السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اللهم صل على محمد وال محمد
⛰☣⛰☣⛰☣⛰☣⛰
إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ".
كلمات الإمام الحسين، عليه السلام، هي النور الذي قال عنه رسول الله، صلى الله عليه وآله: «إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة». فمن خلال فهمها ووعيها، يهتدي بنو البشر، ومن خلال اتباعها والعمل وفق منهجها ينجو الناس من ظلمات الجهل والفتن، لذلك جاءت ضرورة البحث والتنقيب في كلماته، عليه السلام، من أجل استجلاء المعاني الظاهرة والمخفية منها.
وفي هذه الكلمة التي نتناولها والتي تبدأ بقوله: «إن الناس عبيد الدنيا...»، ان بعض الأسئلة الاستفهامية حول اللّهجة التي اعتمدها الإمام في توصيفه، حيث أنها تبدو في الاتجاه السلبي والتعميمي لحالة الإنسان، مما يشعر بعدم جدوائيه وعدم تأثير، حيث تنتفي الغاية من هداية الناس عبر توصيفهم السلبي بهذه المواصفات، فكيف نفهم هذه الكلمة المباركة للإمام الحسين، عليه السلام؟
* الظرف الاجتماعي والسياسي
دراسة السياقات للكلام، أمر مهم لاستجلاء المعنى، ومن السياقات المهمة هي سياقات الأحداث التي قيلت فيها الكلمة، لذلك كان لابد أن نشير إلى الظرف الاجتماعي والسياسي الذي قيلت فيه هذه الكلمة.
اختلفت المصادر التاريخية في الظرف الخاص الذي تكلّم فيه الإمام بهذه المقولة، واختلافها توزع على ثلاثة سياقات، كلها تؤكد على أنها مقولة ضمن كلام الإمام في مسيره إلى كربلاء، وهي كالتالي:
1/ قالها الإمام كرد فعل على كلام الفرزدق عندما سأله الإمام عن أحوال أهل العراق حينئذٍ.
جاءت في «نزهة الناظر وتنبيه الخاطر»، وفي «مختصر تاريخ دمشق»، وفي «كشف الغمة»، فقد أورد التالي:
«قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِلْفَرَزْدَقِ- لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ- فِي جَوَابِ قَوْلِهِ- أَمَّا الْقُلُوبُ فَمَعَكَ، وَأَمَّا السُّيُوفُ فَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَيْكَ، وَالنَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا أَرَاكَ إِلَّا صَدَقْتَ، إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الْمَالِ، وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِم...» إلى آخر الحديث.
وقد نقل في «بغية الطالب في تاريخ حلب»، أن ذلك اللقاء تمّ في منزل ذات عرق، وبعض المقاتل لم تذكر المقولة ضمن المحاورة المذكورة.
2/ قالها عند نزوله كربلاء، يوم الثاني من محرم في مطلع خطبته الأولى التي أخبرهم فيها بقرار حط الرحال، ودون أن يسبقها كلام آخر، جاء ذلك في كتاب «تسلية المجالس» عن الفتوح لابن أعثم، و «الأمالي» للصدوق و «البحار» وغيره، حيث ذكر التالي:
ثمّ نادى، عليه السلام، بأصحابه، ورحل من موضعه حتى نزل كربلاء في يوم الأربعاء أو الخميس، وذلك في اليوم الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين، ثمّ أقبل على أصحابه، فقال: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون.
ثمّ قال: أهذه كربلاء؟!
فقالوا: نعم.
فقال: هذا موضع كربٍ وبلا، هاهنا مناخ ركابنا، ومحطّ رحالنا، ومقتل رجالنا، ومسفك دمائنا.
3/ قالها الإمام، ضمن خطبة له عند نزوله كربلاء، عند جبل ذي حسم، وقد كانت الكلمة المعنية ضمن كلام قد سبقها، ونقل هذا الكلام، الحراني، في»تحف العقول» عن «الطبريّ» في تاريخه، عن عقبة بن أبي العيزار قال: «قام الحسين، عليه السلام، بذي حسم فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أما بعد انه قد نزل من الامر ما قد ترون...» و أيضا نقل شطراً منه السيّد ابن طاوس في «اللهوف»، وعليّ بن عيسى الاربلى في «كشف الغمّة» أيضا، هي كالتالي:
«إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ مُحِقّاً فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَلَا الْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا...» إلى آخر الكلمة.
اللهم صل على محمد وال محمد
⛰☣⛰☣⛰☣⛰☣⛰
إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا، وَالدِّينُ لَعْقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ يَحُوطُونَهُ مَا دَرَّتْ مَعَايِشُهُمْ فَإِذَا مُحِّصُوا بِالْبَلَاءِ قَلَّ الدَّيَّانُونَ".
كلمات الإمام الحسين، عليه السلام، هي النور الذي قال عنه رسول الله، صلى الله عليه وآله: «إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة». فمن خلال فهمها ووعيها، يهتدي بنو البشر، ومن خلال اتباعها والعمل وفق منهجها ينجو الناس من ظلمات الجهل والفتن، لذلك جاءت ضرورة البحث والتنقيب في كلماته، عليه السلام، من أجل استجلاء المعاني الظاهرة والمخفية منها.
وفي هذه الكلمة التي نتناولها والتي تبدأ بقوله: «إن الناس عبيد الدنيا...»، ان بعض الأسئلة الاستفهامية حول اللّهجة التي اعتمدها الإمام في توصيفه، حيث أنها تبدو في الاتجاه السلبي والتعميمي لحالة الإنسان، مما يشعر بعدم جدوائيه وعدم تأثير، حيث تنتفي الغاية من هداية الناس عبر توصيفهم السلبي بهذه المواصفات، فكيف نفهم هذه الكلمة المباركة للإمام الحسين، عليه السلام؟
* الظرف الاجتماعي والسياسي
دراسة السياقات للكلام، أمر مهم لاستجلاء المعنى، ومن السياقات المهمة هي سياقات الأحداث التي قيلت فيها الكلمة، لذلك كان لابد أن نشير إلى الظرف الاجتماعي والسياسي الذي قيلت فيه هذه الكلمة.
اختلفت المصادر التاريخية في الظرف الخاص الذي تكلّم فيه الإمام بهذه المقولة، واختلافها توزع على ثلاثة سياقات، كلها تؤكد على أنها مقولة ضمن كلام الإمام في مسيره إلى كربلاء، وهي كالتالي:
1/ قالها الإمام كرد فعل على كلام الفرزدق عندما سأله الإمام عن أحوال أهل العراق حينئذٍ.
جاءت في «نزهة الناظر وتنبيه الخاطر»، وفي «مختصر تاريخ دمشق»، وفي «كشف الغمة»، فقد أورد التالي:
«قَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ، لِلْفَرَزْدَقِ- لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ- فِي جَوَابِ قَوْلِهِ- أَمَّا الْقُلُوبُ فَمَعَكَ، وَأَمَّا السُّيُوفُ فَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ عَلَيْكَ، وَالنَّصْرُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَقَالَ، عَلَيْهِ السَّلَامُ: مَا أَرَاكَ إِلَّا صَدَقْتَ، إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الْمَالِ، وَالدِّينُ لَعِقٌ عَلَى أَلْسِنَتِهِم...» إلى آخر الحديث.
وقد نقل في «بغية الطالب في تاريخ حلب»، أن ذلك اللقاء تمّ في منزل ذات عرق، وبعض المقاتل لم تذكر المقولة ضمن المحاورة المذكورة.
2/ قالها عند نزوله كربلاء، يوم الثاني من محرم في مطلع خطبته الأولى التي أخبرهم فيها بقرار حط الرحال، ودون أن يسبقها كلام آخر، جاء ذلك في كتاب «تسلية المجالس» عن الفتوح لابن أعثم، و «الأمالي» للصدوق و «البحار» وغيره، حيث ذكر التالي:
ثمّ نادى، عليه السلام، بأصحابه، ورحل من موضعه حتى نزل كربلاء في يوم الأربعاء أو الخميس، وذلك في اليوم الثاني من المحرّم سنة إحدى وستّين، ثمّ أقبل على أصحابه، فقال: «الناس عبيد الدنيا، والدين لعق على ألسنتهم يحوطونه ما درّت معايشهم، فإذا محّصوا بالبلاء قلّ الديّانون.
ثمّ قال: أهذه كربلاء؟!
فقالوا: نعم.
فقال: هذا موضع كربٍ وبلا، هاهنا مناخ ركابنا، ومحطّ رحالنا، ومقتل رجالنا، ومسفك دمائنا.
3/ قالها الإمام، ضمن خطبة له عند نزوله كربلاء، عند جبل ذي حسم، وقد كانت الكلمة المعنية ضمن كلام قد سبقها، ونقل هذا الكلام، الحراني، في»تحف العقول» عن «الطبريّ» في تاريخه، عن عقبة بن أبي العيزار قال: «قام الحسين، عليه السلام، بذي حسم فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: أما بعد انه قد نزل من الامر ما قد ترون...» و أيضا نقل شطراً منه السيّد ابن طاوس في «اللهوف»، وعليّ بن عيسى الاربلى في «كشف الغمّة» أيضا، هي كالتالي:
«إِنَّ هَذِهِ الدُّنْيَا قَدْ تَغَيَّرَتْ وَتَنَكَّرَتْ وَأَدْبَرَ مَعْرُوفُهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ وَخَسِيسُ عَيْشٍ كَالْمَرْعَى الْوَبِيلِ أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ الْحَقَّ لَا يُعْمَلُ بِهِ وَأَنَّ الْبَاطِلَ لَا يُتَنَاهَى عَنْهُ لِيَرْغَبَ الْمُؤْمِنُ فِي لِقَاءِ اللَّهِ مُحِقّاً فَإِنِّي لَا أَرَى الْمَوْتَ إِلَّا سَعَادَةً وَلَا الْحَيَاةَ مَعَ الظَّالِمِينَ إِلَّا بَرَماً إِنَّ النَّاسَ عَبِيدُ الدُّنْيَا...» إلى آخر الكلمة.
تعليق