحاجة
إلى تربية جديدة .
:9:- ثُمَّ قال :صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم( ومَن كفّ فيه شرَّه كفّ اللهُ عنه غضبَه يوم يلقاه ):- والمقصود بكفّ الشرِّ هو كفّ كلّ إساءة للنفس وللآخرين.
والصوم كما هو كفّ عن المفُطّرات بحسب تعريف الفقهاء فكذلك هو كفّ النفس ومنعها عن الشرّ ، والشّر له مصاديق كثيرة – منها الاعتداء على الآخرين والكذب ،.
:10:- إنَّ حرمة شهر رمضان ممّا ينبغي مُراعاتها كحرمة البيت الحرام – فكما له مُحرّمات في الحرم ، فكذلك لشهر رمضان الفضيل مُحرّمات وحرمة.
فلا يجوز هتكها من حيث الجهر بالإفطار للذين يُرخصُ لهم بالإفطار فيه شرعاً ,.
:11:- إنَّ نتيجة الكف عن الشرّ أن يكف اللهُ تعالى غضبه ، وهذه مسألة عظيمة أجارنا اللهُ وإيّاكم من غضبه ، إذ لا يوجد حاجزٌ بينه وبين ما يُريدُ سبحانه.
وهناك مَن يتجرّأ ويبارز اللهَ تعالى بمعصيته ، وهذا جنون – لأنَّ اللهَ سبحانه يُمهِل ولا يُهمِل – ولا يَعجل لعجلة العباد .
:12:- وقال ،صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم ،:- (ومَن أكرم فيه يتيماً أكرمه اللهُ يومَ يلقاه ، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه وصلَه اللهُ برحمته يومَ يلقاه ، ومَن قطعَ فيه رَحِمَه قطعَ اللهُ عنه رحمته يومَ يلقاه ).
إنَّ كرامة اليتيم والإفضال عليه والاهتمام لا تعني أن تعطيه أكلاً وشرباً فحسب ، بل هذا يتحققّ حتى بالإهانة – بل المطلوب التلطّف به وعدم إشعاره باليتم – والحنو عليه - ونبينا الأكرم هو أفضل يتيم نحتاجُ أن نكرمه بطاعته ومتابعته وعدم إحراجه يوم القيامة بذنوبنا ومعاصينا يوم يُباهي بنا الأمم.
ونحن نحتاج إلى لياقات في التعاطي مع اليتامى ، برعايتهم وإشعارهم أنّهم أصحاب فضل علينا ، من حيث الثواب وما نرجوه مِن كفالتهم.
وكذلك الحال في صلة الرحم ووصلهم بكلمة طيبة – بسؤال – بدعاء – بقضاء حاجة – ويترتّب على ذلك أن تنزل رحمة الله علينا ويصلنا بها سبحانه ،.
______________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي, دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - التاسع من شهر رمضان الفضيل ,1439 هجري – الخامس والعشرين من أيار ,2018م. _______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
:1:- إنَّ النبيَّ الأكرمَ ، صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم ، وهو يستقبلُ شهرَ رمضان المُعظّم يلفتُ نظرَنا إلى بعض المطالب الأخلاقيّة العاليّة بالإضافة للجوانب الفقهيّة الخاصة بهذا الشهر الشريف.
:2:- علينا أن نستثمرَ الوجودَ المُباركَ لهذا الشهر الفضيل ، لنعمل فيه وباختلاف الاستعدادات النفسيّة والفكرية والتربوية والدّينية لكلّ منّا .
:3:- كان النبي الأكرم حريصاً أشدّ الحرص على أمّته ، وهو الذي أرسله الله تعالى رحمةً للعالمين ، ومقتضى الرحمة أن يحرصَ على إيصال هذه الأمة المرحومة إلى ألطاف الله سبحانه وإلى تلك الدار الآخرة الحقّة الأبديّة.
:3:- لقد بيّنَ النبي الأعظم :- أنَّ هناك مجموعةً من الصفات يحتاجها الإنسان المؤمن ، وأن يعوّدَ نفسَه عليها ، وقد جعل اللهُ تعالى عليها جزاء في الآخرة ،-
ومن أهمّها( تحسين الأخلاق وتهذيب النفس والسلوك ).
:4:- قال ( صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم) : (أيُّها الناسُ مَن حَسّنَ مِنكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازاً على الصراطِ يومَ تَزلُّ فيه الأقدامُ ،..... ومَن كفّ فيه شرَّه كفّ اللهُ عنه غضبَه يوم يلقاه ، ومَن أكرم فيه يتيماً أكرمه اللهُ يومَ يلقاه ، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه وصلَه اللهُ برحمته يومَ يلقاه ، ومَن قطعَ فيه رَحِمَه قطعَ اللهُ عنه رحمته يومَ يلقاه ).
: روضة المتقين في شرح مَن لا يحضره الفقيه ، المجلسي الأوّل ، ج3، ص278.
:..أيُّها الناسُ مَن حَسّنَ مِنكم في هذا الشهر خُلُقَه كان له جوازاً على الصراطِ يومَ تَزلُّ فيه الأقدامُ ...::
إنَّ لسان هذا البيان هو لسان القضية الشرطيّة الضامنة لتحقق الجزاء التالي بتحقق الفعل والشرط المتقدّم واقعاً وسلوكا -.
فتحسين الأخلاق :- هو شرط ضامن للجزاء الأخروي ، وهو الجواز على الصراط يوم تزلّ الأقدام .
وإنَّ ( الخُلُقَ ) هو تلك الصفات التي تظهرُ على الإنسان من غير الصفات الجسميّة من الخِلْقَة ، كلون البشرة أو الطول – وهناك مجموعة تصرّفات تُدعى بالمعنى العام ب( الأخلاق ) وهذه هي التي ينبغي مُراعاتها في هذا الشهر الفضيل.
:5:- النبي الأكرم – يُريدُ مّنا أن نُحسّنَ أخلاقنا في قِبالة الأخلاق السيئة والمذمومة ،- ولعلّ التأكيد هنا إنّما جاء لبيان أنَّ الإنسان سرعان ما يغضب في حال صيامه وينفعل بسرعة ، وهذا أمر وجداني مُشاهد للعيان – وبانفعاله يصبُّ جامَ غضبه على أهله و أولاده أو غيرهم بدعوى أنا صائم.
:6:- في الصوم يُريدُ اللهُ تعالى أن يُربينا ويهذبنا حتى نرتقي إلى مكارم الأخلاق ومعاليها المعنوية ، والصوم هو شهر التزكية للأبدان والتطهير للنفوس ، كما ورد في مضمون خطبة السيدة الزهراء ، عليها السلام ،.
إنَّ مسألة الجواز على الصراط هي مسألة مُخيفة واقعاً ولا ينجو منها إلاَّ مَن حسّن أخلاقه في هذا الشهر العظيم.
:7:- إنَّ النبيّ الأعظمَ كان القمّة في حُسن الخُلُقِ – وقد مدحه القرآن الكريم بأعلى الوصف العظيم – (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)) (4) القلم.
وصفٌ غير مُحدّدٍ ، ولم يسبقه أحدٌ من قبل في ذلك ولم يلحقه – كان خُلُقه الحياء - وهذا ما يقتضي الاقتداء به.
:8:- في الصوم يجدُ الإنسان وقتاً كافياً لمُحاسبَة نفسه ومراقبة تصرّفاته ، وبالتالي سيدرك أنَّ اللهَ سبحانه هو الرقيبُ عليه من وراء ذلك – وسيكتشفُ أنّه بحاجة
إلى تربية جديدة .
:9:- ثُمَّ قال :صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم( ومَن كفّ فيه شرَّه كفّ اللهُ عنه غضبَه يوم يلقاه ):- والمقصود بكفّ الشرِّ هو كفّ كلّ إساءة للنفس وللآخرين.
والصوم كما هو كفّ عن المفُطّرات بحسب تعريف الفقهاء فكذلك هو كفّ النفس ومنعها عن الشرّ ، والشّر له مصاديق كثيرة – منها الاعتداء على الآخرين والكذب ،.
:10:- إنَّ حرمة شهر رمضان ممّا ينبغي مُراعاتها كحرمة البيت الحرام – فكما له مُحرّمات في الحرم ، فكذلك لشهر رمضان الفضيل مُحرّمات وحرمة.
فلا يجوز هتكها من حيث الجهر بالإفطار للذين يُرخصُ لهم بالإفطار فيه شرعاً ,.
:11:- إنَّ نتيجة الكف عن الشرّ أن يكف اللهُ تعالى غضبه ، وهذه مسألة عظيمة أجارنا اللهُ وإيّاكم من غضبه ، إذ لا يوجد حاجزٌ بينه وبين ما يُريدُ سبحانه.
وهناك مَن يتجرّأ ويبارز اللهَ تعالى بمعصيته ، وهذا جنون – لأنَّ اللهَ سبحانه يُمهِل ولا يُهمِل – ولا يَعجل لعجلة العباد .
:12:- وقال ،صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم ،:- (ومَن أكرم فيه يتيماً أكرمه اللهُ يومَ يلقاه ، ومَن وصلَ فيه رَحِمَه وصلَه اللهُ برحمته يومَ يلقاه ، ومَن قطعَ فيه رَحِمَه قطعَ اللهُ عنه رحمته يومَ يلقاه ).
إنَّ كرامة اليتيم والإفضال عليه والاهتمام لا تعني أن تعطيه أكلاً وشرباً فحسب ، بل هذا يتحققّ حتى بالإهانة – بل المطلوب التلطّف به وعدم إشعاره باليتم – والحنو عليه - ونبينا الأكرم هو أفضل يتيم نحتاجُ أن نكرمه بطاعته ومتابعته وعدم إحراجه يوم القيامة بذنوبنا ومعاصينا يوم يُباهي بنا الأمم.
ونحن نحتاج إلى لياقات في التعاطي مع اليتامى ، برعايتهم وإشعارهم أنّهم أصحاب فضل علينا ، من حيث الثواب وما نرجوه مِن كفالتهم.
وكذلك الحال في صلة الرحم ووصلهم بكلمة طيبة – بسؤال – بدعاء – بقضاء حاجة – ويترتّب على ذلك أن تنزل رحمة الله علينا ويصلنا بها سبحانه ،.
______________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي, دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - التاسع من شهر رمضان الفضيل ,1439 هجري – الخامس والعشرين من أيار ,2018م. _______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
تعليق