" أهمُّ المُعطياتِ والحِكَمِ المُتَوخّاةِ مِن البُكاءِ على الإمَام الحُسَين ،عليه السلام "
:1:- إنَّ للبكاءِ على الإمام الحُسيَن ، عليه السلام ، تأثيراً عاطفيّاً وروحيَّاً كبيراً يسهمُ في تطهير الضمير والوجدان الحيَّ للفرد والأمّة ، ويُوجدُ الإرادةَ الصُلبَة في مواجهة الظالمين والمُنحرفين والطغاة ، وله الآثار العقائديّة والتربويّة التي تُحافظُ على مبادئ الإسلامِ ونهضة الإمام الحُسيَن إلى يوم القيامة.
:2:- هناك روايات كثيرةٌ ومُعتبرَةٌ تحثُّ حثّاً شديداً على البكاءِ على الإمام الحُسَين وتعدُ عليه بالأجر العظيم والمنزلة العُليا – وهنا نتساءل ما هو السرُّ في التأكيد والحث الشديد من الأئمة المعصومين ، عليهم السلام ، على مسألة البكاء ، وهل الأمر يتعلّق بالعاطفة المحضة أم أنَّ هناك أمراً أبلغَ وأعمق من ذلك – أمراً يتعلّق بالعقيدة والعمل وتقوية الإرادة وتطهير النفس باقتفاء منهج الإمام الحُسَين الإصلاحي صِدقاً وسلوكا .
:3:- (عن أبي جعفر الإمام محمد الباقر ، عليه السلام ، قال : كان عليُّ بن الحُسين ، عليه السلام ،يقول : أيِّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحُسين بن علي دمعةً حتى تسيلَ على خدّه بوّأه اللهُ بها في الجنة غُرفاً يسكنها أحقابا ، وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خدّه فينا لأذى مَسّنا مِن عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق ،...... ): كامل الزيارات ، ابن قولويه ، ص201 :
(وعن مسمع بن عبد الملك كردين البصري قال : قال لي أبو عبد الله الإمام جعفر الصادق، عليه السلام ، : رحمَ اللهُ دمعتك ، أما أنّك مِن الذين يُعدَّون مِن أهل الجزع لنا ، والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ، ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا آمنا ، أما أنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك ، وما يلقونك به من البشارة أفضل ، وملك الموت أرق عليك وأشدّ رحمة لكَ من الأم الشفيقة على ولدها) : كامل الزيارات ، ابن قولويه ، ص204 :
:4:- إذا راجعنا القُرآنَ الكريمَ فسنجدُ أصل البكاء فيه مشروعاً وهادفاً ويحكي عن أبعادٍ عاطفية طبيعية وفطرية وعقائدية ولائيّة تُظهرُ الأسفَ على تغييب حُجّة اللهِ في أرضه أو هتك حُرمته ، كما وقع مع النبي يعقوب ، عليه السلام ، حيث لم يبكي بكاء الأب على فقده ولده بدافع الأبوّة ، بل بكى بدافع التأسّف والتحسّر على تغييب ولده يوسف حٌجة اللهِ وخليفته وما أُنيط إليه من مهام تدبيرية في الساحة الإنسانيّة .
:5:- إنَّ البكاءَ يهدفُ إلى تحريك إرادة التفاعل الحيّ والصادق مع ما يجري من مَصائبَ على أولياء اللهِ وحُججه ،بحيث يستتبع هذا التفاعل موقفٌ عملي يُجسّد الأهداف التي سعها إليها الإمام الحُسَين وضحى من أجلها ، من الإصلاح ورفض الفساد والانحراف في الأمة.
:6:- لا نستكثر على أنفسنا البكاء – فالمعصومون جميعاً بكوا على الإمام الحُسين ، فضلاً عن بكائهم على فقد النبي الأكرم مثلما صنعت الصدّيقة فاطمة ، عليها السلام ، وكذلك الإمام علي السجّاد في بكائه على أبيه الشهيد بقية حياته ، فلم يبكوا بكاءً عاطفياً ، بل بكوا على مصيبة فقدهم بالدّين والمبادئ الحقّة ، وأرادوا من وراء ذلك بعث الشعور بالمظلومية التي حلّت بهم- وإبقاءً منهم لها حتى تكون وهاجة للفرد والأمة إلى يوم القيامة.
:7:- إنَّ مسألة البكاء ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالطبيعية الإنسانيّة كنوع من التكريم للإنسان الذي يُبكى عليه – إشعاراً بعظمته وأهميته وقيمته والتحسّر لفقده ،ممّا يولّد ذلك انشداد به وبمنهجه وأهدافه وتطبيقها في كلّ مجالات الحياة .
:8:- إنَّ البكاء هو نوع من الاستنكار للجريمة التي وقعت ضدّ الإمام المعصوم وأهل بيته، وهي تعبير عن الرفض النفسي والسلوكي للظالمين والفاسدين والمنحرفين ، وهو وسيلة سلميّة هادئة ، ولا يتمكّن الطغاة من كبتها ومنعها مهما عملوا.
:9:- إنَّ البكاءَ على الإمام الحُسين ، له القدرة الكبيرة في تثبيت الولاء العقائدي الحقّ وتزكية النفوس وإيجاد الرحمة والرقّة في قلب المؤمن ، بحيث يتمكنّ معه من استشعار معاناة المظلومين والمحرومين والمساكين والفقراء واليتامى ،
وما يجري عليهم ، فيساعدهم ويقف إلى جانبهم.
:10:- وعلينا أن نتأمّل في سرّ البكاء مليّا ؟ وهل حققّ فينا ما بينّه الأئمة المعصومون ، وهل أوجد فينا الإرادة الحيّة والتفاعل الصادق مع نهضة الإمام الحُسَين ، عليه السلام ، وأما من لا يبكي و لا يتفاعل فقد وقع تحت تأثير الذنوب والمعاصي وقسوة القلب وأكل المال الحرام .
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الثامن عشر من مُحرّمٍ الحرام 1440 هجري ، الثامن والعشرين من أيلول ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
:1:- إنَّ للبكاءِ على الإمام الحُسيَن ، عليه السلام ، تأثيراً عاطفيّاً وروحيَّاً كبيراً يسهمُ في تطهير الضمير والوجدان الحيَّ للفرد والأمّة ، ويُوجدُ الإرادةَ الصُلبَة في مواجهة الظالمين والمُنحرفين والطغاة ، وله الآثار العقائديّة والتربويّة التي تُحافظُ على مبادئ الإسلامِ ونهضة الإمام الحُسيَن إلى يوم القيامة.
:2:- هناك روايات كثيرةٌ ومُعتبرَةٌ تحثُّ حثّاً شديداً على البكاءِ على الإمام الحُسَين وتعدُ عليه بالأجر العظيم والمنزلة العُليا – وهنا نتساءل ما هو السرُّ في التأكيد والحث الشديد من الأئمة المعصومين ، عليهم السلام ، على مسألة البكاء ، وهل الأمر يتعلّق بالعاطفة المحضة أم أنَّ هناك أمراً أبلغَ وأعمق من ذلك – أمراً يتعلّق بالعقيدة والعمل وتقوية الإرادة وتطهير النفس باقتفاء منهج الإمام الحُسَين الإصلاحي صِدقاً وسلوكا .
:3:- (عن أبي جعفر الإمام محمد الباقر ، عليه السلام ، قال : كان عليُّ بن الحُسين ، عليه السلام ،يقول : أيِّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحُسين بن علي دمعةً حتى تسيلَ على خدّه بوّأه اللهُ بها في الجنة غُرفاً يسكنها أحقابا ، وأيّما مؤمن دمعت عيناه حتى تسيل على خدّه فينا لأذى مَسّنا مِن عدونا في الدنيا بوأه الله بها في الجنة مبوأ صدق ،...... ): كامل الزيارات ، ابن قولويه ، ص201 :
(وعن مسمع بن عبد الملك كردين البصري قال : قال لي أبو عبد الله الإمام جعفر الصادق، عليه السلام ، : رحمَ اللهُ دمعتك ، أما أنّك مِن الذين يُعدَّون مِن أهل الجزع لنا ، والذين يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا ، ويخافون لخوفنا ويأمنون إذا آمنا ، أما أنّك سترى عند موتك حضور آبائي لك ووصيتهم ملك الموت بك ، وما يلقونك به من البشارة أفضل ، وملك الموت أرق عليك وأشدّ رحمة لكَ من الأم الشفيقة على ولدها) : كامل الزيارات ، ابن قولويه ، ص204 :
:4:- إذا راجعنا القُرآنَ الكريمَ فسنجدُ أصل البكاء فيه مشروعاً وهادفاً ويحكي عن أبعادٍ عاطفية طبيعية وفطرية وعقائدية ولائيّة تُظهرُ الأسفَ على تغييب حُجّة اللهِ في أرضه أو هتك حُرمته ، كما وقع مع النبي يعقوب ، عليه السلام ، حيث لم يبكي بكاء الأب على فقده ولده بدافع الأبوّة ، بل بكى بدافع التأسّف والتحسّر على تغييب ولده يوسف حٌجة اللهِ وخليفته وما أُنيط إليه من مهام تدبيرية في الساحة الإنسانيّة .
:5:- إنَّ البكاءَ يهدفُ إلى تحريك إرادة التفاعل الحيّ والصادق مع ما يجري من مَصائبَ على أولياء اللهِ وحُججه ،بحيث يستتبع هذا التفاعل موقفٌ عملي يُجسّد الأهداف التي سعها إليها الإمام الحُسَين وضحى من أجلها ، من الإصلاح ورفض الفساد والانحراف في الأمة.
:6:- لا نستكثر على أنفسنا البكاء – فالمعصومون جميعاً بكوا على الإمام الحُسين ، فضلاً عن بكائهم على فقد النبي الأكرم مثلما صنعت الصدّيقة فاطمة ، عليها السلام ، وكذلك الإمام علي السجّاد في بكائه على أبيه الشهيد بقية حياته ، فلم يبكوا بكاءً عاطفياً ، بل بكوا على مصيبة فقدهم بالدّين والمبادئ الحقّة ، وأرادوا من وراء ذلك بعث الشعور بالمظلومية التي حلّت بهم- وإبقاءً منهم لها حتى تكون وهاجة للفرد والأمة إلى يوم القيامة.
:7:- إنَّ مسألة البكاء ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالطبيعية الإنسانيّة كنوع من التكريم للإنسان الذي يُبكى عليه – إشعاراً بعظمته وأهميته وقيمته والتحسّر لفقده ،ممّا يولّد ذلك انشداد به وبمنهجه وأهدافه وتطبيقها في كلّ مجالات الحياة .
:8:- إنَّ البكاء هو نوع من الاستنكار للجريمة التي وقعت ضدّ الإمام المعصوم وأهل بيته، وهي تعبير عن الرفض النفسي والسلوكي للظالمين والفاسدين والمنحرفين ، وهو وسيلة سلميّة هادئة ، ولا يتمكّن الطغاة من كبتها ومنعها مهما عملوا.
:9:- إنَّ البكاءَ على الإمام الحُسين ، له القدرة الكبيرة في تثبيت الولاء العقائدي الحقّ وتزكية النفوس وإيجاد الرحمة والرقّة في قلب المؤمن ، بحيث يتمكنّ معه من استشعار معاناة المظلومين والمحرومين والمساكين والفقراء واليتامى ،
وما يجري عليهم ، فيساعدهم ويقف إلى جانبهم.
:10:- وعلينا أن نتأمّل في سرّ البكاء مليّا ؟ وهل حققّ فينا ما بينّه الأئمة المعصومون ، وهل أوجد فينا الإرادة الحيّة والتفاعل الصادق مع نهضة الإمام الحُسَين ، عليه السلام ، وأما من لا يبكي و لا يتفاعل فقد وقع تحت تأثير الذنوب والمعاصي وقسوة القلب وأكل المال الحرام .
_____________________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الثامن عشر من مُحرّمٍ الحرام 1440 هجري ، الثامن والعشرين من أيلول ,2018م.
______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
تعليق