" مِن الحَرَمِ الحُسَينيِّ المُقدَّسِ حَرَاكٌ قيميٌِّ بوجهَةِ بناءِ الإنسانِ أخلاقيّاً وسُلُوكيَّاً واجتماعيّاً وفقَ منهجِ أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالبٍ ، عليه السلام ، "
قال: عليه السلام ، مُؤشِّرَاً إلى بعضِ الرذائل النفسانيّة والأخلاقيّة والسلوكيّة: (أزْرَى بِنَفْسِه مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ - ورَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّه - وهَانَتْ عَلَيْه نَفْسُه مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَه)
: نهج البلاغة ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 469.
:1:- ثمَةَ رذائلٍ أخلاقيّة ِينبغي تجنّبها من قبل الإنسان العاقل والمؤمن ، لِما لها من تداعياتٍ خطيرة ، قد تذهبُ بكرامة الإنسان واعتباره الاجتماعي ، وقيمته واحترامه – وتوهين شخصيّته – لذلك بيَّنها أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، في مواعظه البليغة تنبيهاً لنا وتحذيراً منها.
:2:- الرذيلةُ الأولى- هي (الطمع ) (أزْرَى بِنَفْسِه مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ):-
بمعنى لقد أذلَ نفسَه وحقّرها وأهانها من يطلبُ أموراً في الدنيا أكثر من استحقاقه أو مالا يحقّ له. – والطمعُ إنّما ينشأُ من الحرص وحبّ الدنيا – بطلبِ مالٍ أو جاه أو منصب سياسي أو ديني – ويتوسّل إلى تحقيق ذلك بوسائل قد تؤدي إلى إهدار ماءِ وجهه أو وسائل مُحرّمة .
:3:- لذلك وردَ في الأحاديث الشريفة التحذيرُ من الطمع وآثاره الخطيرة ، فروي عن الإمام علي بن الحُسين ، عليه السلام ، (بئس العبدُ عبدٌ له طمعٌ يقوده ، وبئس العبدُ عبدٌ له رغبةٌ تذله )
: الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص 320.
:4:- الإنسانُ المؤمن - المرأة المؤمنة – لا بُدّ من أن يلحظا اعتبارهما الإيماني والاجتماعي بالحفاظ على الكرامة والنفس والشخصيّة – وخاصة في طلب مقام من غير تأهل له ، مثل المقام الديني – والذي يتوسّل إليه من لا يستحقه فيؤدي به ذلك إلى الهبوط والسقوط اجتماعيّاً.
:5:- ولا بُدّ من القناعة والرضا بما قدّر اللهُ تعالى ، والقناعة كنز عظيم يحفظ كرامة صاحبه لدى الناس – وفي الرواية (عن أبي عبد الله ، الإمام الصادق، عليه السلام ، قال : قلتُ له : ما الذي يثبتُ الإيمان في العبد ؟ قال : الورع ، والذي يخرجه منه ؟ قال : الطمع )
: الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص 320.
:6:- الرذيلة الثانية : (ورَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّه)- نرى بعض الناس يُكثِرُ من الشكوى إلى من هُم غير قادرين على حلّ مشكلته – والصحيح أن تكون الشكوى للهِ سبحانه ومَن يقدرون على حلّّها من المؤمنين – حفاظاً على الكرامة والاعتبار.
:7:- الرذيلة الثالثة: (وهَانَتْ عَلَيْه نَفْسُه مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَه)- ومعنى تأمير اللسان على النفس ، هو عدم إخضاع الكلام لموازين العقل والشرع والأخلاق ، وإطلاقه على عواهنه ، دون النظر في عواقبه وآثاره الخطيرة على النفس والمجتمع والمكوّنات – فالإنسان مُطالب بالتريث في التكلّم بكلام لم يعرضه على عقله وشرعه – فقد تُسببُ كلمةٌ بقتل إنسان ما ، وخصوصاً ما يتعلّق بالأعراض – وحصول العداوات والنزاعات – وهذا الأمر يشمل الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي – فينبغي التروي والتأمّل والتفكّر – فإن كان للكلام مخاطر يمسك وإن لم يكن يمضي.
:8:- وعلى أساس خطورة تأمير اللسان على النفس جاء التحذير الشديد من ذلك (جاء رجلٌ إلى النبي ، صلى الله عليه وآله ، فقال : يا رسول الله أوصني فقال : احفظ لسانك ، قال : يا رسول الله أوصني قال : احفظ لسانك ، قال : يا رسول الله أوصني ، قال : احفظ لسانك ، ويحك ، وهل يُكبُّ الناسُ على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم )
: الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص115.
فالإنسان المؤمن هو من يجعل نفسه وعقله ودينه يتحكّم بلسانه ، ثمّ يتكلّم او يكتبُ .
:9:- وفي بداية هذا الشهر الفضيل شهر ربيع الأوّل يستحبُّ التصدّقُ – فهي دواءُ مُنجِح – لكثير من الأمراض والآلام والمعاناة الفردية والمُجتمعية – فدفع الصدقة الواجبة أو المستحبة فيها تخفيف عن معاناة اليتامى والفقراء وحتى العاطلين عن العمل – بل وإذا ما دخلت كصدقة جارية مثل بناء المراكز الثقافية والمساجد والتي تقوم بنشر الثقافة الصحيحة وهدي الناس – فهذا دواء مُنجِح وناجع-
وفي الرواية (عن الإمام موسى بن جعفر ، عليه السلام ، أنَّ رجلاً شكى إليه ، انني في عشرة نفر من العيال كلهم مريض ، فقال له موسى ، عليه السلام ، : داوهم بالصدقة فليس شيءٌ أسرعَ إجابة من الصدقة ، ولا أجدى منفعة للمريض من الصدقة .)
: وسائل الشيعة ، الحُرُّ العاملي ، ج 2 ، ص433.
_____________________________________
همّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - الأوّل من ربيع الأوّل 1440 هجري - التاسع من تشرين الثاني ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
-كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
قال: عليه السلام ، مُؤشِّرَاً إلى بعضِ الرذائل النفسانيّة والأخلاقيّة والسلوكيّة: (أزْرَى بِنَفْسِه مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ - ورَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّه - وهَانَتْ عَلَيْه نَفْسُه مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَه)
: نهج البلاغة ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 469.
:1:- ثمَةَ رذائلٍ أخلاقيّة ِينبغي تجنّبها من قبل الإنسان العاقل والمؤمن ، لِما لها من تداعياتٍ خطيرة ، قد تذهبُ بكرامة الإنسان واعتباره الاجتماعي ، وقيمته واحترامه – وتوهين شخصيّته – لذلك بيَّنها أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، في مواعظه البليغة تنبيهاً لنا وتحذيراً منها.
:2:- الرذيلةُ الأولى- هي (الطمع ) (أزْرَى بِنَفْسِه مَنِ اسْتَشْعَرَ الطَّمَعَ):-
بمعنى لقد أذلَ نفسَه وحقّرها وأهانها من يطلبُ أموراً في الدنيا أكثر من استحقاقه أو مالا يحقّ له. – والطمعُ إنّما ينشأُ من الحرص وحبّ الدنيا – بطلبِ مالٍ أو جاه أو منصب سياسي أو ديني – ويتوسّل إلى تحقيق ذلك بوسائل قد تؤدي إلى إهدار ماءِ وجهه أو وسائل مُحرّمة .
:3:- لذلك وردَ في الأحاديث الشريفة التحذيرُ من الطمع وآثاره الخطيرة ، فروي عن الإمام علي بن الحُسين ، عليه السلام ، (بئس العبدُ عبدٌ له طمعٌ يقوده ، وبئس العبدُ عبدٌ له رغبةٌ تذله )
: الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص 320.
:4:- الإنسانُ المؤمن - المرأة المؤمنة – لا بُدّ من أن يلحظا اعتبارهما الإيماني والاجتماعي بالحفاظ على الكرامة والنفس والشخصيّة – وخاصة في طلب مقام من غير تأهل له ، مثل المقام الديني – والذي يتوسّل إليه من لا يستحقه فيؤدي به ذلك إلى الهبوط والسقوط اجتماعيّاً.
:5:- ولا بُدّ من القناعة والرضا بما قدّر اللهُ تعالى ، والقناعة كنز عظيم يحفظ كرامة صاحبه لدى الناس – وفي الرواية (عن أبي عبد الله ، الإمام الصادق، عليه السلام ، قال : قلتُ له : ما الذي يثبتُ الإيمان في العبد ؟ قال : الورع ، والذي يخرجه منه ؟ قال : الطمع )
: الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص 320.
:6:- الرذيلة الثانية : (ورَضِيَ بِالذُّلِّ مَنْ كَشَفَ عَنْ ضُرِّه)- نرى بعض الناس يُكثِرُ من الشكوى إلى من هُم غير قادرين على حلّ مشكلته – والصحيح أن تكون الشكوى للهِ سبحانه ومَن يقدرون على حلّّها من المؤمنين – حفاظاً على الكرامة والاعتبار.
:7:- الرذيلة الثالثة: (وهَانَتْ عَلَيْه نَفْسُه مَنْ أَمَّرَ عَلَيْهَا لِسَانَه)- ومعنى تأمير اللسان على النفس ، هو عدم إخضاع الكلام لموازين العقل والشرع والأخلاق ، وإطلاقه على عواهنه ، دون النظر في عواقبه وآثاره الخطيرة على النفس والمجتمع والمكوّنات – فالإنسان مُطالب بالتريث في التكلّم بكلام لم يعرضه على عقله وشرعه – فقد تُسببُ كلمةٌ بقتل إنسان ما ، وخصوصاً ما يتعلّق بالأعراض – وحصول العداوات والنزاعات – وهذا الأمر يشمل الكتابة في وسائل التواصل الاجتماعي – فينبغي التروي والتأمّل والتفكّر – فإن كان للكلام مخاطر يمسك وإن لم يكن يمضي.
:8:- وعلى أساس خطورة تأمير اللسان على النفس جاء التحذير الشديد من ذلك (جاء رجلٌ إلى النبي ، صلى الله عليه وآله ، فقال : يا رسول الله أوصني فقال : احفظ لسانك ، قال : يا رسول الله أوصني قال : احفظ لسانك ، قال : يا رسول الله أوصني ، قال : احفظ لسانك ، ويحك ، وهل يُكبُّ الناسُ على مناخرهم في النار إلاّ حصائد ألسنتهم )
: الكافي ، الكليني ، ج 2 ، ص115.
فالإنسان المؤمن هو من يجعل نفسه وعقله ودينه يتحكّم بلسانه ، ثمّ يتكلّم او يكتبُ .
:9:- وفي بداية هذا الشهر الفضيل شهر ربيع الأوّل يستحبُّ التصدّقُ – فهي دواءُ مُنجِح – لكثير من الأمراض والآلام والمعاناة الفردية والمُجتمعية – فدفع الصدقة الواجبة أو المستحبة فيها تخفيف عن معاناة اليتامى والفقراء وحتى العاطلين عن العمل – بل وإذا ما دخلت كصدقة جارية مثل بناء المراكز الثقافية والمساجد والتي تقوم بنشر الثقافة الصحيحة وهدي الناس – فهذا دواء مُنجِح وناجع-
وفي الرواية (عن الإمام موسى بن جعفر ، عليه السلام ، أنَّ رجلاً شكى إليه ، انني في عشرة نفر من العيال كلهم مريض ، فقال له موسى ، عليه السلام ، : داوهم بالصدقة فليس شيءٌ أسرعَ إجابة من الصدقة ، ولا أجدى منفعة للمريض من الصدقة .)
: وسائل الشيعة ، الحُرُّ العاملي ، ج 2 ، ص433.
_____________________________________
همّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ الشيخ عبد المَهدي الكربلائي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم - الأوّل من ربيع الأوّل 1440 هجري - التاسع من تشرين الثاني ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
-كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
تعليق