بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد
قال المستشار السني بهاء المري رئيس محكمة جنايات كفر الشيخ في مقالته مرافعة السيدة فاطمة الزهراء ضد أبي بكر الصديق
: " الوقائع :
حينما فتح النبى صلى الله عليه وسلم خيبر ، كان يقع إلى جوارها قرية تسمى ( فدك ) اشتهرت بزراعة القمح والتمور ، وكان يسكنها طائفة من اليهود ، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف منها ، وقيل أنه صالحهم عليها كلها على أن يحقن دماءهم ، ففعل
وكانت الأراضى التي يسيطر عليها المسلمون بلا قتال ، تكون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والإمام من بعده ، يتصرف فيها كما يشاء ، وعلى هذا الاساس وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فدك ) لابنته فاطمة في أيام حياته .
ولما تولى أبا بكر الخلافة ، انتزع فدك من فاطمة ، محتجا بقول النبى صلى الله عليه وسلم " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " وصارت من موارد الدولة .
فلما علمت فاطمة ما أجمع عليه أبو بكر من حرمانها من " فدك " ، أقبلت فى مجموعة من نساء قومها ، ودخلت عليه وهو فى حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
المرافعة :
افتتحت الزهراء رضى الله عنها مرافعتها بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت تبين موقعها من الدعوى وتمهد لها :
- " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " فإن تعرفوه تجدوه أبى دون آباءكم .. وأخا بن عمى دون رجالكم .. هذا كتاب الله بين أظهركم .. وزواجره بيِّنة .. ونواهيه وشواهده لائحة .. وأوامره واضحة .. أرَغبة عنه تُدبرون .. أم بغيره تحكمون .. بئس الظالمين بدلا .. ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه .. وهو فى الآخرة من الخاسرين .
ثم كان صلب المرافعة فقالت :
- لِمَ تبطئوا عن منع الإرث عنا .. ألم تتم لكم الخلافة .. والآن تزعمون ألا إرث لنا .. أفحكم الجاهلية تبغون .. ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .. يا معشر المهاجرين .. أأبتر إرث أبى .. يا أبا بكر .. أفى الكتاب أن ترث أباك ولا ارث أبى
.. لقد جئت شيئا فريَّا .. ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون .
وبعد أن عرضت الواقعة بمنهج التجسيد تعرض بمنتهى البلاغة لأدلة الثبوت فتقول :
- أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم .. ألم يقل تبارك وتعالى " وورث سليمان داود " .. وقال فيما قص من خبر يحى بن زكريا " رب هب لى من لدنك وليا ، يرثنى ويرث من آل يعقوب " .. وقال جل شأنه " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ، فى كتاب الله " .. وقال " يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " .. وقال " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ، حقا على على المتقين " .. وزعمتم أن لا حق لى .. ولا إرث لى من أبى ولا رحم بيننا .. أفخصَّكم الله بآية أخرج نبيه صلى الله عليه وسلم منها . أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان .. أو لست أنا وأبى أهل ملة واحدة .. أو لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبى وابن عمى .. أأغلب على إرثى جورا وظلما .. وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون .
تلك كانت أدلتها ، أما خاتمة المرافعة فكانت كالتالى :
- ما هذا الضعف فى العقل والعمل " أما كان لرسول الله أن يُحفظ فى ولده ، سرعان ما أجدبتم فمنعتم .
مناقشة الأدلة : قال الصديق يخاطبها فى رفق :
- يا ابنة رسول الله .. لقد كان أبوك بالمؤمنين رؤوفا رحيما .. وأمَّا مَنعك ما سألتِ فلا ذلك لى وأما فدك .. وما جعل لك أبوك .. فإن منعتُك فأنا ظالم .. وأمَّا الميراث .. فقد تعلمين أنه صلى الله عليه وسلم قال " لا نورث وما تركناه صدقة ".
وكان ردها بالحجة فقالت :
- إن الله يقول عن نبى من أنبيائه " يرثنى ويرث من آل يعقوب " .. وقال " وورث سليمان دواود " .. فهذان نبيان .. وقد علمت أن النبوة لا تورث .. وإنما يورث ما دونها .. فمالى أمنع من إرث أبى .. أأنزَلَ الله فى الكتاب " إلا فاطمة بنت محمد " فأقنع به
." اه
أقول : يتبين لنا في هذه المرافعة ان أبابكر إحتج بحديث لانورث ماتركناه صدقة على ان الأنبياء لايورثوا الاموال لورثتهم وأبطلت الزهراء عليها السلام هذا الحديث بإحتجاجها بكتاب الباري عزوجل
على عموم آيات المواريث وبقصة زكريا ويحيى عليهما السلام وداود وسليمان عليهما السلام
قال الشيخ السني محمد بن الأزرق الأنجري في مقالته قضية فدك بين الصديق ابي بكر والطاهرة الزهراء
: "
أن وراثته لم تكن عملا ممتنعا يجعله صلى الله عليه وسلم مستثنى من قوله تعالى في سورة النساء : ( للرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً )
أو قوله جل وعزّ بعد ذلك : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ).
فالآيات الواردة في الفرائض / المواريث ، عامة تشمل النبي صلى الله عليه وسلم ." اه
وقال الشيخ الأنجري ايضا : " وأقوى دليل على أن أحكام الميراث كانت تشمله عليه السلام كغيره من الناس ، هو مطالبة أزواجه رضي الله عنهن ، وبضعته السيدة فاطمة عليها السلام ، وعمه مولانا العباس في حقوقهم .
أي أنهم لم يسمعوا يوما أن ميراث أموال رسول الله ممتنع شرعا ، فهم أولى بمعرفة ذلك
" اه
واليك أخي القارئ هذه الأحاديث التي أمر فيها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعرض الأحاديث على كتاب الباري عزوجل فإن وافقها فقد قالها وإن لم يوافقها لم يقلها
جاء في كتاب توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته - الناشر : مكتبة الخنانجي بمصر ، ص295- 297 - المكتبة الشاملة لرفعت بن فوزي عبد المطلب التالي أنقل بالنص والهامش :
613- وقد أيد الأحناف وجهة نظرهم في اتخاذ هذا المقياس بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وكتاب الله أحق"5. ويقول السرخسي "المراد كل
_____________
5 قال البخاري "3/ 198 طبعة بولاق 1311هـ" وقال ابن عمر -أو عمر-: كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط. ثم أورد هذا الحديث بمناسبته التي قيل فيها وهو: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتتها بريرة تسألها في كتابتها، فقالت: إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرته ذلك. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ابتاعيها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله، فليس له، وإن اشترط مائة شرط
"، وزاد في رواية "في ص192": قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن اعتق.
شرط هو مخالف لكتاب الله تعالى لا أن يكون المراد ما لا يوجدد عينه في كتاب الله تعالى؛ فإن عين هذا الحديث لا يوجد في كتاب الله تعالى ...
فعرفنا أن المراد ما يكون مخالفًا لكتاب الله تعالى، وذلك تنصيص على أن كل حديث مخالف لكتاب الله تعالى فهو مردود"1.
614- واستدلوا أيضًا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكثر الأحاديث لكم بعدي، فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى، فما وافقه فاقبلوه، واعلموا أنه مني، وما خالفه فردوه، واعلموا أني منه بريء
"2.
615- وقد استدل أبو يوسف بهذا الحديث أو قريبًا منه في معرض رده على سير الأوزاعي ومما قاله: "فعليك من الحديث بما تعرف العامة وإياك والشاذ منه؛ فإنه حدثنا ابن أبي كريمة، عن أبي جعفر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود فسألهم، فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه الصلاة والسلام، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر، فخطب الناس، فقال: " إن الحديث سيفشو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن، فليس مني
" 3.
616-
ويؤيد الأحناف وجهة نظرهم بما روي عن أبي بكر وعمر وعائشة وأسامة رضوان الله عليهم أنهم ردوا خبر فاطمة بنت قيس في ألا نفقة للمبتوتة ولم يخصوا به قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} ولا خلاف في أن المراد: وأنفقوا عليهن من وجدكم، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: "لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت
حفظت أم نسيت".
وجمع أبو بكر الصحابة وأمرهم أن يردوا كل حديث مخالف للكتاب
_________
1 أصول السرخسي 1/ 364 - 365.
2 الأم 7/ 307 - 308.
3 الأم 7/ 307 - 308.
وردت عائشة رضي الله عنها حديث تعذيب الميت ببكاء أهله عليه وتلت قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 1.
__________
1 سبق أن تعرضنا لهذا في التمهيد لهذا البحث ص24، 32. انتهى
أقول : العجيب ان أبابكر يجمع الصحابة ويأمرهم ان يردوا كل حديث يخالف كتاب الله كما في النقل السابق وبهذه الطريقه ردت عليه الزهراء عليها السلام وأبطلت حديثه !
ونقل عن عائشه ردهاحديث تعذيب الميت ببكاء اهله بالقرآن الكريم وهي قد طالبت مع حفصه بميراثهما من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من عثمان لعلمهما بما جاء في كتاب الله فردتا الحديث :
نقل الأستاذ السني أحمد أمشكح عن ابن أبي الحديد الشافعي (*) في شرح نهج البلاغه التالي
: "جاءت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه أن يقسم لهما إرثهما من رسول الله صلى الله عليه وآله. وكان عثمان متكئا فاستوى جالسا وقال لعائشة: أنت وهذه الجالسة جئتما بأعرابي يتطهر ببوله وشهدتما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: نحن معشر الانبياء لا نورث فإذا كان الرسول حقيقة لا يورث فماذا تطلبان بعد هذا، وإذا كان الرسول يورث لماذا منعتم فاطمة حقها ؟ فخرجت من عنده غاضبة وقالت: أقتلوا نعثلا فقد كفر اهـ (1)
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان
___________
(1) *)الكتاب : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان
المؤلف : أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان
المحقق : إحسان عباس
الناشر : دار صادر - بيروت
283- عز الدين ابن أبي الحديد: الفوات 1: 519، ذيل مرآة الزمان 1: 62، ابن الشعار 4: 213 وقال: عبد الحميد بن أبي الحديد كاتب فاضل أديب ذو فضل غزير وأدب وافر وذكاء باهر، خدم في عدة أعمال سواداً وحضرة، آخرها كتابة ديوان الزمام. تأدب على الشيخ أبي البقاء العكبري ثم على أبي الخير مصدق ابن شبيب الواسطي، واشتغل بفقه الإمام الشافعي وقرأ علم الأصول، وكان أبوه يتقلد قضاء المدائن، وله كتاب العبقري الحسان في علم الكلام والمنطق والطبيعي والأصول والتاريخ والشعر؛ وراجع صفحات متفرقة من الحوادث الجامعة.
(2) صحيفة الأيام عدد 448، 28 أكتوبر 2010م، ص : 22 . بعنوان"عائشة : الحياة المثيرة لأشهر زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم
اللهم صل على محمد وال محمد
قال المستشار السني بهاء المري رئيس محكمة جنايات كفر الشيخ في مقالته مرافعة السيدة فاطمة الزهراء ضد أبي بكر الصديق
: " الوقائع :
حينما فتح النبى صلى الله عليه وسلم خيبر ، كان يقع إلى جوارها قرية تسمى ( فدك ) اشتهرت بزراعة القمح والتمور ، وكان يسكنها طائفة من اليهود ، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف منها ، وقيل أنه صالحهم عليها كلها على أن يحقن دماءهم ، ففعل
وكانت الأراضى التي يسيطر عليها المسلمون بلا قتال ، تكون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم والإمام من بعده ، يتصرف فيها كما يشاء ، وعلى هذا الاساس وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ( فدك ) لابنته فاطمة في أيام حياته .
ولما تولى أبا بكر الخلافة ، انتزع فدك من فاطمة ، محتجا بقول النبى صلى الله عليه وسلم " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ، ما تركناه صدقة " وصارت من موارد الدولة .
فلما علمت فاطمة ما أجمع عليه أبو بكر من حرمانها من " فدك " ، أقبلت فى مجموعة من نساء قومها ، ودخلت عليه وهو فى حشد من المهاجرين والأنصار وغيرهم بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
المرافعة :
افتتحت الزهراء رضى الله عنها مرافعتها بحمد الله والثناء عليه والصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم ، ثم قالت تبين موقعها من الدعوى وتمهد لها :
- " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " فإن تعرفوه تجدوه أبى دون آباءكم .. وأخا بن عمى دون رجالكم .. هذا كتاب الله بين أظهركم .. وزواجره بيِّنة .. ونواهيه وشواهده لائحة .. وأوامره واضحة .. أرَغبة عنه تُدبرون .. أم بغيره تحكمون .. بئس الظالمين بدلا .. ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه .. وهو فى الآخرة من الخاسرين .
ثم كان صلب المرافعة فقالت :
- لِمَ تبطئوا عن منع الإرث عنا .. ألم تتم لكم الخلافة .. والآن تزعمون ألا إرث لنا .. أفحكم الجاهلية تبغون .. ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون .. يا معشر المهاجرين .. أأبتر إرث أبى .. يا أبا بكر .. أفى الكتاب أن ترث أباك ولا ارث أبى
.. لقد جئت شيئا فريَّا .. ولكل نبأ مستقر وسوف تعلمون .
وبعد أن عرضت الواقعة بمنهج التجسيد تعرض بمنتهى البلاغة لأدلة الثبوت فتقول :
- أفعلى عمد تركتم كتاب الله ونبذتموه وراء ظهوركم .. ألم يقل تبارك وتعالى " وورث سليمان داود " .. وقال فيما قص من خبر يحى بن زكريا " رب هب لى من لدنك وليا ، يرثنى ويرث من آل يعقوب " .. وقال جل شأنه " وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض ، فى كتاب الله " .. وقال " يوصيكم الله فى أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين " .. وقال " إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف ، حقا على على المتقين " .. وزعمتم أن لا حق لى .. ولا إرث لى من أبى ولا رحم بيننا .. أفخصَّكم الله بآية أخرج نبيه صلى الله عليه وسلم منها . أم تقولون أهل ملتين لا يتوارثان .. أو لست أنا وأبى أهل ملة واحدة .. أو لعلكم أعلم بخصوص القرآن وعمومه من أبى وابن عمى .. أأغلب على إرثى جورا وظلما .. وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون .
تلك كانت أدلتها ، أما خاتمة المرافعة فكانت كالتالى :
- ما هذا الضعف فى العقل والعمل " أما كان لرسول الله أن يُحفظ فى ولده ، سرعان ما أجدبتم فمنعتم .
مناقشة الأدلة : قال الصديق يخاطبها فى رفق :
- يا ابنة رسول الله .. لقد كان أبوك بالمؤمنين رؤوفا رحيما .. وأمَّا مَنعك ما سألتِ فلا ذلك لى وأما فدك .. وما جعل لك أبوك .. فإن منعتُك فأنا ظالم .. وأمَّا الميراث .. فقد تعلمين أنه صلى الله عليه وسلم قال " لا نورث وما تركناه صدقة ".
وكان ردها بالحجة فقالت :
- إن الله يقول عن نبى من أنبيائه " يرثنى ويرث من آل يعقوب " .. وقال " وورث سليمان دواود " .. فهذان نبيان .. وقد علمت أن النبوة لا تورث .. وإنما يورث ما دونها .. فمالى أمنع من إرث أبى .. أأنزَلَ الله فى الكتاب " إلا فاطمة بنت محمد " فأقنع به
." اه
أقول : يتبين لنا في هذه المرافعة ان أبابكر إحتج بحديث لانورث ماتركناه صدقة على ان الأنبياء لايورثوا الاموال لورثتهم وأبطلت الزهراء عليها السلام هذا الحديث بإحتجاجها بكتاب الباري عزوجل
على عموم آيات المواريث وبقصة زكريا ويحيى عليهما السلام وداود وسليمان عليهما السلام
قال الشيخ السني محمد بن الأزرق الأنجري في مقالته قضية فدك بين الصديق ابي بكر والطاهرة الزهراء
: "
أن وراثته لم تكن عملا ممتنعا يجعله صلى الله عليه وسلم مستثنى من قوله تعالى في سورة النساء : ( للرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً )
أو قوله جل وعزّ بعد ذلك : ( يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا مَا تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ).
فالآيات الواردة في الفرائض / المواريث ، عامة تشمل النبي صلى الله عليه وسلم ." اه
وقال الشيخ الأنجري ايضا : " وأقوى دليل على أن أحكام الميراث كانت تشمله عليه السلام كغيره من الناس ، هو مطالبة أزواجه رضي الله عنهن ، وبضعته السيدة فاطمة عليها السلام ، وعمه مولانا العباس في حقوقهم .
أي أنهم لم يسمعوا يوما أن ميراث أموال رسول الله ممتنع شرعا ، فهم أولى بمعرفة ذلك
" اه
واليك أخي القارئ هذه الأحاديث التي أمر فيها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بعرض الأحاديث على كتاب الباري عزوجل فإن وافقها فقد قالها وإن لم يوافقها لم يقلها
جاء في كتاب توثيق السنة في القرن الثاني الهجري أسسه واتجاهاته - الناشر : مكتبة الخنانجي بمصر ، ص295- 297 - المكتبة الشاملة لرفعت بن فوزي عبد المطلب التالي أنقل بالنص والهامش :
613- وقد أيد الأحناف وجهة نظرهم في اتخاذ هذا المقياس بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "كل شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل، وكتاب الله أحق"5. ويقول السرخسي "المراد كل
_____________
5 قال البخاري "3/ 198 طبعة بولاق 1311هـ" وقال ابن عمر -أو عمر-: كل شرط خالف كتاب الله فهو باطل وإن اشترط مائة شرط. ثم أورد هذا الحديث بمناسبته التي قيل فيها وهو: "عن عائشة رضي الله عنها قالت: أتتها بريرة تسألها في كتابتها، فقالت: إن شئت أعطيت أهلك ويكون الولاء لي، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرته ذلك. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ابتاعيها، فأعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر، فقال: "ما بال أقوام يشترطون شروطًا ليست في كتاب الله، من اشترط شرطًا ليس في كتاب الله، فليس له، وإن اشترط مائة شرط
"، وزاد في رواية "في ص192": قضاء الله أحق وشرط الله أوثق، وإنما الولاء لمن اعتق.
شرط هو مخالف لكتاب الله تعالى لا أن يكون المراد ما لا يوجدد عينه في كتاب الله تعالى؛ فإن عين هذا الحديث لا يوجد في كتاب الله تعالى ...
فعرفنا أن المراد ما يكون مخالفًا لكتاب الله تعالى، وذلك تنصيص على أن كل حديث مخالف لكتاب الله تعالى فهو مردود"1.
614- واستدلوا أيضًا بما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تكثر الأحاديث لكم بعدي، فإذا روي لكم عني حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى، فما وافقه فاقبلوه، واعلموا أنه مني، وما خالفه فردوه، واعلموا أني منه بريء
"2.
615- وقد استدل أبو يوسف بهذا الحديث أو قريبًا منه في معرض رده على سير الأوزاعي ومما قاله: "فعليك من الحديث بما تعرف العامة وإياك والشاذ منه؛ فإنه حدثنا ابن أبي كريمة، عن أبي جعفر، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه دعا اليهود فسألهم، فحدثوه حتى كذبوا على عيسى عليه الصلاة والسلام، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر، فخطب الناس، فقال: " إن الحديث سيفشو عني فما أتاكم عني يوافق القرآن فهو عني، وما أتاكم عني يخالف القرآن، فليس مني
" 3.
616-
ويؤيد الأحناف وجهة نظرهم بما روي عن أبي بكر وعمر وعائشة وأسامة رضوان الله عليهم أنهم ردوا خبر فاطمة بنت قيس في ألا نفقة للمبتوتة ولم يخصوا به قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} ولا خلاف في أن المراد: وأنفقوا عليهن من وجدكم، ولهذا قال عمر رضي الله عنه: "لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري صدقت أم كذبت
حفظت أم نسيت".
وجمع أبو بكر الصحابة وأمرهم أن يردوا كل حديث مخالف للكتاب
_________
1 أصول السرخسي 1/ 364 - 365.
2 الأم 7/ 307 - 308.
3 الأم 7/ 307 - 308.
وردت عائشة رضي الله عنها حديث تعذيب الميت ببكاء أهله عليه وتلت قوله تعالى: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 1.
__________
1 سبق أن تعرضنا لهذا في التمهيد لهذا البحث ص24، 32. انتهى
أقول : العجيب ان أبابكر يجمع الصحابة ويأمرهم ان يردوا كل حديث يخالف كتاب الله كما في النقل السابق وبهذه الطريقه ردت عليه الزهراء عليها السلام وأبطلت حديثه !
ونقل عن عائشه ردهاحديث تعذيب الميت ببكاء اهله بالقرآن الكريم وهي قد طالبت مع حفصه بميراثهما من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من عثمان لعلمهما بما جاء في كتاب الله فردتا الحديث :
نقل الأستاذ السني أحمد أمشكح عن ابن أبي الحديد الشافعي (*) في شرح نهج البلاغه التالي
: "جاءت عائشة وحفصة ودخلتا على عثمان أيام خلافته وطلبتا منه أن يقسم لهما إرثهما من رسول الله صلى الله عليه وآله. وكان عثمان متكئا فاستوى جالسا وقال لعائشة: أنت وهذه الجالسة جئتما بأعرابي يتطهر ببوله وشهدتما أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: نحن معشر الانبياء لا نورث فإذا كان الرسول حقيقة لا يورث فماذا تطلبان بعد هذا، وإذا كان الرسول يورث لماذا منعتم فاطمة حقها ؟ فخرجت من عنده غاضبة وقالت: أقتلوا نعثلا فقد كفر اهـ (1)
دمتم برعاية الله
كتبته : وهج الإيمان
___________
(1) *)الكتاب : وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان
المؤلف : أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان
المحقق : إحسان عباس
الناشر : دار صادر - بيروت
283- عز الدين ابن أبي الحديد: الفوات 1: 519، ذيل مرآة الزمان 1: 62، ابن الشعار 4: 213 وقال: عبد الحميد بن أبي الحديد كاتب فاضل أديب ذو فضل غزير وأدب وافر وذكاء باهر، خدم في عدة أعمال سواداً وحضرة، آخرها كتابة ديوان الزمام. تأدب على الشيخ أبي البقاء العكبري ثم على أبي الخير مصدق ابن شبيب الواسطي، واشتغل بفقه الإمام الشافعي وقرأ علم الأصول، وكان أبوه يتقلد قضاء المدائن، وله كتاب العبقري الحسان في علم الكلام والمنطق والطبيعي والأصول والتاريخ والشعر؛ وراجع صفحات متفرقة من الحوادث الجامعة.
(2) صحيفة الأيام عدد 448، 28 أكتوبر 2010م، ص : 22 . بعنوان"عائشة : الحياة المثيرة لأشهر زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم