قصة العلقة التي في الجارية :-
السيد المرتضى : قال : حدثني هذا الشيخ – يعني أبا الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيب المصري المعروف بأبي التحف – قال : حدثني العلا بن طيب بن سعيد المغازلي البغدادي ببغداد , قال : حدثني نصر بن مسلم بن صفوان بن الجمّال المكي , قال : حدثني أبو هشام المعروف بابن أخي ظاهر بن زمعة عن أصهب بن جنادة , عن بصير بن مدرك , قال : حدثني عمار ابن ياسر ذو الفضل والمآثر قال :
كنت بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من صفر , وإذا بزعقه قد ملأت المسامع , وكان علي – عليه السلام – على دكه القضاء , فقال : يا عمار ائت بذي الفقار – وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا منٍّ بالمكي – فجئت به , فصاح من غمده , وتركه وقال : يا عمار هذا يوم أكشف فيه لأهل الكوفة جميعاً الغمّة , ليزداد المؤمن وفاقاً , والمخالف نفاقاً , يا عمار ائت بمن على الباب .
قال عمار : فخرجت وإذا بالباب امرأة في قبة على جمل وهي تصيح : يا غياث المستغيثين , ويا غاية الطالبين , ويا كنز الراغبين , ويا ذا القوة المتين , ويا مطعم اليتيم , ويا رازق العديم , ويا محيي كل عظيم رميم , ويا قديم سبق قدمه كل قديم , يا عون من لا عون له , ويا طود من لا طود له وكنز من لا كنز له , إليك توجهت , وإليك توسلت , بيض وجهي , وفرج عني كربي .
قال : وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة , قوم لها , وقوم عليها , فقلت : أجيبوا أمير المؤمنين – عليه السلام - , فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد , فوقعت المرأة بين يدي أمير المؤمنين – عليه السلام – وقالت : يا علي إياك قصدت , فاكشف ما بي من غمة , إنك ولي ذلك , والقادر عليه , فقال أمير المؤمنين – عليه السلام - : يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين – عليه السلام - .
قال عمار : فاجتمع الناس حتى صار القدم عليه أقدام كثيرة , ثم قام أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : سلوا عما بدا لكم يا أهل الشام , فنهض من بينهم شيخ أشيب على بردة أتحميه , وحلة عدنية , وعلى رأسه عمامة خز سوية , فقال : السلام عليك يا كنز الضعفاء , ويا ملجأ اللهفاء , يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما قربتها ببعل قط , وهي عاتق – حامل , وقد فضحتني في عشيرتي .
وأنا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة , والنزاهة والقناعة .
أنا قلمس بن غفريس وليث عسوس . ووجهه على الأعداء عبوس , لا تخمد لي نار , ولا يضام لي جار عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي .
أنا من أقوام بيت آباؤهم بيت مجد في السماء السابعة فينا كل عبوس لا يرعوي , وكل حجاج ( جحجاح ) عن الحرب لا ينتهي , وقد بقيت يا علي حائر في أمري , فاكشف هذه الغمة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها .
فقال أمير المؤمنين – عليه السلام - : ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك ؟ قالت : أما قوله أني عاتق فقد صدق فيما يقول , وأما قوله أني حامل , فو الله ما أعلم من نفي خيانة قط يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به مني وتعلم أني ما كذبت فيما قلت ففرج عني غمي يا عالم السر وأخفى .
فصعد أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : الله أكبر (( وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً )) فقال – عليه السلام - : علي بداية الكوفة , فجاءت امرأة يقال لها : لبنا , وكانت قابلة نساء أهل الكوفة , فقال اضربي بينك وبين الناس حجاباً , وانظري هذه الجارية أعاتق حامل ؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : نعم يا أمير المؤمنين , عاتق حامل .
فقال : يا أهل الكوفة أين الأئمّة الذين ادّعوا منزلتي ؟ أين من يدّعي في نفسه أن له مقام الحق فيكشف هذه الغمّة ؟ فقال عمرو بن حريث كالمستهزئ : ما لها غيرك يا بن أبي طالب , واليوم تثبت لنا إمامتك , فقال أمير المؤمنين – عليه السلام – لأبي الجارية : يا أبا الغضب , ألستم من أعمال دمشق ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين .
قال : من قرية يقال لها : إسعاد طريق بانياس الجولة ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين .
فقال : هل فيكم من يقدر على قطعة ٍ من الثلج ؟ فقال أبو الغضب : الثلج في بلادنا كثير .
قال أمير المؤمنين – عليه السلام - : بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً . قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال عمار – رضي الله عنه - : فمدّ – عليه السلام – يده وهو على منبر الكوفة , وردها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماء , ثم قال لداية الكوفة : ضعي هذا الثلج مما يلي فرج هذه الجارية , سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهماً ودانقان .
قال فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها , فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال – عليه السلام – وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين . فقال أهل الكوفة : استسق لنا يا أمير المؤمنين فأشار بيده قِبَلَ السماء فدمدم الجو واسجم وحمل مزناً , وسال الغيث وأبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه .
فقال : وزنتها ؟ فقالت نعم : نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت . فقال – عليه السلام - : (( وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )) .
ثم قال : يا أيا الغضب خذ ابنتك فو الله ما زنت , ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين , فربت في بطنها إلى وقتنا هذا , فنهض أبوها وهو يقول : أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر
المصدر : كتاب معاجز أهل البيت ( عليهم السلام )
المؤلف : محسن عقيل
الصفحة : 64- 67
السيد المرتضى : قال : حدثني هذا الشيخ – يعني أبا الحسن علي بن محمد بن إبراهيم بن الحسن بن الطيب المصري المعروف بأبي التحف – قال : حدثني العلا بن طيب بن سعيد المغازلي البغدادي ببغداد , قال : حدثني نصر بن مسلم بن صفوان بن الجمّال المكي , قال : حدثني أبو هشام المعروف بابن أخي ظاهر بن زمعة عن أصهب بن جنادة , عن بصير بن مدرك , قال : حدثني عمار ابن ياسر ذو الفضل والمآثر قال :
كنت بين يدي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب – عليه السلام – وكان يوم الاثنين لسبع عشرة ليلة خلت من صفر , وإذا بزعقه قد ملأت المسامع , وكان علي – عليه السلام – على دكه القضاء , فقال : يا عمار ائت بذي الفقار – وكان وزنه سبعة أمنان وثلثا منٍّ بالمكي – فجئت به , فصاح من غمده , وتركه وقال : يا عمار هذا يوم أكشف فيه لأهل الكوفة جميعاً الغمّة , ليزداد المؤمن وفاقاً , والمخالف نفاقاً , يا عمار ائت بمن على الباب .
قال عمار : فخرجت وإذا بالباب امرأة في قبة على جمل وهي تصيح : يا غياث المستغيثين , ويا غاية الطالبين , ويا كنز الراغبين , ويا ذا القوة المتين , ويا مطعم اليتيم , ويا رازق العديم , ويا محيي كل عظيم رميم , ويا قديم سبق قدمه كل قديم , يا عون من لا عون له , ويا طود من لا طود له وكنز من لا كنز له , إليك توجهت , وإليك توسلت , بيض وجهي , وفرج عني كربي .
قال : وحولها ألف فارس بسيوف مسلولة , قوم لها , وقوم عليها , فقلت : أجيبوا أمير المؤمنين – عليه السلام - , فنزلت عن الجمل ونزل القوم معها ودخلوا المسجد , فوقعت المرأة بين يدي أمير المؤمنين – عليه السلام – وقالت : يا علي إياك قصدت , فاكشف ما بي من غمة , إنك ولي ذلك , والقادر عليه , فقال أمير المؤمنين – عليه السلام - : يا عمار ناد في الكوفة لينظروا إلى قضاء أمير المؤمنين – عليه السلام - .
قال عمار : فاجتمع الناس حتى صار القدم عليه أقدام كثيرة , ثم قام أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : سلوا عما بدا لكم يا أهل الشام , فنهض من بينهم شيخ أشيب على بردة أتحميه , وحلة عدنية , وعلى رأسه عمامة خز سوية , فقال : السلام عليك يا كنز الضعفاء , ويا ملجأ اللهفاء , يا مولاي هذه الجارية ابنتي وما قربتها ببعل قط , وهي عاتق – حامل , وقد فضحتني في عشيرتي .
وأنا معروف بالشدة والنجدة والبأس والسطوة والشجاعة والبراعة , والنزاهة والقناعة .
أنا قلمس بن غفريس وليث عسوس . ووجهه على الأعداء عبوس , لا تخمد لي نار , ولا يضام لي جار عزيز عند العرب بأسي ونجدتي وحملاتي وسطواتي .
أنا من أقوام بيت آباؤهم بيت مجد في السماء السابعة فينا كل عبوس لا يرعوي , وكل حجاج ( جحجاح ) عن الحرب لا ينتهي , وقد بقيت يا علي حائر في أمري , فاكشف هذه الغمة فهذه عظيمة لا أجد أعظم منها .
فقال أمير المؤمنين – عليه السلام - : ما تقولين يا جارية فيما قال أبوك ؟ قالت : أما قوله أني عاتق فقد صدق فيما يقول , وأما قوله أني حامل , فو الله ما أعلم من نفي خيانة قط يا أمير المؤمنين وأنت أعلم به مني وتعلم أني ما كذبت فيما قلت ففرج عني غمي يا عالم السر وأخفى .
فصعد أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : الله أكبر (( وَقُلْ جَآءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً )) فقال – عليه السلام - : علي بداية الكوفة , فجاءت امرأة يقال لها : لبنا , وكانت قابلة نساء أهل الكوفة , فقال اضربي بينك وبين الناس حجاباً , وانظري هذه الجارية أعاتق حامل ؟ ففعلت ما أمرها أمير المؤمنين – عليه السلام – وقال : نعم يا أمير المؤمنين , عاتق حامل .
فقال : يا أهل الكوفة أين الأئمّة الذين ادّعوا منزلتي ؟ أين من يدّعي في نفسه أن له مقام الحق فيكشف هذه الغمّة ؟ فقال عمرو بن حريث كالمستهزئ : ما لها غيرك يا بن أبي طالب , واليوم تثبت لنا إمامتك , فقال أمير المؤمنين – عليه السلام – لأبي الجارية : يا أبا الغضب , ألستم من أعمال دمشق ؟ قال : بلى يا أمير المؤمنين .
قال : من قرية يقال لها : إسعاد طريق بانياس الجولة ؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين .
فقال : هل فيكم من يقدر على قطعة ٍ من الثلج ؟ فقال أبو الغضب : الثلج في بلادنا كثير .
قال أمير المؤمنين – عليه السلام - : بيننا وبين بلادكم مائتا فرسخ وخمسون فرسخاً . قال : نعم يا أمير المؤمنين.
قال عمار – رضي الله عنه - : فمدّ – عليه السلام – يده وهو على منبر الكوفة , وردها وفيها قطعة من الثلج تقطر ماء , ثم قال لداية الكوفة : ضعي هذا الثلج مما يلي فرج هذه الجارية , سترمي علقة وزنها خمس وخمسون درهماً ودانقان .
قال فأخذتها وخرجت بها من الجامع وجاءت بطشت ووضعت الثلج على الموضع منها , فرمت علقة كبيرة فوزنتها الداية فوجدتها كما قال – عليه السلام – وكان قد أمسك المطر عن الكوفة منذ خمس سنين . فقال أهل الكوفة : استسق لنا يا أمير المؤمنين فأشار بيده قِبَلَ السماء فدمدم الجو واسجم وحمل مزناً , وسال الغيث وأبلت الداية مع الجارية فوضعت العلقة بين يديه .
فقال : وزنتها ؟ فقالت نعم : نعم يا أمير المؤمنين وهي كما ذكرت . فقال – عليه السلام - : (( وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ )) .
ثم قال : يا أيا الغضب خذ ابنتك فو الله ما زنت , ولكن دخلت الموضع فدخلت فيها هذه العلقة وهي بنت عشر سنين , فربت في بطنها إلى وقتنا هذا , فنهض أبوها وهو يقول : أشهد أنك تعلم ما في الأرحام وما في الضمائر
المصدر : كتاب معاجز أهل البيت ( عليهم السلام )
المؤلف : محسن عقيل
الصفحة : 64- 67
تعليق