:: مِن الحَرَمِ الحُسَينيّ المُقَدَّسِ - مع أميرِ المُؤمنين ، الإمام علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، في تطهيرِ النفوسِ والسُلُوكِ مِن الرياءِ ومُجَالسَةِ أهْل الهَوَى ::
( واعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ - ومُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلإِيمَانِ ومَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ ):نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص117- الخطبة86 :
:1:- هنا يُبيِّنُ أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، أنَّ أخطر الرذائل آثاراً وأضراراً - وهو الرياء ، والذي ينبغي معرفته مفهوماً وآثاراً حتى نعرضَ أنفسنا وأعمالنا على ضوء معايير الإخلاص والدّقة في العمل العبادي والخيري ونُخلّصها من شوائب الرياء ، من الشهرة وحُبّ المدح وكسب التقدير من الناس .
:2:- ينبغي أن يكون الدافع الأوّل والأساس من أعمالنا وعباداتنا هو ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى خالصاً وطلب مرضاته صدقاً ونيّةً وعزماً وقصدا – وهذا هو طريق ومهمة الأنبياء والرسل والصالحين المُخلصين والذين على ضوءِ إخلاصهم اجتباهم اللهُ للرسالةِ الحقّة وتبليغها للعالمين.
:3:- لقد اعتبرَ الإمامُ علي ، عليه السلام ، الرياءَ شِرْكاً – وقد عرّف علماءُ الأخلاق الرياءَ :- بأنّه طلب المنزلة في قلوب الناس بخصالِ الخير من العبادات :
وأدائها بقصد الحصول على الشُهرة أو المدح أو التعظيم ، ومع التزامنا بأداء العبادات الواجبة كالصلاة والصوم والحقوق ، ولكن ممكن للرياء أن يتسرّب إلينا بشكل خفي ويدخل إلى قلوبنا من حيث لا نشعر – ولا يسلم منه إلاّ القلّة ممن دققَ في أمره وعمله وشعرَ بمراقبة الله تعالى له دوماً.
:4:- إنَّ المقصود بالشرِك هنا نتيجة الرياء هو شرك العبادة لا شرك الاعتقاد – بمعنى الشرك في العمل بطلب غير وجه الله تعالى لوحده خالصا – وقد نبّه وحذرّ القرآن الكريم من ذلك في سورة الكهف ، قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110))) الكهف.
وقد بيّن هذا المعنى الدقيق والمهمّ جِدّاً الإمامُ جعفر الصادق ، عليه السلام ، في تفسير معنى هذه الآية الشريفة (عن أبي عبد الله- الإمام الصادق ، عليه السلام،
قال: إنّه ليس مِن رجلٍ يعمل شيئاً مِن البر لا يطلبُ به وجه الله- إنّما يطلب به تزكيةَ الناس يشتهي أن يسمعَ به الناسُ ، فذاك الذي أشرك بعبادة ربه)
:تفسير العيّاشي ، ج2 ،ص353 :
:5:- إنَّ هذه الآية الشريفة تؤكّد على أنَّ روح وجوهر وقيمة العمل عند الله تعالى بخلوص النيّة والقصد القلبي – وليس المهم كم العمل ، بل المهم تزكيته وخلوصه – ونعم إذا جمع الإنسان بين كم العمل وخلوصه فما أحسن ذلك صنعا.
:6:- ولنلاحظ قيمة خلوص أهل البيت المعصومين -أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحُسين ، عليهم السلام ، وما قدّموه من أرغفة خبزٍ قليلة ، ولكنها عظيمة في تزكيتها لله تعالى ، وقد نزلت بهم سورةُ الإنسان تكريماً لهم على ذلك.
:7:- إنَّ من مفاسد وأضرار الرياء هو ضياع الأجر والثواب يوم القيامة والفضيحة بين الخلائق بالمناداة على المُرائي ب -يا غادر و يا فاجر و يا مُرائي – اذهب وخُذ أجرَ عملك ممّن عملتَ له – وقد حذّر النبي الأكرم ، صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم من هذه العاقبة ، حيث روي عنه أنّه قال: (إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قيل : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء ، قال : يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءُون في الدنيا ، هل تجدون عندهم ثواب أعمالكم .)
: بحار الأنوار ، المجلسي ،ج 69 ، ص266 :
:8:- ومن علامات المُرائي ، وبحسب ما ورد عن المعصومين ، عليهم السلام ، وكما عن أمير المؤمنين علي : (للمرائي أربع علامات : يكسل إذا كان وحده ، -وينشط إذا كان في الناس ،- ويزيد في العمل إذا اثني عليه ،- وينقص منه إذا لم
يثن عليه ): ميزان الحكمة ، الريشهري ، ج2 ، ص1020 :
:9:- وهذه العلامات موجودة عند كثير من الناس ممن لا يراعون وجه اللهَ سبحانه في انجاز مهامهم – فينشطون مع المدح وأمام الناس – في الدائرة – في الوزارة – وفي غيرها – ويكسلون فيما بينهم وبين الله تعالى – فما يُحرّكهم هو شكر الناس أو تقديرهم أو المكاسب والمال.
:10:- وكثيرٌ من الناس مَن يسردُ أعمالَه أمام الناس ونشاطاته دون أن يراعي جانب الإخلاص ، ولا مانع من ذلك إذا كان بقصد دفع تهمة التقصير عن النفس في بعض الموارد ، وأمّا للرياء فلا .
:11:- إنَّ الإنسان المُخلصَ لن يتأثّر بكلّ ما يواجه من مشاكل وأزمات وأذى
ما دام يعرفُ وجهَ الله ويخلصُ له في عمله- سبحانه صادقاً – ويتذكّر أنّه بعين الله ورعايته – هكذا كان النبي الأكرم وآله الأطهار يريدون وجه الله ورضوانه .
:12:- ومن علامات الإخلاص لله تعالى هو الاستمرار في العمل وأداء المهام الخيرية والعبادية والدينية ، وعدم طلب غير وجه الله ، ممّا عند الناس.
( نسألُ اللهَ تبارك وتعالى أن يُطهرَ قلوبنا ونفوسنا وأعمالنا من الرياء )
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الثاني عشر من ذي الحجّة الحرام ,1439 هجري ، الرابع والعشرين من آب ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
( واعْلَمُوا أَنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ - ومُجَالَسَةَ أَهْلِ الْهَوَى مَنْسَاةٌ لِلإِيمَانِ ومَحْضَرَةٌ لِلشَّيْطَانِ ):نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص117- الخطبة86 :
:1:- هنا يُبيِّنُ أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، أنَّ أخطر الرذائل آثاراً وأضراراً - وهو الرياء ، والذي ينبغي معرفته مفهوماً وآثاراً حتى نعرضَ أنفسنا وأعمالنا على ضوء معايير الإخلاص والدّقة في العمل العبادي والخيري ونُخلّصها من شوائب الرياء ، من الشهرة وحُبّ المدح وكسب التقدير من الناس .
:2:- ينبغي أن يكون الدافع الأوّل والأساس من أعمالنا وعباداتنا هو ابتغاء وجه الله تبارك وتعالى خالصاً وطلب مرضاته صدقاً ونيّةً وعزماً وقصدا – وهذا هو طريق ومهمة الأنبياء والرسل والصالحين المُخلصين والذين على ضوءِ إخلاصهم اجتباهم اللهُ للرسالةِ الحقّة وتبليغها للعالمين.
:3:- لقد اعتبرَ الإمامُ علي ، عليه السلام ، الرياءَ شِرْكاً – وقد عرّف علماءُ الأخلاق الرياءَ :- بأنّه طلب المنزلة في قلوب الناس بخصالِ الخير من العبادات :
وأدائها بقصد الحصول على الشُهرة أو المدح أو التعظيم ، ومع التزامنا بأداء العبادات الواجبة كالصلاة والصوم والحقوق ، ولكن ممكن للرياء أن يتسرّب إلينا بشكل خفي ويدخل إلى قلوبنا من حيث لا نشعر – ولا يسلم منه إلاّ القلّة ممن دققَ في أمره وعمله وشعرَ بمراقبة الله تعالى له دوماً.
:4:- إنَّ المقصود بالشرِك هنا نتيجة الرياء هو شرك العبادة لا شرك الاعتقاد – بمعنى الشرك في العمل بطلب غير وجه الله تعالى لوحده خالصا – وقد نبّه وحذرّ القرآن الكريم من ذلك في سورة الكهف ، قال تعالى: ((قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا (110))) الكهف.
وقد بيّن هذا المعنى الدقيق والمهمّ جِدّاً الإمامُ جعفر الصادق ، عليه السلام ، في تفسير معنى هذه الآية الشريفة (عن أبي عبد الله- الإمام الصادق ، عليه السلام،
قال: إنّه ليس مِن رجلٍ يعمل شيئاً مِن البر لا يطلبُ به وجه الله- إنّما يطلب به تزكيةَ الناس يشتهي أن يسمعَ به الناسُ ، فذاك الذي أشرك بعبادة ربه)
:تفسير العيّاشي ، ج2 ،ص353 :
:5:- إنَّ هذه الآية الشريفة تؤكّد على أنَّ روح وجوهر وقيمة العمل عند الله تعالى بخلوص النيّة والقصد القلبي – وليس المهم كم العمل ، بل المهم تزكيته وخلوصه – ونعم إذا جمع الإنسان بين كم العمل وخلوصه فما أحسن ذلك صنعا.
:6:- ولنلاحظ قيمة خلوص أهل البيت المعصومين -أمير المؤمنين وفاطمة والحسن والحُسين ، عليهم السلام ، وما قدّموه من أرغفة خبزٍ قليلة ، ولكنها عظيمة في تزكيتها لله تعالى ، وقد نزلت بهم سورةُ الإنسان تكريماً لهم على ذلك.
:7:- إنَّ من مفاسد وأضرار الرياء هو ضياع الأجر والثواب يوم القيامة والفضيحة بين الخلائق بالمناداة على المُرائي ب -يا غادر و يا فاجر و يا مُرائي – اذهب وخُذ أجرَ عملك ممّن عملتَ له – وقد حذّر النبي الأكرم ، صلّى اللهُ عليه وآله وسلّم من هذه العاقبة ، حيث روي عنه أنّه قال: (إنَّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قيل : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء ، قال : يقول الله عز وجل يوم القيامة إذا جازى العباد بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تُراءُون في الدنيا ، هل تجدون عندهم ثواب أعمالكم .)
: بحار الأنوار ، المجلسي ،ج 69 ، ص266 :
:8:- ومن علامات المُرائي ، وبحسب ما ورد عن المعصومين ، عليهم السلام ، وكما عن أمير المؤمنين علي : (للمرائي أربع علامات : يكسل إذا كان وحده ، -وينشط إذا كان في الناس ،- ويزيد في العمل إذا اثني عليه ،- وينقص منه إذا لم
يثن عليه ): ميزان الحكمة ، الريشهري ، ج2 ، ص1020 :
:9:- وهذه العلامات موجودة عند كثير من الناس ممن لا يراعون وجه اللهَ سبحانه في انجاز مهامهم – فينشطون مع المدح وأمام الناس – في الدائرة – في الوزارة – وفي غيرها – ويكسلون فيما بينهم وبين الله تعالى – فما يُحرّكهم هو شكر الناس أو تقديرهم أو المكاسب والمال.
:10:- وكثيرٌ من الناس مَن يسردُ أعمالَه أمام الناس ونشاطاته دون أن يراعي جانب الإخلاص ، ولا مانع من ذلك إذا كان بقصد دفع تهمة التقصير عن النفس في بعض الموارد ، وأمّا للرياء فلا .
:11:- إنَّ الإنسان المُخلصَ لن يتأثّر بكلّ ما يواجه من مشاكل وأزمات وأذى
ما دام يعرفُ وجهَ الله ويخلصُ له في عمله- سبحانه صادقاً – ويتذكّر أنّه بعين الله ورعايته – هكذا كان النبي الأكرم وآله الأطهار يريدون وجه الله ورضوانه .
:12:- ومن علامات الإخلاص لله تعالى هو الاستمرار في العمل وأداء المهام الخيرية والعبادية والدينية ، وعدم طلب غير وجه الله ، ممّا عند الناس.
( نسألُ اللهَ تبارك وتعالى أن يُطهرَ قلوبنا ونفوسنا وأعمالنا من الرياء )
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الثاني عشر من ذي الحجّة الحرام ,1439 هجري ، الرابع والعشرين من آب ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
تعليق