" مِن الحَرَمِ الحُسَينيِّ المُقدَّسِ حَرَاكٌ قِيَميٌّ على خُطَى أميرِ المُؤمنين عليٍّ ،( صلواتُ اللهِ وسلامُه عليه ) في تهذيب النفوس والسلوك "
:1:- : مِن مقولَةٍ لأمير المؤمنين ، قال : ( لَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثِقَ بِخَصْلَتَيْنِ الْعَافِيَةِ والْغِنَى - بَيْنَا تَرَاه مُعَافًى إِذْ سَقِمَ وبَيْنَا تَرَاه غَنِيّاً إِذِ افْتَقَرَ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 551.
:2:- من الارشادات والنصائح القيِّمَةِ التي يضعها أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، هذه المقولةٌ – في كيفيّة التعاطي مع بعض الأحداث ، التي يمرُّ بها كلُّ أحدٍ منّا – وهو يُريدُ أن يُنبّهنا إلى ضرورة إدراك أنَّ الأحوال الظاهريّة للإنسان في هذه الحياة لا تبقى على ما هي عليه – فلا بُدّ من أن تتغيَّر في يوم ما – يتبّدلُ الغنى إلى فقَر – وتتبدّلُ العافيةُ إلى سَقم ،
ولا ينبغي الوثوق بدوام الحال.
:3:- وفي بعض أدوار الإنسان ، تمرُّ عليه حالات يتأثّر بها ، من رمزيّة شخص ما - بفعل التربية والمُحيط ، فينشغل فكره وقلبه به ويُتابعه – أو قد يتأثّر بشجاع ويُقلّده ، ويتلقّى أخباره – ولكن عندما يبلغ مبالغ ما بعد ذلك يدرك أنَّ هذه الأمور شكليّة ، لا تدوم.
:4:- إنَّ أميرَ المؤمنين ، يُريدُ أن يُنبّهنا بمقولته هذه أنَّ دوامَ الحالِ من المُحال – فلا الصحيح يبقى صحيحاً دون أن يسقم ، ولا الغني يبقى غنيّاً دون أن يفتقرَ – فليس من الصحيح الثقة والاطمئنان بدوام الحال -
ونعم إنَّ الثقة هي من العناصر المهمّة في حياتنا اليوميّة – ولا يمكن أن نُعمِّمَ تجاربنا الفرديّة الشخصيّة إذا ما واجهنا مشكلةً فيها.
:5:- وعنصر الوثوق والثقة هُما مِمّا تقوم عليه حياتنا وعلاقاتنا ، وحتّى الأئمة الأطّهار اهتموا به وأشاروا إليه – فبعض أصحابهم يسأل عن مصاديق الثقة في وقته ويقول: أفيونس بن عبد الرحمن( من أصحاب الأئمة المعصومين الثقات) ثقةٌ آخذُ عنه معالم ديني – فيأتيه الجواب : نعم ثقة :
:6:- وهذا يعني أنَّ التعاطي بالثقة يجب أن يكون في موضعه ، ولكيلا نندم في حال عدم حسن الثقة في مواردها.
:7:- وعادة الناس أن تثق بالغنى وبالغني – والحال أنَّ الغنى هو أمر نسبي – ولا يوجد شيءٌ مطلقٌ إلاَّ الله تعالى ، والذي هو لوحده يجب الوثوق به والثقة به مطلقا – وما عندنا منه سبحانه ، وقد خوّلنا فيه مؤقتا في هذه الدنيا وسيزول – وينتهي إلى غيرنا.
:8:- وفي الواقع أنَّ هذين الجانبين ( العافية والغنى ) هُما ممّا لهما جاذبية للجميع – وقد يثقُ بهما الناسُ دون أن يفكرا بزوالهما أو بتبدلهما ، فيندفعُ الإنسانُ معهما إلى الغرور والتجبّر والتجاوز على الآخرين ، أو التمرّد على الله تعالى ، كما هو حال الطغاة الذين ذكرهم القرآن الكريم أمثال النمرود وفرعون وقارون وغيرهم ، ممّن طغوا وتجبّروا وأدّعوا ما ليس لهم من مقام الإلوهيّة ، وفي النتيجة أذلّهم اللهُ وأخزاهم.
:9:- وتوجدُ مُشكلةٌ ، وهي أنَّ بعض الناس يُريدون أن ينسلخوا من الالتزام الشرعي والأخلاقي – فيتحايلون بالشبهات ركوناً منهم للدّعة والراحة ، وتبريراً لأفعالهم ورغباتهم وتخلّصاً من قيود التكليف بحسب تصوّرهم ، والحال أنَّ الله تعالى قد كلّفنا بالمقدور والممكن من التكاليف.
:10:- ونرى بالمشاهدات أنَّ تبدّل الأحوال هو سنّة تحدث مراراً – وهنا علينا أن نثقَ بأعمالنا الصالحة فهي الباقية معنا – وأن نكون أوفياءً في تعهداتنا مع اللهِ سبحانه – ونثق به وبرحمته الواسعة – وأن لا نتعجّب من كيفيّة النجاة والخلاص من الهلاك وربّنا الغفور الرحمن الرحيم.
:11:- إنَّ هذه الدنيا لا تعطينا مجالاً للرجوع للوراءِ – بل هي تأخذنا إلى اهتمامنا بها والتدافع والصراع والتنصّل عن الأخلاق والقيم –
فالشباب اليوم والأولاد لا يعرفون كيف يتصرّفون في أوقاتهم وأفكارهم – تأخذهم موجةٌ وأخرى – وقد تغيّرت منظومة القيم ، بحيث نرى حالاتٍ لم نرها من قبل ، وإن كانت نادرة.
:12:- في الواقع نحن نحتاج إلى ثورة في العِظَةِ والالتزام بها والشعور بالمسؤوليّة في هذا البلد الأصيل بأهله – فينبغي بنا أن نثقَ باللهِ وبنبيه الأكرم وبأهل البيت الطاهرين المعصومين ، عليهم السلام ، وأن نحسنَ الظّنَ باللهِ سبحانه ليكون عند حسن ظنّنا به ويرحمنا برحمته الواسعة.
_____________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الثاني والعشرين من ربيع الأوّل 1440 هجري - الثلاثين من تشرين الثاني ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
:1:- : مِن مقولَةٍ لأمير المؤمنين ، قال : ( لَا يَنْبَغِي لِلْعَبْدِ أَنْ يَثِقَ بِخَصْلَتَيْنِ الْعَافِيَةِ والْغِنَى - بَيْنَا تَرَاه مُعَافًى إِذْ سَقِمَ وبَيْنَا تَرَاه غَنِيّاً إِذِ افْتَقَرَ )
: نهجُ البلاغةِ ، ت ، د ، صبحي الصالح ، ص 551.
:2:- من الارشادات والنصائح القيِّمَةِ التي يضعها أميرُ المؤمنين ، عليه السلام ، هذه المقولةٌ – في كيفيّة التعاطي مع بعض الأحداث ، التي يمرُّ بها كلُّ أحدٍ منّا – وهو يُريدُ أن يُنبّهنا إلى ضرورة إدراك أنَّ الأحوال الظاهريّة للإنسان في هذه الحياة لا تبقى على ما هي عليه – فلا بُدّ من أن تتغيَّر في يوم ما – يتبّدلُ الغنى إلى فقَر – وتتبدّلُ العافيةُ إلى سَقم ،
ولا ينبغي الوثوق بدوام الحال.
:3:- وفي بعض أدوار الإنسان ، تمرُّ عليه حالات يتأثّر بها ، من رمزيّة شخص ما - بفعل التربية والمُحيط ، فينشغل فكره وقلبه به ويُتابعه – أو قد يتأثّر بشجاع ويُقلّده ، ويتلقّى أخباره – ولكن عندما يبلغ مبالغ ما بعد ذلك يدرك أنَّ هذه الأمور شكليّة ، لا تدوم.
:4:- إنَّ أميرَ المؤمنين ، يُريدُ أن يُنبّهنا بمقولته هذه أنَّ دوامَ الحالِ من المُحال – فلا الصحيح يبقى صحيحاً دون أن يسقم ، ولا الغني يبقى غنيّاً دون أن يفتقرَ – فليس من الصحيح الثقة والاطمئنان بدوام الحال -
ونعم إنَّ الثقة هي من العناصر المهمّة في حياتنا اليوميّة – ولا يمكن أن نُعمِّمَ تجاربنا الفرديّة الشخصيّة إذا ما واجهنا مشكلةً فيها.
:5:- وعنصر الوثوق والثقة هُما مِمّا تقوم عليه حياتنا وعلاقاتنا ، وحتّى الأئمة الأطّهار اهتموا به وأشاروا إليه – فبعض أصحابهم يسأل عن مصاديق الثقة في وقته ويقول: أفيونس بن عبد الرحمن( من أصحاب الأئمة المعصومين الثقات) ثقةٌ آخذُ عنه معالم ديني – فيأتيه الجواب : نعم ثقة :
:6:- وهذا يعني أنَّ التعاطي بالثقة يجب أن يكون في موضعه ، ولكيلا نندم في حال عدم حسن الثقة في مواردها.
:7:- وعادة الناس أن تثق بالغنى وبالغني – والحال أنَّ الغنى هو أمر نسبي – ولا يوجد شيءٌ مطلقٌ إلاَّ الله تعالى ، والذي هو لوحده يجب الوثوق به والثقة به مطلقا – وما عندنا منه سبحانه ، وقد خوّلنا فيه مؤقتا في هذه الدنيا وسيزول – وينتهي إلى غيرنا.
:8:- وفي الواقع أنَّ هذين الجانبين ( العافية والغنى ) هُما ممّا لهما جاذبية للجميع – وقد يثقُ بهما الناسُ دون أن يفكرا بزوالهما أو بتبدلهما ، فيندفعُ الإنسانُ معهما إلى الغرور والتجبّر والتجاوز على الآخرين ، أو التمرّد على الله تعالى ، كما هو حال الطغاة الذين ذكرهم القرآن الكريم أمثال النمرود وفرعون وقارون وغيرهم ، ممّن طغوا وتجبّروا وأدّعوا ما ليس لهم من مقام الإلوهيّة ، وفي النتيجة أذلّهم اللهُ وأخزاهم.
:9:- وتوجدُ مُشكلةٌ ، وهي أنَّ بعض الناس يُريدون أن ينسلخوا من الالتزام الشرعي والأخلاقي – فيتحايلون بالشبهات ركوناً منهم للدّعة والراحة ، وتبريراً لأفعالهم ورغباتهم وتخلّصاً من قيود التكليف بحسب تصوّرهم ، والحال أنَّ الله تعالى قد كلّفنا بالمقدور والممكن من التكاليف.
:10:- ونرى بالمشاهدات أنَّ تبدّل الأحوال هو سنّة تحدث مراراً – وهنا علينا أن نثقَ بأعمالنا الصالحة فهي الباقية معنا – وأن نكون أوفياءً في تعهداتنا مع اللهِ سبحانه – ونثق به وبرحمته الواسعة – وأن لا نتعجّب من كيفيّة النجاة والخلاص من الهلاك وربّنا الغفور الرحمن الرحيم.
:11:- إنَّ هذه الدنيا لا تعطينا مجالاً للرجوع للوراءِ – بل هي تأخذنا إلى اهتمامنا بها والتدافع والصراع والتنصّل عن الأخلاق والقيم –
فالشباب اليوم والأولاد لا يعرفون كيف يتصرّفون في أوقاتهم وأفكارهم – تأخذهم موجةٌ وأخرى – وقد تغيّرت منظومة القيم ، بحيث نرى حالاتٍ لم نرها من قبل ، وإن كانت نادرة.
:12:- في الواقع نحن نحتاج إلى ثورة في العِظَةِ والالتزام بها والشعور بالمسؤوليّة في هذا البلد الأصيل بأهله – فينبغي بنا أن نثقَ باللهِ وبنبيه الأكرم وبأهل البيت الطاهرين المعصومين ، عليهم السلام ، وأن نحسنَ الظّنَ باللهِ سبحانه ليكون عند حسن ظنّنا به ويرحمنا برحمته الواسعة.
_____________________________________
أهمّ مَضامين خطبةِ الجُمعَةِ الأولى ، والتي ألقاهَا سَماحةُ السيّد أحمَد الصافي ، دام عِزّه, الوكيل الشرعي للمَرجعيّةِ الدّينيّةِ العُليا الشَريفةِ في الحَرَمِ الحُسَيني المُقدّس ,اليوم – الثاني والعشرين من ربيع الأوّل 1440 هجري - الثلاثين من تشرين الثاني ,2018م. ______________________________________________
تدوين – مُرْتَضَى عَلِي الحِلّي – النَجَفُ الأشْرَفُ –
- كَتَبْنَا بقَصدِ القُربَةِ للهِ تبارك وتعالى , رَاجينَ القَبولَ والنَفعَ العَامَ, ونسألَكم الدُعاءَ -
______________________________________________
تعليق