:: مَضَامينٌ عقائديَّةٌ وتربويّةٌ قَيِّمَةٌ تُبيَّنُ صِفاتِ اللهِ سبحانه وتهذيبَ الإنسان ::
:1:- ما زلنا مع تلك المواعظِ العظيمة والنصائح القيِّمَة لسيّد الوصيين أمير المؤمنين ،الإمام علي ، عليه السلام ، في نهج بلاغته ، وما مهّدَ له من بيانٍ للتقوى وذكرٍ لصفات اللهِ تبارك وتعالى وحفظِ حقوقه وحقوق كتابه الحكيم ، القرآن الكريم.
قال: عليه السلام :- في خطبةٍ له ، وفيها بيان صفات الحقّ جلّ جلاله ، ثم عِظَة الناس بالتقوى والمَشورة : ( قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ وخَبَرَ الضَّمَائِرَ - لَه الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ والْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ - والْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ - فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِه قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِه - وفِي فَرَاغِه قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِه - وفِي مُتَنَفَّسِه قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِه - ولْيُمَهِّدْ لِنَفْسِه وقَدَمِه ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِه لِدَارِ إِقَامَتِه - فَاللَّه اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ
فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه - واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى - ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى).
: نهج البلاغة ، ت ، د ،صبحي الصالح ، ص 117.:
:2:- إنَّ أمير المؤمنين ، عليه السلام ، إنّما مهدّ لموعظته هذه بذكر صفات اللهِ جلّ وعلا ، لدفع الإنسان المؤمن إلى أن يدركَ ويعرفَ معنى صفاتِ ربّه وخالقه ويتفاعل معها بِما توفّر له سُلُوك الحقّ وتهذيب نفسه وطاعة ربّه وعمل الصالحات والخير.
:3:- إنَّ معرفة الصفات الإلهيّة لوحدها لا تكفي دون التفاعل معها اعتقاداً وسلوكا ، حيث يقول: عليه السلام: ( قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ وخَبَرَ الضَّمَائِرَ -):- والله تعالى يعلمُ بكلّ ما نكتمه ونخفيه في أنفسنا من نوايا وقصود وعواطف ومشاعر ، والتي
لربما نخفيها عن الناس ، ولكنها معلومةٌ لله سبحانه وإن كانت في دواخل القلب ، وخاصةً إذا ما كانت من الصفات الذميمة كالحسد والحقد والنفاق ، والتي تظهر آثارها قطعاً .
:4:- وفي قوله: عليه السلام( وخَبَرَ الضَّمَائِرَ ):- تصريح بأنَّ الله تعالى يختبر ويمتحن ما في ضمائرنا ووجداننا من الصفات الكامنة ليتبيّن لنا آثارها –
سواء أكانت صفات فضيلة أم رذيلة ، وهنا ينبغي أن نلتفَ لتطهير دواخلنا من الرياء والحسد وبقيّة أمراض القلب.
:5:- ومن صفات الحقّ جلّ وعلا (- لَه الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ والْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ - والْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ -) :- بمعنى أنَّ الله تعالى هو الغالب على كلِّ شيءٍ ، وكلّ شيءٍ خاضع لسلطته الحقّة ، فله القوة جميعا ،وعلينا أن نستشعرها في حياتنا – نتعامل معها بقلوبنا و أرواحنا وسيرتنا وسلوكنا .
:6:- - ( فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِه قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِه - وفِي فَرَاغِه قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِه - وفِي مُتَنَفَّسِه قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِه - ولْيُمَهِّدْ لِنَفْسِه وقَدَمِه ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِه لِدَارِ إِقَامَتِه - )- وهنا يُحذّر ، عليه السلام ، من الغفلة عن النعمة العظيمة ، وهي نعمة العمر والعافية والشباب والفراغ – لأنَّ الإنسانَ كلّما يتقدّم في عمره فإنّه يقترب من الموت ، وهو أمامه لا محالة – مما يستدعي الانتباه له – فقد يُفاجئنا بغتةً ، وحينها لا يمكن تدارك الفوت والفرصة- وعلينا بالمبادرة والمسارعة نحو الخير والعمل الصالح والتقوى والطاعة.
:7:- وفي الحديث الشريف مّما ورد عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ،: (يا أبا ذر ، اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك)
: الأمالي ، الشيخ الطوسي ، ص 526.:
فالشباب قوة وفرصة ونعمة ينبغي مراعاتها واستثمارها في طاعة الله تعالى وعمل الصالحات والخير ،وكذا المال هو نعمة وغنى وقد نفقده بأي لحظة ، مما يتطلّب توظيفه في وجوه البر ومساعدة الآخرين ، - وهكذا الصحة والفراغ ونعمة الحياة.
:8:- إنَّ مشكلتنا تكمن في غفلتنا وانشغالنا بالدنيا وعدم اغتنام الفرص لبناء الآخرة ، الدار الباقية – فينبغي بنا الاهتمام بالتمهيد لحياتنا الباقية كما نهتم بحياتنا الفانية ، وأمامنا مسيرة طويلة وارتحال قريب.
:9:- قال: عليه السلام( فَاللَّه اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه - واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى - ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى).
هنا يوجّه أمير المؤمنين ، عليه السلام ، بضرورة حفظِ حقوق الله تعالى بحفظِ طاعته وحفظ كتابه العزيز – حفظاً بالتلاوة والتعلّم والفهم والتدبر والعمل والأخذ بمنهجه القويم – فكراً وسلوكا في هذه الحياة ، وعن النبي الأعظم: ( صلى الله عليه وآله : ألا مَن تعلّم القرآنَ وعلّمه وعملَ بما فيه فأنا له سائقٌ إلى الجنة ودليلٌ إلى الجنة )
: ميزان الحكمة، الريشهري ، ج3 ، ص2522.:
:10:- ينبغي حفظ حق الله تعالى في العبودية له – فالإنسان عبدٌ لخالقه وربّه ومفتقر إليه ، وعليه أن يراعي هذه العلاقة ويحفظها في حياته عملاً وطاعةً ، لأنَّ اللهَ سبحانه لم يخلقنا عبثاً ولا لعبا – بل خلقنا لغاية عظيمة وحكيمة ، وهي أن نتكامل في عبادته وطاعته فنكون أكرم مخلوقاته وأفضلها .
___________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - الثامن والعشرين من شوّال المُكرّم,1439 هجري ، الثالث عشر من تموز ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
:1:- ما زلنا مع تلك المواعظِ العظيمة والنصائح القيِّمَة لسيّد الوصيين أمير المؤمنين ،الإمام علي ، عليه السلام ، في نهج بلاغته ، وما مهّدَ له من بيانٍ للتقوى وذكرٍ لصفات اللهِ تبارك وتعالى وحفظِ حقوقه وحقوق كتابه الحكيم ، القرآن الكريم.
قال: عليه السلام :- في خطبةٍ له ، وفيها بيان صفات الحقّ جلّ جلاله ، ثم عِظَة الناس بالتقوى والمَشورة : ( قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ وخَبَرَ الضَّمَائِرَ - لَه الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ والْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ - والْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ - فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِه قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِه - وفِي فَرَاغِه قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِه - وفِي مُتَنَفَّسِه قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِه - ولْيُمَهِّدْ لِنَفْسِه وقَدَمِه ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِه لِدَارِ إِقَامَتِه - فَاللَّه اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ
فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه - واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى - ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى).
: نهج البلاغة ، ت ، د ،صبحي الصالح ، ص 117.:
:2:- إنَّ أمير المؤمنين ، عليه السلام ، إنّما مهدّ لموعظته هذه بذكر صفات اللهِ جلّ وعلا ، لدفع الإنسان المؤمن إلى أن يدركَ ويعرفَ معنى صفاتِ ربّه وخالقه ويتفاعل معها بِما توفّر له سُلُوك الحقّ وتهذيب نفسه وطاعة ربّه وعمل الصالحات والخير.
:3:- إنَّ معرفة الصفات الإلهيّة لوحدها لا تكفي دون التفاعل معها اعتقاداً وسلوكا ، حيث يقول: عليه السلام: ( قَدْ عَلِمَ السَّرَائِرَ وخَبَرَ الضَّمَائِرَ -):- والله تعالى يعلمُ بكلّ ما نكتمه ونخفيه في أنفسنا من نوايا وقصود وعواطف ومشاعر ، والتي
لربما نخفيها عن الناس ، ولكنها معلومةٌ لله سبحانه وإن كانت في دواخل القلب ، وخاصةً إذا ما كانت من الصفات الذميمة كالحسد والحقد والنفاق ، والتي تظهر آثارها قطعاً .
:4:- وفي قوله: عليه السلام( وخَبَرَ الضَّمَائِرَ ):- تصريح بأنَّ الله تعالى يختبر ويمتحن ما في ضمائرنا ووجداننا من الصفات الكامنة ليتبيّن لنا آثارها –
سواء أكانت صفات فضيلة أم رذيلة ، وهنا ينبغي أن نلتفَ لتطهير دواخلنا من الرياء والحسد وبقيّة أمراض القلب.
:5:- ومن صفات الحقّ جلّ وعلا (- لَه الإِحَاطَةُ بِكُلِّ شَيْءٍ والْغَلَبَةُ لِكُلِّ شَيْءٍ - والْقُوَّةُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ -) :- بمعنى أنَّ الله تعالى هو الغالب على كلِّ شيءٍ ، وكلّ شيءٍ خاضع لسلطته الحقّة ، فله القوة جميعا ،وعلينا أن نستشعرها في حياتنا – نتعامل معها بقلوبنا و أرواحنا وسيرتنا وسلوكنا .
:6:- - ( فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فِي أَيَّامِ مَهَلِه قَبْلَ إِرْهَاقِ أَجَلِه - وفِي فَرَاغِه قَبْلَ أَوَانِ شُغُلِه - وفِي مُتَنَفَّسِه قَبْلَ أَنْ يُؤْخَذَ بِكَظَمِه - ولْيُمَهِّدْ لِنَفْسِه وقَدَمِه ولْيَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِه لِدَارِ إِقَامَتِه - )- وهنا يُحذّر ، عليه السلام ، من الغفلة عن النعمة العظيمة ، وهي نعمة العمر والعافية والشباب والفراغ – لأنَّ الإنسانَ كلّما يتقدّم في عمره فإنّه يقترب من الموت ، وهو أمامه لا محالة – مما يستدعي الانتباه له – فقد يُفاجئنا بغتةً ، وحينها لا يمكن تدارك الفوت والفرصة- وعلينا بالمبادرة والمسارعة نحو الخير والعمل الصالح والتقوى والطاعة.
:7:- وفي الحديث الشريف مّما ورد عن النبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم ،: (يا أبا ذر ، اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل موتك)
: الأمالي ، الشيخ الطوسي ، ص 526.:
فالشباب قوة وفرصة ونعمة ينبغي مراعاتها واستثمارها في طاعة الله تعالى وعمل الصالحات والخير ،وكذا المال هو نعمة وغنى وقد نفقده بأي لحظة ، مما يتطلّب توظيفه في وجوه البر ومساعدة الآخرين ، - وهكذا الصحة والفراغ ونعمة الحياة.
:8:- إنَّ مشكلتنا تكمن في غفلتنا وانشغالنا بالدنيا وعدم اغتنام الفرص لبناء الآخرة ، الدار الباقية – فينبغي بنا الاهتمام بالتمهيد لحياتنا الباقية كما نهتم بحياتنا الفانية ، وأمامنا مسيرة طويلة وارتحال قريب.
:9:- قال: عليه السلام( فَاللَّه اللَّه أَيُّهَا النَّاسُ فِيمَا اسْتَحْفَظَكُمْ مِنْ كِتَابِه - واسْتَوْدَعَكُمْ مِنْ حُقُوقِه - فَإِنَّ اللَّه سُبْحَانَه لَمْ يَخْلُقْكُمْ عَبَثاً ولَمْ يَتْرُكْكُمْ سُدًى - ولَمْ يَدَعْكُمْ فِي جَهَالَةٍ ولَا عَمًى).
هنا يوجّه أمير المؤمنين ، عليه السلام ، بضرورة حفظِ حقوق الله تعالى بحفظِ طاعته وحفظ كتابه العزيز – حفظاً بالتلاوة والتعلّم والفهم والتدبر والعمل والأخذ بمنهجه القويم – فكراً وسلوكا في هذه الحياة ، وعن النبي الأعظم: ( صلى الله عليه وآله : ألا مَن تعلّم القرآنَ وعلّمه وعملَ بما فيه فأنا له سائقٌ إلى الجنة ودليلٌ إلى الجنة )
: ميزان الحكمة، الريشهري ، ج3 ، ص2522.:
:10:- ينبغي حفظ حق الله تعالى في العبودية له – فالإنسان عبدٌ لخالقه وربّه ومفتقر إليه ، وعليه أن يراعي هذه العلاقة ويحفظها في حياته عملاً وطاعةً ، لأنَّ اللهَ سبحانه لم يخلقنا عبثاً ولا لعبا – بل خلقنا لغاية عظيمة وحكيمة ، وهي أن نتكامل في عبادته وطاعته فنكون أكرم مخلوقاته وأفضلها .
___________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - الثامن والعشرين من شوّال المُكرّم,1439 هجري ، الثالث عشر من تموز ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
تعليق