بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
لاشك في أن الله سبحانه وتعالى قد بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ، ومن المعلوم أن في يوم القيامة يوجد حساب وعقاب للجاني القاتل ولا يوجد قتل فيها ، وبهذا يتبين أن الوعد الذي بشر الله سبحانه وتعالى به من قتل القاتل عاجلا أم أجلا يكون في الدنيا .
ويرد هنا سؤال : هل أن القاتل الذي لم يقتل في الدنيا ومات موتا طبيعيا ينافي البشارة التي بشرها الله سبحانه وتعالى بأن القاتل يقتل ولو بعد حين ؟؟؟
جواب : إن تحقيق الوعد الإلهي يكون بقتل القاتل ولو بعد حين ، وبعض الروايات أشارت بأن ذلك يتحقق بالرجعة أيضا التي هي مظهر لعدالة الله تعالى شأنه . وهذه الروايات تدل على الرجعة .
*** حدثني محمد بن جعفر الرزاز ، عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب وأحمد بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه ، عن مروان بن مسلم ، عن بريد بن معاوية العجلي ، قال : قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : يا بن رسول الله أخبرني عن إسماعيل الذي ذكره الله في كتابه حيث يقول : ( واذكر في الكتاب إسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا) ، أكان إسماعيل بن إبراهيم ( عليه السلام) ، فان الناس يزعمون أنه إسماعيل بن إبراهيم ، فقال (عليه السلام) : ان إسماعيل مات قبل إبراهيم ، وان إبراهيم كان حجة لله كلها قائما صاحب شريعة ، فالي من ارسل إسماعيل اذن ، فقلت : جعلت فداك فمن كان . قال (عليه السلام) : ذاك إسماعيل بن حزقيل النبي (عليه السلام) ، بعثه الله إلى قومه فكذبوه فقتلوه وسلخوا وجهه ، فغضب الله له عليهم فوجه إليه إسطاطائيل ملك العذاب ، فقال له : يا إسماعيل أنا اسطاطائيل ملك العذاب وجهني إليك رب العزة لاعذب قومك بأنواع العذاب ان شئت ، فقال له إسماعيل (عليه السلام) : (( لا حاجة لي في ذلك ، لي أسوة بما يصنع بالحسين - عليه السلام - )) . فأوحى الله إليه فما حاجتك يا إسماعيل ، فقال : يا رب إنك أخذت الميثاق لنفسك بالربوبية ولمحمد بالنبوة ولأوصيائه بالولاية وأخبرت خير خلقك بما تفعل أمته بالحسين بن علي (عليهما السلام) من بعد نبيها ، وانك وعدت الحسين (عليه السلام) أن تكر إلى الدنيا حتى ينتقم بنفسه ممن فعل ذلك به ، فحاجتي إليك يا رب ان تكرني إلى الدنيا حتى انتقم ممن فعل ذلك بي كما تكر الحسين (عليه السلام) ، فوعد الله إسماعيل بن حزقيل ذلك ، فهو يكر مع الحسين (عليه السلام) . [1] .
قال المازندرانيّ : الكَرّة : الرجعة والحملة ، « خروج الحسين (عليه السلام) في سبعين من أصحابه الّذين قُتلوا معه » . [2] .
وقال الفيض الكاشاني : الكَرّة : الرجعة ، وهي إشارة إلى ما ثبت عنهم (عليهم السلام) من رجوعهم إلى الدنيا مع جماعةٍ من شيعتهم في زمن القائم (عليه السلام) لينصروه . [3] .
ملاحظة : الرجعة من العقائد الإيمانية التي ذكرها القرآن الكريم كما في قصة عزير مع حماره الذي أماته الله مائة سنة ثم أرجعه الله جلت قدرته الى الحياة الدنيا مرة أخرى ، ومن ينكر هذه العقيدة فقد أنكر عقيدة من عقائد القرآن الثابتة . ولا مانع من حصول مع أولياء الله الصالحين والأئمة المعصومين (عليهم السلام) .
==================
المصادر :
[1] كامل الزيارات لابن قولويه ص 138 = علل الشرائع للصدوق ج 1 / ص 74 = وابن شهر أشوب في المناقب ج 4 / ص 93 = والمشهدي في كنز الدقائق ج 8 / ص 237 = والمجلسي في البحار ج 44 ص 227 = والحويزي في نور الثقلين ج 3 / ص 342 = والعاملي في وسائل الشيعة ج 3 ص 265 = والفيض الكاشاني في الصافي ج 3 / ص 285 .
[2] (شرح أُصول الكافي : 12 / 273) .
[3] (الوافي : 21 / 343 ذيل الحديث 21337) .