|
إعـــــــلان
تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.
انتظار المهدي عجل الله تعالى فرجه
تقليص
X
-
انتظار المهدي عجل الله تعالى فرجه
الكلمات الدلالية (Tags): لا يوجد
- اقتباس
-
وبناءً عليه فالفرد الذي يهمّه المشاركة والتمهيد للظهور فلا بدّ أن يكون منتمياً إلى أهل الحقّ الممهّدين الواقعيين للمهديب، وليس أهل المعاصي والفساد!
أدلّة هذا النوع من الانتظار
يستند هذا الفهم لكيفيّة الانتظار إلى الآيات القرآنيّة والروايات التي تشير إلى أنّ المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف هو مظهرٌ لحتميّة انتصار قوى الحقّ في صراعها مع الباطل، وتجسيدٌ لآمال المؤمنين العاملين، فتشكّل هذه الآيات والروايات منطلقاً لهذا التفكير، فكيف ذلك؟
ـ إنّ الروايات والآيات قد ركّزت على وجود فئة أهل الحقّ في عصر الظهور... بل إنّ الموعودين بالاستخلاف في الأرض والمنتصرين في حركة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، هم خصوص المؤمنين العاملين بالصالحات، كما في الآية الشريفة: ï´؟وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًاï´¾11.20
وهذا الوعد للعاملين الصالحين جارٍ في جميع الكتب السماويّة: ï´؟وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَï´¾12.
فظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف لا يستهدف ملء الأرض إيماناً وتوحيداً وصلاحاً فحسب، بل يستهدف نصرة أهل الحقّ والفئة المظلومة وإنقاذهم.
وعليه فلا بدّ أن يستمرّ الصراع فتكون هناك فئة يستضعفها أهل الظلم والتجبّر، فيمنّ الله عليها بظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف: ï´؟وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَï´¾13.21
ـ وتحدّثت الروايات عن أنّ نخبة من المؤمنين ستلتحق بالمهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف فيكونون من أنصاره.
وإذا كان لا بدّ من نخبة في ذلك الزمان فلا نشكّ بضرورة وجود أرضيّة صالحة تستمرّ على مدى الأيّام في تأمين هذه النخبة وتربّيها، وهذا لا يتمّ بنشر الفساد والحقد على المصلحين والعاملين!
ـ بل تشير الروايات إلى سلسلة نهضات تسبق ظهوره، كنهضة اليمانيّ.
وهذه النهضات لا يمكن أن تنطلق من العدم، بل لا بدّ أنّها تندرج في سلسلة الصراع بين أهل الحقّ وأهل الباطل.
ـ وأكثر من ذلك، ليست نهضة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف متوقّفة على وجود فئة ونخبة من أهل الحقّ ونهضاتهم فحسب، بل لا بدّ من أن يشيّدوا دولة لهم تسبق ظهوره.22
فقد أشارت بعض روايات عصر الظهور إلى أنّه في ذلك العصر تقوم دولة للحقّ تستمرّ حتّى ظهوره14.
وهذا أيضاً من الدلائل على أنّ الظهور لا يقترن بفناء الجناح المناصر للحقّ، بل بانتصارٍ أوّليّ لجناح العدل والتقوى على جناح الظلم والفساد.
كلّ هذا يؤكّد على ضرورة استمرار صراع الحقّ وأنصاره مع الباطل وأهله، ليُختتم ذلك بظهور المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريفمنقذاً لأنصار الحقّ وناصراً لهم، فيكون هذا الظهورُ المبارك الحلقةَ الأخيرةَ من حلقات الصراع الطويل بين الحقّ وبين الباطل، وبه يتحقّق هدف الأنبياء والصالحين والمجاهدين.
والانتظار المثمر البنّاء الذي يبني تصوّره على هذا الأساس، والذي يدعو إلى العمل والجهاد والدفاع عن الحقّ هو الانتظار الذي يستحقّ أن يكون أفضل عبادة أمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم15.23
إشكال البعض بالحديث المعروف عن الانتظار
يشتبه بعض في فهم حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمعن عصر الظهور، حيث رُوي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لو لم يبقَ من الدنيا إلّا ساعة واحدة لطوّل الله تلك الساعة حتّى يخرج رجلٌ من ذريّتي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً"16.
فيفهم منه بأنْ لا وجود لأنصار الحقّ في زمن الظهور، بل ذلك الزمان هو زمان خلت فيه الأرض من أنصار الحقّ، وامتلأت بأنصار الظلم والفساد17.
ثمّ يرتّب على ذلك آثاره، من ضرورة إشاعة الفساد والنظر بحقدٍ إلى المصلحين والمجاهدين باعتبارهم عاملاً يؤخّر عمليّة الظهور وفقاً لهذا الحديث، كما مرّ في الانتظار الهدّام.24
لكن وبالتأمّل في هذا الحديث، نجده يجعل محورَ حصول الظهور مسألةَ الظلم والجور. ووجود الظلم والجور يستدعي وجود فئة مظلومة تناصر الحقّ، وبذلك تستحقّ النصرة الإلهيّة بظهور المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.
نعم، لو لم يركّز هذا الحديث على مفهوم الظلم بأن أشار إلى مفاهيم من قبيل الفساد والكفر والشرك لكان من الممكن استفادة أن نهضة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف تقترن بفناء الجناح المناصر للحقّ والعدل والإيمان... أما وأنّه قد أشار إلى مسألة الظلم والجور، فهذا يعني أنّ نهضة المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريفالموعود تستهدف إنقاذ أنصار الحقّ المظلومين ولو كانوا قلّة، لا إنقاذ الحقّ المسحوق فقط.
ولذلك نجد أنّ بعض أحاديث الظهور يدور حول حقيقة
بلوغ كلّ شقيّ وكلّ سعيد مداه في العمل، ولا يدور حول بلوغ الأشقياء فقط منتهى درجتهم في الشقاوة، كما في الحديث المرويّ في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام: "يا منصور، إنّ هذا الأمر لا يأتيكم إلّا بعد إياس ولا والله حتّى تُميّزوا، ولا والله حتّى تُمحّصوا، ولا والله حتّى يَشقى من يشقى ويسعد من يسعد"18.25
فهذا الحديث هو خير شاهد على ضرورة وجود أنصار للحقّ بشكل دائم وبالتالي على صحّة الفهم الإيجابيّ والبنّاء لمفهوم الانتظار، ولا يساعد مدّعَى أرباب الانتظار الهدّام، بل يكون دليلاً إضافيّاً على بطلان ما ذهبوا إليه!
الخلاصة
1 ـ يُجمع المسلمون على أنّ مستقبل التاريخ هو مستقبل مشرق، حيث ستظهر شخصيّة باسم "المهديّّ" تحقّق الانتصار لقوى الحقّ على قوى الباطل في الجولة الأخيرة من الصراع، وهذا هو الفرج الذي وعدت به جميع الكتب
السماويّة، وجُعِل انتظاره من أفضل العبادات. وبذلك يبعث الإسلام الأمل في مستقبل البشريّة، فتكون نظرته تفاؤلية بخلاف بعض الرؤى التشاؤميّة لمستقبل التاريخ.26
2 ـ إنّ الفرج الذي يبشّر به الإسلام هو بشرى لجميع الفئات الإنسانيّة في هذا العالم، فلا يختصّ بفئة معيّنة.
3 ـ تمثِّل مسألة نهضة المهديّّ عجل الله تعالى فرجه الشريف قضيّة تتمتّع بخصائص فلسفيّة واجتماعيّة كبرى، ولها خصائص ثقافيّة وتربويّة فضلاً عن السياسيّة والاقتصاديّة...
4 ـ هناك نوعان من الانتظار:
الأوّل: الانتظار الهدّام:
وهو انتظار يبعث على الخمول والكسل ويدعو إلى عدم العمل، حيث لا يرى لأنصار الحقّ والمصلحين العاملين أيّ دورٍ في عمليّة الظهور، بل بنظره إنّ المجاهدين والمصلحين يشكلون عاملاً مساهماً في تأخيره، لذا يدين أصحاب هكذا تصوّر الإصلاحات، فيما ينظرون إلى انتشار الفساد والظلم بعين الارتياح والرض, فهذه
الأمور بنظرهم هي التي تعجّل في حصول الفرج. فهؤلاء يرَون أنّ عمليّة الظهور هي عمليّة انقلاب الأوضاع التي وصلت إلى نهاية الانحدار والفساد فتحلّ مكانها الحكومة المهدويّة.27
وهو بذلك يشترك في نظرته للتاريخ مع الاتجاه الديالكتيكيّ في عنصره الأساس، وهو قيام تكامل التاريخ على صراع التناقضات، وفي مجموعة من نتائجه من ضرورة تشديد الفوضى وإشاعة الفساد، ومعارضة الإصلاحات.
وهذا الإنتظار مخالف للتعاليم الإسلاميّة والمفاهيم القرآنيّة، ولذا لا يمكن الالتزام به.
الثاني: الانتظار البنّاء:
وهذا الانتظار يدعو إلى العمل والجهاد والإصلاح ونصرة الحقّ، واتباع أحكام مفاهيم الإسلام في كلّ زمان ومكان، ويعطي دوراً أساسيّاً لإرادة الإنسان في عمليّة تكامل التاريخ، وهو يقوم على أساس ضرورة استمرار صراع الحقّ مع الباطل، مع إعطاء دور أساس لأنصار الحقّ
في مسألة التمهيد للمهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف.28
ويستند هذا الانتظار إلى الآيات والروايات، ويراعي مفاهيم وتعاليم الإسلام الصالحة لكلّ زمان ومكان.
29
- اقتباس
- تعليق
تعليق