❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°• •┈┈┈•✿❥
♣️❀﷽❀♣️
1⃣
أريد أن أركز على نقطة في حياة الإمام الصادق(ع) بمناسبة ذكرى استشهاده ، وهذه النقطة يشترك فيها جميع الأئمة ، ألا وهي الجمع بين حقوق الخالق و حقوق المخلوقين .
إذ أن هناك ثغرة متعارفة في حياة السالكين إلى الله عزوجل ، إنسان يريد تهذيب نفسه ، ويتخصص في عالم السالكين إلى الله ... يعيش جو المحبة الإلهية الخالصة ... يريد أن يُكثف من عنصر المراقبة في حياته اليومية ، من الملاحظ أن السالك يبدأ بدايةً لا بأس بها وبعد فترة من انكشاف الحُجُب ، وتذوق حلاوة ما وراء الطبيعة – هذه الحلاوة التي لا تساويها أيُّ حلاوةٍ أخرى ، الحب الإلهي ... والتجلي الإلهي ... والجذب الإلهي متناسب مع عالم الربوبية ، لا تساويها جذبة النساء وما شابه ذلك ، أين الثرى من الثريا ؟! - نعم يبدأ بداية جيدة ، ولكنه بعد فترة يتقوقع ، و تتحول حياته إلى صومعة حسية ومعنوية .
النصارى والرهبان قبل الإسلام تقوقعوا نفسيا أولا ، وتحولت الصومعة الباطنية والذاتية إلى صوامع في بطون الوديان وفي أعالي الجبال ثانيا ، ولكن بعد الإسلام ( لا رهبانية في الإسلام ) البعض يخشى من الصومعة الخارجية لأنها محاربة شرعا ، ليس هناك إلا المساجد ، ولهذا لجأ إلى القوقعة الباطنية ، بمعنى أن يعيش داخل نفسه ، يعيش همَّ نفسه ، يحتقر العباد ، وتراه كأنه يعيش حالة الضرة بين الله عزوجل وبين عباده ، إذا تقرب إلى العباد فكأنه ابتعد عن الله عزوجل ، وإذا اقترب إلى الله عزوجل عليه أن يبتعد عن العباد ، هذا مرض شائعٌ في حياة المسلمين ؛ ولهذا نشأ ما يُسمى بالصوفية ، اتخذوا بيوتا للعبادة في مقابل المساجد ، وإلى يومنا هذا يوجد جماعة من المسلمين ممن يدَّعي السير إلى الله عزوجل ، لهم بيوت في مقابل المساجد ، ونلاحظ في حياة الدولتين الأموية والعباسية ترحيبٌ قويٌ وشديد لهذا التوجه في حياة المسلمين ، لأن هذا التوجه باسم الدين ... وباسم العرفان ... وباسم الأخلاق ، وهو يُفرغ المجتمع الإسلامي من محتواه الباطني.
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°•
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°• •┈┈┈•✿❥
2⃣
الامام الصادق في شهادة أئمة المذاهب :-
كان الإمام الصادق (ع) قائد مدرسة ، والشهادات التي جاءت في حقه (ع) لا يمكن أن تُخدش ، فهو لم يكن صاحب سلطة يُخاف منها ، ولم يكن صاحب سلطان يعوض هذه الشهادات ببضائع وبأموال هائلة إنما كان إماما قائدا للمسيرة الفكرية في حياة الأمة .
كلمة أبي حنيفة النعمان في حق الإمام الصادق (ع) : ( لولا السنتان لهلك النعمان )لم تكن هذه الشهادة أبداً بدواعي الطمع في مال الإمام الصادق ، ولم يكن بدواعي الخوف من الإمام (ع) ، ولكن هل سمعتم كلمة مالك بن أنس من عمالقة المسلمين في عالمه ؟...
ماذا كان يقول عن الإمام الصادق (ع) : ( ما رأت عينٌ ، ولا سمعت أُذُنٌ ، ولا خطر على قلب بشر أفضل من جعفر بن محمد الصادق ، فضلا وعلما وعبادة وورعا ) هذه العبارات مألوفة ومعروفة في وصف نعيم الجنة ، مالك بن أنس يرى جنة الفكر و يرى فردوس الثقافة في حياة الإمام الصادق (ع) ، فيصفه بهذا الوصف ، مالك بن أنس يعرفُ الإمام الصادق (ع) ، وأنه لم يفتح مدرسة في قِبال جده المصطفى (ص) ، البعض يحلوا له بغرض حقدٍ وجهلٍ وسفاهةٍ ...
أن يجعل أئمة الهدى (ع) في خطٍ يُقابل خط الرسول (ص) .
استمع لقول ابن مالك عن إمامنا (ع) : ( إذا قال الصادق (ع) قال رسول الله (ص) اخضرَّ مرة ، واصفرَّ مرة ، حتى يُنكرهُ من لا يعرفه ) ... فلو عرضت هذه الصورة على من لا يعرف الإمام الصادق (ع) لا يكاد يُصدق أنه الإمام جعفر بن محمد (ع) ، يتغير لونه لأنه يُريد أن يذكر حكم الله عزوجل نقلاً عن النبي المصطفى (ص) ، ويكمل الإمام مالك حول الإمام الصادق(ع) ( كُنت أدخُلُ على الصادق (ع) فكان لا يخلو من إحدى ثلاث خِصال إمَّا صائما و إمَّا قائما و إمَّا ذاكرا ) هذه طبيعة حياة إمامنا ، بشهادات الذين لم يكونوا ينظرون إلى الإمام كما كان ينظر زُرارة وأبو بصير و هذه الثلة المؤمنة حول إمامنا جعفر بن محمد الصادق (ع) .
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°•
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°• •┈┈┈•✿❥
3⃣
اقتران الدين بالممارسة في حياة الإمام الصادق (ع) :
الإمام يُريدُ منا أن نحول الدين إلى ممارسة ، لا أن يكون الدين مجموعة من النظريات في عالم الذهن فقط ، نتغنى بالدين ، وبذكر ربِّ العالمين في خلال مناجاة خاشعة في جوف الليل ، هذا لا يُغني عن العمل أبداً .
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°•
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°• •┈┈┈•✿❥
4⃣
أولاً :- طعام الإمام :-
ونورد سلبيات خلو الدين من الممارسة ، وما هي الإيجابيات إذا اقترن الدين بالممارسة ؟... الإمام الصادق ( ص) عندما يُنادي بحقوق المخلوقين ، وقضاء الحوائج ، ماذا كان يعمل (ع) ؟ قال (ع) لمن بين يديه : )اشتر لنا شعيرا ، واخلط به طعامنا ؛ فإني أكره أن نأكلَ جيدا ، ويأكل الناس رديئا ) الإمام لم يستلم سدة الحكم ، لم يكن في مقام القيادة ، ولكنه رغم ذلك يقول لغلامه ، لا تجعل طعامنا طعاما متميزا ، اجعله من طعام عامة الناس ، الإمام الصادق (ع) يأكل الشعير ، ويأكل الخبز ، وهو يعيش آلام الأمة ومشاعرها ، هذا هو التطبيق العملي للقول المعروف ( من بات ولم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ).
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°•
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°• •┈┈┈•✿❥
♣️❀﷽❀♣️
5⃣
ثانيا :- رفقه بمن تحت يديه .
الأئمة (ع) يأمرون بالرفق ، وبمعاملة من تحت أيدينا معاملة الإنسان الذي له كيانه المستقل ، في مقام العمل ، ماذا كان يعمل الإمام الصادق (ع) ؟ قلنا الدين هو الممارسة والتطبيق ...
بعث غلاما له في حاجة ، فأبطأ الغلام ، فخرج يبحثُ عنه ، فإذا الغلام نائمٌ في مكان ما ، كان باستطاعة الإمام إيقاظ الغلام ومحاسبته حسابا عسيرا كحال الخادمات عندنا في المنازل ، كان بإمكانه إيقاظه ومعاتبته عتابا جميلا ، الإمام لم يتَّبع هذا ولا ذاك ، ولكنه جلس عند رأسه وأخذ يُرَوِّح له – بمروحة أو ماشابه ، حتى يستغرق في نومه – حتى انتبه الغلام من نومه ، وقال له الإمام (ع) كلمة واحدة : ( لك الليل ولنا النهار ) أي لك الليل تنام فيه ، و اعمل لنا في النهار ، هذا العمل من الإمام جرى في زاوية ، لم يكن هناك أحدٌ ، ولكن القصة تُتلى على مدى العصور على مسامع المسلمين والمؤمنين ، ياله من ذكر خالد !! .
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°•
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°• •┈┈┈•✿❥
♣️❀﷽❀♣️
6⃣
ثالثا: رفقه بالخواص من شيعته :-
في موقف آخر يعرض رفق الإمام الصادق (ع) برعيته ، والخواص من شيعته ، يقول: جئتُ للإمام الصادق (ع) وشكوت له حالي ، وسألته الدعاء ، فقال : يا جارية هاتي الكيس ، فإذا بالكيس 400 دينار ، قال الإمام (ع) : هذا كيس فيه 400 دينار ، فاستعن به ، قلتُ : لا والله ، جُعلتُ فداك ، ما أردتُ هذا ، ولكن أردتُ الدعاء ، فقال الإمام (ع) : ولا أدع َالدعاء ، أدعو لك ، ولكن خُذ المال لماذا ؟...
الإمام أشار إلى نقطة استراتيجية مهمة ، فالإمام رأى أن هذا من الموالين ، ولعله من رؤوس الشيعة ، الإمام لا يُحب أن يرى وليا من أوليائه في موقع الضعف والحاجة إلى الآخرين ، لأن هذه ثغرة من الممكن في يوم من الأيام أن يبيع موقفا رساليا في مقابل مبلغٍ من المال ، يقول : ( يا مفضَّل ، ولكنْ لا تُخبرْ الناس بكلِ ما أنتَ فيه ، فتهون عليهم ) يا له من درس !! ... يريد الإمام (ع) من الإنسان الموالي أن يكون في قمة الشخصية الاجتماعية ، لا يدع الفقر ينحتُ من كِيانه ومن شخصيته الإيمانية .
الإمام (ع) من خلال ذلك أراد أن يترجم النظرية إلى فعل ، لماذا ؟ أولا : لأن من أفضل طرق الدعوة إلى الدين هذه الممارسات ، من منا لا يُحب أن يكون داعية إلى الله عزوجل ، من منا لا يحب أن يكون واسطة خير لنشر الهدى في القلوب ، الكلام لا يؤثر أثره إذا انفصل عن الممارسة ، الأئمة (ع) لم يحكموا ... لم يكونوا يمتلكون أدوات نشر الثقافة ...
الشعر كان بيد غيرهم ... التاريخ بيد خصومهم ... المذاهب والمنصات العلمية بيد البعض الذين كانوا يقفون موقفا مناوئا لهم ... ولكن لماذا بقي ذكرهم في التاريخ ؟... الجواب : لأجل هذه الممارسة .
وكذلك الممارسة الطيبة تُبعد بعض الشبهات عن الدين ، تعرفون أن بعض صور انحراف الزوجات في البيوت ، وأن بعض صور انحراف البنات والأولاد في بيوت المؤمنين للمفارقة بين النظرية والممارسة في الأب الذي يُرى فيه الإيمان . عندما يُرى الأب مصليا ... قائما ... باكيا ... متعبدا ... مناجيا ... ولعله له شيئ من الثقافة الإسلامية ... الزوجة الولد والبنت عندما ترى المفارقة في ذلك ، تكون أنت أيها الأب من حيث لا تشعر بذرت في قلب هذا الصبي وهذه البنت بذور الانحراف . يقول : إذا كان الدين هو هذا فعليك السلام أيها الدين . إذن من صور الحماية الاجتماعية للأسرة وللبيئة التي نعيش فيها الممارسة والتطبيق .
❥✿•┈┈┈• •°{🕊}°•
يتبع ...
تعليق