بسم الله الرحمن الرحيم . اللهم صل على محمد وآل محمد
لقد كثر في وسائل التواصل الإجتماعي نشر العديد من مقاطع الفيديو والمقاطع الصوتية في مناظرات ومناقشات بين رامي عيسى السلفي وبعض الإخوة الشيعة من طلبة الحوزة العلمية الشريفة ، وكل من يطلع على هذه المقاطع يلاحظ في بداية الأمر هو أن رامي عيسى إنتصر على الكثير من الإخوة الفضلاء من طلبة الحوزة العلمية ، إلا أن الواقع هو عكس ذلك تماما فأن هذا الشخص يقوم بقطع وبتر الصوت وبعض التسجيل الذي يتلكأ فيه ولا يجيب عليه ويترك الباقي ثم ينشره في مواقع التواصل الإجتماعي . ومن المعروف أن هذا الشخص كثيرا ما يدلس ويكذب عمدا وجهلا وهمه الوحيد هو الطعن في مذهب الإمامية الإثنى عشرية .
ونحن بدورنا أعددنا هذه المقالة وبينا فيها المغالطات التي بثها رامي عيسى والأجوبة العلمية عليها بكلى نوعيها الحلي والنقضي للرد على الشخص المذكور لكي لا يغتر الناس بهذا الكذاب الجاهل المغالط ويرفعوا من شأنه ، ولكي نثبت للناس ما هي قوة الأدلة العلمية الرصينة والمحكمة عند شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في الرد على الشبهات والمغالطات الهزيلة من السلفيين والمخالفين . واليكم أخوتي وأخواتي القراء الأفاضل الكرام بداية السلسلة ونموذجا من هذه الشبهات والمغالطات :
المغالطة الاولى / أن أهل السنة والجماعة يتبعون أهل البيت (ع) أكثر من الشيعة .
لم يكتف المخالفين والسلفيين بترك موالاة واتباع أهل البيت (ع) وهم أحد الثقلين الذين من تمسك بهم نجا ومن تخلف عنهم غرق وهوى فهم سفن النجاة من الهلاك والضلال ، بل قاموا بموالاة أعدائهم والتمسك بهم وبأرائهم .
وبالرغم من هذا حاولوا أن يلمِّعوا مذاهبهم عن طريق مجموعة من الدعاوي الواهية والشبهات السقيمة والمغالطات الهزيلة ، ومن أغرب ما ذكروه من مغالطات هو قولهم : نحن أهل السنة والجماعة الأتباع الحقيقيون لأهل البيت عليهم السلام دون الشيعة !!!
ومع أن هذه الشبهة واضحة البُطلان مستغنيةٌ عن البيان ، إلاَّ أننا نذكر بعض الأدلة التي تفيدنا في تفنيد ورد وجواب لهذه الدعاية المفتعلة والمغالطة الكاذبة .
وإليك إثبات بُطلان وكذب هذه المغالطة على الترتيب التالي:
1- يقول الذهبي في سير أعلام النبلاء في ترجمة مولانا الامام الباقر عليه السلام :
واشتهر أبو جعفر بالباقر من بقر العلم أي شقه فعرف أصله وخفيه ولقد كان أبو جعفر إماماً مجتهداً تالياً لكتاب الله كبير الشأن ولكن لا يبلغ في القرآن درجة ابن كثير ونحوه ولا في الفقه درجة أبي الزناد وربيعة ولا في الحفظ ومعرفة السنن درجة قتادة وابن شهاب فلا نحابيه ولا نحيف عليه ونحبه في الله لما تجمع فيه من صفات الكمال.انتهى .
2- ابن الجوزي الناصبي يتهم الإمام الحسن العسكري عليه السلام بوضع الحديث و الكذب على رسول الله صلى الله عليه و اله وسلم !! هل هذا هو حبكم واتباعكم لأهل البيت وأئمة المسلمين (ع) يا أهل السنة !!!
يقول في كتابه الموضوعات ج1 / ص 26 :
(( وأذكر كل حديث بإسناده وأبين علته والمتهم به تنزيها لشريعتنا عن المحال ، وتحذيرا من العمل بما ليس بمشروع ، وأنا أحرج على من يروى من كتابنا هذا حديثا منفصلا عن القدح فيه فإنه يكون خائنا على الشرع ، كيف لا وقد أنبأنا هبة الله بن محمد بن الحصين قال أنبأنا الحسن بن علي بن المذهب قال أنبأنا أحمد بن جعفر قال حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال حدثني أبي قال حدثنا وكيع حدثنا سفيان وشعبة عن خبيث بن أبي ثابت عن ميمون ابن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين " ، أخرجه مسلم ))
ثم يقول في الموضوعات ج1 / ص22 :
(( والكذابون والوضاعون خلق كثير قد جمعت أسماءهم في كتاب الضعفاء والمتروكين ، وستري في كل حديث نذكره من هذا الكتاب اسم واضعه والمتهم به )) .
ثم يقول في الموضوعات ج1 / ص 311 :
(( الحديث الثاني في ذكر حسن فاطمة عليها السلام : أنبأنا أبو بكر محمد بن أبي طاهر البزاز أنبأنا القاضي أبو الحسين بن المهتدى حدثنا أبو الفرج الحسن ابن أحمد حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان حدثنا أحمد بن محمد بن مهران الحمال حدثني الحسن بن صاحب العسكر حدثني علي بن محمد حدثني أبي محمد بن علي حدثني بي علي بن موسى الرضا حدثني أبي موسى بن جعفر حدثني أبي جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" لما خلق الله آدم عليه السلام وحواء تبخترا في الجنة وقالا ما خلق الله خلقا أحسن منا ، فبينما هما كذلك إذا هما بصورة جارية لم ير الراؤون أحسن منها ، لها نور شعشعاني يكاد يطفئ الابصار ، على رأسها تاج وفى أذنيها قرطان ، فقالا يا رب ما هذه الجارية ؟ قال صورة فاطمة بنت محمد سيدة ولدك ، فقال ما هذا التاج على رأسها ؟ قال هذا بعلها علي بن أبي طالب . قال : فما هذا القرطان ؟ قال ابناها الحسن والحسين وجد ذلك في غامض علمي قبل أن أخلفك [ أخلقك ] بألفي عام " .
هذا حديث موضوع والحسن بن علي صاحب العسكر هو الحسن بن علي بن محمد بن موسى بن جعفر أبو محمد العسكري آخر من تعتقد فيه الشيعة الإمامة . روى هذا الحديث عن آبائه وليس بشيء . )) !!!
فالمتهم الكاذب في هذا الحديث عند إبن الجوزي هو الامام العسكري (ع) .
وإعراضهم عن الأخذ بروايات الإمام العسكري (ع) وعدم أتباعه فيما يقول ، بل وتكذيبه فيما قال هو دليل واضح في رد هذه المغالطة والكذبة المتقدمة .
3- ضعفاء العقيلي ج3 / ص416 :
" حدثنا محمد بن إسماعيل قال حدثنا الحسن بن على الحلواني حدثنا محمد بن داود الحداني قال سمعت عيسى بن يونس يقول ما رأيت الأعمش خضع إلا مرة واحدة فإنه حدثنا بهذا الحديث قال علي : ( أنا قسيم النار ) فبلغ ذلك أهل السنة فجاءوا إليه فقالوا : أتحدث بأحاديث تقوي بها الروافض والزيدية والشيعة !!! فقال : سمعته فحدثت به ، فقالوا : فكل شيء سمعته تحدث به ؟؟؟ قال : فرأيته خضع ذلك اليوم ".
ملاحظة / انظروا كيف رفض أهل السنة والجماعة من نشر الرواية التي تتحدث عن فضائل ومناقب أهل البيت (ع) !!! إذا كيف يتبعون أهل البيت (ع) وهم لا يطيقون سماع أسمائهم وذكر فضائلهم ؟؟؟
4- قال أبو إسحاق الشيرازي الملقب عندهم بالإمام (ت : 476) في كتابه التبصرة في أصول الفقه / ص368 ، شرحه وحققه : الدكتور محمد حسن هيتو / ط : دار الفكر ـ دمشق / تصوير 1403 هـ ـ 1983 / عن الطبعة الأولى : 1980م / قال ما نصه :
(( اتفاق أهل بيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ليس بحجة)) انتهى .
وقال المحقق في الهامش تعليقاً على عبارة الشيرازي :
((وهو المذهب المعتمد ، والحق الأبلج ، ورأي الجمهور . انظر : الإبهاج ونهاية السول ( ج2 / ص 242 ) وفواتح الرحموت ( ج2/ ص 228) والإحكام ( ج1/ 223 ) والمنتهى لابن حاجب (ص41) )) . انتهى .
أقول : من لا يتبع العترة فيما أجمعت عليه ولايرى حجية قولهم ، فكيف يصح له أن يزعم أنه يتبعهم !!!
5- قال الشوكاني في كتابه (نيل الأوطار) (ج2/ ص 18 ـ 19) / ط دار الجيل ـ بيروت / سنة 1973 :
((... والحديث ليس فيه ذكر حي على خير العمل ، وقد ذهبت العترة إلى إثباته ... )) . انتهى .
أقول : ذكر حي على خير العمل في الأذان هو مذهب العترة الطاهرة ، ومع ذلك فعلماء أهل السنة لم يكتفوا بعدم الاعتناء ولو بالإشارة إلى مذهب أهل البيت (ع) ، بل وسموا قول أهل البيت بالبدعة والعياذ بالله تعالى ، فقد صرح ببدعية حي على خير العمل في الأذان العديد من علماء أهل السنة ، منهم : الهيتمي في كتابه المنهج القويم (ج1 / ص161) ، وكذا أبو يحيى الأنصاري في كتابه أسنى المطالب في شرح روض الطالب (ج 1/ ص133) حيث قال بغير استحياء : ( ويكره أن يقول حي على خير العمل ؛ لخبر " من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ") . انتهى .
فهؤلاء الذين لا يترددون في الحكم ببدعية ما أجمع عليه أهل البيت (ع) ، كيف يصح لأحدهم أن يزعم أنه من أتباع أهل البيت !!!
6- قال الشوكاني في نيل الأوطار (ج2/ ص 18) / دار الجيل ـ بيروت ، ما نصه :
((وذهبت العترة والشافعي في أحد قوليه إلى أن التثويب بدعة)) . انتهى .
يقصد بالتثويب قول (الصلاة خير من النوم) . فهذا في نظر العترة الطاهرة بدعة ، ومع ذلك نقرأ في كتاب تحفة الفقهاء / (ص110) / للسمرقندي - من علماء الحنفية - (ت : 539 هـ ) ما نصه:
((وقال عامة العلماء بالتثويب في أذان الفجر، بأن يقال فيه : الصلاة خير من النوم مرتين بعد قوله : حي على الفلاح)) . انتهى .
أقول: فما هو بدعة في مذهب أهل البيت عليهم السلام ، هو المذهب المشروع عند عامة علمائهم ، وما هو مذهب العترة يكون بدعة عندهم !!! إذا أين هو اتباعكم لأهل البيت (ع) ؟؟؟ !!!
7- قال ابن خلدون في (مُقدِّمته) ص446 ، بعد أن ذكر مذهب أهل العراق (مذهب أبي حنيفة) ومذهب أهل الحجاز (مالك بن أنس والشافعي) ومذهب الظاهرية ، فقال ما نصه :
((وكانت هذه المذاهب الثلاثة هي مذاهب الجمهور المشتهرة بين الأمَّة ، وشذَّ أهل البيت بمذاهب ابتدعوها ، وفقهٍ انفردوا به ، وبنوه على مذهبهم في تناول بعض الصحابة بالقدح ، وعلى قولهم بعصمة الأئمَّة ورفع الخلاف عن أقوالهم ، وهي كلُّها أصول واهية ، وشذَّ بمثل ذلك الخوارج ، ولم يحتفل الجمهور بمذاهبهم ، بل أوسعوها جانب الإنكار والقدح ، فلا نعرف شيئاً من مذاهبهم ، ولا نروي كتبهم ، ولا أثر لشيء منها إلاَّ في مواطنهم ...) . انتهى .
أقول: كارثة يتحوّل فيها الأئمَّة الهُداة الَّذين أمر النبي (ص) بالتمسُّك بهم لضمان الهداية والأمن من الضلال إلى مُتَّهمين بالابتداع يصنفون ضمن المبتدعة والخوارج !!!
إذا من لا يعترف بمذاهب العترة ، ولا يروي كتبهم ، بل ويصفهم بالابتداع ، كيف يصح له أن يزعم أنه تابع لهم !!!
8- في كتاب منهاج السنة النبوية لابن تيمية / ج7 / ص529 ـ 530 / دار النشر : مؤسسة قرطبة ـ 1406/ الطبعة : الأولى / تحقيق : د. محمد رشاد سالم / ما نصُّه :
((قال الرافضي وفي الفقه الفقهاء يرجعون إليه [الضمير راجع إلى الإمام علي عليه السلام] . والجواب : أنَّ هذا كذب بيِّن ؛ فليس في الأئمة الأربعة ولا غيرهم من أئمة الفقهاء ، مَن يرجع إليه في فقهه . أمَّا مالك فإن علمه عن أهل المدينة ، وأهل المدينة لا يكادون يأخذون بقول عليٍّ ، بل أخذوا فقههم عن الفقهاء السبعة عن زيد وعمر وابن عمر ونحوهم . أمَّا الشافعي فإنه تفقه أوَّلاً على المكِّيِّين أصحاب ابن جريج ، كسعيد بن سالم القداح ، ومسلم بن خالد الزنجي . وابن جريج أخذ ذلك عن أصحاب ابن عباس ، كعطاء وغيره . وابن عباس كان مجتهداً مُستقلاًّ وكان إذا أفتى بقول الصحابة ، أفتى بقول أبي بكر وعمر ، لا بقول علي ، وكان يُنكر على عليٍّ أشياء ... )) .
أقول : الناصبي ابن تيمية يصرح بنفي مرجعية الإمام علي سيد العترة عند أهل السنة كما هو واضح ، بل يحاول تهيئة النفوس للإنكار على الإمام علي (ع) أيضاً !!! إذا أين إتباعكم لأهل البيت والعترة (ع) !!!
9- إنَّنا نقرأ في منهاج السنة لابن تيمية، وكذا في كتب غيره ممن يناقشون شيعة أهل البيت (ع) ، نقرأ في كتبهم محاولتهم الرد على الشيعة في تمسكهم بحديث الثقلين وغيره من الآيات والأحاديث لإثبات مرجعية أهل البيت (ع) ، فمثلاً ابن تيمية يحاول ـ بغير جدوى ـ القول بأن حديث الثقلين يدل على لزوم التمسك بالقرآن ، ولا يدل على لزوم التمسك بأهل البيت (ع) .. انظر : منهاج السنة لابن تيمية (ج7 /ص 394 ) .
فلو كان أهل السنة يعتقدون بمرجعية أهل البيت (ع) ، فلماذا يناقشون الشيعة في هذه الأمور ويجتهدون في إبطال حُجج الشيعة التي يسوقونها لإثبات لزوم التمسك بأهل البيت (ع) ؟؟؟ إنَّ هذا يعني أنهم لا يعتقدون بمرجعية أهل البيت حتى على المستوى النظري ، فضلاً عن أن يرجعوا إليهم على الصعيد العملي .
=== يتبع ===
تعليق