إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

السيرة العطرة لباب المراد الإمام محمد الجواد (ع) في ذكرى إستشهاده ......

تقليص
X
  •  
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السيرة العطرة لباب المراد الإمام محمد الجواد (ع) في ذكرى إستشهاده ......

    بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .

    ببالغ الحزن والأسى وبقلوب يعصرها الألم وينبض فيها الحداد المختلط بالسواد نعزي جميع المؤمنين والمؤمنات وعلماء الدين المراجع العظام وبقية الله الأعظم الإمام الحجة ابن الحسن القائم المهدي (عليه السلام) بفقد باب المراد الكريم على العباد الإمام محمد بن علي الزكي الجواد (عليه السلام) .
    وفي هذه الذكرى الأليمة ومن باب المشاركة في ذكر واحياء مصاب وعزاء أهل البيت (عليهم السلام) أعددت هذه المقالة التي بين أيديكم من عدة مواقع ومن مقالات مختلفة وقدمت فيها وأخرت لترتيبها عسى أن يتقبلها الله مني ، وأنال رضا الإمام محمد الجواد (عليه السلام) عني .

    *** نسب الإمام محمد الجواد (عليه السلام) :
    الإمام الجواد هو تاسع أئمة أهل البيت (عليهم السلام) الذي اضاءت الدنيا بعلمه و بفضائله وكمالاته .
    أبوه : هوالإمام الهمام علي بن موسى الرضا (ع) . وأمه : هي سبيكة وهي من أسرة مارية القبطية زوجة نبي الإسلام محمد (ص) . وقد ذكرت بعض المصادر أنّ أمه هي السيدة الفاضلة الكريمة المسماة بـخيزران أو ريحانة . [1] .

    *** كنى وألقاب الإمام الجواد (عليه السلام) :
    كنيته أبو جعفر ويذكر في الروايات التاريخية بكنية أبي جعفر الثاني حتى لا يُشتبه بأبي جعفر الأول وهو الإمام الباقر (ع) . [2] .
    ألقاب الإمام محمد الجواد (عليه السلام) :
    القابه هي التقي والمرتضى والقانع والرضي والزكي و باب المراد والمختار والمتوكل والمنتجب ، وأشهرها الجواد لكثرة خيره و بره واحسانه إلى الناس . [3] .

    *** حلول البركات والخيرات على الشيعة بولادة الإمام الجواد (عليه السلام) :
    ولد الإمام الجواد (ع) في أواخر أيام الإمام الرضا (عليه السلام) ، ولم يكن للإمام الرضا ولد قبله ؛ لذلك بثّ بعض المخالفين بين المسلمين بأنّ الإمام الرضا لم يورث ، وأنّ الإمامة ستنتهي به ، والواقع أنّهم أرادوا بهذه الشبهة إظهار بطلان كلام رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) عندما قال : « الأئمة من بعدي اثنا عشر إماماً » ؛ لأن الإمام الرضا لم يعقب ، وأنّ سلسلة الإمامة قد ختمت بالإمام الثامن !!! لكن حينما ولد الإمام الجواد (عليه السلام) وجاؤوا به إلى أبيه وهو صغير قال (ع) : « هذا المولود الذي لم يولد مولود أعظم على شيعتنا بركة منه » . وفي رواية أخرى عن ابن أسباط وعباد بن إسماعيل قالا : « إنا لعند الرضا (ع) بمنى إذ جيء بأبي جعفر (ع) . قلنا هذا المولود المبارك قال : نعم ، هذا المولود الذي لم يولد في الإسلام أعظم بركة منه » . [4] .
    و لما ولد الإمام الجواد (عليه السلام) قال أبوه الإمام الرضا (عليه السلام) : « قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، و شبيه عيسى بن مريم» . [5] . و ?انت ولادته (ع) في سنة 195 هجرية2 .

    *** تصدي الإمام الجواد (عليه السلام) للإمامة رغم صغر سنه :
    أحيط الإمام الجواد منذ نعومة اظفاره بهالة من التكريم و التعظيم ، حيث تصدى للإمامة بعد أبيه وهو صغير السن في السنة الثامنة من عمره ، وهذه المسألة أدّت ببعض الشيعة إلى عدم قبول إمامته والذهاب إلى القول بإمامة غيره ، فيما بقى البعض الآخر متحيراً في أمره حتى اتّضحت هذه المسألة وهي إمكان أن يتسنّم الإمام الإمامة في أيام صباه . وعندها اعتقدوا بإمامته ، وهذه كانت من المسائل والشبهات التي طرحها البعض في زمن الإمام الرضا (ع) وفي حياة الإمام الجواد (ع) وقد أجاب عنها مستشهداً بـالقرآن الكريم ، فقد ورد في إحدى الأجوبة إشارة إلى نبوّة النبي يحيى (ع) الذي بعث للنبوة صبيا قال تعالى : ﴿وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيّاً﴾ . [6] .
    والجواب الآخر كان كلام النبي عيسى (ع) عند ولادته [7] وقد بين الله سبحانه في كتابه العزيز في الآية 30 – 32 من سورة مريم على لسان عيسى بن مريم (ع) : ﴿ قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ وجَعَلَني‏ نَبِيًّا * وَجَعَلَني‏ مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وأَوْصاني‏ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا * وَبَرًّا بِوالِدَتي‏ وَلَمْ يَجْعَلْني‏ جَبَّاراً شَقِيًّا ﴾ . [8] .

    *** زوجات الإمام الجواد (عليه السلام) :
    تزوج الإمام الجواد (ع) في سنة 215 هـ . أو (214 هـ) من ابنة المأمون العباسي أم الفضل . [9] وقد حصل الزواج بطلب من المأمون ، فوافق الإمام الجواد (ع) على ذلك ، وعيّن لها من الصداق مهر جدته السيدة الزهراء (ع) أي 500 درهم . ولم تنجب أم الفضل أبناء للإمام (ع) ، [10] فجميع أولاد الإمام كانوا من زوجته الأخرى سمانة المغربية . [11] . وقيل إن الإمام الجواد (ع) قد سافر إلى خراسان حين إقامة الإمام الرضا (ع) فيها مرة واحدة [12] وفي تلك السفرة زوّجه المأمون ابنته أم الفضل .

    *** أقوال كبار علماء أهل السنة في مدح الإمام محمد الجواد (عليه السلام) :
    ساهمت مناظرات وحوارات الإمام الجواد (ع) في عصر حكومتي المأمون والمعتصم في الإجابة على كثير من الإشكالات والمسائل العلمية والفقهية ، وأدّت إلى إعجاب خصوم الإمام وكذا العلماء والمفكرين الإسلاميين شيعة وسنة وإشادتهم بشخصيته الفذّة معترفين بالإمام كشخصيّة مرموقة .
    نكتفي هنا بالإشارة إلى بعض من تلك الشهادات :
    قال السبط الجوزي : « لقد كان في علمه وتقواه وزهده وعفوه على سر أبيه » . [13] .
    وقال ابن حجر الهيثمي : « قال له - المأمون يوماً - أنت ابن الرضا حقاً ، وأخذه معه ، وأحسن إليه ، وبالغ في إكرامه . فلم يزل مشفقاً به لما ظهر له بعد ذلك من فضله وعلمه وكمال عظمته وظهور برهانه مع صغر سنه ، وعزم على تزويجه بابنته أم الفضل ، وصمم على ذلك » . [14] .
    وقال الفتال النيشابوري : « وكان المأمون قد شغف بأبي جعفر (ع) لما رأى من فضله مع صغر سنه وبلوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ، مالم يساوه فيه أحد من مشايخ أهل الزمان » . [15] .
    وقال الجاحظ عثمان المعتزلي ـ وقد كان من مخالفي آل علي (ع) : « إن الإمام الجواد (ع) هو العاشر من الطالبيين الذين قال عنهم : إن كلاّ منهم كان عالماً وزاهداً وعابداً وشجاعاً وسخياً ونقياً وطاهراً » . [16] .

    *** من مناظرات الإمام محمد الجواد (عليه السلام) :
    قال العلماء من أتباع المأمون : إِنَ هذا الصبي و انْ راقَكَ منه هَدْيُه ، فإِنّه صبي لا معرفةَ له و لا فِقْهَ ، فأَمْهِلْه ليتأَدَّبَ و يَتَفَقَّهَ في الدين ، ثم اصْنَعْ ما تراه بعد ذلك .
    فقالَ لهم : ويحْكُم إِنّني أَعْرَفُ بهذا الفتى منكم ، وِ انّ هذا من أَهل بَيْتٍ عِلْمُهم من اللّه و مَوادِّه والهامه ، لم يَزَلْ آباؤه أَغنياءَ في علمِ الدينِ والأدبِ عن الرعايا الناقصةِ عن حدِّ الكمالِ ، فانْ شِئْتُمْ فامْتَحِنُوا أَبا جعفرٍ بما يَتَبَيٌنُ لكم به ما وَصَفْتُ من حالِه .
    قالوا له : قد رَضِيْنا لك يا أَميرَ المؤمنين و لأنفُسِنا بامْتِحانِه ، فخلِّ بيننا و بينه لنَنْصِبَ مَنْ يَسْأله بحَضْرَتِك عن شيءٍ من فِقْه الشريعة ، فإِنْ أَصابَ في الجواب عنه لم يَكُنْ لنا اعتراض في أَمْرِه و ظَهَرَ للخاصةِ و العامةِ سَديد رَأْي أَميرِ المؤمنين ، و إنْ عَجَزَ عن ذلك فقد كُفْينا الخَطْبَ في معناه .
    فقالَ لهم المأمونُ : شأنَكم و ذاك متى أَرَدْتُم .
    فخَرجوا من عنده وأَجْمَعَ رَأيهُم على مسألةِ يحيى بن أَكْثَم وهو يومئذٍ قاضي القضاة على أَنْ يَسْألَه مسألةً لا يَعْرِفُ الجوابَ فيها ، ووَعَدوهُ بأمْوالٍ نفيسةٍ على ذلك ، وعادُوا إلى المأمونِ فَسَأَلوه أَنْ يَخْتارَ لهم يوماً للاجتماع ، فأَجابَهُم إلى ذلك .
    واجْتَمَعُوا في اليوم الذي اتفَقوا عليه ، وحَضَرَ معهم يحيى بن أَكْثَم ، وأَمَرَ المأمونُ أَنْ يُفْرَشَ لأبي جعفرَ (عليه السَّلام) دست [17] ، و تُجْعَلَ له فيه مِسْوَرتان [18] ، ففُعِلَ ذلك ، و خَرَجَ أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) و هو يومئذٍ ابنُ تسع سنين و أشهُر، فجَلَسَ بين المِسْوَرتَيْن ، و جَلَسَ يحيى بن أكثم بين يديه ، و قامَ الناسُ في مَراتبِهِم و المأمونُ جالسٌ في دَست مُتَّصِل بدَست أَبي جعفر ( عليه السَّلام ) .
    فقالَ يحيى بن أَكثم للمأمونِ : يَأذَنُ لي أَمير المؤمنينَ أَنْ أَسْأَلَ أَبا جعفر ؟
    فقالَ له المأمونُ : اسْتَأْذِنْه في ذلك ، فاَقْبَلَ عليه يحيى بن أَكثم .
    فقالَ : أَتَاْذَنُ لي - جُعِلْتُ فداك - في مَسْألَةٍ ؟
    فقالَ له أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " سَلْ إِنْ شِئْتَ " .
    قالَ يحيى : ما تَقولُ - جُعِلْتُ فداك - في مُحرِمِ قَتَلَ صَيْداً ؟
    فقال له أَبو جعفر: " قَتَلَه في حِلٍّ أَو حَرَم ؟ عالماً كانَ المُحْرِمُ أَم جاهلاً ؟ قَتَلَه عَمْداً أَو خَطَأ ؟ حُراً كانَ المُحْرِمُ أَم عَبْداً ؟ صَغيراً كانَ أَم كبيراً ؟ مُبْتَدِئاً بالقتلِ أَمْ مُعيداً ؟ مِنْ ذَواتِ الطيرِ كانَ الصيدُ أَمْ من غيرِها ؟ مِنْ صِغارِ الصيد كانَ أَم كِبارِها مصُرّاً على ما فَعَلَ أَو نادِماً ؟ في الليلِ كانَ قَتْلَهُ للصيدِ أَم نَهاراً ؟ مُحْرِماً كانَ بالعُمْرةِ إذْ قَتَلَه أَو بالحجِّ كانَ مُحْرِماً " ؟ فتَحَيَّرَ يحيى بن أَكثم وبانَ في وجهه الْعَجْزُ والانقطاعُ ولَجْلَجَ حتى عَرَفَ جمَاعَةُ أَهْلِ المجلس أمْرَه .
    فقالَ المأمونُ : الحمدُ لله على هذه النعمة و التوفيقِ لي في الرأْي .
    ثم نَظَرَ إِلى أَهْلِ بَيْتِه و قالَ لهم : أَعَرَفتمُ الآنَ ما كُنْتُم تُنْكِرُونَه ؟
    ثم أَقْبَلَ على أَبي جعفر (عليه السَّلام) فقالَ له : أَتَخْطُب يا أَبا جعفر ؟
    قالَ : " نعم يا أميرَ المؤمنين " .
    فقالَ له المأمونُ : اُخْطُبْ ، جُعِلْتُ فداكَ ، لِنَفْسِكَ ، فقد رَضيتُكَ لِنَفْسي و أَنا مُزَوِّجُكَ أُمَّ الفَضْل ابَنتي وِان رَغَمَ قومٌ لذلك .
    فقال أَبو جعفر (عليه السَّلام) : " الحمد للهّ إِقراراً بنعمتِه ، و لا إِلهَ إلا اللّه إِخْلاصاً لوَحْدانِيتهِ ، و صَلىّ اللّهُ على محمّدٍ سيِّدِ بَرِيَّتِه والأصْفياءِ من عترتهِ .
    أَمّا بَعْدُ : فقد كانَ من فَضْل اللّه على الأنام أَنْ أَغناهُم بالحلالِ عن الحَرامِ ، فقالَ سُبْحانَه : ﴿ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [19] ثمَّ إِنَّ محمّد بن عليّ بن موسى يَخْطُبُ أُمَّ الفَضْلِ بنْتَ عبد اللهِّ المأمونِ ، و قد بَذَلَ لها من الصداقِ مَهْرَ جَدَّتِه فاطمة بنت محمّد ( عليهما السلام ) و هو خمسمائة درهم جياداً ، فهَلْ زَوَّجْتَه يا أَميرَ المؤمنين بها على هذا الصداقِ المذكور ؟ " .
    قالَ المأمونُ : نعم ، قد زَوَجْتُك أَبا جعفر أُم الفضل ابْنَتي على هذا الصداق المذكور ، فهل قَبِلْتَ النكاحَ ؟
    قالَ أًبو جعفر (عليه السَّلام) : " قد قَبِلْتُ ذلك ورَضِيتُ به " .
    فاَمَرَ المأمونُ أَنْ يَقْعُدَ الناسُ على مَراتِبهِم في الخاصّةِ و العامةِ .
    قالَ الريان : ولم نَلْبثْ أَنْ سَمِعْنا أَصْواتاً تُشْبِهُ أَصْواتَ المَلاحينَ في مُحاوَراتهم ، فإذا الخدم يَجُرُّون سفينةً مَصْنُوعةً من فِضَةٍ مَشْدُودةٍ بالحِبالِ من الإبريسم على عَجلٍ مملؤةً من الغاليةِ [20] ، فأمَرَ المأمونُ أنْ تُخْضَبَ لِحَى الخاصّة من تلك الغاليةِ ، ثُمَّ مُدَّت إِلى دارِ العامّة فطُيِّبوا منها ، و وُضِعَتِ الموائدُ فأكَلَ الناسُ ، و خَرَجَتِ الجوائزُ إِلى كُلِّ قوم على قدرهم ، فلما تَفَرَّقَ الناسُ و بَقِيَ من الخاصةِ مَنْ بَقي ، قالَ المأمونُ لأبي جعفر : إِنْ رَأيتَ - جُعِلْتُ فداك - أنْ تَذْكُرَ الفِقْهَ فيما فَصلْته من وُجُوه قَتْلِ المُحْرمِ الصيدَ لِنَعْلَمَه و نَسْتَفيدَه .
    فقالَ أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " نعم ، إِنَ المُحرمَ إذا قَتَلَ صَيْداً في الحِل و كانَ الصَيْدُ من ذواتِ الطَيْرِ و كانَ من كِبارِها فعليه شاةٌ ، فإِنْ كانَ أَصابَه في الحَرَم فعليه الجزاءُ مُضاعَفاً ، و إذا قَتَلَ فَرْخاً في الحِلِّ فعليه حَمْل قد فُطِمَ منَ اللبن ، و إذا قَتَله في الحرم فعليه الحمْلُ و قيمةُ الفَرْخِ ، و ان كانَ من الوحْشِ وكانَ حمارَ وَحْشٍ فعليَه بَقَرَةٌ ، وِ ان كانَ نَعامةً فعليه بدنة ، و إن كانَ ظَبْياً فعليه شاةٌ ، فإِن قَتَلَ شَيئأ من ذلك في الحَرَمِ فعليه الجزاءُ مُضاعَفأ هَدْياً بالغَ الكعبةِ ، وِ اذا أَصابَ المُحْرِمُ ما يجب عليه الهَدْي فيه و كانَ إِحْرامُه للحجِّ نَحَرَه بمنى ، و ان كانَ إِحرامُه للعُمْرة نَحَرَه بمكّةَ ، وجزاءُ الصَيْدِ على العالِم و الجاهِل سواء ، و في العَمْدِ له المأثَمُ ، و هو موضوعٌ عنه في الخَطَأ ، و الكفّارةُ على الحرِّ في نفسه ، و على السيد في عبدِه ، و الصغيرُ لا كفّارةَ عليه ، و هي على الكبير واجبة ، و النادِمُ يَسْقُطُ بنَدمِه عنه عقابُ الآخِرَة ، و المُصِرُّ يجب عليه العقابُ في الآخِرَةِ " .
    فقالَ له المأمونُ : أَحْسَنْتَ - أَبا جعفر - أحْسَنَ اللهُ إِليك ، فإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تَسْألَ يحيى عن مسألةٍ كما سَأَلك .
    فقالَ أَبو جعفر ليحيى : " أَسْأَلُك ؟ " .
    قالَ : ذلك إِليك - جُعِلْتُ فداك - فإِنْ عَرَفْتُ جوابَ ما تَسْأَلُني عنه والا اسْتَفَدْتُه منك .
    فقالَ له أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " خَبِّرْني عن رجل نَظَرَ إِلى امْرأةٍ في أَوّل النهارِ فكانَ نَظَرُه إِليها حراماً عليه ، فلمّا ارْتَفَعَ النهارُ حَلَتْ له ، فلمّا زالَتِ الشمسُ حَرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ وَقْتَ العصرِ حَلَّتْ له ، فلما غَربتَ الشمسُ حرُمتْ عليه ، فلما دَخَلَ عليه وَقْتُ العشاءِ الآخرةِ حَلَّتْ له ، فلمّا كانَ انْتِصاف الليلِ حَرُمَتْ عليه ، فلما طَلَعَ الفجرُ حَلَّتْ له ، ما حالُ هذه المرأة و بماذا حلَتْ له و حَرُمَتْ عليه ؟ " .
    فقالَ له يحيى بن أكثم : لا واللهِ ما أَهْتَدي إِلى جواب هذا السؤالِ ، و لا أعَرِفُ الوجهَ فيه ، فإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُفيدَناه .
    فقالَ له أَبو جعفر ( عليه السَّلام ) : " هذه أمَةٌ لرجلٍ من الناسِ نَظَرَ إِليها أجنبيٌّ في أَوّل النهارِ فكانَ نَظَرُه إِليها حراماً عليه ، فلمّا ارْتَفَعَ النهار ابْتاعَها من مولاها فحلَّتْ له ، فلمّا كانَ الظهرُ أَعْتَقَها فحَرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ وَقْتُ العصرِ تَزوَّجَها فحَلَّتْ له ، فلمّا كانَ وَقْتُ المغرب ظاهَرَ منها فَحرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ وَقْتُ العشاءِ الآخرةِ كَفَّرَ عن الظِهارِ فَحلَتْ له ، فلمّا كانَ نصفُ الليل طَلَّقها واحدةً فَحرُمَتْ عليه ، فلمّا كانَ عند الفَجْرِ راجَعَها فحلَتْ له " .
    قالَ : فاَقْبَل المأمونُ على مَنْ حَضَرَه من أَهْل بيته فقالَ لهم : هل فيكم أحدٌ يجُيبُ عن هذه المسألةِ بمِثْل هذا الجواب ، أَو يَعْرفُ القولَ فيما تَقَدَّم من السؤالِ ؟!
    قالوُا : لا واللهِ ، إن أَميرَ المؤمنين أعْلَمُ و ما رَأى .
    فقالَ لهم : ويَحْكم ، إِنَّ أَهْلَ هذا البيتِ خُصُّوا من الخَلْقِ بما تَرَوْنَ من الْفَضلِ ، و إن صِغَرَ السِنِّ فيهم لا يَمْنَعُهُمْ من الكَمالِ ، أَما عَلِمْتمْ أَنَّ رسولَ اللهِ صلّى اللهُ عليهِ وآلهِ افْتَتَحَ دَعْوَتَه بدعاءِ أَميرِ المؤمنين عليِّ بن أَبي طالب عليه السلامُ و هو ابن عَشْرِ سنينَ ، و قَبِلَ منه الإسلامَ و حَكَمَ له به ، ولم يَدْعُ أَحَداً في سنِّه غيره ، و بايَعَ الحسنَ و الحسينَ ( عليهما السلام ) و هما ابنا دونَ الستّ سنين ولم يبايِعْ صبيّاً غيْرَهما ، أَفلا تَعْلَمونَ الأن ما اخْتَصَّ اللهُ به هؤلاءِ القومَ ، و أَنهُم ذريّةٌ بَعْضُها من بعضٍ ، يَجْري لآخِرِهم ما يَجْري لأوَلِهم ؟ !
    قالوُا : صَدَقْتَ يا أَميرَ المؤمنين ، ثمَّ نَهَضَ القَوْمُ . [21] .

    *** استشهاد الإمام الجواد (عليه السلام) :
    استدعى المعتصم العباسي الإمام الجواد (ع) من المدينة إلى بغداد . فدخل بغداد في اليوم الثامن والعشرين من شهر محرم سنة 220 هـ ، فأقام بها حتى توفي أواخر ذي القعدة من ذلك العام.[22]
    أما اليوم والشهر الذي توفي فيه ، فقد ذكرت بعض المصادر أنّه اليوم الخامس أو السادس من ذي الحجة ، [23] وفي بعضها الآخر آخر ذي القعدة . [24] .
    وقيل في سبب وفاته أن قاضي بغداد ابن أبي داوود وشاه عند الخليفة المعتصم العباسي ؛ ذلك لأنّ الأخير كان قد قبل رأي الإمام (ع) في قطع يد السارق ، مما أدى إلى فضيحة ابن أبي داوود وكثير من الفقهاء والحاشية ، فلما سمع الخليفة وشايته ، همّ بقتله رغم صغر سنه (عليه السلام) . فنفّذ المعتصم هذه النية المشؤومة على يد كاتب أحد وزرائه ، فسمّ الأخير الإمام وقتله . [25] ويعتقد البعض أن سمّ الإمام (عليه السلام) كان عن طريق زوجته أم الفضل بنت المأمون . [26] .
    وقال المسعودي (المتوفي سنة 346 هـ) : « لم يزل المعتصم وجعفر بن المأمون يدبّرون ، ويعملون الحيلة في قتله، فقال جعفر لأُخته أُمّ الفضل... لأنّه وقف على انحرافها عنه وغيرتها عليه لتفضيله (ع) أُمّ أبي الحسن ابنه عليها (أي على أُمّ الفضل)... فجعلت السمّ في عنب ، وناولته للإمام (ع) » . ثم استطرد المسعودي قائلاً : « لقد ندمت أم الفضل بعد هذا العمل ندماً عظيماً ، وبكت بكاءاً شديداً ، ولما أكله بكت ، فقال : لم تبكين ليضربنك الله بفقر لا يجبر وبلاء لا يستر، فبليت بعلة أنفقت عليها جميع ما تملكه » . [27] .

    =================================

    الهوامش :
    1- الكليني ، أصول الكافي ، ص 315 و492 ؛ المجلسي ، بحار الانوار ، ج 50 ، ص 1.
    2- الكليني ، أصول الكافي ، ص 315 و492؛ المجلسي ، بحار الانوار ، ج 50 ، ص 1.
    3- ابن شهر آشوب، مناقب آل ابي طالب ، ج 4 ، ص 379 ؛ المجلسي ، بحار الانوار ، ص 12 - 13.
    4- المجلسي ، بحار الأنوار ، ج 50 ، ص 20 و23 و35.
    5 ـ بحار الأنوار ج 50 : ص 15.
    6- سورة مريم : الآية 12.
    7- الكليني ، أصول الكافي ، ج 1 ، ص 382.
    8- سورة مريم : الآية 30 ــ 32.
    9- وقد ذكر الطبري أنّ زواج الإمام الجواد من أم الفضل كان سنة 202 هـ راجع : الطبري ، محمد بن جرير، التاريخ ، ج 7، بيروت : مؤسسة الاعلمي للمطبوعات ، بلا تا ، ص 149. (نقلا عن القرص المدمج ، مكتبة أهل البيت ، النسخة الثانية) .
    10- ابن شهر آشوب ، مناقب آل أبي طالب ، ج 4 ، ص 380.
    11- القمي ، منتهى الآمال ، ج 2 ، ص 235.
    12- ابن فندق ، تاريخ بيهق ، ص 46.
    13- سبط ابن الجوزي ، تذكرة الخواص ، ص 359 .
    14- ابن حجر الهيثمي ، الصواعق المحرقة ، ص 206.
    15- فتال النيسابوري ، روضة الواعظين ، ص 237.
    16- العاملي ، مرتضى ، الحياة السياسية للإمام الجواد ، ص 106.
    17- أي جانب من البيت ، وهي فارسية معرّبة .
    18- المسورة : متكأ من الجلد المدبوغ .
    19- القران الكريم : سورة النور ( 24 ) ، الآية : 32 ، الصفحة : 354 .
    20- الغالية : ضرب من الطيب مركب من مسك و عنبر و كافور و دهن البان و عود . ( مجمع البحرين ) .
    21- الإرشاد : 2 / 281 ، طبعة : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث ، إيران / قم ، و تحف العقول : 425، طبعة : جماعة المدرسين ، قم / إيران ، سنة : 1404 هجرية .
    22- المفيد ، الارشاد ، ص 481.
    23- ابن أبي الثلج ، ص 13.
    24- سعد بن عبد اللّه الأشعري ؛ ص99/ الفضل بن حسن الطبرسي ، 1417 ، ج 2 ، ص 106.
    25- العياشي ، تفسير العياشي ، ج1 ، ص320.
    26- العاملي ، الحياة السياسية للإمام الجواد(ع) ، ص 153.
    27- المسعودي ، إثبات الوصية للإمام علي بن ابي طالب عليه السلام ، ص 192.


  • #2
    احسنتم ويبارك الله بكم
    شكرا لكم كثيرا

    مأجورين
    ​​​

    تعليق


    • #3
      بارك الله بكم....ماجورين

      تعليق

      المحتوى السابق تم حفظه تلقائيا. استعادة أو إلغاء.
      حفظ-تلقائي
      Smile :) Embarrassment :o Big Grin :D Wink ;) Stick Out Tongue :p Mad :mad: Confused :confused: Frown :( Roll Eyes (Sarcastic) :rolleyes: Cool :cool: EEK! :eek:
      x
      يعمل...
      X