المَرجَعيَّةُ الدِّينيَّةُ العُليَا الشَرِيفَةُ : - من كلامٍ لأمير المؤمنين علي ، صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه (لَا غِنَى كَالْعَقْلِ ولَا فَقْرَ كَالْجَهْلِ – ولَا مِيرَاثَ كَالأَدَبِ ولَا ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 478.
:1:- نَرجو الالتفات إلى هذه المقولةِ الجامعة لمعاني الكلِم ، كما هي عادته ( عليه السلام ) في تشخيص بعض الأدّواءِ ، وفي تشخيص بعض الدّواءِ.
:2:- لا حظوا في كلّ المُجتمعاتِ – هناك مشاكلٌ – وعندما ندخلُ لبعضها نجدُ أنَّ أسبابها بسيطةٌ وتافهةٌ – لم تستوجب هذه النتيجة – من ردّة الفعل – بناءً على أنَّ لكّل فعلٍ ردّةَ فعلٍ ، لا في الفيزياء فحسب – بل في أفعالنا الاجتماعيّة والأنظمة الوضعيّة .
:3:- وقد جعلت السننُ الإلهيَّة حدوداً لا يُمكن تجاوزها – فلفلان حدٌّ – هذا حدُّكَ فلا تتجاوزه – وإذا تجاوزه فهذا أمر غير شرعي وغير قانوني – كالذي يعلمُ أنَّ فلاناً يكدّ ويتعب ويأتي ليتجاوز على ماله .
:4:- إنَّ اللهَ تبارك وتعالى قد أودعَ فينا ميزاناً نضبطُ به تصرّفاتنا – قبل أن يأتينا الشارعُ المُقدّسُ وقبل الأنظمة ،
ألا وهو (( العقل )).
:5:- كلُّ إنسانٍ منّا يدرك ويعرفُ في سريرته أنَّ هذا التصرّف ممّا ينبغي أن يكون أو ممّا لا ينبغي أن يكون – ولا نستثني أحداً من ذلك .
:6:- والمشكلةُ في الجّو العام الذي يحصل للإنسان ، ويُريدُ أن يتماشى معه ، وهو غير مقتنع بهذا التصرّف – إمّا أن يُجامل أو يخاف أو بسبب التربية الفاسدة – فلو عُرِضَت علينا أعمالنا فلا يمكن أن نقبل بها.
:7:- ولذلك يقول: أمير المؤمنين ، عليه السلام ،:إنَّ الذي يملك العقلَ هو الغني حقيقةً وواقعاً – لا غنى كالعقل – والغنى الظاهري لا قيمة له مادام الإنسان سفيهاً .
:8:- بالعقل والتعقّل يعرفُ الإنسانُ أين يضعُ قدمه وكيف يتصرّف .
:9:- ومن فوائد العقل والتعقّل :- أنَّ الناس ستكون في راحة مِن العاقل لأنّه يرى الأشياء على ما هي عليه – بخلاف الجاهل – وقد قيلَ :-العدو العاقل خير من العدو الجاهل – لأنَّك تتمكّن أن تتعامل مع العدو العاقل.
:10:- إنَّ العقلَ له ضوابط – وأمّا الجهلُ فلا ضوابط له – ولذلك قال أمير المؤمنين علي (ولَا فَقْرَ كَالْجَهْلِ ) – الفقر ليس عيباً في نفسه – ولكن العيب في الجهل نفسه –وكم من العلماء والصلحاء كانوا فقراء ، ولكّنهم تميّزوا بالعقل والعلم والمعرفة – وكذا بعض شبابنا من العوائل الفقيرة والمُتعفّفة فقد حصلوا على مراتب عُليا بفعل التعلّم والتعقّل.
:11:- إنَّ الجاهلَ الذي يعتقدُ أنّه عالمٌ – هذا من الصعب عليه أن يتعلّم أو يدرك أنّه جاهلٌ بالجهل المركّب – وهذا الأمر سارٍ في الحالات الاجتماعية والسياسيّة والاقتصاديّة .
:12:- إنَّ الجهل المُركّبَ هو الطّامّةُ الكُبرى – لأنَّ صاحبه لا يعلم أنّه جاهلٌ – وقد يغلبكَ في المناقشة – وقد يضلُّ غيره بجهله.
:13:- إنَّ الذي يملكُ العقلَ يملكُ التوفيقاتِ ومقامها – وقد تلاشت أمم بكاملها وشخصيات بفعل الجهل – ومن الضروري معالجة الجهل بالتعلّم وبإشعار الناس بأهميّة التعقّل – لأنَّ الجهل ظلام وعدم معرفة.
:14:- وكم من جاهلٍ له سلطة ، وله موقع وله رأي ولكنّه جاهل –ولا يمكن أن تَحصَلَ على رأي حسن منه.
:15:- قال : عليه السلام : (ولَا مِيرَاثَ كَالأَدَبِ ) :- إنَّ الأدبَ مِمّا يُورّثه الإنسانُ ، وهو يعطي الشخصيّة القيّمة لصاحبه والاحترام ، وعلى ضوئه تتحدّد نوعيّة العلاقات ، وهو نوع من الجمال ومطلوب.
:16:- وقال: عليه السلام ( ولَا ظَهِيرَ كَالْمُشَاوَرَةِ ) :- الظهيرُ هو المُساندُ والمُعينُ والسندُ والعضدُ – والإنسانُ إذا لم يملك أحداً من هؤلاءِ فلا ظهير له – فينبغي طرح الرأي والمشاورة للآخرين في عقولهم – فقد يكون عندهم ما يُصلحكَ وما يُبعدك عن المشاكل
( ومن شاورَ الناسَ شاركهم في عقولهم ) ، وسيرى كم حالة من الوقاية ستكون عنده بفعل المشاورة – والتي بها يخرج الرأيُ سديداً وحسنا.
( نسألُ اللهَ تباركَ وتعالى أن يرزقنا العقلَ والتعقّلَ وأن يُبعدَ عنّا الجهلَ )
_____________________________________________
همُّ مَا جَاءَ في خِطَابِ المَرجَعيَّةِ الدِّينيّةِ العُليَا الشَريفَةِ, اليَوم, الجُمْعَة – الثاني والعشرون من ربيع الأوّل 1440هجري - الثلاثون من تشرين الثاني 2018م – وعَلَى لِسَانِ وَكيلِهَا الشَرعي ، سماحة السيّد أحمَد الصافي ، دامَ عِزّه ، خَطيب وإمَام الجُمعَةِ فِي الحَرَمِ الحُسَيني المُقَدّسِ :::
___________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَّ, ونسألَكُم الدُعَاءَ.
___________________________________________
تعليق