بسم الله الرحمن الرحيم
مما لا خلاف فيه ان القرآن نزل على نحو تدريجي واستمر طيلة البعثة النبوية أي ثلاث وعشرين سنة كما في قوله تعالى: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً)[1]، وان الغاية منه معروفة وهي التدريج في بيان العقيدة والأحكام للناس وهو نوع من التربية الدينية تنسجم مع نفوس المخاطبين.
لكن وردت آيات كثيرة صريحة في نزوله دفعة واحدة على النبي 9 كما في قوله تعالى (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)[2]، و لا ريب أن الليلة كانت من ليالي شهر رمضان، لقوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ..)[3]، وهذه الليلة هي ليلة القدر لقوله: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[4].
وهذا الأمر يستوقفنا للتعرف على كيفية الجمع بين هاتين الطائفتين من الآيات. وقد ذكروا صوراً كثيرة للجمع ليس هنا محل ذكرها ونقتصر على محاولة كبير من كبار المفسرين وهو السيد محمد حسين الطباطبائي (ره) في تفسيره المميز (الميزان في تفسير القرآن)، بنحو الاجمال والاختصار:
إن لهذا القرآن وجودات متعددة كما هو الحال مع سائر الموجودات لقوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)[5]، فما من موجود الا وله عند الله خزائن، وأقل الجمع اثنين أي له وجودين غير وجوده في هذه النشأة الدنيا، وإن تلك الوجودات هي اشد وأقوى من وجوده الدنيوي لقوله (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)، أي ان ينال حدوده وتقاديره عند النزول من تلك النشآت مما يشير الى ان وجوده يضعف عن محله الأول. فالقرآن اذن له وجود غير وجوده هذا كسائر الموجودات. وهو الذي نزل على قلب النبي 9في ليلة القدر دفعة واحدة بينما الذي نزل على نحو التدريج هو هذا القرآن في هذه النشأة.
من هنا تتضح جملة من الآيات كقوله تعالى: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)[6]، فينهى تعالى نبيه عن النطق بالآيات قبل أن يأمره بذلك، في دلالة واضحة على علمه بها مسبقاً. وقوله عز من قائل: (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)[7].
[1] الاسراء: 106.
[2] الدخان: 2 ـ 4.
[3] البقرة: 185.
[4] القدر: 1.
[5] الحجر: 21.
[6] القيامة: 16 ـ 18.
[7] طه: 114.
مما لا خلاف فيه ان القرآن نزل على نحو تدريجي واستمر طيلة البعثة النبوية أي ثلاث وعشرين سنة كما في قوله تعالى: (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً)[1]، وان الغاية منه معروفة وهي التدريج في بيان العقيدة والأحكام للناس وهو نوع من التربية الدينية تنسجم مع نفوس المخاطبين.
لكن وردت آيات كثيرة صريحة في نزوله دفعة واحدة على النبي 9 كما في قوله تعالى (وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ (2) إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ)[2]، و لا ريب أن الليلة كانت من ليالي شهر رمضان، لقوله: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ..)[3]، وهذه الليلة هي ليلة القدر لقوله: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ)[4].
وهذا الأمر يستوقفنا للتعرف على كيفية الجمع بين هاتين الطائفتين من الآيات. وقد ذكروا صوراً كثيرة للجمع ليس هنا محل ذكرها ونقتصر على محاولة كبير من كبار المفسرين وهو السيد محمد حسين الطباطبائي (ره) في تفسيره المميز (الميزان في تفسير القرآن)، بنحو الاجمال والاختصار:
إن لهذا القرآن وجودات متعددة كما هو الحال مع سائر الموجودات لقوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)[5]، فما من موجود الا وله عند الله خزائن، وأقل الجمع اثنين أي له وجودين غير وجوده في هذه النشأة الدنيا، وإن تلك الوجودات هي اشد وأقوى من وجوده الدنيوي لقوله (وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ)، أي ان ينال حدوده وتقاديره عند النزول من تلك النشآت مما يشير الى ان وجوده يضعف عن محله الأول. فالقرآن اذن له وجود غير وجوده هذا كسائر الموجودات. وهو الذي نزل على قلب النبي 9في ليلة القدر دفعة واحدة بينما الذي نزل على نحو التدريج هو هذا القرآن في هذه النشأة.
من هنا تتضح جملة من الآيات كقوله تعالى: (لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ)[6]، فينهى تعالى نبيه عن النطق بالآيات قبل أن يأمره بذلك، في دلالة واضحة على علمه بها مسبقاً. وقوله عز من قائل: (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً)[7].
[1] الاسراء: 106.
[2] الدخان: 2 ـ 4.
[3] البقرة: 185.
[4] القدر: 1.
[5] الحجر: 21.
[6] القيامة: 16 ـ 18.
[7] طه: 114.