بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وآل محمد
إن قيمة الإنسان الحقيقية لا تقاس بمقدار ما يملك من الأموال الطائلة والثروات الكبيرة ، بل إن قيمة الإنسان الحقيقية هي بالتقوى والعمل الصالح والقرب من الله سبحانه عز وجل ، قال تعالى في سورة العصر : ( وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ) . (الآيات : 1- 2 - 3) .
ولنأخذ مثالين واقعيين لشخصيتين الشخصية الأولى حدثنا عنها القرآن الكريم والشخصية الأخرى حدثنا عنها النبي العظيم محمد (ص) وكلى الشخصيتين من الأثرياء .
فالشخصية الأولى هي شخصية قارون هذا الرجل الغني ذو الثراء الفاحش ، وقد قص القرآن الكريم عن ثروته وعما جرى له ولماله بسبب إبتعاده عن الله عز وجل وعدم الهداية وإستخدام الأموال في المحرمات ونشر الفساد والظلم .
قال الله تعالى في كتابة العزيز: ( إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ (76) وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ (77) قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ القُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ (78) فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنيَا يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (79) وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِّمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ (80) فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَمَا كَانَ مِنَ المُنتَصِرِينَ (81) وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلَا أَن مَّنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (82) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين)).
بينما نجد أن الشخصية الثانية وهي شخصية السيدة الجليلة خديجة الكبرى رضوان الله تعالى عليها لاتقل ثراءاً عن قارون فقد سميت بأميرة الجزيرة العربية لثرائها الفاحش ولكنها بذلت كل ما تملك من أموال في سبيل الدين الإسلامي الحنيف .
فالنتيجة أن أموال قارون أدت به الى الضلال والخسران والى النار ولبئس دار الكافرين .
وإن أموال السيدة خديجة الكبرى (ع) أدت بها الى الهداية والفوز بالجنة والرضوان ودار السلام ولنعم دار المتقين .
والدليل على فوز السيدة خديجة الكبرى (ع) وعدم خسارتها لمالها رغم إنفاقه في سبيل الله هو :
1/ قال النبي محمد (ص) : « أيدتني على دين الله وأعانتني عليه بمالها » . سفينة البحار ج1، ص381.
فالنبي (ص) يشهد لها بأنها (ع) قد أعانته على نشر الدين الإسلامي بمالها . فهنيئاً لها هذا البذل وهنيئاً لها هذه الشهادة العظيمة من رسول الله (ص) .
2/ ويقول الكاتب العربي المسلم سليمان الكتاني ، إن السيدة خديجة وهبت ثروتها للنبي محمد (ص) لكنها لم تشعر بأنها وهبت ثروتها له ، بل إنها كانت تشعر بأن الهداية التي حباها الله إياها عبر النبي (ص) تفوق كل كنوز العالم .
المصدر : علي محمد دخيل ، خديجة (ع) ، ص 32.
تعليق