بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
لئلا يظهر (صدام) جديد.. أرفضوا السقيفة!
هذه الأمة بحاجة لأن تسترجع مشهد صعود طاغية بغداد ثم سقوطه أخيرا لكي تستخلص الدروس والعبر، وأول ما يجب أن تدركه في هذا المقام هو أن تسلّط مثل صدام التكريتي عليها لم يأتِ إلا بسبب إرث سياسي دفع باتجاه الخنوع والخضوع والاستسلام للأمر الواقع، بما فيه من مرواغة ومخادعة أعطتا حقا للظالم في أن يظلم!
ووصول صدام إلى الحكم واستمراره فيه طوال ما يزيد على ثلاثة عقود لم يكن إلا نتاج هذا الإرث السياسي العكر، الذي صنع له البيئة المناسبة للطغيان، وهي البيئة التي تخلّت فيها الأمة عن الالتزام بقانون "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تُنصََرون". (هود: 113).
وكان أيضا من صفات هذه البيئة البالية؛ تزيين الباطل إلى درجة أن يغدو حقا! ونسج التبريرات لكل ممارسة ظالمة أو موقف إجرامي، استنادا إلى أن الضرورة والأولويات تقتضي ذلك! أو أن الظروف حتمته! بل وصل الأمر إلى درجة التشكيك في أصل هذه الممارسة؛ هل أنها ظالمة أم لا!!
ومجيء صدام التكريتي إلى الحكم، ثم ممارساته الظالمة التي تكاد لا تُحصى، جاءت وفق هذا السياق. فقيل إن تقارير تعذيبه لشعبه "ترهات صنعتها مرتزقة من عملاء الاستعمار"! وقيل إن إقدامه على حرب إيران "ضرورة لحماية البوابة الشرقية للأمة العربية"! وقيل إن غزوه للكويت "له ما يبرره إذ كان الغرب على مقربة من الاستحواذ على نفط الخليج"!! وهكذا توالت التبريرات الواهية التي حوّلت صدام إلى مظلوم بدل ظالم! ثم إلى بطل قومي وتاريخي لم يبقَ له إلا القليل حتى يدخل فاتحا القدس!
وعند تقصّي جذور هذه الحالة، نجد أنها تكوّنت بفعل ذلك الإرث السياسي الذي صنعه مؤتمر السقيفة الأسود، وهو أول مشروع تآمري في تاريخ هذه الأمة لمعاكسة إرادة الرب، وقهر رغبة الشعب. ذلك المشروع الذي أتاح للظالم الفرصة لأن يمارس ظلمه كما يشاء دون أن يلقى محاسبة أو اعتراضا، بل على العكس من ذلك، تجده يلقى ثناء وتمجيدا! فكل ممارسة ظالمة في تلك الحقبة وما تلاها كان لها ما يبررها حتى الآن، وظهرت الأقاويل ذاتها.. وأصبح القتل والإرهاب والإرعاب وهضم الحقوق وانتهاك الحرمات مبرَّرا بمقولة "اجتهد فأخطأ"! ومصطدَما بفرمان "عدالة الصحابة والخلفاء الراشدين"!!
ومادام العقل المسلم مقرا بهذه التبريرات الخرافية ومذعنا لتلك الفرمانات الجاهلية؛ فإن من المنطقي جدا أن لا تؤشر مؤشرات عقله ضد الظالم في عصره، أي ظالم كان، لأن الإرث السياسي هذا غيّبه عن رؤية الحقيقة كما هي، وبالتالي فإنه ظل صامتا يتشكك في قرارة نفسه عما يجب أن يفعله، فيما الظالم يسرح ويمرح ويتحكم بالبلاد والعباد دون حسيب ولا رقيب!
ولو أن الأمة اتخذت منذ اليوم الأول لمشروع السقيفة التآمري قرارها بالتصدي له، كما فعل الشيعة المؤمنون آنذاك، لما حصل ما حصل من الظلامات حتى اليوم. ولو أن المسلمين وقفوا وقفتهم ضد زعيمي الانقلاب أبي بكر وعمر، واصطفوا خلف قيادتهم الشرعية المتمثلة بآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم؛ لما تمكن صدام وأضرابه من أبناء البغايا من التسلط على شعب مثل الشعب العراقي.
فإن أبا بكر وعمر هما اللذان أسسا أساس كل ظلم وجور وقع على هذه الأمة منذ أن تطاولا على مقام النبوة والإمامة، وهما اللذان جاءا بمعاوية ويزيد ومروان والسفاح والمنصور والمتوكل.. وصدام! وهما اللذان مهّدا الطريق للتجبّر والتسلط والطغيان لكل مهووس بالظلم والإرهاب، ولذا فإنهما - بنص الروايات - مشاركان لكل هؤلاء الظَّلَمَة في ظلمهم، وهما اليوم من يتحمّلان - قبل صدام وأمثاله - وزر مظالم البشر، ومسؤولية الدماء التي أريقت بغير ذنب.. لا سيما دماء العراقيين.
وهذا المعنى يؤكده إمامنا الباقر (صلوات الله وسلامه عليه) إذ يقول: "ما اهريق دم، ولا حُكِم بحكم غير موافق لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله، وحكم علي عليه السلام؛ إلا وهو في أعناقهما". (رجال الكشي ص180). وكذلك يؤكد إمامنا الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) بقوله: "ما اهريق في الإسلام محجمة من دم، ولا اكتُسِب مالٌ من غير حلّه، ولا نُكِح فرجٌ حرام؛ إلا وذلك في أعناقهما إلى يوم يقوم قائمنا عليه السلام". (رجال الكشي ص180 وبحار الأنوار ج30 ص266).
وحتى لا يظهر في الأمة طاغوت جديد و"صدام" آخر، فإن عليها أولا أن تعي أسباب ما وقعت فيه، والتي مكّنت الطواغيت من التسلط والتجبر. ثم عليها أن تتخلص من هذا الإرث السياسي السيئ الذي جاءها من مؤامرة السقيفة، فترفض كل ظالم، حتى ولو نُسِجت من أجله الأساطير التي جعلته رمزا مقدسا، فمن دون أن ترفض الأمة السقيفة ومجرميها والظالمين الذين تخرجوا منها؛ فإنه ليس بمقدورها أن ترفض أي ظالم اليوم، لأن الازدواجية في المعايير لا يمكنها أن تصل بالمرء إلى شاطئ الأمان.
بعد ذلك؛ على الأمة أن تعيد تشكيل وعيها السياسي بناء على منظومة وتراث أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، فتنقاد إلى أحكام الدين، وقيادة الفقهاء العدول الأتقياء من نواب الإمام عليه السلام، حتى لا تترك الفرصة لأحد من المجرمين لأن يطغى ويتجبّر ويتكبّر. ومن دون ذلك فإن الظلم سيبقى لا محالة! ومن دونه يمكن أن نرى "صدام" آخر.. نعوذ بالله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صلِ على محمد وآل محمد وعجل فرجهم الشريف
لئلا يظهر (صدام) جديد.. أرفضوا السقيفة!
هذه الأمة بحاجة لأن تسترجع مشهد صعود طاغية بغداد ثم سقوطه أخيرا لكي تستخلص الدروس والعبر، وأول ما يجب أن تدركه في هذا المقام هو أن تسلّط مثل صدام التكريتي عليها لم يأتِ إلا بسبب إرث سياسي دفع باتجاه الخنوع والخضوع والاستسلام للأمر الواقع، بما فيه من مرواغة ومخادعة أعطتا حقا للظالم في أن يظلم!
ووصول صدام إلى الحكم واستمراره فيه طوال ما يزيد على ثلاثة عقود لم يكن إلا نتاج هذا الإرث السياسي العكر، الذي صنع له البيئة المناسبة للطغيان، وهي البيئة التي تخلّت فيها الأمة عن الالتزام بقانون "ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء ثم لا تُنصََرون". (هود: 113).
وكان أيضا من صفات هذه البيئة البالية؛ تزيين الباطل إلى درجة أن يغدو حقا! ونسج التبريرات لكل ممارسة ظالمة أو موقف إجرامي، استنادا إلى أن الضرورة والأولويات تقتضي ذلك! أو أن الظروف حتمته! بل وصل الأمر إلى درجة التشكيك في أصل هذه الممارسة؛ هل أنها ظالمة أم لا!!
ومجيء صدام التكريتي إلى الحكم، ثم ممارساته الظالمة التي تكاد لا تُحصى، جاءت وفق هذا السياق. فقيل إن تقارير تعذيبه لشعبه "ترهات صنعتها مرتزقة من عملاء الاستعمار"! وقيل إن إقدامه على حرب إيران "ضرورة لحماية البوابة الشرقية للأمة العربية"! وقيل إن غزوه للكويت "له ما يبرره إذ كان الغرب على مقربة من الاستحواذ على نفط الخليج"!! وهكذا توالت التبريرات الواهية التي حوّلت صدام إلى مظلوم بدل ظالم! ثم إلى بطل قومي وتاريخي لم يبقَ له إلا القليل حتى يدخل فاتحا القدس!
وعند تقصّي جذور هذه الحالة، نجد أنها تكوّنت بفعل ذلك الإرث السياسي الذي صنعه مؤتمر السقيفة الأسود، وهو أول مشروع تآمري في تاريخ هذه الأمة لمعاكسة إرادة الرب، وقهر رغبة الشعب. ذلك المشروع الذي أتاح للظالم الفرصة لأن يمارس ظلمه كما يشاء دون أن يلقى محاسبة أو اعتراضا، بل على العكس من ذلك، تجده يلقى ثناء وتمجيدا! فكل ممارسة ظالمة في تلك الحقبة وما تلاها كان لها ما يبررها حتى الآن، وظهرت الأقاويل ذاتها.. وأصبح القتل والإرهاب والإرعاب وهضم الحقوق وانتهاك الحرمات مبرَّرا بمقولة "اجتهد فأخطأ"! ومصطدَما بفرمان "عدالة الصحابة والخلفاء الراشدين"!!
ومادام العقل المسلم مقرا بهذه التبريرات الخرافية ومذعنا لتلك الفرمانات الجاهلية؛ فإن من المنطقي جدا أن لا تؤشر مؤشرات عقله ضد الظالم في عصره، أي ظالم كان، لأن الإرث السياسي هذا غيّبه عن رؤية الحقيقة كما هي، وبالتالي فإنه ظل صامتا يتشكك في قرارة نفسه عما يجب أن يفعله، فيما الظالم يسرح ويمرح ويتحكم بالبلاد والعباد دون حسيب ولا رقيب!
ولو أن الأمة اتخذت منذ اليوم الأول لمشروع السقيفة التآمري قرارها بالتصدي له، كما فعل الشيعة المؤمنون آنذاك، لما حصل ما حصل من الظلامات حتى اليوم. ولو أن المسلمين وقفوا وقفتهم ضد زعيمي الانقلاب أبي بكر وعمر، واصطفوا خلف قيادتهم الشرعية المتمثلة بآل محمد صلوات الله وسلامه عليهم؛ لما تمكن صدام وأضرابه من أبناء البغايا من التسلط على شعب مثل الشعب العراقي.
فإن أبا بكر وعمر هما اللذان أسسا أساس كل ظلم وجور وقع على هذه الأمة منذ أن تطاولا على مقام النبوة والإمامة، وهما اللذان جاءا بمعاوية ويزيد ومروان والسفاح والمنصور والمتوكل.. وصدام! وهما اللذان مهّدا الطريق للتجبّر والتسلط والطغيان لكل مهووس بالظلم والإرهاب، ولذا فإنهما - بنص الروايات - مشاركان لكل هؤلاء الظَّلَمَة في ظلمهم، وهما اليوم من يتحمّلان - قبل صدام وأمثاله - وزر مظالم البشر، ومسؤولية الدماء التي أريقت بغير ذنب.. لا سيما دماء العراقيين.
وهذا المعنى يؤكده إمامنا الباقر (صلوات الله وسلامه عليه) إذ يقول: "ما اهريق دم، ولا حُكِم بحكم غير موافق لحكم الله وحكم رسوله صلى الله عليه وآله، وحكم علي عليه السلام؛ إلا وهو في أعناقهما". (رجال الكشي ص180). وكذلك يؤكد إمامنا الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) بقوله: "ما اهريق في الإسلام محجمة من دم، ولا اكتُسِب مالٌ من غير حلّه، ولا نُكِح فرجٌ حرام؛ إلا وذلك في أعناقهما إلى يوم يقوم قائمنا عليه السلام". (رجال الكشي ص180 وبحار الأنوار ج30 ص266).
وحتى لا يظهر في الأمة طاغوت جديد و"صدام" آخر، فإن عليها أولا أن تعي أسباب ما وقعت فيه، والتي مكّنت الطواغيت من التسلط والتجبر. ثم عليها أن تتخلص من هذا الإرث السياسي السيئ الذي جاءها من مؤامرة السقيفة، فترفض كل ظالم، حتى ولو نُسِجت من أجله الأساطير التي جعلته رمزا مقدسا، فمن دون أن ترفض الأمة السقيفة ومجرميها والظالمين الذين تخرجوا منها؛ فإنه ليس بمقدورها أن ترفض أي ظالم اليوم، لأن الازدواجية في المعايير لا يمكنها أن تصل بالمرء إلى شاطئ الأمان.
بعد ذلك؛ على الأمة أن تعيد تشكيل وعيها السياسي بناء على منظومة وتراث أهل بيت النبوة عليهم الصلاة والسلام، فتنقاد إلى أحكام الدين، وقيادة الفقهاء العدول الأتقياء من نواب الإمام عليه السلام، حتى لا تترك الفرصة لأحد من المجرمين لأن يطغى ويتجبّر ويتكبّر. ومن دون ذلك فإن الظلم سيبقى لا محالة! ومن دونه يمكن أن نرى "صدام" آخر.. نعوذ بالله!