تويت
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم أجمعين إلى قيام يوم الدين .
من المعلوم أن لكل بني معجزة يأتي بها لكي يبين للناس صدق دعوته وليدعوهم للإيمان برسالته ، ولابد لهذه المعجزة أن تكون خارقة للعادة بحيث يعجز البشر عن الإتيان بمثلها ، وأن تكون مقرونة بالتحدي ، وأن تجري على وفق دعواه ، وأن تكون سالمة عن المعارضة من الغير .
ومن المعلوم أيضا حدوث الكثير من المعجزات على يدي نبينا ورسولنا الكريم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - كسائر الأنبياء الذين سبقوه - التي يكثر إحصائها في هذه المقالة البسيطة .
إلا أن رغم كثرة معاجز الرسول الأكرم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهناك من يأتي وينكر هذه المعاجز لا لسبب واضح إلا لكونه غير مسلم ، ويكفر بنبوة الرسول الأكرم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمثال القسيس الألماني "فندر" الذي قال في كتابه ميزان الحق : إنّ محمداً لم يأت بآية معجزة قط (1) ، وتبع كلام هذا القس سائر القساوسة في وقته وما زال البعض يتكلمون بكلامه إلى يومنا هذا .
فكان لزاما علينا أن نبين للقسيس الألماني فندر وأمثاله من القساوسة والكفرة والمشركين بالله العظيم وبنبوة الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعض المعاجز العلمية الكونية التي أمن بها بعض علماء الغرب الكافرين ودخلوا بسببها إلى الإسلام وأخص بالذكر المعاجز العلمية للقرآن الكريم الذي هو من أهم المعاجز التي جاء بها الصادق الأمين النبي الخاتم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
المعجزة الأولى : بل أهم معجزات النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القرآن الكريم :
إن من أهم معاجز نبينا ورسولنا الكريم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هي القرآن الكريم ، والدليل على كون القرآن الحكيم هو من معجزات الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو عجز البشر عن المجيء بسورة أو آية واحدة مثله .
ولإعجاز القرآن الكريم جوانب متعددة منها الجانب اللغوي ، والجانب البلاغي ، والجانب العلمي الكوني ، والجانب الغيبي ، والجانب التشريعي الشامل ، والجانب السياقي بعدم وجود التناقض والإختلاف فيه .
والأن نبين شيئا من الجانب الإعجاز العلمي الكوني للقرآن الكريم التي كشف وأخبر عنها قبل أكثر من 1400 سنة ، ولم يكتشفها العلم الحديث إلا في هذا القرن قبل بضعة عشرات من السنين ، مع إنبهار وتعجب وإعتراف علماء الغرب بالحقائق العلمية الدقيقة التي أخبر بها القرآن الكريم ومنها :
1 - قال تعالى : (( ثٌمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاْءِ وَهِيَ دُخَاْنٌ )) . سورة فصلت / الأية 11 .
أُلقِيَت هذه الآيات في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عقد في القاهرة ولما سمع البروفيسور الياباني (يوشيدي كوزاي) تلك الآية نهض مندهشاً وقال لم يصل العلم والعلماء إلى هذه الحقيقة المذهلة إلا منذ عهد قريب بعد أن التَقَطِت كاميرات الأقمار الاصطناعية القوية صوراً وأفلاماً حية تظهر نجماً وهو يتكون من كتلة كبيرة من الدخان الكثيف القاتم .
ثم أردف قائلاً إن معلوماتنا السابقة قبل هذه الأفلام والصور الحية كانت مبنية على نظريات خاطئة مفادها أن السماء كانت ضباباً .
وقال بهذا نكون قد أضفنا إلى معجزات القرآن معجزة جديدة مذهلة أكدت أن الذي أخبر عنها هو الله الذي خلق الكون قبل مليارات السنين .
2 - قال تعالى : (( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِيْنَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَوَاْتِ وَالأَرْضَ كَاْنَتَاْ رَتْقَاً فَفَتَقْنَاْهُمَاْ )) . سورة الأنبياء / الأية 3 .
لقد بلغ ذهول العلماء في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض 1979م ذروته عندما سمعوا الآية الكريمة وقالوا : حقاً لقد كان الكون في بدايته عبارة عن سحابة سديمية دخانية غازية هائلة متلاصقة ثم تحولت بالتدريج إلى ملايين الملايين من النجوم التي تملأ السماء .
عندها صرح البروفيسور الأمريكي (بالمر) قائلاً إن ما قيل لا يمكن بحال من الأحوال أن ينسب إلى شخص مات قبل 1400 سنة لأنه لم يكن لديه تليسكوبات ولا سفن فضائية تساعد على اكتشاف هذه الحقائق فلا بد أن الذي أخبر محمداً هو (الله) وقد أعلن البروفيسور(بالمر) إسلامه في نهاية المؤتمر.
3 - قال تعالى : (( وَالشَّمْسُ تَجْرِيْ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاْ ذَلِكَ تَقْدِيْرٌ الْعَزِيْزِ الْعَلِيْمِ )) . سورة يس / الأية 38 .
و قد أثبت العلم الحديث أن الشمس تسير بسرعة 43200 ميل في الساعة وبما أن المسافة بيننا وبين الشمس 92 مليون ميل فإننا نراها ثابتة لا تتحرك وقد دهش بروفيسور أمريكي لدى سماعه تلك الآية القرآنية وقال إني لأجد صعوبة بالغة في تصور ذلك العلم القرآني الذي توصل إلى مثل هذه الحقائق العلمية التي لم نتمكن منها إلا منذ عهد قريب .
4 - قال تعالى : (( وَالْجِبَاْلَ أَوْتَاْدَاً )) . سورة النبأ / الأية 7 ،،، وقال تعالى : (( وَأَلْقى فِيْ الأَرْضِ رَوَاْسِيَ أَنْ تَمِيْدَ بِكُمْ )) . سورة لقمان / الأية 10 .
بما أن قشرة الأرض وما عليها من جبال وهضاب وصحاري تقوم فوق الأعماق السائلة والرخوة المتحركة المعروفة باسم (طبقة السيما) فإن القشرة الأرضية وما عليها ستميد وتتحرك باستمرار وسينجم عن حركتها تشققات وزلازل هائلة تدمر كل شيء . ولكن شيئاً من هذا لم يحدث . فما السبب ؟؟؟
لقد تبين منذ عهد قريب أن ثلثي أي جبل مغروس في أعماق الأرض وفي (طبقة السيما) وثلثه فقط بارز فوق سطح الأرض لذا فقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد التي تمسك الخيمة بالأرض كما في الآية السابقة ، وقد أُلقِيَت هذه الآيات في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض عام 1979 م وقد ذهل البروفيسور الأمريكي (بالمر) والعالم الجيولوجي الياباني (سياردو) ، وقالا : ( ليس من المعقول بشكل من الأشكال أن يكون هذا كلام بشر وخاصة أنه قيل قبل 1400 سنة لأننا لم نتوصل إلى هذه الحقائق العلمية إلا بعد دراسات مستفيضة مستعينين بتكنولوجيا القرن العشرين التي لم تكن موجودة في عصر ساد فيه الجهل والتخلف كافة أنحاء الأرض ) كما حضر النقاش العالم (فرانك بريس) مستشار الرئيس الأمريكي (كارتر) والمتخصص في علوم الجيولوجيا والبحار وقال مندهشاً : ( لا يمكن لمحمد أن يلم بهذه المعلومات ولا بد أن الذي لقنه إياها هو خالق هذا الكون ، العليم بأسراره وقوانينه وتصميماته) .
5 - قال تعالى : (( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَاْنِ * بَيْنَهُمَاْ بَرْزَخٌ لاْ يَبْغِيَاْنِ )) . سورة الرحمن / الأيتان 19 - 20 .
لقد تبين من خلال الدراسات العلمية الحديثة أن لكل بحر صفاته الخاصة به والتي تميزه عن غيره من البحار كشدة الملوحة والوزن النوعي للماء حتى لونه الذي يتغير من مكان إلى آخر بسبب التفاوت في درجة الحرارة والعمق وعوامل أخرى ، والأغرب من هذا اكتشاف الخط الأبيض الدقيق الذي يرتسم نتيجة التقاء مياه بحرين ببعضهما وهذا تماماً ما ذكر في الآيتين السابقتين ، وعندما نوقش هذا النص القرآني مع عالم البحار الأمريكي البروفيسور (هيل) وكذلك العالم الجيولوجي الألماني (شرايدر) أجابا قائلين : أن هذا العلم إلهي مئة بالمئة وبه إعجاز بيّن وأنه من المستحيل على إنسان أمي بسيط كمحمد أن يلم بهذا العلم في عصور ساد فيها التخلف والجهل .
6 - قال تعالى : (( أَوْ كَظُلُمَاْتٍ فِيْ بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاْهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَاْبٌ ظُلُمَاْتٌ بَعْضُهَاْ فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاْ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكُدْ يَرَاْهَاْ وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوْرَاً فَمَاْلَهُ مِنْ نُّوْرٍ )) . سورة النور / الأية 40 .
لم يكن بإمكان الإنسان القديم أن يغوص أكثر من 15 متر لأنه كان عاجزاً عن البقاء بدون تنفس أكثر من دقيقتين ولأن عروق جسمه ستنفجر من ضغط الماء وبعد أن توفرت الغواصات في القرن العشرين تبين للعلماء أن قيعان البحار شديدة الظلمة كما اكتشفوا أن لكل بحر لجي طبقتين من المياه، الأولى عميقة وهي شديدة الظلمة ويغطيها موج شديد متحرك وطبقة أخرى سطحية وهي مظلمة أيضاً وتغطيها الأمواج التي نراها على سطح البحر.
ودهش العالم الأمريكي (هيل) من عظمة هذا القرآن وزادت دهشته عندما نوقش معه الإعجاز الموجود في الشطر الثاني من الآية (( سَحَاْبٌ ظُلُمَاْتٌ بَعْضُهَاْ فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاْ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكُدْ يَرَاْهَاْ )) وقال إن مثل هذا السحاب لم تشهده الجزيرة العربية المشرقة أبداً وهذه الحالة الجوية لا تحدث إلا في شمال أمريكا وروسيا والدول الاسكندنافية القريبة من القطب والتي لم تكن مكتشفة أيام محمد ( صلى الله عليه - وآله - وسلم ) ولا بد أن يكون هذا القرآن كلام الله) .
المعجزة الثانية : إخبار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الغيب ، كالأنبياء (عليهم السلام) :
إنّ القرآن المجيد يَعُدُّ إِخبار المسيح (عليه السلام) عن المغيبات ، من معاجزه ، قال تعالى حاكياً عنه : (﴿ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )﴾ . سورة آل عمران / الأية 49 .
وكذلك إخبار يوسف جعله وعده من المغيبات ، قال تعالى حاكيا عنه : (( قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ )) . سورة يوسف / الأية 37 .
فإذا كان الإخبار عن الغيب ، آية معجزة للمسيح وليوسف (عليهما السلام) ، فقد أخبر النبي عن المغيَّبات بكتابه الّذي جاء به - القرآن الكريم - ، وهذا الإخبار من الشواهد على إعجازه .
المعجزة الثالثة : إسراء ومعراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
إنّ إسراء النبي ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أحد المعاجز العظيمة الّتي أنعم الله سبحانه بها على نبيه ، وأخبر عنها القرآن حيث قال : (﴿ سُبْحَانَ الذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير﴾) . سورة الإسراء / الأية 1 .
وقد تحقق عبور تلك المسافة الطويلة في وقت قصير ، وفي ظرف لم يكن يتوفّر فيه شيء ممّا يتوفر الآن من وسائل النقل السريعة ، وهذا هو الوجه في إعجازها .
إنّ القرآن الكريم يثبت هذا الإعجاز ، في سورة أُخرى أيضاً ، ويدعمها بقوة لا تُبقي في النفس شكاً بها ، ويخبر أنّ رحلة النبي تجاوزت المسجد الأقصى (الوارد في الآية السابقة) إلى سدرة المنتهى (2) .
المعجزة الرابعة : معجزة انشقاق القمر :
قال سبحانه وتعالى : (﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْر مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَر )﴾ . سورة القمر / الأيات من 1 - 4 .
أطبق أكثر المفسّرين على أنّ المشركين اجتمعوا إلى رسول الله ، فقالوا : إنْ كُنْتَ صادِقاً فَشُقَّ لَنا القَمَرَ فَلْقَتَيْن فقال لهم رسول الله إِن فَعَلْتُ تُؤْمنونَ ؟ قالوا نَعَمْ . وكان ليلة بدر، فسأَل رسول الله رَبّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشق القمر فَلْقَتَينْ ، ورسول الله ينادي : يا فلان ، يا فلان ، إشهدوا (3) .
ومعنى قوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) ، أنّ القيامة قد قربت ، وقرب موعد وقوعها ، والكفار يتصورونها بعيدة ، قال سبحانه : (﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾) . سورة المعارج / الأيتان 6 - 7 .
وقوله : (( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ، يدلّ على وقوع انشقاق القمر ، لأنّه فعل ماض . وحمله على المستقبل ، لانشقاق القمر يوم القيامة ، تأويل بلا جهة .
وأمّا وجه الربط بين الجملتين (اقتراب الساعة وانشقاق القمر) ، فهو أنّ انشقاقه من علامة نبوّة نبينا ، ونبوّته وزمانه من أشراط الساعة ، وقد أخبر القرآن عن تحقق هذين الشرطين (ظهور نبي الإسلام ، وانشقاق القمر) وقال : (﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا )﴾ . سورة محمد / الأية 18 .
وفي الآية قرينتان على أنّ المراد ، انشقاق القمر بوصف الإعجاز، لا انشقاقه يوم القيامة.
المعجزة الخامسة : إنحناء النخيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكي يأكل من ثمرها :
قالت فاطمة بنت أسد (عليها السلام) : كان في بستان دارنا نَخلات ، وكان أوّل إدراك الرُّطَب ، وكان أربعون صبيّاً من أتراب محمّد صلّى الله عليه وآله يدخلون علينا كلّ يوم في البستان ويلتقطون ما يسقط ، فما رأيت قطّ محمّداً أخذ رُطبةً من يدِ صبيّ سَبَقَ إليها ، والآخرون يختلس بعضُهم من بعض . وكنتُ كلّ يوم ألتقط لمحمّد صلّى الله عليه وآله حَفنةً فما فوقَها ، وكذلك جاريتي . فاتّفق يوماً أن نَسيتُ أن ألتقط له شيئاً ونَسِيَتْ جاريتي ، وكان محمّد صلّى الله عليه وآله نائماً ، فدخل الصِّبيان وأخذوا كلّ ما سقط من الرطب وانصرفوا ، فنمتُ ووضعتُ الكُمّ على وجهي حياءً من محمّد إذا انتبه .
قالت : فانتبه محمّد ودخل البستان، فلم يَرَ رطبةً على الأرض فانصرف ، فقالت له الجارية : إنّا نَسِينا أن نلتقط شيئاً ، والصِّبيان دخلوا وأكلوا جميع ما سقط .
قالت : فانصرف محمّد صلّى الله عليه وآله إلى البُستان ، وأشار إلى نخلة وقال : أيّتها الشجرة أنا جائع . قالت : فرأيتُ الشجرة قد وَضَعتْ أغصانَها التي عليها الرُّطب حتّى أكل منها محمّد صلّى الله عليه وآله ما أراد ، ثمّ ارتفعتْ إلى موضعها (4).
ولا تنتهي معاجز النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عند هذا الحد ولا تنحصر معاجزه بهذه المعاجز التي ذكرناها بل أن معاجزه - كما قلنا سابقا - لا يمكن إحصائها في هذه المقالة القليلة لكثرت معاجزه (صلى الله عليه وآله وسلم) و لقصد الإختصار في هذه المقالة البسيطة قدر الإمكان .
================
1- ميزان الحق / ص 277. وقد كتبه حول حياة الرسول .
2- لاحظ سورة النجم / الأيات من 5 - 18.
3- الدرّ المنثور/ ج 6 / ص 133 ، وقد جمع كلمات الصحابة حول شقّ القمر .
4ـ الخرائج والجرائح / للراوندي ج 1 / 138 ـ 139 / حديث رقم 225 ،،، بحار الأنوار / ج 35 / ص 83 ـ 84 / حديث رقم 26 .
من المعلوم أن لكل بني معجزة يأتي بها لكي يبين للناس صدق دعوته وليدعوهم للإيمان برسالته ، ولابد لهذه المعجزة أن تكون خارقة للعادة بحيث يعجز البشر عن الإتيان بمثلها ، وأن تكون مقرونة بالتحدي ، وأن تجري على وفق دعواه ، وأن تكون سالمة عن المعارضة من الغير .
ومن المعلوم أيضا حدوث الكثير من المعجزات على يدي نبينا ورسولنا الكريم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) - كسائر الأنبياء الذين سبقوه - التي يكثر إحصائها في هذه المقالة البسيطة .
إلا أن رغم كثرة معاجز الرسول الأكرم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فهناك من يأتي وينكر هذه المعاجز لا لسبب واضح إلا لكونه غير مسلم ، ويكفر بنبوة الرسول الأكرم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أمثال القسيس الألماني "فندر" الذي قال في كتابه ميزان الحق : إنّ محمداً لم يأت بآية معجزة قط (1) ، وتبع كلام هذا القس سائر القساوسة في وقته وما زال البعض يتكلمون بكلامه إلى يومنا هذا .
فكان لزاما علينا أن نبين للقسيس الألماني فندر وأمثاله من القساوسة والكفرة والمشركين بالله العظيم وبنبوة الرسول الكريم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بعض المعاجز العلمية الكونية التي أمن بها بعض علماء الغرب الكافرين ودخلوا بسببها إلى الإسلام وأخص بالذكر المعاجز العلمية للقرآن الكريم الذي هو من أهم المعاجز التي جاء بها الصادق الأمين النبي الخاتم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
المعجزة الأولى : بل أهم معجزات النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) هو القرآن الكريم :
إن من أهم معاجز نبينا ورسولنا الكريم محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هي القرآن الكريم ، والدليل على كون القرآن الحكيم هو من معجزات الرسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) هو عجز البشر عن المجيء بسورة أو آية واحدة مثله .
ولإعجاز القرآن الكريم جوانب متعددة منها الجانب اللغوي ، والجانب البلاغي ، والجانب العلمي الكوني ، والجانب الغيبي ، والجانب التشريعي الشامل ، والجانب السياقي بعدم وجود التناقض والإختلاف فيه .
والأن نبين شيئا من الجانب الإعجاز العلمي الكوني للقرآن الكريم التي كشف وأخبر عنها قبل أكثر من 1400 سنة ، ولم يكتشفها العلم الحديث إلا في هذا القرن قبل بضعة عشرات من السنين ، مع إنبهار وتعجب وإعتراف علماء الغرب بالحقائق العلمية الدقيقة التي أخبر بها القرآن الكريم ومنها :
1 - قال تعالى : (( ثٌمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاْءِ وَهِيَ دُخَاْنٌ )) . سورة فصلت / الأية 11 .
أُلقِيَت هذه الآيات في المؤتمر العلمي للإعجاز القرآني الذي عقد في القاهرة ولما سمع البروفيسور الياباني (يوشيدي كوزاي) تلك الآية نهض مندهشاً وقال لم يصل العلم والعلماء إلى هذه الحقيقة المذهلة إلا منذ عهد قريب بعد أن التَقَطِت كاميرات الأقمار الاصطناعية القوية صوراً وأفلاماً حية تظهر نجماً وهو يتكون من كتلة كبيرة من الدخان الكثيف القاتم .
ثم أردف قائلاً إن معلوماتنا السابقة قبل هذه الأفلام والصور الحية كانت مبنية على نظريات خاطئة مفادها أن السماء كانت ضباباً .
وقال بهذا نكون قد أضفنا إلى معجزات القرآن معجزة جديدة مذهلة أكدت أن الذي أخبر عنها هو الله الذي خلق الكون قبل مليارات السنين .
2 - قال تعالى : (( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِيْنَ كَفَرُواْ أَنَّ السَّمَوَاْتِ وَالأَرْضَ كَاْنَتَاْ رَتْقَاً فَفَتَقْنَاْهُمَاْ )) . سورة الأنبياء / الأية 3 .
لقد بلغ ذهول العلماء في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض 1979م ذروته عندما سمعوا الآية الكريمة وقالوا : حقاً لقد كان الكون في بدايته عبارة عن سحابة سديمية دخانية غازية هائلة متلاصقة ثم تحولت بالتدريج إلى ملايين الملايين من النجوم التي تملأ السماء .
عندها صرح البروفيسور الأمريكي (بالمر) قائلاً إن ما قيل لا يمكن بحال من الأحوال أن ينسب إلى شخص مات قبل 1400 سنة لأنه لم يكن لديه تليسكوبات ولا سفن فضائية تساعد على اكتشاف هذه الحقائق فلا بد أن الذي أخبر محمداً هو (الله) وقد أعلن البروفيسور(بالمر) إسلامه في نهاية المؤتمر.
3 - قال تعالى : (( وَالشَّمْسُ تَجْرِيْ لِمُسْتَقَرٍّ لَهَاْ ذَلِكَ تَقْدِيْرٌ الْعَزِيْزِ الْعَلِيْمِ )) . سورة يس / الأية 38 .
و قد أثبت العلم الحديث أن الشمس تسير بسرعة 43200 ميل في الساعة وبما أن المسافة بيننا وبين الشمس 92 مليون ميل فإننا نراها ثابتة لا تتحرك وقد دهش بروفيسور أمريكي لدى سماعه تلك الآية القرآنية وقال إني لأجد صعوبة بالغة في تصور ذلك العلم القرآني الذي توصل إلى مثل هذه الحقائق العلمية التي لم نتمكن منها إلا منذ عهد قريب .
4 - قال تعالى : (( وَالْجِبَاْلَ أَوْتَاْدَاً )) . سورة النبأ / الأية 7 ،،، وقال تعالى : (( وَأَلْقى فِيْ الأَرْضِ رَوَاْسِيَ أَنْ تَمِيْدَ بِكُمْ )) . سورة لقمان / الأية 10 .
بما أن قشرة الأرض وما عليها من جبال وهضاب وصحاري تقوم فوق الأعماق السائلة والرخوة المتحركة المعروفة باسم (طبقة السيما) فإن القشرة الأرضية وما عليها ستميد وتتحرك باستمرار وسينجم عن حركتها تشققات وزلازل هائلة تدمر كل شيء . ولكن شيئاً من هذا لم يحدث . فما السبب ؟؟؟
لقد تبين منذ عهد قريب أن ثلثي أي جبل مغروس في أعماق الأرض وفي (طبقة السيما) وثلثه فقط بارز فوق سطح الأرض لذا فقد شبه الله تعالى الجبال بالأوتاد التي تمسك الخيمة بالأرض كما في الآية السابقة ، وقد أُلقِيَت هذه الآيات في مؤتمر الشباب الإسلامي الذي عقد في الرياض عام 1979 م وقد ذهل البروفيسور الأمريكي (بالمر) والعالم الجيولوجي الياباني (سياردو) ، وقالا : ( ليس من المعقول بشكل من الأشكال أن يكون هذا كلام بشر وخاصة أنه قيل قبل 1400 سنة لأننا لم نتوصل إلى هذه الحقائق العلمية إلا بعد دراسات مستفيضة مستعينين بتكنولوجيا القرن العشرين التي لم تكن موجودة في عصر ساد فيه الجهل والتخلف كافة أنحاء الأرض ) كما حضر النقاش العالم (فرانك بريس) مستشار الرئيس الأمريكي (كارتر) والمتخصص في علوم الجيولوجيا والبحار وقال مندهشاً : ( لا يمكن لمحمد أن يلم بهذه المعلومات ولا بد أن الذي لقنه إياها هو خالق هذا الكون ، العليم بأسراره وقوانينه وتصميماته) .
5 - قال تعالى : (( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَاْنِ * بَيْنَهُمَاْ بَرْزَخٌ لاْ يَبْغِيَاْنِ )) . سورة الرحمن / الأيتان 19 - 20 .
لقد تبين من خلال الدراسات العلمية الحديثة أن لكل بحر صفاته الخاصة به والتي تميزه عن غيره من البحار كشدة الملوحة والوزن النوعي للماء حتى لونه الذي يتغير من مكان إلى آخر بسبب التفاوت في درجة الحرارة والعمق وعوامل أخرى ، والأغرب من هذا اكتشاف الخط الأبيض الدقيق الذي يرتسم نتيجة التقاء مياه بحرين ببعضهما وهذا تماماً ما ذكر في الآيتين السابقتين ، وعندما نوقش هذا النص القرآني مع عالم البحار الأمريكي البروفيسور (هيل) وكذلك العالم الجيولوجي الألماني (شرايدر) أجابا قائلين : أن هذا العلم إلهي مئة بالمئة وبه إعجاز بيّن وأنه من المستحيل على إنسان أمي بسيط كمحمد أن يلم بهذا العلم في عصور ساد فيها التخلف والجهل .
6 - قال تعالى : (( أَوْ كَظُلُمَاْتٍ فِيْ بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاْهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَاْبٌ ظُلُمَاْتٌ بَعْضُهَاْ فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاْ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكُدْ يَرَاْهَاْ وَ مَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوْرَاً فَمَاْلَهُ مِنْ نُّوْرٍ )) . سورة النور / الأية 40 .
لم يكن بإمكان الإنسان القديم أن يغوص أكثر من 15 متر لأنه كان عاجزاً عن البقاء بدون تنفس أكثر من دقيقتين ولأن عروق جسمه ستنفجر من ضغط الماء وبعد أن توفرت الغواصات في القرن العشرين تبين للعلماء أن قيعان البحار شديدة الظلمة كما اكتشفوا أن لكل بحر لجي طبقتين من المياه، الأولى عميقة وهي شديدة الظلمة ويغطيها موج شديد متحرك وطبقة أخرى سطحية وهي مظلمة أيضاً وتغطيها الأمواج التي نراها على سطح البحر.
ودهش العالم الأمريكي (هيل) من عظمة هذا القرآن وزادت دهشته عندما نوقش معه الإعجاز الموجود في الشطر الثاني من الآية (( سَحَاْبٌ ظُلُمَاْتٌ بَعْضُهَاْ فَوْقَ بَعْضٍ إِذَاْ أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكُدْ يَرَاْهَاْ )) وقال إن مثل هذا السحاب لم تشهده الجزيرة العربية المشرقة أبداً وهذه الحالة الجوية لا تحدث إلا في شمال أمريكا وروسيا والدول الاسكندنافية القريبة من القطب والتي لم تكن مكتشفة أيام محمد ( صلى الله عليه - وآله - وسلم ) ولا بد أن يكون هذا القرآن كلام الله) .
المعجزة الثانية : إخبار النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عن الغيب ، كالأنبياء (عليهم السلام) :
إنّ القرآن المجيد يَعُدُّ إِخبار المسيح (عليه السلام) عن المغيبات ، من معاجزه ، قال تعالى حاكياً عنه : (﴿ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ )﴾ . سورة آل عمران / الأية 49 .
وكذلك إخبار يوسف جعله وعده من المغيبات ، قال تعالى حاكيا عنه : (( قَالَ لَا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلَّا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالْآَخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ )) . سورة يوسف / الأية 37 .
فإذا كان الإخبار عن الغيب ، آية معجزة للمسيح وليوسف (عليهما السلام) ، فقد أخبر النبي عن المغيَّبات بكتابه الّذي جاء به - القرآن الكريم - ، وهذا الإخبار من الشواهد على إعجازه .
المعجزة الثالثة : إسراء ومعراج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) :
إنّ إسراء النبي ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، أحد المعاجز العظيمة الّتي أنعم الله سبحانه بها على نبيه ، وأخبر عنها القرآن حيث قال : (﴿ سُبْحَانَ الذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير﴾) . سورة الإسراء / الأية 1 .
وقد تحقق عبور تلك المسافة الطويلة في وقت قصير ، وفي ظرف لم يكن يتوفّر فيه شيء ممّا يتوفر الآن من وسائل النقل السريعة ، وهذا هو الوجه في إعجازها .
إنّ القرآن الكريم يثبت هذا الإعجاز ، في سورة أُخرى أيضاً ، ويدعمها بقوة لا تُبقي في النفس شكاً بها ، ويخبر أنّ رحلة النبي تجاوزت المسجد الأقصى (الوارد في الآية السابقة) إلى سدرة المنتهى (2) .
المعجزة الرابعة : معجزة انشقاق القمر :
قال سبحانه وتعالى : (﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْر مُسْتَقِرٌّ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَر )﴾ . سورة القمر / الأيات من 1 - 4 .
أطبق أكثر المفسّرين على أنّ المشركين اجتمعوا إلى رسول الله ، فقالوا : إنْ كُنْتَ صادِقاً فَشُقَّ لَنا القَمَرَ فَلْقَتَيْن فقال لهم رسول الله إِن فَعَلْتُ تُؤْمنونَ ؟ قالوا نَعَمْ . وكان ليلة بدر، فسأَل رسول الله رَبّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشق القمر فَلْقَتَينْ ، ورسول الله ينادي : يا فلان ، يا فلان ، إشهدوا (3) .
ومعنى قوله : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) ، أنّ القيامة قد قربت ، وقرب موعد وقوعها ، والكفار يتصورونها بعيدة ، قال سبحانه : (﴿ إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا ﴾) . سورة المعارج / الأيتان 6 - 7 .
وقوله : (( وَانْشَقَّ الْقَمَرُ )) ، يدلّ على وقوع انشقاق القمر ، لأنّه فعل ماض . وحمله على المستقبل ، لانشقاق القمر يوم القيامة ، تأويل بلا جهة .
وأمّا وجه الربط بين الجملتين (اقتراب الساعة وانشقاق القمر) ، فهو أنّ انشقاقه من علامة نبوّة نبينا ، ونبوّته وزمانه من أشراط الساعة ، وقد أخبر القرآن عن تحقق هذين الشرطين (ظهور نبي الإسلام ، وانشقاق القمر) وقال : (﴿ فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا )﴾ . سورة محمد / الأية 18 .
وفي الآية قرينتان على أنّ المراد ، انشقاق القمر بوصف الإعجاز، لا انشقاقه يوم القيامة.
المعجزة الخامسة : إنحناء النخيل للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لكي يأكل من ثمرها :
قالت فاطمة بنت أسد (عليها السلام) : كان في بستان دارنا نَخلات ، وكان أوّل إدراك الرُّطَب ، وكان أربعون صبيّاً من أتراب محمّد صلّى الله عليه وآله يدخلون علينا كلّ يوم في البستان ويلتقطون ما يسقط ، فما رأيت قطّ محمّداً أخذ رُطبةً من يدِ صبيّ سَبَقَ إليها ، والآخرون يختلس بعضُهم من بعض . وكنتُ كلّ يوم ألتقط لمحمّد صلّى الله عليه وآله حَفنةً فما فوقَها ، وكذلك جاريتي . فاتّفق يوماً أن نَسيتُ أن ألتقط له شيئاً ونَسِيَتْ جاريتي ، وكان محمّد صلّى الله عليه وآله نائماً ، فدخل الصِّبيان وأخذوا كلّ ما سقط من الرطب وانصرفوا ، فنمتُ ووضعتُ الكُمّ على وجهي حياءً من محمّد إذا انتبه .
قالت : فانتبه محمّد ودخل البستان، فلم يَرَ رطبةً على الأرض فانصرف ، فقالت له الجارية : إنّا نَسِينا أن نلتقط شيئاً ، والصِّبيان دخلوا وأكلوا جميع ما سقط .
قالت : فانصرف محمّد صلّى الله عليه وآله إلى البُستان ، وأشار إلى نخلة وقال : أيّتها الشجرة أنا جائع . قالت : فرأيتُ الشجرة قد وَضَعتْ أغصانَها التي عليها الرُّطب حتّى أكل منها محمّد صلّى الله عليه وآله ما أراد ، ثمّ ارتفعتْ إلى موضعها (4).
ولا تنتهي معاجز النبي الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) عند هذا الحد ولا تنحصر معاجزه بهذه المعاجز التي ذكرناها بل أن معاجزه - كما قلنا سابقا - لا يمكن إحصائها في هذه المقالة القليلة لكثرت معاجزه (صلى الله عليه وآله وسلم) و لقصد الإختصار في هذه المقالة البسيطة قدر الإمكان .
================
1- ميزان الحق / ص 277. وقد كتبه حول حياة الرسول .
2- لاحظ سورة النجم / الأيات من 5 - 18.
3- الدرّ المنثور/ ج 6 / ص 133 ، وقد جمع كلمات الصحابة حول شقّ القمر .
4ـ الخرائج والجرائح / للراوندي ج 1 / 138 ـ 139 / حديث رقم 225 ،،، بحار الأنوار / ج 35 / ص 83 ـ 84 / حديث رقم 26 .
تعليق