إذا كان الله سبحانه الموجود مع كلّ شيء والداخل في كلّ شيء لا كدخول شيء في شيء ، وهو معكم أينما تكونوا ، إذا كان سبحانه واجب الوجود المستجمع لجميع صفات الكمال والجمال المتجلّي بأسماءه الحسنى وصفاته العليا فيما سواه ، وإذا كان الله سبحانه يصلّي على نبيّه ورسوله وحبيبه محمّد (صلى الله عليه وآله) ، فهذا يعني أنّ كلّ شيء يصلّي على النبيّ وآله كما كلّ شيء يسبّح بحمد ربّه ، ولكلٍّ صلاته ، ولكن لا تفقهون صلاتهم ولا تسبيحهم .
فكلّ يصلّي على النبيّ حتّى المولودين الصغار والأطفال والصبيان بل وحتّى الجنين في بطن اُمّه .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : لا تضربوا أطفالكم على بكائهم فإنّ بكاءهم أربعة أشهر ـ أي في الأشهر الاُولى من ولادتهم ـ شهادة أن لا إله إلاّ الله ، وأربعة أشهر الصلاة على النبيّ وآله ، وأربعة أشهر الدعاء لوالديه .
قيل في بيان ووجه هذا الخبر الشريف الذي ينهى عن ضرب الطفل إلى مدّة سنة : أنّ السرّ فيه أنّ الطفل أربعة أشهر لا يعرف سوى الله عزّ وجلّ الذي فطر على معرفته وتوحيده ، فبكاؤه توسّل إليه والتجاء به سبحانه خاصّة دون غيره فهو شهادة له بالتوحيد ، وأربعة اُخرى يعرف اُمّه من حيث إنّها وسيلة لاغتذائه فقط
لا من حيث إنّها اُمّه ، ولهذا يأخذ اللبن من غيرها أيضاً في هذه المدّة غالباً فلا يعرف فيها بعد الله إلاّ من كان وسيلةً بين الله وبينه في ارتزاقه الذي هو مكلّف به تكليفاً طبيعيّاً من حيث كونها وسيلة لا غير ، وهذا معنى الرسالة فبكاؤه في هذه المدّة شهادة بالرسالة ، أربعة اُخرى يعرف أبويه وكونه محتاجاً إليهما في الرزق ، فبكاؤه فيها دعاء لهما بالسلامة والبقاء في الحقيقة .
أقول : ومن أتمّ مظاهر الاُبوّة الإمامة كما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : أنا وعليّ أبوا هذه الاُمّة ، فلا يبعد أن يدعو لأبويه الحقيقيّين المعنويّين في الدين ، وهذا معنى كلّ مولود يولد على الفطرة ، فطرة التوحيد والنبوّة والإمامة ، وجامع الثلاثة الولاية العظمى ، فما أعظمها وأسمى منزلتها ؟ .
تعليق