أهل البيت (ع) يسلمون لأمر الله ، ويقبلون التضحية بأنفسهم في سبيل الله في عالم الذر .
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .
لاشك في وجود عوالم متعددة يمر عليها البشر بحسب انتقالاته ، كعالم الأرواح (ويسمى أيضاً بعالم الأشباح أو الظلال) ، وعالم الذر ، وعالم الأصلاب ، وعالم الأرحام ، وعالم الدنيا ، وعالم البرزخ ، وعالم القيامة ، ثم في الأخير عالم البقاء والخلود في الجنة أو النار .
وسنبحث في هذه المقالة عن عالم الذر ونقول :
1 - ما هو معنى عالم الذر :
عالم الذر هو عالم أخذ العهد والميثاق والاقرار بالعبودية لله عز وجل ، وللأنبياء ، وللأوصياء (عليهم السلام) . فمن أقر بذلك كان مؤمنا ، ومن لم يقر بذلك وجحده كان كافرا .
2 - ما هو الدليل على وجود عالم الذر :
هنالك أيات عديدة وكثيرة في القرآن الكريم تدل على وجود عالم الذر ومن جملة هذه الآيات قولُه تعالى : ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ )) . [ سورة آل عمران / الأية 81 ] .
فيستفاد من ظاهر هذه الآية أن أخذ الميثاق على نبوّة خاتم الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وآله جرى في جوّ خاصّ وفي عالم خاص وهو عالم الذر .
ومنها قولُه تعالى : ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا )) . [ سورة الأحزاب / الأية 7 ] . ، وهذه الأية تدل بظاهرها أيضا على أخذ الميثاق من الأنبياء (عليهم السّلام) .
ومنها قوله تعالى : (( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ )) . [ سورة الأعراف / الأية 172 ] .
وإضافة إلى هذه الآيات المباركات من القرآن الكريم ، هناك روايات قيل بأنها بلغت حدّ التواتر تدلّ على وجود عالم الذرّ وعالم الإشهاد وأخْذِ المِيثاق والإقرار .
منها ما في تفسير العياشي و خصائص السيد الرضي عن الأصبغ بن نباتة عن الإمام علي (عليه السلام) قال : أتاه ابن الكواء فقال : أخبرني يا أمير المؤمنين عن الله تبارك و تعالى هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى ؟ فقال الإمام علي (عليه السلام) قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم و ردوا عليه الجواب فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه فقال له : كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال له : أو ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه : (( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم - و أشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى )) . فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله يا ابن الكواء ( قالوا بلى ) فقال لهم إني أنا الله لا إله إلا أنا وأنا الرحمن الرحيم فأقروا له بالطاعة والربوبية وميز الرسل والأنبياء والأوصياء وأمر الخلق بطاعتهم فأقروا بذلك في الميثاق فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك شهدنا عليكم يا بني آدم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين .
ومنها ما ورد في مصادر العامة في كتاب الدر المنثور : عن ابن عباس في قوله تعالى : (( وإذا أخذ ربّك من بني آدم . . . )) قال : خلق الله آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه وكبت أجله ورزقه ومصيبته ثمّ أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر فأخذ مواثيقهم أنه ربهم وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم .
3 - ما هو موقف وتكليف أهل البيت (عليهم السلام) في عالم الذر :
لقد كان موقف أهل البيت (عليهم السلام) في عالم الذر هو الإقرار بتوحيد الله ، ونبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكتبه ورسله واليوم الأخر ، والرضا بقضاء الله وقدره والتسليم المطلق لمشيئته حتى ولو كلف ذلك التضحية بأرواحهم (عليهم السلام) في سبيل الله سبحانه وتعالى .
ففي رواية بصائر الدرجات للصفار / ص 144 / ح 3 :
حدثنا أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس قال ، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وأناس من أصحابه حوله انى أعجب من قوم يتولوننا ويجعلوننا أئمة ويصفون بان طاعتنا عليهم مفترضة كطاعة الله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم فينقضون حقنا ويعيبون ذلك علينا من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا أترون ان الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ثم يخفى عنهم اخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم . فقال له حمران : جعلت فداك يا أبا جعفر رأيت ما كان من امر قيام علي بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله وما أصيبوا به من قبل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا فقال أبو جعفر عليه السلام : يا حمران ان الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ثم اجراه فتقدم على رسول الله إليهم في ذلك قام علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم ويعلم صمت من صمت منا ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من امر الله واظهار الطواغيت عليهم سألوا الله دفع ذلك عنهم والحوا فيه في إزالة ملك الطواغيت إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد وما كان الذي أصابهم من ذلك يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد ان يبلغها فلا تذهبن فيهم المذاهب بك .
وتصدت الزهراء (عليها السلام) لإمتحان البلاء والتسليم للقدر والقضاء أيضا في عالم الذرّ ، ووافقت على الصبر على الأذى والتضحية بنفسها وزوجها وأولادها في سبيل الله تبارك وتعالى وبقاء الدين الإسلامي الحنيف ، ومما يدل على ذلك المقطع التالي الذي ورد في زيارة السيدة فاطمة الزهراء روحي لها الفداء وهو : (( يا ممتحنة ، امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة )) . التهذيب / ج 6 / ص 9 / ب16 / ح12 .
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .
لاشك في وجود عوالم متعددة يمر عليها البشر بحسب انتقالاته ، كعالم الأرواح (ويسمى أيضاً بعالم الأشباح أو الظلال) ، وعالم الذر ، وعالم الأصلاب ، وعالم الأرحام ، وعالم الدنيا ، وعالم البرزخ ، وعالم القيامة ، ثم في الأخير عالم البقاء والخلود في الجنة أو النار .
وسنبحث في هذه المقالة عن عالم الذر ونقول :
1 - ما هو معنى عالم الذر :
عالم الذر هو عالم أخذ العهد والميثاق والاقرار بالعبودية لله عز وجل ، وللأنبياء ، وللأوصياء (عليهم السلام) . فمن أقر بذلك كان مؤمنا ، ومن لم يقر بذلك وجحده كان كافرا .
2 - ما هو الدليل على وجود عالم الذر :
هنالك أيات عديدة وكثيرة في القرآن الكريم تدل على وجود عالم الذر ومن جملة هذه الآيات قولُه تعالى : ((وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ )) . [ سورة آل عمران / الأية 81 ] .
فيستفاد من ظاهر هذه الآية أن أخذ الميثاق على نبوّة خاتم الأنبياء محمّد صلّى الله عليه وآله جرى في جوّ خاصّ وفي عالم خاص وهو عالم الذر .
ومنها قولُه تعالى : ((وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا )) . [ سورة الأحزاب / الأية 7 ] . ، وهذه الأية تدل بظاهرها أيضا على أخذ الميثاق من الأنبياء (عليهم السّلام) .
ومنها قوله تعالى : (( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَىٰ شَهِدْنَا أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ )) . [ سورة الأعراف / الأية 172 ] .
وإضافة إلى هذه الآيات المباركات من القرآن الكريم ، هناك روايات قيل بأنها بلغت حدّ التواتر تدلّ على وجود عالم الذرّ وعالم الإشهاد وأخْذِ المِيثاق والإقرار .
منها ما في تفسير العياشي و خصائص السيد الرضي عن الأصبغ بن نباتة عن الإمام علي (عليه السلام) قال : أتاه ابن الكواء فقال : أخبرني يا أمير المؤمنين عن الله تبارك و تعالى هل كلم أحدا من ولد آدم قبل موسى ؟ فقال الإمام علي (عليه السلام) قد كلم الله جميع خلقه برهم و فاجرهم و ردوا عليه الجواب فثقل ذلك على ابن الكواء و لم يعرفه فقال له : كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين ؟ فقال له : أو ما تقرأ كتاب الله إذ يقول لنبيه : (( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم - و أشهدهم على أنفسهم الست بربكم قالوا بلى )) . فقد أسمعهم كلامه وردوا عليه الجواب كما تسمع في قول الله يا ابن الكواء ( قالوا بلى ) فقال لهم إني أنا الله لا إله إلا أنا وأنا الرحمن الرحيم فأقروا له بالطاعة والربوبية وميز الرسل والأنبياء والأوصياء وأمر الخلق بطاعتهم فأقروا بذلك في الميثاق فقالت الملائكة عند إقرارهم بذلك شهدنا عليكم يا بني آدم أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين .
ومنها ما ورد في مصادر العامة في كتاب الدر المنثور : عن ابن عباس في قوله تعالى : (( وإذا أخذ ربّك من بني آدم . . . )) قال : خلق الله آدم وأخذ ميثاقه أنه ربه وكبت أجله ورزقه ومصيبته ثمّ أخرج ولده من ظهره كهيئة الذر فأخذ مواثيقهم أنه ربهم وكتب آجالهم وأرزاقهم ومصائبهم .
3 - ما هو موقف وتكليف أهل البيت (عليهم السلام) في عالم الذر :
لقد كان موقف أهل البيت (عليهم السلام) في عالم الذر هو الإقرار بتوحيد الله ، ونبوة النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وبكتبه ورسله واليوم الأخر ، والرضا بقضاء الله وقدره والتسليم المطلق لمشيئته حتى ولو كلف ذلك التضحية بأرواحهم (عليهم السلام) في سبيل الله سبحانه وتعالى .
ففي رواية بصائر الدرجات للصفار / ص 144 / ح 3 :
حدثنا أحمد بن محمد ومحمد بن الحسين عن الحسن بن محبوب عن علي بن رئاب عن ضريس قال ، قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وأناس من أصحابه حوله انى أعجب من قوم يتولوننا ويجعلوننا أئمة ويصفون بان طاعتنا عليهم مفترضة كطاعة الله ثم يكسرون حجتهم ويخصمون أنفسهم بضعف قلوبهم فينقضون حقنا ويعيبون ذلك علينا من أعطاه الله برهان حق معرفتنا والتسليم لامرنا أترون ان الله تبارك وتعالى افترض طاعة أوليائه على عباده ثم يخفى عنهم اخبار السماوات والأرض ويقطع عنهم مواد العلم فيما يرد عليهم مما فيه قوام دينهم . فقال له حمران : جعلت فداك يا أبا جعفر رأيت ما كان من امر قيام علي بن أبي طالب عليه السلام والحسن والحسين عليهم السلام وخروجهم وقيامهم بدين الله وما أصيبوا به من قبل الطواغيت إياهم والظفر بهم حتى قتلوا وغلبوا فقال أبو جعفر عليه السلام : يا حمران ان الله تبارك وتعالى قد كان قدر ذلك عليهم وقضاه وأمضاه وحتمه ثم اجراه فتقدم على رسول الله إليهم في ذلك قام علي والحسن والحسين صلوات الله عليهم ويعلم صمت من صمت منا ولو أنهم يا حمران حيث نزل بهم ما نزل من امر الله واظهار الطواغيت عليهم سألوا الله دفع ذلك عنهم والحوا فيه في إزالة ملك الطواغيت إذا لأجابهم ودفع ذلك عنهم ثم كان انقضاء مدة الطواغيت وذهاب ملكهم أسرع من سلك منظوم انقطع فتبدد وما كان الذي أصابهم من ذلك يا حمران لذنب اقترفوه ولا لعقوبة معصية خالفوا الله فيها ولكن لمنازل وكرامة من الله أراد ان يبلغها فلا تذهبن فيهم المذاهب بك .
وتصدت الزهراء (عليها السلام) لإمتحان البلاء والتسليم للقدر والقضاء أيضا في عالم الذرّ ، ووافقت على الصبر على الأذى والتضحية بنفسها وزوجها وأولادها في سبيل الله تبارك وتعالى وبقاء الدين الإسلامي الحنيف ، ومما يدل على ذلك المقطع التالي الذي ورد في زيارة السيدة فاطمة الزهراء روحي لها الفداء وهو : (( يا ممتحنة ، امتحنك الله الذي خلقك قبل ان يخلقك فوجدك لما امتحنك صابرة )) . التهذيب / ج 6 / ص 9 / ب16 / ح12 .
اللهم صل على محمد وآل محمد
تعليق